رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كشف استطلاع رأي أجري من قبل شركة تجارية إقليمية رفيعة الشأن، عن وجود فجوة كبيرة بين موقف القيادة الإماراتية من جهة، والشعب الإماراتي من جهة أخرى، فيما يتعلق بالأزمة مع قطر، وهذا بدوره ربما يفسر عدم تسامح القيادة الإماراتية من أي تعبير شعبي أو حتى فردي للتعاطف مع قطر.. فقد أدخلت السلطات الإماراتية تشريعًا يُجرم أي شخص إماراتي أو مقيم على أرض الإمارات في حال أظهر تعاطفا أو تفهما للموقف القطري.
الاستطلاع شمل عينة من ألف شخص وعن طريق إجراء مقابلات شخصية، وهو طريقة تفضي إلى نتائج تقارب الواقع بدرجة عالية، لذلك يمكن الاعتماد على هذا الاستطلاع للتوقف على حقيقة الرأي العام الإماراتي المُصادر والمُكبل بقوانين وحملة إعلام تستند إلى التضليل والفبركة في بعض الحالات. فالشعب الإمارتي أكثر فهما من قيادته لضرورة التوصل إلى حل وتسوية لأزمة كان بالإمكان تجنبها.
فالتسوية مع قطر على سبيل المثال تنال تأييدا شعبيا كبيرًا، إذ أفاد ما يقارب من 72 بالمائة التوصل إلى تسوية بحيث تقوم جميع الأطراف (وليس قطر لوحدها)، بتقديم تنازلات تضمن نجاح التسوية. أما فيما يتعلق بمقاطعة قطر فهناك انقسام في الموقف الإماراتي إذ عبر 46% بالمائة من العينة الممثلة للشعب الإمارتي بأنها تعارض المقاطعة المفروضة على قطر.
وحتى في قضية الموقف من الإخوان المسلمين، نجد موقف الإماراتيين أقرب إلى موقف الحكومة القطرية منه إلى الإماراتية، فمن القضايا العالقة بين طرفي الأزمة، ترى دول الحصار أن قطر هي من يدعم حركة الإخوان المسلمين وأن هذا الدعم هو سبب كاف للاستمرار بالمقاطعة. اللافت أن 44% من الشعب الإماراتي يوافق مع العبارة التالية: "يحق لكل دولة عربية أن تختار بنفسها أي جماعات سياسية ودينية تريد أن تأويها وتدعمها بصرف النظر عن آراء الآخرين". وهذا بالضبط هو موقف الحكومة القطرية التي تصر دائما وفي كل محفل بأنها تدافع عن استقلالها وقرارها السيادي.
وعلى نحو لافت، أفاد نحو 90% من الإماراتيين السنة بأن لهم نظرة إيجابية نوعا ما لجماعة الإخوان المسلمين.
وبهذا المعنى فإن محاولة القيادة الإماراتية لي ذراع قطر وإجبارها على إخضاع تحالفاتها وسياساتها الخارجية لمتطلبات السياسة الإماراتية هي محاولة مرفوضة ليس فقط من القطريين ولكن أيضًا من قبل نصف الشعب الإماراتي.
انحياز ما يقارب من نصف الشعب الإماراتي للموقف القطري هو هزيمة كبيرة بتقديري للموقف الرسمي الإماراتي الذي يبدو أنه منفصل عن واقع تطلعات ومواقف الشعب الإماراتي. والراهن أن الحملة الإعلامية الكبيرة التي تقودها الإمارات لشيطنة قطر ومواقفها لا تؤتي أوكلها بدليل تقارب موقف الشعب الإماراتي مع موقف الشعب القطري في تفهم موقف قطر الرسمي من الأزمة.
بتقديري إن قطر أدارت علاقاتها بشكل متوازن، فهي مثلا لم تستهدف الخليجيين المقيمين على أراضيها ولم تمنع مغادرتهم القسرية وتركت لهم الباب مفتوحا لهم ما خلق حالة من التعاطف مع الموقف القطري، وهذا على العكس من موقف السعودية والإمارات والبحرين مثلا، فكان ما كان من طرد قطريين ومن إجبار رعاياهم المقيمين في قطر على مغادرة قطر بصرف النظر عن حجم الخسائر النفسية والمالية المترتبة على هذا القرار.
لا أود أن أجازف وأقدم قراءة لموقف الرأي العام السعودي مثلا حيال الأزمة، فالسعودية لا تسمح بإجراء استطلاعات رأي، إذ تزعم الحكومة السعودية بأن موقفها الرسمي حيال قطر هو موقف السعوديين بشكل عام، وهذا الادعاء لا يستقيم مع التضييق على الحريات وما يكتبه جمال خاشقجي على سبيل المثال.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رقعة الشطرنج كيف تحولت؟! المقاومة الآن هي من يملك أوراق التفاوض، بعد تصعيد مقاومة اليمن ولبنان وبعد تصريحاتهما بأن المفاوض الوحيد عن محور المقاومة هي حماس حيث إنها أيضا المخولة من فصائل المقاومة في فلسطين، أصبحت المقاومة في غزة تملك فك الحصار عن الكيان الصهيوني في باب المندب ووقف القصف من قبل المقاومة في جنوب لبنان، وهذان الأمران هما الهم الأكبر على الكيان، فالمهجرون من شمال فلسطين المحتلة أكبر هاجس على الكيان والحصار هو الهم الأكبر خاصة بعد توسيع المقاومة في اليمن من نطاق استهدافها للسفن الإسرائيلية، إذا المفاوض الفلسطيني على طاولة المفاوضات أصبح لديه أوراق ضغط مهمة تقوي من إمكاناته على التفاوض ليس على الأسرى فقط بل على الحصار وإيقاف الهجمات في الشمال. اختلف المشهد بشكل جذري، ومما يزيد من قدرة المقاومة هو استمرار خسائر الكيان في المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، وما طرأ على الموقف الأمريكي جمهورا وسياسيين فقد أصبح التجاذب بين نتنياهو والإدارة الأمريكية في شد وجذب، والداخل الإسرائيلي في تفكك وغليان وتناحر يشتد مع مرور الوقت، إذا عامل الوقت مع المقاومة، التفسخ في مفاصل الدولة والمجتمع من حرديم وليبراليين واليمين واليمين المتطرف والأحزاب والعسكر وغيرها من عوامل تصب في صالح المقاومة، ميناء غزة قد يقلب العلاقة الإستراتيجية من علاقة أمريكية إسرائيلية إلى علاقة إستراتيجية أمريكية فلسطينية وتكون إسرائيل الخاسر بفقدان دورها في المنطقة والخادم للنفوذ الأمريكي. في حال حل الفلسطينيين محل إسرائيل في هذه العلاقة الإستراتيجية يعني انتفاء الحاجة لإسرائيل وذلك مكمن الخطورة وعليه التهافت من قبل نتنياهو ولذلك كل ما نرى من عدم سماعه لأي صوت من الداخل أو في الخارج الهدف منه المحافظة على الشراكة الإستراتيجية ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل يبدو أن الولايات المتحدة أعطت وقتا معينا ما قبل ديسمبر لمدة ثلاثة أسابيع إلى شهر لإتمام المهمة العسكرية وإعطاء إسرائيل الفرصة أن تحافظ على الشراكة الإستراتيجية ولكن لعدم قدرة إسرائيل لتحقيق انتصار عسكري واضح حتى ما بعد إفراغ شمال غزة جعل موضوع الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة يتراجع ثم يتراجع في اللحظة التي وعى الإسرائيليون أنهم غير قادرين على تحقيق النصر العسكري، حيث بدأت إسرائيل في تطبيق الإبادة بسلاح التجويع والأوبئة مما أثار العالم وجفلت منه أمريكا وسعى نتنياهو للتهجير أصرت أمريكا على حق الفلسطينيين وحقهم في دولة وتمت الضغوط في رحلة غانت للولايات المتحدة. يبدو أن الولايات المتحدة حسمت أمرها بالنسبة للشراكة الإستراتيجية لتكون مع الفلسطينيين وليس مع الإسرائيليين ولذلك فإنشاء ميناء هو إنشاء طارئ ومستعجل للميناء وليس ميناء طارئا وعليه الولايات المتحدة في القرار اتخذت الشريك السلطة الفلسطينية ولذلك رأينا إلى أي مدى الهجوم على الضفة الغربية لمحاولة تفكيك السلطة قبل أن تصبح الشريك الإستراتيجي للولايات المتحدة لأن حماس أو المقاومة لا يمكن أن تكون شريكا خاصة إذا كان تعريفها على أساس تعريف فرق أو وحدات إرهابية. إذن المسار الوحيد الممكن هو شراكة إستراتيجية ما بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية ولذلك كان لا بد من القضاء على السلطة الفلسطينية في الضفة وتفريغ الشمال للهيمنة على الميناء مما يفتح باب الهيمنة على الميناء وعلى مكامن الغاز. بعد أن حسمت الولايات المتحدة الشراكة الإستراتيجية الآن مع الفلسطينيين، ما تبقى لإسرائيل بعد هذا الحسم طبعا أمران إما الميناء وممكن أن تكون إسرائيل شريكة في إدارته لإرضاء إسرائيل ومكامن الغاز وما تبقى هو طبعا قناة بن غوريون ويبدو في هذا الصدد أن ممر الهند الاتحاد الأوروبي سيزيد الطلب على قناة السويس ولذلك تكون قناة بن غوريون داعمة لمثل هذا المشروع. الآن إسرائيل لابد من دخولها في رفح للتمسك على الأقل بقناة بن غوريون، ولكن مصر يبدو مُصرة على عدم فتح هذا المجال ويبدو أن الليونة من الجانب المصري في شأن شمال غزة لتفادي رجوع إسرائيل لطلب قناة بن غوريون ولذلك فكل ما نرى من تفاوض هو في الأساس على الثلاثة المحاور الأساسية ميناء غزة، مكامن الغاز، وقناة بن غوريون، فتشدد نتنياهو أو عدم تشدده أو المجازفات أو المغامرة في إما دفع الجيش وإهلاكه في غزة أو في عدم الاكتراث بالرأي العام العالمي أو القانون الدولي أو الإصرار على دخول رفح كلها أمور أساسية لبقاء إسرائيل، في حال لم تستطع إسرائيل إما الهيمنة على الميناء أو على مكامن الغاز أو على قناة بن غوريون وإذا لم تحقق انتصارا عسكريا كما لاحظنا ورأينا فإذن دور إسرائيل الوظيفي قد انتهى وانتقل هذا الدور لشراكة إستراتيجية بين الولايات المتحدة والفلسطينيين لأن هذا الممر هو في الأساس لصد التدخل الصيني والروسي في المنطقة ولذلك فهو الهدف الأسمى الإستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة ومن سيكون شريكا في هذا المشروع سيعطى الحظوة ولذلك التهافت الإسرائيلي بمحاولة إيقاف هذا المشروع وهذه الشراكة الإستراتيجية ما بين الولايات المتحدة والفلسطينيين.
15732
| 24 مارس 2024
تعمل العديد من المؤسسات والمراكز الإعلامية، خاصة تلك التي تدرك أهمية دور الإنتاج في نجاح منتجاتها التلفزيونية، على توظيف كوادر إنتاجية محترفة وقادرة على نقل رسالتها بفعالية إلى الجمهور المستهدف، تقديم الدعم الضروري من الناحية البشرية والمالية والتقنية لتحقيق أهداف محددة، مثل بناء صورة إيجابية للمؤسسة والدولة، وتفعيل الأنشطة التعليمية والتدريبية، والمساهمة في التثقيف والتوجيه، بالإضافة إلى توثيق الأنشطة الإعلامية للمؤسسات المختلفة، وتحقيق عوائد مالية من خلال بيع البرامج والإعلانات المنتجة. كان يوجد اهتمام كبير في السابق بصناعة الدراما القطرية وإنتاج المسلسلات التلفزيونية ضمن معايير معينة، حيث كانت تتميز بدقة في اختيار المواضيع والممثلين والمخرجين، وكانت تتصدر الدراما الخليجية في تلك الفترة، لذلك، يعتبر تسليط الضوء على الشباب الموهوبين في مجال التمثيل أمرًا أساسيًا، مع الاعتماد على المؤسسات التي تدعم المخرجين وصانعي الأفلام، لتعزيز وعي المجتمع بأهمية هذه الفنون وتقديرها، نشاهد الكفاءات التي لم تبرز بعد، ولا نفهم سبب ذلك بشكل واضح. شهدنا مع تلفزيون قطر العديد من البرامج المميزة والإنتاج الرائع والهوية المتجددة خلال هذه الفترة، حيث سُلِّط الضوء في برنامج (إتقان) على جوانب مختلفة من الحياة ومجالات العمل، بالإضافة إلى تسليط الضوء على إنجازات قطر بدقة، قام البرنامج هذا العام بدمج الإنجازات المحلية والدولية، ومواكبة التقنية بشكل صحيح وملائم مع استكشاف أحدث وأفضل الممارسات العالمية وإبراز الشباب القطري والعربي في مختلف المجالات، من خلال فريق مميز يولي اهتماما كبيرا للتواصل المستمر ومتابعة كل ما هو جديد ومتكامل. كما عملت مؤسسة قطر للإعلام على حفظ البرامج وأرشفة المسلسلات القديمة، وكذلك تحميل جميع البرامج الحالية من خلال تحميل تطبيق جديد «تابع». هذه الخطوة الهامة يجب أن نستفيد منها، ونعمل على تطويرها لمواكبة شركات ومؤسسات الإنتاج الإعلامي، مع التركيز على دعم وتعزيز الإنتاج المحلي مع تمنياتنا لفريق العمل كل التوفيق والنجاح والمزيد من الإتقان.
1872
| 25 مارس 2024
لم يخلق الله عز وجل دنيانا هذه ليخلد البشر فيها، بل لتكون قنطرة لحياة أخروية ستكون هي الخالدة، وكل من فيها خالدون. خلود سعيد دعانا ربنا لنتنافس عليه، ونهانا أو حذرنا من الخلود الشقي، ولا أجد من داع لشرح الخلودين. القنطرة التي نعيش عليها ونمضي في الوقت نفسه عليها، مليئة بمحن وابتلاءات. ومصائب الدنيا أكثر مما نحصيها ونحصرها، وهذا أمر طبيعي، لأننا كما أسلفنا في دار امتحان وابتلاء، وهذه من حقائق الحياة الأزلية التي لابد أن نعيها ونتفهمها جيداً كيلا نعيش في قلق وتوتر دائمين. الحوادث الحياتية والمحن المتنوعة من كوارث ومآسٍ وأحزان وغيرها إن جاء وقتها، فإنها لا تفرّق بين أحد. الناس كلهم سواسية أمامها، لا تعرف فقيراً أم غنياً، قوياً أم ضعيفاً، مسلماً أم غير مسلم. لكن ليس هذا هو المهم بقدر أهمية الكيفية التي يتعامل الناس معها. وحول هذا الأمر لنا وقفات مختصرة حول حقيقتين من حقائق هذه الحياة. الحقيقة الأولى يخبر الله تعالى أنه لا يُغني حذرٌ عن قدر - كما يقول السعدي في تفسيره - وأن القاعد لا يدفع عنه قعوده شيئاً (أينما تكونوا يدرككم الموتُ) أي: في أي زمان وأي مكان (ولو كنتم في بروج مُشيدة) أي: قصور منيعة ومنازل رفيعة، وكل هذا حث على الجهاد في سبيل الله، تارة بالترغيب في فضله وثوابه، وتارة بالترهيب من عقوبة تركه، وتارة بالإخبار أنه لا ينفع القاعدين قعودُهم، وتارة بتسهيل الطريق في ذلك وقصرها. الموت إذن لا علاقة له بحرب أو سلام، باعتبار أن الموت دون شك يتربص بمن يدخل أي حرب أو مواجهات مسلحة، كالتي في غزة العزة، كأبرز مثال حي يشاهده العالم لحظة بلحظة. لكن لا يعني ذلك أن السلام لا يمنع الموت. فكم أناس جاهدوا في عشرات المعارك، لكن لم يمت أحدهم إلا على فراشه، والعكس مع آخرين عاشوا السلم كله، حتى إذا حان الأجل، جاء ملك الموت ونزع الروح بأمر ربه. هكذا الأمور تسير حتى تموت كل الخلائق، ولا يبقى إلا وجه ربنا ذي الجلال والإكرام. إن مشهد فقد الأحباب محزن وموجع لا يمكن وصفه، سواء في حرب أو كارثة أو في سلم وأمن وأمان. لكن ما يخفف الأمر - وأتحدث هاهنا عن المسلمين - أن المسلم بفطرته السليمة، مؤمن بقضاء الله وقدره، وأن الموت ما هو إلا نقلة للإنسان من حياة إلى أخرى لا نعرف كنهها وطبيعتها، وإن كنا نرجو الله أن يكون الميت في تلك الحياة في ضيافته سبحانه، في عالم نسميه البرزخ، حتى يحين موعد اللقاء بهم في جنة عرضها السموات والأرض، حيث لا أوجاع ولا أحزان. تحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. هكذا هي الفطرة السليمة للمسلم. الحقيقة الثانية حقيقة أخرى من حقائق الحياة الدنيا والتي تحتاج لكثير تأمل وتدبر في مثل هذا الشهر الفضيل، شهر التأمل والتدبر، هي أن من تصيبه حسنة فذلك من الله، ومن تصيبه سيئة، فمن المؤكد الذي لا جدال حوله، أن السبب هو الإنسان نفسه. (ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك). الله عز وجل قد سن منهجاً، وشرع طريقاً، ودل على الخير، وحذر من الشر- كما يقول سيد قطب في ظلال القرآن - فحين يتبع الإنسان هذا المنهج، ويسير في هذا الطريق، ويحاول الخير، ويحذر الشر، فإن الله يعينه على الهدى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ويظفر الإنسان بالحسنة، ولا يهم أن تكون من الظواهر التي يحسبها الناس من الخارج كسباً، إنما هي الحسنة فعلاً في ميزان الله تعالى وتكون من عند الله، لأن الله هو الذي سن المنهج وشرع الطريق ودل على الخير وحذر من الشر. وحين لا يتبع الإنسان منهج الله الذي سنّه، ولا يسلك طريقه الذي شرعه، ولا يحاول الخير الذي دله عليه، ولا يحذر الشر الذي حذره منه.. حينئذ تصيبه السيئة. سواء في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معا.. ويكون هذا من عند نفسه، لأنه هو الذي لم يتبع منهج الله وطريقه. إن ما يصيب الإنسان من الخيرات والنعم ويفرح بها، فلأنه يتبع منهج الله وصراطه المستقيم، الواضح المبين. ومن يخالف ذلك ويتبع خطوات الشيطان، أو لا يقدّر العواقب ولا يخطط عن علم، أو يتبع هواه، فلا شك أنه يجلب لنفسه الشر والسوء وما يحزنه، كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، وقرأ: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير «. وتلكم حقيقة ثانية ضمن حقائق عديدة من حقائق هذه الحياة الدنيا، التي نرجو الله أن نحياها كما أمرنا ربنا، مخلصين له الدين حنفاء، سائلين الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه.
1569
| 21 مارس 2024