رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. حسن البراري

د. حسن البراري

مساحة إعلانية

مقالات

1244

د. حسن البراري

اللبنانيون ينتصروا

24 نوفمبر 2017 , 02:21ص

عبثاً حاولت الرياض خلق فراغ حكومي في لبنان توطئة لتحويلها لساحة أخرى تتنافس فيها وعليها كل من طهران والرياض، فعودة سعد الحريري إلى لبنان وطريقة تعامل الحريري مع موضوع استقالته تكشفان عن عدم استعداد لبنان أو المجتمع الدولي الانسياق وراء مغامرة الرياض الجديدة.
فحتى الصحافة الأمريكية انقلبت على موقف الرياض، ووصل الحد بمجلة الفورن افيرز – أشهر مجلة عالمية في السياسة الدولية – بالمطالبة بكبح جماح السعودية ومنعها من العبث في استقرار لبنان. كما أن الصحافة الإسرائيلية تعج بالتحليلات والمقالات التي تحذر من خطوة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لبنان على اعتبار أن إسرائيل ينبغي ألا تخوض صراعاً بالنيابة عن أحد.
بدون أدنى شك ستستفيد لبنان من هذه المحنة، فمحاولة إجبار رئيس وزرائها على الاستقالة أفضت إلى تماسك شعبي نادر في لبنان خلف شعار النأي بلبنان عن التنافس السعودي الإيراني.  فاللبنانيون المنقسمون على الكثير من الأمور يتفقون على أن بلادهم لا ينبغي أن تتحول إلى ساحة صراع لتصفية حسابات إقليمية لأي كان!
لا نعرف لغاية هذه اللحظة إن كان السيد سعد الحريري سيمضي باستقالته أم أنه سيتراجع، لكنه اكتشف بشكل جلي بأنه لا يمكن له تقديم مصالح إقليمية أخرى على حساب حق اللبنانيين في الاستقرار، وربما ساهمت الأزمة الأخيرة في نضج أكبر للكثير من السياسيين اللبنانيين بمن فيهم سعد الحريري نفسه. فتحالف الحريري مع السعودية وصل إلى نقطة عليه أن يختار فيها ما بين الانحياز إلى بلده التي يرأس حكومتها أو القيام بدور "الدمية" لصالح تيار "الحزم" في السعودية، وهو تيار يخسر كل معاركه الإقليمية مع إيران.
من جانب آخر، يتمنى البعض أن تشكل هذه الانتكاسة السعودية الجديدة نقطة تحول عند ولي العهد السعودي، فالعناد والإصرار على تبني سياسات غير مدروسة وارتجالية سيضعف السعودية في وقت يحتاج فيه العرب إلى سعودية من نوع آخر. ولا أعرف إن كان صنّاع القرار في السعودية قادرين عن التعلم من هذه التجربة المريرة وإحداث استدارة تحفظ مصالح السعودية وتحفظ ماء وجهها. فالسياسة هي فن الممكن في النهاية ومهما بلغت قوة الدولة فإن هناك قيوداً كثيرة حول إمكانية استخدام هذه القوة.
يربح السعوديون كثيراً إن حوّلوا الانتصار اللبناني الأخير إلى انتصار سعودي أيضا، فإعادة التموضع والانقلاب على السياسات المتهورة سيكون من دون أدنى شك أجدى وأنفع للسعودية بالدرجة الأولى، فلا مجال للبحث عن بطولات دونكيشوتية لا تسمن ولا تغني عن جوع. وربما حريّ بالرياض استبطان أن الولايات المتحدة التي ترفع شعار تقليم أظافر إيران لا يمكن الركون عليها وبخاصة مع رئيس من دون رؤية إستراتيجية واضحة. فالمطلوب من السعودية في الملف الفلسطيني أكبر بكثير من قدرتها، وهي وإن أظهرت استعداداً للضغط على الجانب الفلسطيني فهي لا تملك من الأوراق ما يمكنها من القيام بذلك.
الوقت ليس متأخراً بالنسبة للرياض للملمة جراحها والبدء بعملية إيقاف الخسائر الإقليمية، فهناك متسع للعمل مع قوى إقليمية أخرى بهدف خلق شروط الاستقرار الإقليمي، وربما عليها أن تبدأ من البيت الخليجي وأن تعمل لحل الأزمة القطرية بدلا من الادعاء بعدم أهمية الأزمة مع قطر. فالقطريون كما هم اللبنانيون قادرون على الصمود أمام التنمر والاستقواء اللذين يستهدفان المس بسيادة واستقلال الدولة.
لا يمكن في الختام إلا أن نشير إلى حقيقة أن تيار "الحزم" في السعودية بحاجة إلى إعادة ترتيب أولوياته ورسم خارطة طريق للخروج من عنق الزجاجة بعد أن ثبت للقاصي والداني عقم السياسات التي تبناها.

مساحة إعلانية