رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. حسن البراري

د. حسن البراري

مساحة إعلانية

مقالات

864

د. حسن البراري

نظام عاجز

16 أبريل 2018 , 01:39ص

تختصر الأزمة السورية حالة العجز العربي، فيكفي أن ينظر الواحد منا إلى الصورة الملتقطة بقمة أنقرة التي تجمع الرؤساء بوتين وأردوغان وروحاني ليصل إلى نتيجة واضحة تفيد بأن من يحاول تقرير مصير الأزمة السورية هي قوى ليست من بينها دولة عربية واحدة.

فالنظام العربي هو نظام هش وممزق ومخترق، وهذه الحالة التي سمحت لدول أخرى بأن تتدخل في مشاكل عالمنا العربي وبمباركة من الأنظمة العربية أو أغلبها على الأقل. لا يفهم المراقب منا حالة الاستجداء التي تقوم بها بعض الدول في محاولاتها البائسة لتأسيس تحالف مع دولة غير عربية تحتل أرضا عربية وتتنكر لحقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم في دولة مستقلة لهم أسوة بباقي شعوب المنطقة! لذلك لا يوجد من يأخذنا كعرب محمل الجد.

حتى كتابة هذه السطور لم توجه الولايات المتحدة الضربات العسكرية المتوقعة ضد النظام السوري ومن يقف خلفه، لكن التحضيرات العسكرية الكبيرة تشي بأن المسألة قد لا تتوقف عند ضربة عسكرية على طراز ضربة مطار الشعيرات في العام الماضي، والسيناريو الذي يبدو منطقيا هو أن تبدأ الولايات المتحدة بتوجيه ضربة تدحرجية قد تنتهي بحرب وهذا الحرب ستفضي إلى تفاهمات جديدة أو يالطا جديدة تحدد قواعد اللعبة واللاعبين المؤثرين.

ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها قوى خارجية في المنطقة العربية، وبعيدا عن مقولة أن عددا من الدول العربية هو نتاج سايكس بيكو فإن المسألة الآن تجاوزت حقبات الاستعمار وترتبط مباشرة باستقلالية أو عدم استقلالية القرار العربي، فهناك دول عربية مستقلة وشعوب نالت حظا كبيرا من التعليم وبالتالي لا يمكن إلقاء اللوم على ما يخطط لها عدد من القوى الخارجية وعلينا بدلا من ذلك أن نبحث عن أسباب هذه الهشاشة داخليا.

فالمسألة ليست أيضا متعلقة بالإمكانات، فهناك ثروات وموارد كبيرة في المنطقة وسوق كبيرة وقوى بشرية تضاهي أوروبا من حيث العدد. غير أن المشكلة أساسا ترتبط بالاستئثار بالحكم، فبعض الأنظمة في دول رئيسية في المنطقة لا تمانع من رهن كل الإمكانات المتوفرة والمستقبلية مقابل البقاء السياسي، وهذا بدورة يطرح قضية العجز العربي على الطاولة، فكيف لنظام دولة كبيرة في المنطقة يقمع شعبه ويزج بالسجون كل معارضيه أن يستغل عناصر القوة في بلده من أجل التنمية والتصدي لأي محاولة من قوى خارجية في التأثير السلبي؟! فكما قال نزار قباني لا يتسلل العدو من حدودنا بل من عيوبنا.

لا يمكن التنبؤ بمسار الأزمة السورية، غير أن أياً كان شكل الحل فإن هناك غيابا لافتا لأي دولة عربية، فإسرائيل تتوعد وتحافظ على مصالحها وتركيا تتدخل في الشمال أيضا حفاظا على مصالحها وروسيا وإيران تتدخلان بشكل سافر في سوريا، ناهيك عن الوجود الأمريكي أيضا. وعلى نحو لافت غابت الدول العربية التي تريد قيادة العالم العربي عن المشهد برمته حتى أضحت تصريحات قادة هذه الدول تأتي على شكل كليشيهات ببغائية تردد ما يقال في عواصم أخرى مؤثرة.

الراهن أن حلاً ما سيأتي في قادم الأيام، وهناك سيجلس على طاولة المفاوضات المنتصرون أو القوى التي تتمكن من إبقاء تأثيرها، وكأني أرى تلك الطاولة يجلس حولها قادة غير عرب لتحديد مصير دولة عربية، وإذ تمت دعوة دولة عربية لمثل هذه الطاولة فسيقتصر دورها على الكومبارس أو كمن يحضر بصفة مراقب لا أكثر ولا أقل. لا أعرف كيف سيكتب التاريخ عن هذه الأنظمة العاجزة والتي أصبحت تضع تعريفات لانتصاراتها ما أنزل الله بها من سلطان.

مساحة إعلانية