رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. حسن البراري

د. حسن البراري

مساحة إعلانية

مقالات

935

د. حسن البراري

السعودية وخصخصة العنف

22 أبريل 2018 , 01:06ص

في الأخبار أن الإدارة الأمريكية تفكر جديا بسحب قواتها من سوريا، وبالفعل بدأت الولايات المتحدة بإجراء اتصالات مع دول عربية ستوفر قوات بديلة لتحل مكان القوات الأمريكية. وعلى الفور أعلن وزير خارجية السعودية عادل الجبير استعداد بلاده إرسال قوات لتقوم بهذه المهمة، ولم يتضح بعد موقف مصر وفيما إذا كانت ستبعث بوحدات عسكرية مصرية علما بأن موقف نظام السيسي هو أقرب إلى موقف نظام بشار منه إلى النظام السعودي فيما يرتبط بمجمل تطورات الأزمة السورية.

على الأرجح أن تتولى السعودية هذه المهمة دون إجراء دراسة كافية للتوقف على حدود النجاح، فقد عودتنا الرياض بقيادة تيار الحزم على الإقدام على مغامرات غير محسوبة كما هو الحال مع الحرب العبثية الدائرة في اليمن. ففي الحرب على اليمن اعتقدت الرياض أن تنضوي دول وجيوش كبرى تحت القيادة السعودية وكانت الآمال منصبة على الجيش المصري والجيش الباكستاني، غير أن حسابات هذه الدول لم تأت كما تشتهي رياح تيار الحزم، والنتيجة أن السعودية تورطت في حرب مباشرة لا يبدو أنها قادرة على حسمها.

ربما تخطئ السعودية مرة أخرى إن كانت تعتقد بأن خصخصة العنف ستكون إستراتيجية ناجحة في سوريا، فالحرب بالوكالة من خلال استثمار الأيدولوجيا لصناعة العنف ومن خلال إدارة وتمويل مجموعات مسلحة لم تعد أسلوبا حاسما، فهذه المجموعات لا يمكن السيطرة على أفعالها وتتحول بسرعة إلى مصدر إدانة دولية. وفي هذا السياق يعرف القاصي والداني أن السعودية التي تمتلك سلاحا جويا ناريا لا تمتلك قوات على الأرض يمكن لها صنع الفارق في المواجهات العسكرية الحقيقية. وعليه فإن موافقة الرياض على الحلول مكان القوات الأمريكية لا يتناسب مع قدرات الرياض العسكرية! وهذه الحقيقة دفعت الكثير من المحللين والمراقبين على القول بأن السعودية ستعتمد على قوات أخرى ربما من بينها جماعات عنف خاصة مثل جماعة بلاك ووتر سيئة السمعة. وتنقل صحيفة الغارديان البريطانية عن صحيفة وول ستريت جورنال بأن أريك برينس المقرب من الرئيس ترامب ومؤسس بلاك ووتر بدأ بالكولسة لكي يلعب دورا في هذه المهمة.

علينا أن ننتظر لنرى كيف ستتطور هذه الأمور وبخاصة وأن السعودية ما زالت في معارك بعيدة جدا عن الحسم، وهناك فرق كبير بين أن تقوم السعودية بخصخصة العنف من خلال تمويل تنظيمات ومقاتلين مرتزقة وبين إرسال قوات عسكرية سعودية على الأرض الأمر الذي يطرح أسئلة مختلفة: فمثلا، كيف سيكون موقف إيران التي ستجد فرصة ذهبية لمهاجمة القوات السعودية من خلال حلفائها؟ فإيران تسعى لاستنزاف السعودية وهي سياسة تبدو ناجحة لغاية الآن في اليمن. وفي سياق متصل لا يمكن أن نتخيل قبول تركي لوجود قوات سعودية وإماراتية وربما مصرية في هذه المنطقة.

الباحث نيكولاس هيراس من مركز الأمن الأمريكي الجديد يرجح أن تقوم السعودية بالتعاقد مع جنود من السودان والباكستان، وبهذا المعنى فإن الرياض ستقدم التمويل وربما عددا من ضباط الاستخبارات للإشراف على عمل هذه الجماعات. فوفقا للباحث هيراس فإن السعودية مستعدة للقتال في سوريا حتى أخر جندي سوداني! المشكلة في تشخيص الباحث هيراس تكمن في اعتقاده بأن السودانيين أو الباكستانيين هم أدوات يمكن توظيفها بقوة المال، والحق أن الرأي العام في السودان والباكستان وصل إلى نقطة حرجة لا تسمح لحكومات البلدين بالموافقة على إرسال جنودها للقتال في مناطق بعيدة إلا إذا كان ذلك في سياق صيانة الأمن الوطني لهاتين الدولتين. بتقديري أن خصخصة العنف ستكون إستراتيجية فاشلة وستقدم أمريكا بانسحابها من سوريا خدمة لإيران وقوات بشار وربما لتنظيم داعش.

مساحة إعلانية