رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما انفك العالم منشغلاً بذبح الصحفي السعودي المرموق جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول ، وجثمان المقتول خنقاً كما تقول مصادر المعلومات التركية لم يوجد له أثراً، روايات متعددة والمؤكد أنه قُتل خنقاً.
إلى جانب انشغال الخلق كلهم شرقاً وغرباً بمأساة خاشقجي فإنهم أيضا منشغلون بحرب اليمن المأسوية، والتي لم تحقق أهدافها منذ قرابة الأعوام الأربعة ، وأهم أهدافها عودة السلطة الشرعية إلى العاصمة صنعاء طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ، وأيضا دول العالم الحر منشغلة بالحصار الظالم المفروض على دولة قطر منذ منتصف عام 2017.
❷
رغم الحصار وآلامه على كل مواطني دول الخليج العربية وخاصة قطر إلا أن الأخيرة لم تتوقف عجلة الحياة فيها ، انجازات على كل الصُعد وزيارات رؤساء دول وحكومات ومسؤولين عرب وأجانب على أعلى المستويات لم تنقطع عن الدوحة.
في الثلاثين من أكتوبر الماضي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة مؤتمر « إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط « شارك في هذا المؤتمر 250 شخصية من أكثر من 76 دولة ناقشوا فيه العديد من القضايا التي تهم الإنسانية ، حيث انه ناقش سياسات الهجرة والحرب في سورية ودور الدول الكبرى في الشرق الأوسط ،وكان على جدول أعماله مناقشة الأخبار المفبركة والأمن السيبراني . وقد أكد السيد ستيفن سبيغل مدير مركز تنمية الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا ــ لوس انجلوس ــ « أن الاقتصاد والسياسة أمران مترابطان وانه من أجل بناء اقتصاد ناجح في أي بلد فلا بد من توفير مناخ وبيئة صحية وتعليم جيد وسياسة واضحة مستقرة ، وهذا كله متوفر بدولة قطر «.
في إحدى لجان العمل جرى نقاش حاد بين الفريق الصيني من طرف والأمريكي من طرف آخر ، الأول يتساءل عن مبدأ حرية التجارة والتعريفة الجمركية وسلوك الإدارة الأمريكية الحالية التي عصفت بكل الاتفاقيات في شأن التجارة الدولية والمناخ والاتفاق النووي مع كل من إيران والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا ، وكذلك اضطراب سياستها الخارجية، والطرف الآخر راح يبرر ما تفعله إدارة الرئيس ترامب بطريقة أو أخرى . وفي لجنة أخرى جرى مناقشة الديمقراطية الأمريكية والانتخابات التكميلية التي تبدأ اليوم السادس من نوفمبر ، والآثار السياسية على نتائج تلك الانتخابات . الغياب الملاحظ في هذه المجموعة غياب الوجود العربي فلم نسمع صوتا عربيا فاعلا يفند السياسة الأمريكية وإجراءات الكونغرس الأمريكي في مسائل مثل اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة تشكل سابقة في التاريخ المعاصر ، وكذلك مأساة الشعب الفلسطيني والحرب في اليمن والحصار على قطر، كنت أتمنى أن يركز المشارك العربي على قضايانا القومية ويطرحها أمام نخبة من رجال الفكر والسياسة المشاركين في هذا المؤتمر الهام والقادمين من أكثر من 70 دولة. لا أنكر انه جرى الحديث في هذه المواضيع إلا أنها لم تروي عطشي في هذا الشأن.
❸
في الجانب الآخر افتتح رئيس مجلس الوزراء الشيخ عبدالله بن ناصربن خليفة آل ثاني فعاليات المعرض الدولي للأمن الداخلي والدفاع المدني ( ميليبول ) بمشاركة 219 شركة عالمية ومحلية من أكثر من 24 دولة من دول العالم في هذا المعرض والجديد فيه انه ضم مسألة الدفاع المدني وهو أمر مهم لمواجهة الكوارث الطبيعية وغيرها من الكوارث التي تجتاح العالم ، وقد شكلت دولة قطر في هذا المجال نخبة من رجالها من أجل التدريب والمساهمة في عمليات الإنقاذ في أكثر من دولة وقد وقعت وزارة الداخلية العديد من الاتفاقيات مع دول مشاركة في المعرض في مجال التدريب وخاصة مع فرنسا.
كما نظمت جامعة قطر بالتعاون مع جامعة شفيلد البريطانية المؤتمر الدولي لريادة الأعمال والابتكار الهدف منه تعزيز فهم المجتمع في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وعرض في هذا المؤتمر ما يزيد على 100 ورقة عمل تناولت محاور المؤتمر وشارك في هذه الفعالية إلى جانب القطريين ثلة من الباحثين والمتابعين للتطورات الاقتصادية والتنموية في ميدان الشرق الأوسط.
❹
في معراج المؤتمرات والندوات فقد نظم» المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات « ندوة بعنوان « من السلاح إلى السلام « وفي تقدير الكاتب فان هذه الندوة تعتبر من أهم الندوات والمؤتمرات التي عقدت في الدوحة إذ أنها تناولت موضوعا لم يتناوله أي مركز أبحاث أو مؤسسة أكاديمية ليس في الدوحة وإنما لعلم الكاتب في أي مؤسسة علمية أو مركز سياسي متخصص في الشرق الأوسط . تناولت هذه الندوة مناقشة 26 حالة تحول من منظمات مسلحة إلى أحزاب سياسية أو حركات اجتماعية سلمية كتب موضوعاتها خبراء وباحثون أكاديميون متخصصون إلى جانب سياسيين ممارسين وقيادات بارزة لهذه التحولات .
شارك في هذه التظاهرة الثقافية الهامة قيادات فكرية وسياسية من أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا . في كلمة الأستاذ الدكتور عزمي بشارة الافتتاحية تناول مسألة الإرهاب والتي حتى هذه الساعة لم يتفق العالم على تحديد تعريف للإرهاب بما في ذلك الأمم المتحدة . إلا أن عزمي بشارة لامس جوهر المسألة عندما قال:» إن الأنظمة السياسية تعرّف الإرهاب بهوية الفاعل وليس بهوية الضحية ، أي ليس المهم بالنسبة للدولة انه عنف يستهدف المدنيين الأبرياء لأغراض سياسية ، بل أصبح المهم هو أن مرتكب فعل العنف كائن غير ( حكومي ) بغض النظر عن هوية الضحية» . ولست في مجال تقديم ملخص لكلمة الدكتور عزمي بشارة ، لكني أزعم أنها جديدة هذه الندوة الهامة، والجديدة في حد ذاتها .
آخر القول : أدعو كل الباحثين في موضوع الإرهاب إلى تلقف الفكرة التي طرحها عزمي بشارة وإثرائها بالبحث والتحليل. من هنا اقول إن دولة قطر تسير بهمة قياداتها وكُتَّابها ورجال أعمالها في طرق التميز والإنتاج والإبداع وهي موئل أهل الفكر والرأي وحرية التعبير.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يجعل الله لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، فما دام فيه نفس يتردد وعقل يفكر وقلب ينبض فهو عبد مسؤول عن صلاح نفسه وإصلاح محيطه أملا في نهضة شاملة لأمّته، هذا حال المؤمن المسؤول، أما (من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) فقد أوضح القرآن مآله (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين). وما أجمل التعبير القرآني حين يصوره في عبادته (على حرف) عبادة هشة وعابد غير متمكن في العقيدة، ولا متثبت في الطاعة، يصوره في حركة جسدية متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى. ومن ثم ينقلب على وجهه عند مس الفتنة ووقفته المتأرجحة تمهد من قبل لهذا الانقلاب. هذان نموذجان أمام المسلم، وهو وحده من يقرر أي الطريقين يسلك حتى يسلم أو يهلك، وأمام عينه وهو يختار الطريق تحذير القرآن من الانتكاسة بعد الاستفاقة ومن الهدم بعد البناء (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم» [النحل:92]. وهو مثل ضربه الله لمن ينقض العهد وقد قيل في شأنه أنه مثل مضروب لامرأة حمقاء ملتاثة، ضعيفة العزم والرأي، تفتل غزلها ثم تنقضه وتتركه مرة أخرى قطعاً منكوثة ومحلولة ! وكل جزئية من جزئيات التشبيه تشي بالتحقير والترزيل والتعجيب. وتشوه الأمر في النفوس وتقبحه في القلوب وهو المقصود. وما يرضى إنسان كريم لنفسه أن يكون مثله كمثل هذه المرأة الضعيفة الإرادة الملتاثة العقل، التي تقضي حياتها فيما لا غناء فيه! واليوم وبعد انتهاء رمضان يقف كل مسلم أمام نفسه ليقول لها ما قاله الإمام الشبلي حين سئل: أيهما أفضل رجب أم شعبان؟ فقال: « كن ربانياً ولا تكن شعبانياً». ونحن نقول: كن ربانيا ولا تكن رمضانيا. رمضان كان وسيلة خير لإرضاء الله، وقد مضى، وبقي لك الاستمرار على الطاعة، مقتديا بنهج النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان عمله ديمة، كما قالت عائشة رضي الله عنها وقد سئلت: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من القيام؟ فقالت: لا، كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع). وهذا لا يكون إلا بمحاسبة دقيقة للنفس والتعامل معها تعامل الحذر منها، الذي لا يأمن غوائلها، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عمر: « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر وأهون لحسابكم، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتجهزوا للعرض الأكبر «يومئذ ٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية».
1635
| 14 أبريل 2024
بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، صعّد المستوطنون الاسرائيليون من حملة اعتداءاتهم في الضفة الغربية تحت حماية قوات الاحتلال، التي صعَّدت من جانبها أيضا عمليات الاقتحامات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات؛ وهي الحملات التي أدت إلى استشهاد 463 فلسطينيا، وإصابة نحو 4750 آخرين، واعتقال أكثر من 8 آلاف فلسطيني. لقد أطلقت مليشيات المستوطنين التي تحظى بدعم من الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حملات عدوانية، تحت حماية قوات الاحتلال، استهدفت السكان والممتلكات في عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية، حيث تعرض السكان في عدد من بلدات الضفة الغربية لحملة اعتداءات غير مسبوقة، خصوصا قرية المغير شمال شرق رام الله، التي عاشت ليلة رعب، على وقع هجوم مسلح شنه مئات المستوطنين مما ادى إلى استشهاد شاب فلسطيني واصابة العشرات، فضلا عن احراق عدد من المركبات والمنازل. إن الضفة الغربية تواجه منذ بدء العدوان على قطاع غزة، حالة من الاغلاق مع قيود صارمة على حركة التنقل بين المدن والبلدات، فضلا عن المداهمات المستمرة وحملات الاعتقال المكثفة، حيث استشهد ما لا يقل عن 115 فلسطينياً بينهم 33 طفلاً خلال الأسابيع الماضية، وأصيب أكثر من 2000 آخرين، كما جرى تهجير ما يقرب من 1000 فلسطيني قسراً من منازلهم بسبب العنف الممارس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومليشيات المستوطنين. إن التراخي والتباطؤ والعجز الدولي عن التصدي لما يجري من اعتداءات وجرائم ممنهجة من قبل مليشيات المستوطنين في الضفة الغربية، تحت ستار الدخان الكثيف للعدوان على غزة، سيدفع الأوضاع في الضفة إلى الانفجار، ما لم يتدخل المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، واطلاق عملية سياسية لمعالجة القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
1440
| 14 أبريل 2024
للتاريخ وجهان. وجه مع سيرة الزعماء والحكام، ووجه مع سيرة البشر العاديين، أو من نال منهم حظا من العلم والشجاعة لأن يقتحم عالم الزعماء والحكام بالمعارضة أو حتى بالاتفاق! في مدارسنا يقف التعليم عند سيرة الزعماء والحكام منذ مصر القديمة فقط. لكن خارج التعليم ظهر كتّاب يؤرخون للناس مثل أحمد بهاء الدين ومحمود السعدني ومحمد أنيس وصلاح عيسى وعماد أبو غازي ومحمد أبو الغار وغيرهم، والحديث عن كتبهم كبير. أكثر ما يأتي في كتب المدارس عن الزعماء والحكام يأتي عن حروبهم وخاصة التي انتصروا فيها. لكن قليلا ما تتم الكتابة عن أخطائهم التي كانت تصل إلى الخطايا في بعض الأحيان مع الشعوب التي يحكمونها. هناك مظهران لذاكرة التاريخ الرسمي أو المقرر في المدارس. مظهر فيما تركه الحكام وراءهم من آثار تتجلى في المباني والمعابد ثم الكنائس والمساجد والمدارس والأسبلة – جمع سبيل للمياه- والقلاع غيرها، ومظهر في الحروب التي دخلوها دفاعا عن الوطن أو غزوا لغيره من البلاد. الحياة مع هذه الذاكرة ممتعة خاصة مع الآثار، لأنك تقف تتأمل أشكال البناء سعيدا بما فيها من زخرفة أو أسقف أو نوافذ ومشربيات، أو آيات قرآنية بالخط العربي. ويصل بك الأمر حين يكون بالمبنى ضريح للحاكم أن تصلي عليه واقفا، أو تقرأ له الفاتحة، ولا تذكر أبدا أي أخطاء أو خطايا له. النسيان يجعلك في محراب الرضا. الذاكرة المهملة في التعليم، والتي تأتي بالمعرفة والقراءة الحقيقية، توقظ فيك ما هو أوسع من الحكام، وهو حب الوطن. الحروب حتى لو انتهت بالهزائم هي من أكثر ما يوقظ حب الوطن عند الشعوب. تعيش في الوطن راضيا أو حانقا لكن حين يتعرض لهجوم من عدو، تستيقظ الذاكرة بحب الوطن. هذا يفسر لك كيف فشلت الدول الاستعمارية في البقاء في البلاد التي احتلتها، واضطرت إلى الخروج مهما طال الزمن. بعد احتلال الانجليز لمصر عام 1882 ارتفعت الذاكرة في الفضاء بشعار مصر للمصريين، ولم يكن مقصودا به الجاليات الأجنبية أو العربية التي لجأت إلى مصر وساهمت في نهضتها كما قد يتصور بعض السذج، لكنه شعار كان في مواجهة الاحتلال. يمكن أن يعيش الإنجليز بيننا كمواطنين، لكن كمحتلين أو ناهبي ثروات فليس ممكنا، ومن هنا جاءت النهضة في الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها. حتى في سنوات حكم أحزاب الأقلية التي كانت موالية بدرجات للإنجليز او العائلة المالكة، كانت النهضة على أشدها. الأمر نفسه حدث مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحدث مع هزيمة 1967. سيقول قائل مع حرب 1973 ورغم أننا استعدنا سيناء حدث العكس، وكان السلام مع إسرائيل فرصة لضياع الانجازات في الصناعة والتعليم وغيرها. كيف حقا كنا مع الهزائم نقيم وطنا، وصرنا مع النصر نبدد مقدرات الوطن وإمكاناته ؟ سأقول له هذا لم يكن من الشعب على إجماله، ولا حتى من صفوته الفكرية التي لقي الكثيرون منها العنت والسجن أيضا، لكن هذا كان سياسة للدولة والحكم والحكام ومن والاهم، لا زلنا ندفع ثمنها. ابتعد عن مصر لأقول أن ما تفعله اسرائيل في غزة من حرب جائرة أيقظ الذاكرة بفلسطين أرض العرب لا الصهاينة، ولابد يوما أن يتجسد بالوطن الحقيقي. الصهاينة مهما طال الزمن مصيرهم إلى الشتات الذي جاءوا منه، ولابد أن هذا الشتات كامن في اللاشعور ومصدر رعبهم، فلم يكن لهم يوما وطن يعودون إليه، كما عاد المحتلون من الإنجليز وغيرهم، وكل ما قيل في كتبهم عن الوطن خرافات.
1137
| 18 أبريل 2024