رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. حسن البراري

د. حسن البراري

مساحة إعلانية

مقالات

1231

د. حسن البراري

عامان على الحصار

11 يونيو 2019 , 01:56ص

البنية الذهنية المتحكمة في الرياض متهورة ولا تمتلك القدرة على تمحيص الأمور
قطر كسبت المعركة الإعلامية وتمكنت قناة الجزيرة من إلحاق هزيمة ساحقة بإعلام دول الحصار
الدوحة تسعى دوماً للتوصل إلى علاقات مع جيرانها العرب تقوم على الاحترام وحسن الجوار

دخل حصار قطر عامه الثالث لم تجن فيه الدول المحاصرة سوى خيبة جديدة تضاف إلى سجلها الحافل بالفشل، فلا قطر تنازلت عن سيادتها ولا هذه الدول جنت أي فائدة تذكر من حصار قطر. فتهمة قطر بتمويل ورعاية الإرهاب تبخرت على نيران انعدام مصداقية الدول المحاصرة وتهورها الذي جلب لها شتى أنواع الانتقادات من دول ومن منظمات دولية.
عندما بدأت عاصفة الحزم اعتقد وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن السيطرة على صنعاء وانهاء الوجود الحوثي سيتم خلال أسبوعين، وبعد مرور خمس سنوات ما زال التحالف السعودي الإماراتي بعيدا عن تحقيق انجاز واحد في الحرب على اليمن، وبنفس المنطق عندما قامت الدول المحاصرة بإعلان حصارها توقع بن سلمان أن الأمر سيتطلب أسبوعا واحدا لكي تركع قطر وتستجدي حلا يجردها من سيادتها. وإن دل هذا على شيء انما يدل على البنية الذهنية المتحكمة في الرياض، فهي ذهنية متهورة ولا تمتلك القدرة على تمحيص الأمور وهذا بدوره يفقدها التأهيل المناسب لحكم بلد كبير مثل السعودية.
وعلى العكس من الدول المحاصرة المتسرعة، اعتمدت الدوحة استراتيجية لمواجهة معركة الحصار تتكون من ثلاثة مكونات. أولا، ابداء الاستعداد للحوار مع التأكيد على سيادتها وهذا بدوره ساهم في اضعاف دول الحصار في الحصول على تأييد إقليمي أو دولي، فالدول التي وافقت رباعي الحصار لا تتعدى أصابع اليد الواحدة وهي دول هامشية وغير مؤثرة. ثانيا، شنت الدوحة هجوما دبلوماسيا على المستوى الدولي ساهم في تعرية مقولات دول الحصار وكشف عورتها، فلا الولايات المتحدة تبنت موقف دول الحصار ولا الاتحاد الأوروبي قبل بأن يمارس الضغط على الدوحة على اعتبار أن تهم دول الحصار غير صحيحة وأن المسألة بجوهرها هدفت إلى إلغاء السيادة القطرية، وهو أمر لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقبل به. ثالثا، بناء موقف وطني ظهر جليا بالتفاف الشعب القطري خلف القيادة، وهو أمر ساهم في إعادة النظر في الكثير من السياسة القطرية الداخلية بهدف الاعتماد على الذات في انتاج الكثير من المنتوجات التي كانت تأتي من دول الحصار وبخاصة السعودية.
يضاف إلى ذلك أن قطر كسبت المعركة الإعلامية إذ تمكنت قناة الجزيرة من إلحاق هزيمة ساحقة بإعلام دول الحصار، فعلى العكس من اعلام دول الحصار الذي اتسم بالارتجالية وغياب المهنية وفبركة الاخبار، خاضت الجزيرة معركة التنوير بمهنية، ما مكنها من كسب الرأي العام العربي، وقد ظهر التأييد العربي لقطر بعد أن تمكن منتخبها الوطني من الحاق هزائم متلاحقة بمنتخبات دول الحصار والحصول على بطولة آسيا في عقر دار الإمارات. فأي متابع لوسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن له إلا أن يلاحظ حجم التأييد الهائل لمنتخب قطر ليس لأنه منتخب عربي فقط بل لأنه يمثل دولة محاصرة أبت إلا أن تعلي من قيمة استقلالها الوطني وسيادتها. فلا يمكن للشعوب العربية التي تتوق إلى التحرر من الهيمنة والاستبداد أن تنحاز لأنظمة عربية تنحاز فقط للاستبداد والثورات المضادة.
كما يقال بالعامية، الضربة التي لا تكسر الظهر تزيده قوة، هذا ينطبق على حال قطر اليوم، فالحصار أنتج حالة من الوطنية القطرية التي ساهمت في الصمود والانتصار في معركة الحصار، فاقتصادها ينمو بوتيرة عالية قياسا بدول الحصار وشعبها يتمتع بمستويات معيشية تفوق بكثير الدول المحاصرة، فما زالت قطر تتربع على عرش اعلى دخل للفرد بالعالم ولا يبدو أن هذا الأمر سيتغير في قادم الأيام. هذا لا يعني من قريب أو بعيد أن دولة قطر مرتاحة للحصار، فالدوحة تسعى دوما للتوصل إلى علاقات مع جيرانها العرب تقوم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وكل ما يصدر من الدوحة يصب في هذا الاتجاه لكن ليس بأي ثمن، وحري بدول الجوار فهم أن حصارها لقطر لن ينجح.

[email protected]

مساحة إعلانية