رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. ماجد بن محمد الأنصاري

د. ماجد الأنصاري

مساحة إعلانية

مقالات

1386

د. ماجد بن محمد الأنصاري

سوق الرهان على ترامب

06 أغسطس 2019 , 02:13ص

مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض تعددت الرهانات على فترته وما يمكن تحصيله من خلالها عالمياً، هناك من راهن على نجاحه في كسر العجلة الروتينية للسياسة الخارجية الأمريكية، وهناك من راهن على فشل إدارته في التعامل مع قضايا الخارج وعلى السياسة الخارجية التعاقدية وإمكانية "شراء" مواقف، وأطراف راهنت على المؤسسات الأمريكية في ضبط سلوك ترامب. بعض هذه الرهانات آتت لأصحابها مكاسب وأخرى أدت إلى خسائر فادحة، وما لا شك فيه هو أن العامين والنصف عام الأخيرة كانت بمثابة قطار الملاهي بالنسبة للعالم وهو يتفاعل مع إدارة ترامب وسياساتها المتشقلبة.
روسيا ومعها إيران وكوريا الشمالية والصين إلى حد ما يبدو أن رهانهم كان على فشل ترامب في تحقيق أي إنجازات خارجية وأن تتسبب سياساته في إضعاف الموقف الأمريكي الدولي، وإلى حد كبير آتى هذا الرهان أكله مع فشل ترامب في مواجهة التمدد الروسي في سوريا وتوتر العلاقة بين الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي الأمر الذي جاء لصالح التمدد الروسي غرباً، ومن ناحية أخرى تمكنت كوريا الشمالية من الحصول على ما أرادت من ترامب، فجرته إلى لقاءات تفاوضية معها دون أن تقدم أي تنازلات حقيقية بل إن هذه الأخيرة نفذت تجارب صاروخية أخيراً بدون أدنى احتجاج من واشنطن، أما إيران فعلى الرغم من أنها تأثرت سلباً من رغبة ترامب في إظهار قوته وتنفيذ وعوده الانتخابية من خلال إنهاء الصفقة معها إلا أن سلوكها اليوم يدل على قناعة تامة بأن ترامب لن يزيد على التصعيد الاقتصادي وأنه يمكن تحقيق مكاسب من خلال عدم جديته هذه لذلك تبالغ إيران في التصعيد وتجر ترامب إلى مربع لا يريده بحيث يقوم من ناحيته بتقديم تنازلات اقتصادية تناسب طهران حتى يتمكن من تجنب الدخول في مواجهة عسكرية ويتمكن من إعلان نصر شكلي قبل الانتخابات القادمة.
أما أولئك الذين راهنوا على نجاح ترامب في تنفيذ أجندة مختلفة للسياسة الخارجية الأمريكية تتوافق مع مواقفهم وخاصة اليمين الأوروبي ومن يمثله وبعض الدول العربية وعلى رأسها رباعي الحصار فقد كانت البدايات تشير إلى تحقيقهم مكاسب مهمة، كان ستيف بانون يطوف أوروبا مبشراً بأن ترامب سيكون الأب الروحي لصعود يميني جديد في العالم كله ولم يقصر ترامب في الوقوف إلى جانب قادة اليمين إعلامياً، المحور السعودي الإماراتي حصل بادئ الأمر على دعم في أجندته الإقليمية سمحت بحصار قطر ودعم حفتر وغير ذلك ولكن المنحنى أخذ يتراجع منذ الأشهر الأولى ولم يزد ترامب على تقديم دعم شخصي محدود بدون أن يتمكن من تحوير سياسة الولايات المتحدة الخارجية لصالح هذا الطرف أو ذاك، أما السياسة التعاقدية التي أراد حلفاؤه توظيفها معه فتبين أنها تحقق مواقف مؤقتة فقط وكذلك كانت مكاسب هذه الأطراف من فترته حتى الآن.
الاتحاد الأوروبي وغيرهم من الحلفاء التقليديين لواشنطن، مثل قطر، راهنوا على المؤسسات الأمريكية والثبات الاستراتيجي للولايات المتحدة، هذا الرهان كانت نتائجه متأرجحة، استطاعت المؤسسات الأمريكية ضبط الإيقاع في عدد من الملفات منها حصار قطر والموقف في ليبيا ولكن العلاقة مع أوروبا والناتو ما زالت متوترة وفي الحقيقة أن تحالفات واشنطن أصبحت هي متأرجحة مع قلق الحلفاء من تقلب سياسات ترامب.
تشير العديد من المعطيات إلى أن فوز ترامب بفترة ثانية أمر مرجح وعلى العالم أن يستعد لأربع سنوات إضافية مع ترامب، وبالتالي ستعيد مختلف القوى دولياً تقييم مواقفها وعلاقتها مع واشنطن بناء على الفترة الأولى، الرهانات على ترامب كانت متنوعة والنتائج كانت متأرجحة ولكن ترامب يمثل عرضاً للمرض الأمريكي العام، الولايات المتحدة لن تبقى منفردةً تقود العالم لعقود قادمة وتراجعها التدريجي سيؤدي لفوضى في النظام الدولي نحن نشاهد اليوم إرهاصاتها فقط.

[email protected]

مساحة إعلانية