رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بدعوة كريمة من المعهد العالمي للتجديد العربي شارك فيه نخبة من اهل الفكر والقلم من اقطار عربية متعددة وقدمت في عدد من الجلسات دراسات غاية في الاهمية والجدية، وكان السؤال ان هذه الدراسات والبحوث الممتازة كيف تتحول الى برامج عمل على الصعيد العربي، كان هناك رأي يقول: على اهل الفكر والقلم تقديم رؤى لكل صانع قرار، وعلى صناع القرار ان يختاروا بين البدائل لتحقيق مستقبل عربي واعد، رأي آخر يقول علينا ان نقدم الرأي بعد دراسات متعمقة وحوارات بين اهل الفكر وتقديم مقترحات لكيفية التنفيذ، سوف افرد مقالا عن هذا المعهد الناشئ واهدافه في يوم آخر.
❷
كما هي العادة في كل لقاءات جماعية لا بد من اجراء حوارات خارج قاعات المؤتمر، فكان نصيبي أن أتحدث مع نخبة من اهل الرأي الذين شاركوا، وكان موضوع الخليج العربي يحظى باهتمام بالغ من اهل الرأي، ايران، التواجد الغربي المسلح في المنطقة، ابتزاز الرئيس الامريكي لقيادات خليجية تحت ذريعة حماية هذا النظام او ذاك من السقوط، التدافع نحو اسرائيل تطبيعا وتعاونا وخاصة في مجالات التجسس، اذ راح بعض حكام الخليج يتجسس على البعض الآخر بآلات واجهزة صهيونية وهي بدورها تستفيد من تلك المعلومات لتستخدم ضد العرب في قادم الايام، حوارات لم تنته.
سألني احد الاساتذة المشاركين في هذا الحوار ماذا فعل بكم حصار الاشقاء، اما آن له ان ينتهي؟ قلت لتلك النخبة المصغرة "رب ضارة نافعة"، لقد اراد المحاصرون بنا شرا ولكن الله عز وجل كان مع الحق وهو الحق جل وعلا.
كنا نعتمد على الجوار في معظم حاجاتنا الاستهلاكية، ولكن في فترة قصيرة حققنا انجازات منقطعة النظير في فترة قصيرة على سبيل المثال: اصبحت قطر تغطي حاجاتها الاستهلاكية من الغذاء من انتاج وطني بدرجة عالية، اذ تحولت اجزاء كبيرة من الارض الفراغ الى بيوت زراعية تكاد تحقق الاكتفاء الذاتي، وفي مجال الالبان ومشتقاتها، والدواجن، استطيع القول ان هناك فائضا في السوق القطري في هذه المواد الغذائية يعاد تصديره الى عمان والكويت وغيرهما من الدول. في المجال الصناعي كنا نستورد الحديد لاعمال البناء والاسمنت والالومنيوم والجبس والعوازل الحرارية المستخدمة في البناء، في ظل الحصار استطاعت الدولة ان تتوسع في مضاعفة الطاقة الانتاجية لصناعة الاسمنت وكذلك الحديد وغير ذلك من مواد البناء التي كنا نعتمد بشكل كبير على استيراد ما نحتاج من دول الجوار شركائنا في مجلس التعاون الخليجي حققنا قفزة نوعية في صناعة الالومنيوم.
لا اقول في هذا المجال اننا حققنا اكتفاء ذاتيا بشكل كامل لكننا قطعنا مرحلة متقدمة في هذه المجالات في فترة قصيرة من عمر الحصار الذي يدخل سنته الرابعة، لقد عمق الحصار على قطر الوحدة الوطنية والانتماء للوطن يجاريهم في ذلك المقيمون العرب الذين اعتبروا انفسهم جزءا من النسيج الاجتماعي القطري، وقد أشاد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بهذه الألفة بين المواطن والمقيم العربي. لقد علمنا الحصار الاعتماد على الذات، واصبح حدثا من احداث التاريخ التي تروى.
❸
سألني احد المشاركين معنا في تلك الجلسة وماذا عن القواعد الامريكية والتركية في قطر؟ لا يوجد في قطر قواعد امريكية، هناك قاعدة واحدة هي قاعدة العديد وتضم ايضا القاعدة الجوية القطرية، في بعض دول الجوار اكثر من قاعدة امريكية والبعض الآخر به قواعد فرنسية واسترالية وانجليزية الى جانب القواعد الامريكية في تلك الدول، أستغرب من الكثيرين الذين يرددون احتجاجاتهم على وجود قاعدة تركية في قطر، تركيا دولة اسلامية تدين بما ندين به من فقه وتوحيد وعقيدة، سؤالي: لماذا التركيز على القاعدة التركية في قطر ولا تركزون على القواعد الاجنبية غير الاسلامية في كل دول الخليج؟. احدى الدول الخليجية فيها قاعدة باكستانية ولا احد يثير النقع حولها، انه امر عجيب، تركيا دولة اسلامية صديقة لقطر ولبعض الدول العربية، ولن يكون هناك طغيان تركي يفرض علينا، اعتقد انه من الخطأ استعداء تركيا الذي تمارسه بعض الدول العربية فهي رصيد استراتيجي كبير للعرب وعلينا ان نستفيد من تلك القوة في كل المجالات.
➍
قال احد المشاركين في هذه الجلسة الحوارية ان دور الاعلام القطري وخاصة "الجزيرة" تراجع تراجعا كبيرا في تغطية الاحداث التي تحدث في العراق والسودان والى حد ما في لبنان، وانكم بعملكم هذا تجاملون ايران بل وقدمتم لهم مساعدات مالية ضخمة بعد مقتل الجنرال سليماني في العراق واسقاط الطائرة الاوكرانية، أولا انا لست متحدثا باسم الجزيرة ولا باسم الاعلام القطري ولكني كباحث ومهتم بالشأن العربي أستطيع القول وبجدارة ان قطر لم تقدم مالا لإيران لتغطية التعويضات التي ستفرض عليها سواء في اسقاط الطائرة الاوكرانية وغير ذلك، ايران لديها مصادرها المالية رغم الحصار عليها، هل تعلمون أنه يوجد اكثر من 5000 شركة ايرانية تعمل في دولة خليجية مجاورة وان عائدات تلك الشركات تحول الى ايران عن طريق منافذ كثيرة بعيدا عن قطر وان ميزانها التجاري مع ايران تجاوز 30 مليار دولار، تجارتها مع روسيا وتركيا واذربيجان معروفة، ويستطيع اي باحث ان يدخل على موقع (قوقل) وسيعرف الكثير في هذا الشأن.
اما تغطية الجزيرة لما يحدث في العراق قد نتفق الى حد ما لكن ذلك لا يعود الى السياسة الاعلامية في الجزيرة، وانما يعتمد الى حد كبير على ان المراسلين هناك، ومعظمهم عراقيون ويخشون من تغطية الاحداث الجارية هناك، وتلاشيا لذلك الخوف زودت الجزيرة الساحة العراقية بمراسلين ليسوا عراقيين ولكن تنتابهم مخاوف وتهديدات من قبل عناصر مسلحة إن هم أمعنوا في التغطية الإعلامية عن ثورة الشباب في العراق.
آخر القول: للحديث صلة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المعضلة الإستراتيجية التي ألمت بالكيان الصهيوني أطبقت على الذهنية الإسرائيلية ولفتها بغموض مطبق، جعلت من قدرات أجهزته الاستخبارية في ظلمة وغموض محيرين، عدم قدرة الكيان على تقدير طبيعة الرد الإيراني في حال توجيه ضربة لإيران أدخل إسرائيل في مأزق إستراتيجي جعل مرور الوقت في صالح تنامي جدار الردع الإيراني، فكلما ازدادت حيرة الكيان وتأخره في الرد على الاستجابة للضربة الإيرانية خاصة بعد وعده بالرد تعني عدم القدرة، وهذا يضيف لجدار الردع الإيراني قوة على قوة، وفي حال أخذ الكيان محور المقاومة في الحسبان يزداد التعقيد ويصعب التقدير، كل هذا أدخل الكيان وداعميه في دوامة لا تنتهي من حساب الحسابات وإعادة التقدير وتقييم المواقف وتكرار النظر وإعادة النظر، مما يرسم صورة عجز للكيان لا يستطيع تحملها، خاصة أن صورة الكيان المهيمن والمنتقم وسريع الرد بدأت تتبدد لحظة بلحظة، وهذا يزيد من المخاطر بعد ستة أشهر على فقدان الفاعلية العسكرية في غزة وفي شمال فلسطين، مظاهر عجز أمريكا والغرب عن ردع إسرائيل وتتفاقم معه بشكل متسارع وتتهالك معه قدرات الردع لحدود دنيا، تقلع من جذوره ثقة الفرد بحماية دولته، فتنهار البنى والهياكل التنظيمية للكيان ولن تسعف الانقسامات المجتمعية والفوارق العرقية والدينية والصعوبات في سن القوانين وإدراج المتدينين في الوحدات العسكرية من التدهور المجتمعي، ويشمل ذلك قدرة الداعمين على الدفاع عن الكيان وجرائمه أمام العالم، كلفة الكيان وإمكانية استدامته أصبحت في شك من الجميع داخل الكيان وخارجه وفي أروقة الأمم المتحدة، في الإعلام لم يعد داعموه قادرين على لجم المجتمع الدولي ومؤسساته من انتقاد الكيان ووصفه بالكيان المارق وتآكل الحماية لكل ما له علاقة بالكيان تحت مسمى المساس بالسامية أو عدم الاعتراف بالمحرقة النازية أو كونه ضحية العرب والمسلمين، بل هو مدعوم من العرب والمسلمين لم يعد هناك دثار يتدثر به تعرت بقدرة قادر طبيعته ولا يملك أي دفاعات كما كان يملكها من قبل، شاهد العالم بشكل مباشر ما يقوم به وفضح نفسه عندما اعتمد الانتقام عذرا للإبادة الجماعية، وفقد العالم وفقد أي تظاهر أخلاقي بديمقراطيته وحماية حقوق الإنسان وفقد معه داعميه عندما سنوا قوانين تجرم حرية التظاهر وحرية التعبير وحرية الوصول للمعلومة وبدا الغرب خاويا أمام العالم أجمع وخاصة مواطنيه الذين فجأه تكون إحساس لديهم بأنهم كانوا يعيشون في فقاعة ذهنية شيدت من أجل استعبادهم، في هذه الأجواء من ثورة الإرادة في العالم أجمع تفقد إسرائيل مكانتها وصورتها وسمعتها وتجرم وتدخل قفص الاتهام بشر فعلة وهي الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب، ثم ترتكب الاعتداء على سيادة دول دون تقدير لتبعات تلك الاعتداءات كما اعتادت على فعله فيبرر الغرب أفعالها كما حدث في ما اكترث من مظالم في غزة، فأتى الرد غير المتوقع من إيران لتدخل إسرائيل في غموض إستراتيجي لا خروج منه، فلابد أن يرد وقد وعد بالرد لكن في حال الرد ماذا سيكون الرد المقابل وهنا عجز الكيان عن تقييم وتقدير الرد بارتباك ودخل الحيرة ودخل معه مجتمعه وداعموه، وما زال في حيرة ومع الزمن تتحول إلى حيرة بنيوية فلا يعود يقوى على الاعتداء ولا يعود ينفلت دون عقال، لقد ردع وهو ينظر لحائط الردع لا يعلم ما وراءه ولا تبعات اعتداءاته، في تردد وفي غموض يلفه ويسبب له العجز ويقيم جدار فصل بينه وبين العالم يحمي من شروره. واقع إستراتيجي جديد معقد تشكل بعد أيام على الرد الإيراني وينطوي على مخاطر للأمن القومي الإسرائيلي لا يستهان بها، إسرائيل تجد صعوبة بالغة في تقدير الرد الإيراني الذي أدخلها غموضا استراتيجيا إقليميا، في حال عدم الرد سيترسخ جدار الردع في الذهنية الإسرائيلية ليصبح عجزا في تخطي الخطوط المرسومة من المقاومة ويؤدي للتقيد في حال كان هناك خط أحمر لعدم الدخول لرفح وأي رد ضعيف أو هزيل سيفاقم حالة الحيرة الاستراتيجية وتبنى عليها هياكل الردع في المنطقة، من الواضح أن أمريكا تخلق هامشا بين ما تقوم به إسرائيل ونوايا أمريكا وتصرفاتها بمواصلة الإعلان عن عدم علمها او مشاركتها في أي حدث تقوم به إسرائيل، هذه مرحلة متقدمة بالنأي بالنفس عن إسرائيل.
7509
| 22 أبريل 2024
للتاريخ وجهان. وجه مع سيرة الزعماء والحكام، ووجه مع سيرة البشر العاديين، أو من نال منهم حظا من العلم والشجاعة لأن يقتحم عالم الزعماء والحكام بالمعارضة أو حتى بالاتفاق! في مدارسنا يقف التعليم عند سيرة الزعماء والحكام منذ مصر القديمة فقط. لكن خارج التعليم ظهر كتّاب يؤرخون للناس مثل أحمد بهاء الدين ومحمود السعدني ومحمد أنيس وصلاح عيسى وعماد أبو غازي ومحمد أبو الغار وغيرهم، والحديث عن كتبهم كبير. أكثر ما يأتي في كتب المدارس عن الزعماء والحكام يأتي عن حروبهم وخاصة التي انتصروا فيها. لكن قليلا ما تتم الكتابة عن أخطائهم التي كانت تصل إلى الخطايا في بعض الأحيان مع الشعوب التي يحكمونها. هناك مظهران لذاكرة التاريخ الرسمي أو المقرر في المدارس. مظهر فيما تركه الحكام وراءهم من آثار تتجلى في المباني والمعابد ثم الكنائس والمساجد والمدارس والأسبلة – جمع سبيل للمياه- والقلاع غيرها، ومظهر في الحروب التي دخلوها دفاعا عن الوطن أو غزوا لغيره من البلاد. الحياة مع هذه الذاكرة ممتعة خاصة مع الآثار، لأنك تقف تتأمل أشكال البناء سعيدا بما فيها من زخرفة أو أسقف أو نوافذ ومشربيات، أو آيات قرآنية بالخط العربي. ويصل بك الأمر حين يكون بالمبنى ضريح للحاكم أن تصلي عليه واقفا، أو تقرأ له الفاتحة، ولا تذكر أبدا أي أخطاء أو خطايا له. النسيان يجعلك في محراب الرضا. الذاكرة المهملة في التعليم، والتي تأتي بالمعرفة والقراءة الحقيقية، توقظ فيك ما هو أوسع من الحكام، وهو حب الوطن. الحروب حتى لو انتهت بالهزائم هي من أكثر ما يوقظ حب الوطن عند الشعوب. تعيش في الوطن راضيا أو حانقا لكن حين يتعرض لهجوم من عدو، تستيقظ الذاكرة بحب الوطن. هذا يفسر لك كيف فشلت الدول الاستعمارية في البقاء في البلاد التي احتلتها، واضطرت إلى الخروج مهما طال الزمن. بعد احتلال الانجليز لمصر عام 1882 ارتفعت الذاكرة في الفضاء بشعار مصر للمصريين، ولم يكن مقصودا به الجاليات الأجنبية أو العربية التي لجأت إلى مصر وساهمت في نهضتها كما قد يتصور بعض السذج، لكنه شعار كان في مواجهة الاحتلال. يمكن أن يعيش الإنجليز بيننا كمواطنين، لكن كمحتلين أو ناهبي ثروات فليس ممكنا، ومن هنا جاءت النهضة في الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها. حتى في سنوات حكم أحزاب الأقلية التي كانت موالية بدرجات للإنجليز او العائلة المالكة، كانت النهضة على أشدها. الأمر نفسه حدث مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحدث مع هزيمة 1967. سيقول قائل مع حرب 1973 ورغم أننا استعدنا سيناء حدث العكس، وكان السلام مع إسرائيل فرصة لضياع الانجازات في الصناعة والتعليم وغيرها. كيف حقا كنا مع الهزائم نقيم وطنا، وصرنا مع النصر نبدد مقدرات الوطن وإمكاناته ؟ سأقول له هذا لم يكن من الشعب على إجماله، ولا حتى من صفوته الفكرية التي لقي الكثيرون منها العنت والسجن أيضا، لكن هذا كان سياسة للدولة والحكم والحكام ومن والاهم، لا زلنا ندفع ثمنها. ابتعد عن مصر لأقول أن ما تفعله اسرائيل في غزة من حرب جائرة أيقظ الذاكرة بفلسطين أرض العرب لا الصهاينة، ولابد يوما أن يتجسد بالوطن الحقيقي. الصهاينة مهما طال الزمن مصيرهم إلى الشتات الذي جاءوا منه، ولابد أن هذا الشتات كامن في اللاشعور ومصدر رعبهم، فلم يكن لهم يوما وطن يعودون إليه، كما عاد المحتلون من الإنجليز وغيرهم، وكل ما قيل في كتبهم عن الوطن خرافات.
1989
| 18 أبريل 2024
لماذا هذه الهجمة العدوانية على قطر والإساءة إليها على خلفية الجهود التي تقودها للتوسط بين حماس و »إسرائيل»؟ سؤال يتردد في كثير من الأروقة والحوارات التي تدور عبر القنوات والمنصات الإعلامية المختلفة، وفي النقاشات العامة، على خلفية هجوم نتنياهو وعدد من المشرعين في الكونجرس الأمريكي على دولة قطر ووساطتها بين حماس وإسرائيل . في البدء، هذا الدور الكبير والمهم الذي تقوم به قطر في تبني الوساطة ليس وليد اليوم، أو تجربة محدودة، بل هي تزيد على ربع قرن من العمل الجاد، والمساعي الخيّرة، والوساطات الناجحة في ملفات الكثير منها شائك ومعقد، إقليميا ودوليا، وبالتالي تمتلك قطر تجربة ثرية وغير تقليدية على صعيد الوساطات، وربما النموذج القطري في الوساطات هو الأكثر نجاحا ونجاعة، لأسباب كثيرة ربما ليس المجال لذكرها في هذا المقال. حتى على صعيد الملف الفلسطيني - الفلسطيني، وبين حماس والكيان الإسرائيلي، فقد سبق أن قامت قطر بجهود أثمرت نجاحات وتهدئات في أحداث وحروب مختلفة طوال الأعوام الماضية وكانت المصداقية هي العنصر الأبرز في تحقيق قطر لنجاحات واختراقات أفضت الى توافق بين المقاومة وإسرائيل. تعنت نتنياهو * ما الذي جرى في الوساطة الحالية؟ وما سبب الهجوم على قطر من قبل بعض المشرعين في الكونجرس الأمريكي ومن قبل نتنياهو وعدد من وزرائه ومسؤوليه في الكيان الإسرائيلي؟ قطر تولت ملف الوساطة منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كوسيط، واستطاعت رغم تعنت نتنياهو وسياساته في تحقيق هُدن تمخض عنها الإفراج عن رهائن إسرائيليين عند حماس وسجناء فلسطينيين عند الكيان الإسرائيلي، بعد توقف العدوان لأيام، والسماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة. حلول جذرية للأزمات نزاهة الوساطة القطرية ومصداقيتها أزعجت نتنياهو وبعض المشرعين في الكونجرس الأمريكي، الذين يريدون انحيازا تاما لسياسة إسرائيل، والتحول من وسيط نزيه وموثوق فيه، إلى أداة ضغط على طرف، وهذا لن يحدث، ولم يُعهد عن قطر هذا الأمر في كل الوساطات والأدوار التي قامت بها، وحققت نجاحات، أفضت لإيجاد حلول جذرية للعديد من الأزمات والملفات التي تولتها. الإساءة إلى قطر غير مقبولة * كما أشار معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وهو ما دعاه للإعلان عن أن هناك تقييما للوساطة التي تقوم بها قطر، في ظل هذا الهجوم غير المبرر، الذي وصل إلى حد الإساءة إلى قطر والطعن بجهودها، وازدواجية بعض الأطراف في تصريحاتهم في الغرف «المغلقة» والأخرى «العلنية». نتنياهو المأزوم نتنياهو المأزوم بعد 7 أشهر من جرائمه في غزة وحرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيشه، دون تحقيق أي هدف من أهدافه، يسعى لإفشال الجهود القطرية، طالما لم تتناغم مع تطلعاته ورغباته المحمومة في تركيع غزة، والاستفراد بالمقاومة، التي لم يستطع إيقاف قوتها، أو الوصول إلى قادتها، أو إخراج الرهائن الإسرائيليين بالقوة وهو ما وعد به الجبهة الداخلية الإسرائيلية، التي هي اليوم تطالبه بما وعد به، أو التوصل إلى اتفاق مع حماس. * يعتقد نتنياهو وداعموه في الكونجرس الأمريكي أن ما لم يستطيعوا تحقيقه في الميدان العسكري في غزة، يمكن تحقيقه عبر قطر كأداة للضغط على حماس وفصائل المقاومة، وهذا لن يحدث. وسيط نزيه * قطر عُرفت كوسيط نزيه وموثوق فيه، سواء من الدول التي تعاملت معها، أو المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يرون في قطر أنها تتمتع بمصداقية عالية، ولديها إدارة عالية القدرة لتفكيك الأزمات، وحنكة سياسية في إدارة الحوار، وتوفير المناخ المناسب لعقد الاتفاقيات، وما النجاح الذي حققته قطر في تحقيق اتفاق تاريخي بين أمريكا وحركة طالبان في أفغانستان، إلا خير دليل على ذلك، عدا عشرات الملفات والأزمات التي حققت فيها قطر نجاحات تُحسب لها بفضل تمسكها بمبادئ الوساطة بين الأطراف المتنازعة وإلمامها بتفاصيل موضوع النزاع والحكمة في إدارة الأزمة محل الوساطة والوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاع. قطر لا تفرض نفسها * وهنا لابد من الإشارة إلى أن قطر لا تفرض نفسها على الأطراف المتنازعة المعنية، بل لا يمكن أن تتولى الوساطة إلا إذا طلبت منها تلك الأطراف ذلك، وهو ما حدث في كل وساطاتها ، بما فيها الوساطة الحالية التي تقوم بها بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي، والذي تم التوافق على قيام قطر بذلك، ويريد نتنياهو وداعموه في الداخل الإسرائيلي وبعض المشرعين في الكونجرس الأمريكي إفشالها، تهربا من استحقاقات السلام، الذي لا يخدمه أبدا، سواء لدى جمهوره أو الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث تنتظره محاسبات ومحاكمات عدة في قضايا مختلفة، لن يفلت منها، وبالتالي هو - نتنياهو - ليس من مصلحته إتمام صفقات سلام دائم واستقرار، لذلك بعد أن فشل في تحقيق أي من أهدافه في غزة، يريد اليوم توسيع دائرة الصراع، وإشعال حروب إقليمية، بهدف جر دول كبرى إليها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. * يريد نتنياهو المأزوم إخراج الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، لكنه لا يريد أن يدفع ثمنا لذلك، بل يريد من الوسيط أن يلعب دور «الأداة» الضاغطة على حماس وهذا لن يحدث، وإن تطلب الأمر قيام قطر بإعادة النظر في دورها كوسيط، وتقييم ذلك بصورة جدية، ما إذا كانت تستمر أو لا، فقطر لن تقبل بخسارة سمعتها ومصداقيتها المعهودة عنها في أدوار وساطاتها. الهجوم على قطر من قبل «لوبي» نتنياهو مرده إفشال أي مسعى يمكن أن يحقق سلاما حقيقيا، وإبقاء المنطقة بحالة عدم استقرار، وإكمال مخطط القتل والتهجير والتدمير في قطاع غزة، وهي أهداف تتوافق مع رغبات نتنياهو، الذي من المؤكد أن يمثل السلام الحقيقي تناقضا مع تطلعاته العدوانية.. نتنياهو والسلام لا يلتقيان. قطر ستخرج منتصرة ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها قطر لهجوم غير مبرر ، وتحامل غير منطقي ، ومحاولة إلصاق تهم غير حقيقية لها ، والإساءة لها دون وجه حق ، وفي كل مرة تخرج منتصرة ، وتخيب أمنيات الذين يقودون التآمر ضدها، وتنكسر موجات التحامل على صخرة الصمود، والتعامل الواضح والصريح الذي تتبناه قطر، وتكسب المزيد من المصداقية وثقة المجتمع الدولي، دون أن تخضع لضغوط ، أو تقبل إملاءات من أي طرف كان. 22 أبريل 2024
1593
| 22 أبريل 2024