رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اهتزت أركان الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 مع سقوط البرجين التوءمين في نيويورك، وبعد أشهر قليلة شنت إدارة بوش الابن حرباً شاملة على أفغانستان، انتهت باحتلال البلاد واستمرار العمليات العسكرية ضد حركة طالبان، وفي عام 2019 التحق فوج جديد من المجندين ذوي الثمانية عشر عاماً بالجيش الأمريكي، وغالباً شارك قسم منهم في جولات قتالية في أفغانستان، هؤلاء ولدوا في عام الحرب الأول وكبروا حتى صاروا جنوداً فيها، قرابة العقدين هو عمر أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، أطول من حرب فيتنام التي استمرت سبعة عشر عاماً وأربعة أشهر، وحرب العراق والتي استمرت ثمانية أعوام وتسعة أشهر، جيل كامل من الأمريكيين لم يعرف الحياة دون حرب في أفغانستان ولم يعاصر أحداث سبتمبر التي أدت إليها، وفي التاسع والعشرين من فبراير عام 2020 وقع أول اتفاق لإنهاء هذه الحرب، طرفاه هما طرفا الصراع الحقيقيين، الولايات المتحدة من جهة وحركة طالبان من جهة أخرى.
الاتفاق الذي وقع في الدوحة توج جهود الوساطة القطرية التي استمرت في هذه الجولة ثمانية عشر شهراً وسبقه جولات هدفت للإفراج عمن سموا حينها بخماسي طالبان مقابل أسير أمريكي ونجحت في ذلك، وجرت محاولات متكررة منذ افتتاح مكتب طالبان في الدوحة لبدء حوار أفغاني أفغاني بحضور أمريكي، وعلى الرغم من جهود لأطراف عدة للاستئثار بهذا الدور، مثل سعي السعودية لاستضافة مكتب طالبان ومحاولات إماراتية لسحب البساط التفاوضي من قطر، إلا أن إيمان كلا الطرفين بنزاهة الوسيط القطري وجديته ونجاح قطر في ملف الوساطات والمساعي الحميدة بشكل عام ثبت قطر كوسيط قادر على إنجاز هذا الاتفاق التاريخي.
لماذا هو تاريخي؟
باختصار يضع الاتفاق الطرفين على مسار واضح لإنهاء العمليات العسكرية عبر جدول قصير نسبياً لانسحاب القوات الأمريكية - 14 شهراً- وإيقاف فوري للعمليات القتالية على الأرض، ويأتي الاتفاق أولاً بين الولايات المتحدة وحركة "إرهابية" حسب التصنيف الأمريكي، كما ينهي الاتفاق احتلالاً هو الأطول منذ موجة الاستقلال في سبعينيات القرن الماضي إذا ما استثنينا الاحتلال الإسرائيلي، وتكفي تلك الصورة التي صافح فيها لأول مرة مسؤول أمريكي بارز هو المبعوث الأمريكي لشؤون السلام في أفغانستان زلماي خليل زاده قيادياً في حركة طالبان الملا برادر لتكون رمزاً لتاريخية الاتفاق وأهميته في تاريخ الصراع في أفغانستان.
ماذا بعد؟
الاتفاق هو بلا شك الخطوة الأولى نحو السلام وليست الأخيرة، العقبة الأهم أمام الاتفاق ستكون تحقيق توافق أفغاني أفغاني وهو بلا شك تحد صعب ومركب، أشرف غني رغم مباركته للاتفاق إلا أنه قال إن مسألة الإفراج عن 5000 عنصر من طالبان ليس موافقاً عليها أفغانياً بينما وضعت طالبان هذا المطلب في إطار الاتفاق ونص عليه بشكل واضح أن ينفذ قبل بداية الحوار الأفغاني الأفغاني، كما أن الخلاف حول من فاز بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في كابل سيلقي بظلاله بلا شك على المسار التفاوضي، ومن الناحية الأخرى هناك خلافات في حركة طالبان بين صقورها في شبكة حقاني وتلك الأطراف التي تربطها علاقات بتنظيم الدولة وحمائم المكتب السياسي والقيادات التقليدية التي وافقت على قطع الصلات مع شبكات الإرهاب العالمي ومنع الاعتداء على مصالح أمريكا وحلفائها من الأراضي الأفغانية، والسؤال الأهم سيكون، كيف ستتم إعادة تعريف دور طالبان بعد هذا الاتفاق؟ هل ستقبل أن تندمج كمكون في النظام السياسي القائم هناك أم تطلب نظاماً سياسياً جديداً يحقق لها موقعاً متقدماً في صناعة القرار؟.
كل هذه التحديات والتساؤلات ستكون الشغل الشاغل لأطراف الأزمة وفريق الوساطة القطري خلال الشهور القادمة، هذا الفريق الذي عمل بشكل متواصل لعام ونصف ولم يسعه أن يرتاح يوماً واحداً حيث يبدأ مباشرة الإعداد للخطوة القادمة، جنود الخفاء أولئك هم أصحاب النصر الحقيقي ولهم كل الشكر والتقدير، ولا شك أن هذا الإنجاز التاريخي يثبت بعد 1000 يوم على الحصار أن قطر لم تكتف بصد الاعتداءات الصارخة عليها ولا باستعادة دورها الإقليمي البارز فحسب، بل انطلقت نحو العالم كشريك موثوق به من قبل مختلف الأطراف وعاصمة للسلام العالمي، شاء من شاء وأبى من أبى.
الحرب! الحرب! كلمة تستفز نشاز الرعب - قرقعة الفكوك الحديدية، لسعات البارود الموجعة، أصداء أضغاث أحلام متكسرة وموسيقى... اقرأ المزيد
144
| 19 أبريل 2024
تنخرط دولة قطر في جهود حثيثة منذ بداية الحرب على غزة لإنهاء الحرب على القطاع مع التزام تام... اقرأ المزيد
108
| 19 أبريل 2024
لا شك أن تزكية النفس هي طريق الفلاح، وقد أقسم الله تعالى في سورة الشمس على أن الفلاح... اقرأ المزيد
222
| 19 أبريل 2024
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يجعل الله لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، فما دام فيه نفس يتردد وعقل يفكر وقلب ينبض فهو عبد مسؤول عن صلاح نفسه وإصلاح محيطه أملا في نهضة شاملة لأمّته، هذا حال المؤمن المسؤول، أما (من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) فقد أوضح القرآن مآله (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين). وما أجمل التعبير القرآني حين يصوره في عبادته (على حرف) عبادة هشة وعابد غير متمكن في العقيدة، ولا متثبت في الطاعة، يصوره في حركة جسدية متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى. ومن ثم ينقلب على وجهه عند مس الفتنة ووقفته المتأرجحة تمهد من قبل لهذا الانقلاب. هذان نموذجان أمام المسلم، وهو وحده من يقرر أي الطريقين يسلك حتى يسلم أو يهلك، وأمام عينه وهو يختار الطريق تحذير القرآن من الانتكاسة بعد الاستفاقة ومن الهدم بعد البناء (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم» [النحل:92]. وهو مثل ضربه الله لمن ينقض العهد وقد قيل في شأنه أنه مثل مضروب لامرأة حمقاء ملتاثة، ضعيفة العزم والرأي، تفتل غزلها ثم تنقضه وتتركه مرة أخرى قطعاً منكوثة ومحلولة ! وكل جزئية من جزئيات التشبيه تشي بالتحقير والترزيل والتعجيب. وتشوه الأمر في النفوس وتقبحه في القلوب وهو المقصود. وما يرضى إنسان كريم لنفسه أن يكون مثله كمثل هذه المرأة الضعيفة الإرادة الملتاثة العقل، التي تقضي حياتها فيما لا غناء فيه! واليوم وبعد انتهاء رمضان يقف كل مسلم أمام نفسه ليقول لها ما قاله الإمام الشبلي حين سئل: أيهما أفضل رجب أم شعبان؟ فقال: « كن ربانياً ولا تكن شعبانياً». ونحن نقول: كن ربانيا ولا تكن رمضانيا. رمضان كان وسيلة خير لإرضاء الله، وقد مضى، وبقي لك الاستمرار على الطاعة، مقتديا بنهج النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان عمله ديمة، كما قالت عائشة رضي الله عنها وقد سئلت: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من القيام؟ فقالت: لا، كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع). وهذا لا يكون إلا بمحاسبة دقيقة للنفس والتعامل معها تعامل الحذر منها، الذي لا يأمن غوائلها، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عمر: « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر وأهون لحسابكم، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتجهزوا للعرض الأكبر «يومئذ ٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية».
1647
| 14 أبريل 2024
بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، صعّد المستوطنون الاسرائيليون من حملة اعتداءاتهم في الضفة الغربية تحت حماية قوات الاحتلال، التي صعَّدت من جانبها أيضا عمليات الاقتحامات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات؛ وهي الحملات التي أدت إلى استشهاد 463 فلسطينيا، وإصابة نحو 4750 آخرين، واعتقال أكثر من 8 آلاف فلسطيني. لقد أطلقت مليشيات المستوطنين التي تحظى بدعم من الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حملات عدوانية، تحت حماية قوات الاحتلال، استهدفت السكان والممتلكات في عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية، حيث تعرض السكان في عدد من بلدات الضفة الغربية لحملة اعتداءات غير مسبوقة، خصوصا قرية المغير شمال شرق رام الله، التي عاشت ليلة رعب، على وقع هجوم مسلح شنه مئات المستوطنين مما ادى إلى استشهاد شاب فلسطيني واصابة العشرات، فضلا عن احراق عدد من المركبات والمنازل. إن الضفة الغربية تواجه منذ بدء العدوان على قطاع غزة، حالة من الاغلاق مع قيود صارمة على حركة التنقل بين المدن والبلدات، فضلا عن المداهمات المستمرة وحملات الاعتقال المكثفة، حيث استشهد ما لا يقل عن 115 فلسطينياً بينهم 33 طفلاً خلال الأسابيع الماضية، وأصيب أكثر من 2000 آخرين، كما جرى تهجير ما يقرب من 1000 فلسطيني قسراً من منازلهم بسبب العنف الممارس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومليشيات المستوطنين. إن التراخي والتباطؤ والعجز الدولي عن التصدي لما يجري من اعتداءات وجرائم ممنهجة من قبل مليشيات المستوطنين في الضفة الغربية، تحت ستار الدخان الكثيف للعدوان على غزة، سيدفع الأوضاع في الضفة إلى الانفجار، ما لم يتدخل المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، واطلاق عملية سياسية لمعالجة القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
1443
| 14 أبريل 2024
للتاريخ وجهان. وجه مع سيرة الزعماء والحكام، ووجه مع سيرة البشر العاديين، أو من نال منهم حظا من العلم والشجاعة لأن يقتحم عالم الزعماء والحكام بالمعارضة أو حتى بالاتفاق! في مدارسنا يقف التعليم عند سيرة الزعماء والحكام منذ مصر القديمة فقط. لكن خارج التعليم ظهر كتّاب يؤرخون للناس مثل أحمد بهاء الدين ومحمود السعدني ومحمد أنيس وصلاح عيسى وعماد أبو غازي ومحمد أبو الغار وغيرهم، والحديث عن كتبهم كبير. أكثر ما يأتي في كتب المدارس عن الزعماء والحكام يأتي عن حروبهم وخاصة التي انتصروا فيها. لكن قليلا ما تتم الكتابة عن أخطائهم التي كانت تصل إلى الخطايا في بعض الأحيان مع الشعوب التي يحكمونها. هناك مظهران لذاكرة التاريخ الرسمي أو المقرر في المدارس. مظهر فيما تركه الحكام وراءهم من آثار تتجلى في المباني والمعابد ثم الكنائس والمساجد والمدارس والأسبلة – جمع سبيل للمياه- والقلاع غيرها، ومظهر في الحروب التي دخلوها دفاعا عن الوطن أو غزوا لغيره من البلاد. الحياة مع هذه الذاكرة ممتعة خاصة مع الآثار، لأنك تقف تتأمل أشكال البناء سعيدا بما فيها من زخرفة أو أسقف أو نوافذ ومشربيات، أو آيات قرآنية بالخط العربي. ويصل بك الأمر حين يكون بالمبنى ضريح للحاكم أن تصلي عليه واقفا، أو تقرأ له الفاتحة، ولا تذكر أبدا أي أخطاء أو خطايا له. النسيان يجعلك في محراب الرضا. الذاكرة المهملة في التعليم، والتي تأتي بالمعرفة والقراءة الحقيقية، توقظ فيك ما هو أوسع من الحكام، وهو حب الوطن. الحروب حتى لو انتهت بالهزائم هي من أكثر ما يوقظ حب الوطن عند الشعوب. تعيش في الوطن راضيا أو حانقا لكن حين يتعرض لهجوم من عدو، تستيقظ الذاكرة بحب الوطن. هذا يفسر لك كيف فشلت الدول الاستعمارية في البقاء في البلاد التي احتلتها، واضطرت إلى الخروج مهما طال الزمن. بعد احتلال الانجليز لمصر عام 1882 ارتفعت الذاكرة في الفضاء بشعار مصر للمصريين، ولم يكن مقصودا به الجاليات الأجنبية أو العربية التي لجأت إلى مصر وساهمت في نهضتها كما قد يتصور بعض السذج، لكنه شعار كان في مواجهة الاحتلال. يمكن أن يعيش الإنجليز بيننا كمواطنين، لكن كمحتلين أو ناهبي ثروات فليس ممكنا، ومن هنا جاءت النهضة في الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها. حتى في سنوات حكم أحزاب الأقلية التي كانت موالية بدرجات للإنجليز او العائلة المالكة، كانت النهضة على أشدها. الأمر نفسه حدث مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحدث مع هزيمة 1967. سيقول قائل مع حرب 1973 ورغم أننا استعدنا سيناء حدث العكس، وكان السلام مع إسرائيل فرصة لضياع الانجازات في الصناعة والتعليم وغيرها. كيف حقا كنا مع الهزائم نقيم وطنا، وصرنا مع النصر نبدد مقدرات الوطن وإمكاناته ؟ سأقول له هذا لم يكن من الشعب على إجماله، ولا حتى من صفوته الفكرية التي لقي الكثيرون منها العنت والسجن أيضا، لكن هذا كان سياسة للدولة والحكم والحكام ومن والاهم، لا زلنا ندفع ثمنها. ابتعد عن مصر لأقول أن ما تفعله اسرائيل في غزة من حرب جائرة أيقظ الذاكرة بفلسطين أرض العرب لا الصهاينة، ولابد يوما أن يتجسد بالوطن الحقيقي. الصهاينة مهما طال الزمن مصيرهم إلى الشتات الذي جاءوا منه، ولابد أن هذا الشتات كامن في اللاشعور ومصدر رعبهم، فلم يكن لهم يوما وطن يعودون إليه، كما عاد المحتلون من الإنجليز وغيرهم، وكل ما قيل في كتبهم عن الوطن خرافات.
1311
| 18 أبريل 2024