رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هذا عنوان أشهر كتاب لشيخ من جامعة الزيتونة (الطاهر الحداد) صدر سنة 1933 وأثار جدلا اجتماعيا في المغرب العربي الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار وقتها، لأنه من إنتاج شيخ زيتوني عبر فيه عن أفكار تحررية تجاه التعامل مع المرأة نصف المجتمع وطالب بتعليمها وانخراطها في العمل، لكن دون أي مس من ثوابت الشريعة، ولكن الجيل التونسي الراهن لم يقرأ الكتاب، فادعى الحداثيون أن الطاهر الحداد نادى بإلغاء التعدد قطعيا وهذا غير صحيح، فبورقيبة هو الذي أقدم على تلك المبادرة واليوم نشهد ظاهرة تفكك أسري في تونس، مردها اعتبار قانون الأحوال الشخصية كتابا مقدسا لا يأتيه الباطل... وهو ما جعل القانون يتجمد ولا يرجع المجتمع أثاره السلبية، لأنه تحول إلى تبرير أيديولوجي محض لخط سياسي وعقائدي تغريبي.
ويعلم الله أنني منذ عقود لم أتعب من القول بان كل قانون هو كائن اجتماعي حي يتعدل ويتطور ويتحور حسب التحولات الطبيعية التي تطرأ على المجتمع ومن واجب نخبة المجتمع تعديله أو تطويره أو تحويره، إنما نحن الوحيدين في تونس لا نمس القوانين حتى الصادرة عام 1919 مثل قانون تجريم توريد الذهب الذي سنته سلطات الاستعمار الفرنسي لمنع التونسيين من امتلاك الذهب وإلى اليوم يحاسب كل من يجلب كمية من الذهب إلى تونس رغم أنه سيثري بها رصيد الدولة! (وشكرا للأستاذ المحامي الطاهر بوسمة الذي أثار هذا الموضوع) أما في قانون الأسرة فتتسابق نخبتنا إلى كسب أصوات النساء (في الواقع صنف واحد من النساء) برفع شعار (مجلة الأحوال الشخصية خط أحمر ومكسب عظيم) بمن فيهم أحزاب المرجعية الإسلامية التي أمسكت ببعض خيوط السلطة ففرطت في ثوابتها وخاضت مع الخائضين قائلة (إنها خط أحمر)!! وما زلت يوميا اكتشف الدرر السنية التي انفرد بها مجتمعنا والتي فرضها على الناس هذا القانون المختوم بخاتم آخر ملوك تونس محمد الأمين باشا باي، رحمة الله عليه، بينما عزله بورقيبة عن عرش آبائه وأجداده بتهمة الرجعية والتخلف! وهو الموقع بيده على هذا القانون وأغرب هذه الدرر ما قرأه الناس على صفحات جريدة (الصباح) التونسية يوم 22 فبراير 2015، حيث جاء في الجريدة عنوان هو (رجل تزوج من بنت أخته) ونقرأ في الخبر حرفيا: (تمكنت الشرطة العدلية بالسيجومي "ضواحي تونس” في يوليو 2014 من القاء القبض على زوجين يسكنان مسكنا في حظيرة بناء وبالتحقيق معهما تبين أن الزوج هو خال الزوجة! وبالأمس أصدر حاكم التحقيق بمحكمة تونس الثانية قرارا يقضي بحفظ جميع التهم في حق المشتبه بهما (أي الزوج الخال والزوجة بنت الأخت) وذلك لعدم وجود جريمة، معتبرا بأن ما جاء به قانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة (أغسطس) 1957 ومجلة الأحوال الشخصية لم يحرما صراحة زواج المحارم!!! واكتفت مجلة الأحوال الشخصية التي هي (خط أحمر وما تزال).. اكتفت تنصيصا على بطلان الزواج منتهيا (أي حاكم التحقيق) إلى عدم وجود الركن الشرعي للجريمة وهو ما أقرته دائرة الاتهام بتاريخ 17 (يونيو) 2015 انتهى الخبر كما أوردته جريدة (الصباح).
هنا أسأل تلك النخبة المدعية الحداثية النساوية المتطرفة: "هل نبادر بإصلاح هذا الخلل في قانون الأحوال الشخصية أم نواصل رفع عقيرتنا بالشعار المزيف (خط أحمر ولا تقربوها) الدرة الثانية التي انفردنا بها دون العالمين هي أن أي شاب تونسي يتزوج من ابنة عائلة كريمة يحبها وتحبه فإذا بها عاقر بإرادة الله وحده، فيضطر حسب المجلة المحروسة أن يطلقها (للضرر!) عوض أن يحتفظ بها وهي ذخر وأمانة ويتزوج من امرأة ولود فتنجب أولادا يتربون مع أمين اثنتين (أم بيولوجية وأم عاطفية) وقد عرف جيلي وعايش حالات كثيرة من هذا التوازن الإنساني والتراحم الأسري ورأينا كيف كانت الأم العاطفية أماً بأتم معنى الكلمة والأولاد إلى آخر رمق في حياتها ينادون الأم البيولوجية بعبارة (أمي) والأم العاطفية بعبارة (أميمة) تقديراً لها ولسهرها وحدبها على أولاد زوجها!.
وأنا أطلب فقط ممن يتطرف في العلمانية الغربية المائعة أن يفكر في ابنته هو نفسه لعل الله قدر لها أن تكون عاقرا فأي الحلين أكثر رحمة ومروءة هل هو احتفاظ الزوج بالأولى أي ابنتك وإكرامها بأسرة وعش هادئ في الحلال، أم الحل المفروض علينا بقانون جائر (لأنه جامد!) والذي يقضي برمي الزوجة البريئة في الشارع وحرمانها من الأمومة العاطفية ودفعها للدعارة لا قدر الله! أترك الجواب لضمائر القراء الأفاضل وضمائر تلك الأقلية المتمكنة من المنابر والصراخ الذي لقنتهم إياه ضيفتهم نوال السعداوي!.
أما الدرة الأخيرة والتي حيرتني وتحير كل من يطلب الحقيقة هي أن التيار العلماني أو لنقل الحداثي لم يفسر لنا إلى اليوم التناقض الصارخ بين الغايات التي رمى إليها هذا القانون عام 1956 وبين واقع الحال أي النتائج الحقيقية في المجتمع التونسي.
فهم يقولون إن بورقيبة حرر المرأة وإن المرأة التونسية هي الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي تتمتع بحقوق لم تتمتع بها حتى السويديات والدنماركيات ولكننا بعد ستين عاما من (تحرير المرأة) نجد مع الأسف أن بلادنا تحتل المرتبة الأولى في نسبة الطلاق والمرتبة الأولى في نسبة العنوسة والمرتبة الأولى في نسبة الأمهات العازبات والمرتبة الأولى في نسبة الإجهاض غير المبرر بالإضافة إلى المراتب المتقدمة في الأمراض النفسية والتفكك الأسري وتعاطي المخدرات وتصنيف بلادنا في قائمة البلدان الأكثر تعاسة! وهذه الحقائق يمكن الرجوع إليها من إحصاءات رسمية قام بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ومصالح وزارة الصحة وبعض المنظمات المستقلة وهي أرقام تؤكدها المحاور التي يقدمها الإعلامي علاء الشابي في برنامج اجتماعي كشف عن حالات مأساوية للعلاقات المتأزمة بين الجنسين وفي أغلب الحالات تذهب ضحيتها المرأة التونسية التي قيل إنهم حرروها! وأولادها المشتتين بعد الانفصال (100 ألف طفل ومراهق يغادرون المدارس سنويا) إنني أطرح هذه المشاكل الاجتماعية العسيرة من منظور مواطن يشعر بمسؤولية ابداء رأيه راجيا مناقشتي علميا ومن باب المسؤولية، وأرجو من القلة المتطرفة التي تشتم ولا تناقش ألا تواصل الشتيمة، لأن خمسة عشر عاما من المنفى جمعت فيها مع رفاق المنافي أطنانا من مقالات هتك الأعراض والسب والتهم في جرائد المجاري وإعلام العار وهي قصاصات احتفظ بها تملأ شاحنتين، وأحذر الذين يشتمون ولا يناقشون أنني ملقح ضد هذه الترهات وأطلب الحوار العلمي الهادئ المسؤول الذي ربما سيحرر المرأة التونسية بحق ويرمم ما تصدع في الأسرة التونسية.
جاء توقيت إنشاء منتدى قطر الاقتصادي بعد تعافي العالم من الوباء عام ٢٠٢١، وذلك لمناقشة كيف يستطيع بناء... اقرأ المزيد
201
| 15 مايو 2024
يحكى انه كان هناك إمبراطور، يقوم بإلقاء قطعة نقدية قبل كل حرب يخوضها، فإن جاءت «صورة» يقول للجنود:... اقرأ المزيد
306
| 15 مايو 2024
من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط التي تتقاطع فيها ثلاث قارات، كانت مركزا محوريا لإمبراطوريات كبيرة مثل الحثيين... اقرأ المزيد
264
| 15 مايو 2024
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في عالم الثقافة ما زلت أحتفظ بعقلي. أقرأ كتبا مهمة بقدر ما تتيح لي الظروف، ولا أتأخر عن الإشارة إليها أو الكتابة عنها، وأشعر أحيانا بالتقصير لأني لا أستطيع، وهذا طبيعي جدا، أن أقرأ كل ما يصدر من كتب عظيمة. أنشر ما أكتبه على صفحتي في الفيسبوك أو تويتر من باب الحفظ لها، فأغلب العابرين على السوشيال ميديا ليس لديهم الوقت الكافي، بينما يقفون كثيرا عند التغريدات قليلة الكلمات. هذا طبيعي فالسوشيال ميديا بنت عصر السرعة، وتظل المقالات وقراءتها للذين لديهم الوقت، ولمن ينشغلون بالقضايا الحقيقية، قد يبدون فيها رأيا يثريها حتى ولو بالاختلاف. لكن في السوشيال ميديا ظاهرة هي «الترند». وهو ما يأخذ القارئ أو المشاهد إذا كان الأمر يتعلق ببعض الصور، إلى اتجاه يزدحم بالحاضرين أو المحتفلين، فيسعد صاحب الترند بالكم الكبير وغير العادي ممن يعلقون على كلامه، ويصدق أن ما يراه اهتمام حقيقي، وليس زفة مثل زفة المولد، لا يبقى منها لدى المحتفلين ما يصنع ثقافة حقيقية. الترند قد يشهد انتقادات كثيرة جدا أيضا، ولا يعلم من ينتقد أن صاحب الترند يريد ذلك، فلقد صار في مركز الحدث. مركزا للتفاهة ستدخل في النسيان بعد دقائق. كنت دائما بعيدا عن هذه الظاهرة وما أسهلها. لم أفكر أن أفعلها، ولم أساهم حتى بالتعليق على إحداها، فهي بالونة طائرة تنفجر ولا يخرج منها غير الهواء لدقائق، بينما الهواء الحقيقي حولنا في القضايا الكبرى. لا ألوم من يساهم في الترند، فليس كل الناس ولا كل الأعمار على طريقة واحدة في الحياة، فالذين يقرأون القصص البوليسية مثلا أضعاف من يقرأون الأدب الحقيقي. في الأيام الأخيرة انفجرت السوشيال ميديا بترند سببه سؤال ليوسف زيدان للمفكر السوري فراس السواح، وهو صاحب أعمال عظيمة في تاريخ الأديان والميثولوجيا. كان السؤال في ندوة أقامتها مؤسسة جديدة تسمي نفسها «تكوين» مهمتها تجديد الفكر الديني كما يقولون. بدأوا ندواتهم بلقاء مع مفكر يستحق القراءة والاحتفاء، لكن تبدد اللقاء بسبب «الترند» التافه. ما شاع على الميديا سؤال من يوسف زيدان لفراس السواح هل أنت أفضل أم طه حسين، وإجابة الرجل أنه هو ويوسف زيدان أفضل. انفجرت الميديا بالانتقاد وبصفة خاصة ليوسف زيدان وأعماله مقارنة بطه حسين. المئات دافعوا عن طه حسين وهو يستحق كل ذلك عملا وفكرا، والحديث عنه يحتاج الى مقالات وكتب. اعتذر الاثنان عما حدث وكيف كان الأمر دعابة، وقال السواح إن زيدان ورطه بالسؤال. لكن صار الأمر « ترند» بدا لي مقصودا من صاحب السؤال، فأضاع الندوة وأضاع ما قدمه فراس السواح من أفكار. صار التجديد الديني على الهامش وشاعت الكوميديا والمسخرة. ومن ثم أقول لكم إن هذه بداية منذرة - لا أقول مبشرة من فضلك- بقيمة ما ستقدمه هذه المؤسسة التي لا أتوقع لها دور في التجديد بل لها دور في الترند! ولا أعتقد سيخيب ظني. بعيدا عن ذلك كله أحب أن أضحك مع تعليق واحدة من أجمل من يعلقون على الأحوال الثقافية، هي نجوان ماهر عامر التى تعمل في صفحة « مكتبة وهبان» وهي من أجمل الصفحات الثقافية، والتي لم يعجبها طبعا ما فعله زيدان، قائلة بعد إعلان لشخص آخر تكوين مؤسسة مقابلة لدحض مؤسسة تكوين. قالت نجوان ماهر مع صورة للرئيس السادات «تم تدشين مؤسسات ثقافية في ست ساعات» ولن أزيد من تعليقاتها التي تستحق مقالا ربما أكتبه يوما من فرط الفهم والجمال.
1914
| 09 مايو 2024
كلمة مشهورة لدى أهل الخليج تقال للوجيه (من كلمة وجاهة أي ذي جاه، أو سلطة، أو كبير قوم، أو ذي منصب، أو مركز اجتماعي مرموق يتوجه له الناس لقضاء حاجاتهم)، ومعنى تكفى «أي أنا طالبك تفزع لي على إنهاء أمر معين». وهؤلاء الوجهاء يأتيهم عامة الناس من كل مكان أملاً في أن يساعدوهم في أمور عجزوا عن إنهائها بأنفسهم، بل إن بعض الناس يقطع مسافة طويله لهذا الوجيه لعله يساعده في قضاء حاجته. في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، رواه مسلم. وهذا فضل من الله على عباده بأنه سبحانه يكافئ من أعان أخاه المسلم على حاجة بالعون يوم القيامة. فالدين أمرنا أن نقوم بمساعدة الناس وقضاء حاجاتهم واحتساب الأجر عند الله. فكلنا في حاجة بعضنا البعض مهما كانت مناصبنا أو مراكزنا الاجتماعية. فالطبيب بحاجة للفراش لتنظيف عيادته، والتاجر بحاجة للمحاسب، والغني بحاجة للحلاق، والوزير بحاجة لمن يحضر له اجتماعاته، وهكذا، وهو مصداق قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾. فالذي أكرمه الله بأن يكون وجيها فعليه أن يساعد كل من يأتيه ويقوم بحاجته حتى تنقضي ويحتسب الأجر، فليس له الحق في اختيار من يساعد من الناس. واعلم أن هذا الشخص الذي قصدك واختارك من بين عباده لتقضي حاجته، قد أرسله الله لك لتقضيها له وتكسب الأجر، فإنه قد جاءك وهو متوكل على الله ومتفائل بأنك ستقضي حاجته فلا تخيب رجاءه. ولتعلم انه قد يأتي يوم تحتاج له ولغيره، فلا تحقرن من المعروف شيئا. فلا تتردد أو تقول (على خير) وأنت لن تفعل شيئا. فإن الرجل ذا المنصب أو المركز أو الجاه يكون مثل الرأس في الجسد، ولهذا يذكر عن رجل أوصى ابنه فقال: يا بني، لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الآفات أو الأوجاع، فعليك أن تتحمل ما يحمله هذا المنصب من تكلف أو تعب فلذة خدمة الناس لا تعادلها لذة. وكلمة جزاك الله خيرا عندما تنهي حاجته، هي أبلغ الثناء. فإذا قال شخص لآخر (تكفى يا فلان أبيك تخلص لي موضوعي) قال له (ابشر بسعدك) ومشى معه حتى يقضى حاجته، وهذه من مكارم الأخلاق، لان كلمة تكفى عند اللي يعرفون معناها تهز الرجال. قال الشاعر: جيتك بكلمة كنها صقعة الويل وإن قلت تكفى لا تـهـاون بـتـكـفـى تكفى تراها كلـمـة تـقـطـم الـحـيـل لا بالله إلا تنسف الـحـيـل نـسـفـا تكفى ترا تكفى لـهـا هـدرة الـسـيـل في صدر حرٍ ينتف الطيـب نـتـفـا تكفى ترا تكفى لها تـسـرج الـخـيـل إن كان لك في مجمع الخيل عسفا تكفى ترى تكفى تهز الرجاجيل ولولا صروف الوقت ما قلت تكفى نسال الله أن يكتب الأجر لمن قام مع أخيه المسلم في حاجته حتي يقضيها له.
1866
| 10 مايو 2024
يعتبر النقل الجوي من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث إنه يعد الوسيلة الفعالة للحفاظ على وقت المسافرين، وربط دول العالم بعضها ببعض مما يسهم في دفع عجلة التنمية، كما أنه يمثل واجهة حضارية لأي دولة؛ فإذا ما كانت خدمات النقل الجوي مزدهرةً ومتطورةً في دولة ما ذلك يدل على ازدهار وتطور تلك الدولة. وتعتبر هذه العقود من عقود الإذعان حيث إن شركات الطيران هي من يحدد العقد وشروطه وما على المسافر الا الإذعان لهذه الشروط حيث لا يسمح بتعديلها أو مناقشتها، كما وتعتبر عقود النقل الجوي من العقود الرضائية والتي لا يتطلب فيها القانون شكلاً معيناً لإفراغها فيه، إنما يتم انعقاده بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول بين المسافر وشركة الطيران، وبالرغم من أنها من عقود الاذعان الا أن ذلك لا يجردها من كونها عقودا رضائية، نظراً لأن المساواة المطلقة بين المتعاقدين تكاد أن تكون أمراً مستحيلاً. وفي هذا السياق نجد أن المشرع القطري عرف النقل الجوي في المادة 217 من قانون التجارة رقم 27 لسنة 2006 بأنه يقصد بالنقل الجوي نقل الأشخاص أو الأمتعة أو البضائع بالطائرات مقابل أجر. وقيد الحرية التعاقدية ببطلان شروط الإعفاء او الحد من المسؤولية وذلك في النص الوارد في المادة 227 من أنه يقع باطلاً كل شرط يقضي بإعفاء الناقل الجوي من المسؤولية أو بتحديدها بأقل من الحدود القصوى للتعويض المنصوص عليها في المادة (224) من هذا القانون. وذلك تماشياً مع اتفاقية شيكاغو 1944 والتي صادقت عليها دولة قطر في سنة 2007 ومن بعدها وتحديداً في العام 2008 انضمت دولة قطر الى بروتوكولات مونتريال الخاصة بتعديل اتفاقية شيكاغو. إن مسؤولية شركات الطيران تجاه ركابها تندرج تحت أساس المسؤولية المدنية سواءً كانت عقدية أم تقصيرية، بدايةً بتسهيل كافة إجراءات السفر للمسافر، مروراً بكفالة سلامته وراحته أثناء السفر وانتهاءً بضمان وصوله الى وجهته في الزمن المعلن والمتفق عليه مع أغراضه الشخصية وما صاحبها. ويتحقق الإخلال في ذلك بمجرد عدم تنفيذ ما التزم به الملتزم بغض النظر عن مسلكه، أي بمجرد حدوث الضرر للمسافر، وبالتالي فإن مسؤولية شركات الطيران هي مسؤولية شخصية قائمة على أساس الخطأ المفترض، ذلك أن المسافر غير ملزم بإثبات خطأ شركة الطيران إلاّ أنّه يبقى لشركة الطيران الحق في دفع المسؤولية عنها وذلك بنفي الخطأ بمعنى اثبات أن الضرر الذي حصل للمسافر لا يرجع إلى خطأ ناتج منها أو من أحد تابعيها بل إلى سبب آخر وانها اتخذت خلال عملية النقل والسفر جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو أنه استحال عليها اتخاذها. وهو ما يحيلنا إلى القول إلى أن مسؤولية شركات الطيران تجاه الركاب ذات طبيعة موضوعية تتحمل فيها ما قد ينتج عن أي خطأ أو ضرر للمسافر، الا ما كان بسبب أجنبي أو لا يد لها فيه. وفي هذا الصدد قد مرت قضايا مشابهة ترافع فيها مكتبنا، وذلك بقيام إحدى شركات الطيران بمنع مسافرة من الصعود الى الطائرة رغم استيفائها لجميع الإجراءات القانونية والفنية المطلوبة، الا أن موظفة شركة الطيران رفضت للمسافرة إكمال إجراءاتها بصعود الطائرة بحجة تأخرها في إكمال الإجراءات رغم حضورها مبكراً واكتمال إجراءاتها، مما تسبب للمسافرة في فوات رحلتها بجانب الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها جراء هذا الفعل؛ فتمت مقاضاة تلك الشركة عما اقترفته من ضرر تجاه هذه المسافرة، وقد صدر الحكم جابراً لضرر المسافرة وملزماً لشركة الطيران بتعويض المسافرة تعويضاً مجزياً تم سداده كاملاً للمسافرة. إننا وإذ نسرد مثل هكذا قضايا - على قلتها إنما تعكس الواقع العملي والتطبيق القانوني السليم على أرض الواقع، وبدورنا نرسل صوت إشادة بمثل هذه الممارسات القضائية العادلة والتي تنصف المسافر وتعيد إليه الحق، فالحق هو ما قام عليه الدليل وهو أحق أن يتبع.
1491
| 13 مايو 2024