رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1507

جعفر عباس

حكاية غير سارة عن كلارا

25 أغسطس 2020 , 02:00ص

تهكم الكثيرون على الأمريكية هيلين البالغة من العمر 92 عاماً، لأنها أطلقت الرصاص على رجل رفض منحها قبلة، وكان سر إعجابي بها ليس شكلها ولا عملتها المهببة، بل لأنها أثبتت أن النساء أيضا يتحرشن بالرجال، أي أن التحرش ليس تهمة لابسة في الرجال وحدهم، وأعجبني في حكايتها أنها أخرست الغربيين الذين يشمتون في العرب، لأن رؤساءهم يتمسكون بكراسي الحكم لأربعين سنة "فما فوق"، فجاءت هيلين لتثبت أن من الغربيين من يحاكي الزعماء العرب في السعي لـ "التكويش" على "حقوق" جيل الشباب.

ثم جاءت السيدة كلارا تانغ لتثبت أن الشر والعنف الزوجي ليس وقفاً على الرجال، فقد قامت هذه السيدة الأسترالية البالغة من العمر 92 سنة بقتل زوجها البالغ من العمر 98 سنة، بأن طعنته في رأسه مرتين، ولما اكتشفت أن رأسه "ناشف"، بمعنى أنه لم يتأثر بالطعن، جاءت ببطرمان (نسميه في السودان برطمان، وهو الوعاء الزجاجي سميك الجدران كالذي تباع فيه مربى الفواكه)؛ المهم أنها أتت بذلك الوعاء سميك الجدران، وظلت تضربه على رأسه لأكثر من ساعة، وحسب اعترافها للشرطة فإنها أحست بالإرهاق، ووضعت إصبعها قرب أنفه واكتشفت أنه ما زال يتنفس، فواصلت الضرب حتى توقفت رئتاه عن الإرسال والاستقبال، وقالت كلارا للشرطة إنها كانت تخشى من أن زوجها البالغ من العمر قرنا إلا سنتين، كان يخطط لقتلها بالسم، ولهذا كانت تغير الصحون وأطباق الطعام، ثم قررت من باب الاحتياط أن "تخلِّص عليه وتخْلَص منه"، ولم يكن صعباً على الشرطة استنتاج أن كلارا تعاني من الخرف.

سألوا أحد الشعراء: هل تخاف من الموت؟ فقال: أخاف المنية لكنني / أخاف الحياة مع العجز أكثر!! ما أبلغ هذا، فكل إنسان سويٍّ يخاف الموت، ولكن ما قد يكون أقسى من الموت هو أن تعمر طويلاً، ولكن عاجزاً تماماً وبالتالي عبئاً على من حولك دون أن تعرف للحياة طعماً، أو كمن يقال عنهم "حي كميِّت"، واعتقد – وبعض الاعتقاد، كالظن إثم – أن كلارا وصلت مرحلة الزهق والقرف والخرف لأنها ظلت متزوجة بالقتيل سبعين سنة.

وبصراحة فإن فكرة أن أعيش حتى بعد التسعين مع نفس الزوجة تجعلني من أنصار تعدد الزوجات، ولا أظن أن أم الجعافر ستمانع في زواجي بأخرى لو ظللنا أحياء وبلغت سنوات زواجنا ستين سنة.. ولو عملتها فلن أتزوج بواحدة شابة بل سأختار امرأة على أعتاب الخرف، وأسلطهما على بعضهما البعض، و"أنام ملء جفوني عن شواردها"!!، ولكن الغريب في الأمر أن الزيجات تصمد وتتعزز بمرور السنين، وفي حكم النادر أن تنهار زيجة بعد استمرارها لربع قرن، فالزواج لا ينجح فقط بالهمس واللمس والكلام الناعم: حبيبتي.. نور عيني.. كتكوتي، يعاني الأمريكان من خلل في الذوق، فالواحد منهم إذا أراد أن يدلع بنته أو حبيبته أو زوجته ناداها: بامبكين pumpkin الذي هو القرع ولا أفهم كيف يعجب رجل بالغ وعاقل بواحدة تشبه القرع) والشاهد يا جماعة هو أن الحب في العلاقة الزوجية يتحول إلى ألفة، ولهذا تجد زوجا – رجلاً كان أم امرأة – يصبر على سلوكيات غير سوية لشريك الحياة.. إنها الألفة.. بمرور الزمن تتآلف القلوب وتعتاد على بعضها البعض، ولذلك فالزوج السويّ يزداد تعلقا بالشريك كلما طالت سنوات الزواج.. هو ليس فقط كون أن "شيطانا تعرفه خير من جني لا تعرفه"، بل كون أن مرور الزمن يحصن الزوجين ضد تدخلات الشيطان... ولكن وفي هذه اللحظة فإن الشيطان يقول لي: سبعون سنة زواج من نفس الزولة يا أبو الجعافر.. إيه الخيبة دي؟ فأقول له: أعوذ برب الناس من الوسواس الخناس.

[email protected]

مساحة إعلانية