رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1408

جعفر عباس

محروم من حرية الحركة في بيتي

03 نوفمبر 2020 , 01:00ص

 

حدث أكثر من مرة أن أصغر عيالي – لؤي - بهدلني لأنني دخلت غرفته دون أن أقرع بابها، مع أنه يعرف أن غرفته هي ملاذي الآمن بعد يوم العمل، لتفادي الاستجواب أو الاستماع إلى شريط "ما يطلبه المستمعون": نروح السوق/ نزور خالتي قماشة!! عادة وعند عودتي إلى البيت بعد الظهر أكون في حالة عصبية لا تسمح لي بأكثر من تبادل تحية ماسخة مع أفراد العائلة، والتهام بعض اللقيمات على عجل ثم التوجه إلى غرفة لؤي، لأن عيالي يعتبرون غرفة النوم الرئيسية "النادي الاجتماعي العائلي"، ويعسكرون فيها معظم ساعات يقظتهم، وكثيرا ما أجد للؤي العذر في ثورته لأنني اقتحم غرفته أحيانا بلا استئذان، ولكنني، وفي أحيان أكثر، أثور في وجهه: البيت بيتي وأنا حر أرقد وأنوم في أي مكان زي ما أنا عايز!! وما يستفزني في المسألة برمتها هي حكاية "غرفتي"، واستفزني أكثر ذات يوم أن لؤي طرح سؤالا استنكاريا: هل كان أبوك وأمك يدخلان غرفتك دون استئذان؟.

دون أن يدري ودون قصد منه قام المسكين بتقليب المواجع: قال غرفتك قال!! أي غرفة يا ولدي؟ حتى آباؤنا وأمهاتنا لم تكن لهم غرف خاصة كأزواج، الغريب في الأمر أن بيتنا في شمال السودان مثل كل بيوت البلدة كانت به نحو خمس أو ست غرف، ولكننا كنا جميعا نتكوم في غرفة واحدة، خاصة في الشتاء، وكانت تتوسط الغرفة في برد الصحراء القارس حفرة بها أعواد خشبية غليظة مشتغلة (مدفأة) ولحسن حظنا لم يكن الخواجات قد اخترعوا ثاني أوكسيد الكربون، مما يفسر عدم تعرضنا للاختناق من الدخان المتصاعد من الخشب المحترق، وربما كان هناك ثاني أوكسيد الكربون ولكنه لم يكن ساما، وربما كان ساما ولكنه لم يكن يقتلنا لوجود مسامات في جدران الغرف تسمح بمرور تمساح! أما في الصيف فقد كانت العائلة بأكملها تقضي النهار في غرفة معينة ثم ننام جميعا في حوش البيت ليلا.. وجعلنا كل ذلك أكثر ارتباطا ببعضنا البعض، وكان نمط الحياة يكرس في وجدان كل منا انه مكمِّل ومتمِّم للآخرين، وأن حياته الخاصة امتداد لحياة الاسرة الصغيرة والاسرة الممتدة!.

وأجلس في "غرفة" لؤي وأتأمل محتوياتها: الأجهزة الالكترونية التي فيها تفوق قيمتها المبالغ التي أنفقها اهلي على تعليمي من الابتدائية حتى الجامعة (هذه الجملة خادعة فحقيقة الأمر أن أهلي لم يصرفوا علي مليما أحمر لأتعلم، فقد تكفلت بنا الدولة تعليما ومسكنا وطعاما وتذاكر سفر من والى قرانا ومدننا، وكان أهلنا يزودوننا ببضعة قريشات للكماليات)، ولديه طاولة قراءة رغم انه يؤدي معظم واجباته المدرسية وهو جالس على سريره او على الارض، ولديه أشياء كثيرة يا ما بكى كي يقتنيها، ثم صار "يستعر" منها على أساس أنه صار "رجلا" ولا يليق به أن يلعب بأشياء اشتراها عندما كان "صغيرا"!! ولا مانع لدي من أن اشتري له أشياء جديدة تليق بسنه، ولكن من أين اشتري له "إدراك" أن غرفته ينبغي ان تكون غرفتنا جميعا!!.

مثل النزعات الفردية التي تبدر من لؤي ومن هم في سنه، هي ما خرجنا به من العولمة و"الاغتراب" بمعنى التأثر بالغرب، حيث يحرص كل واحد على ما يسميه ال" سبيس" أي الحيز الخاص، وهي نزعة تنتقل بالعدوى، فلأن الطفل يعرف أن زميله فلان يملك غرفة خاصة فلابد ان يجاريه ثم تصبح المجاراة في امتلاك التلفزيون الخاص وأجهزة العاب الفيديو وتصبح المسألة مباراة في التباهي!!.

هل أنا حاسد وحاقد، لأن أبي لم يشتر لي بلاي ستيشن أو لأن أمي لم تطعمني سريلاك أو تحصنني ضد البلل بالبامبرز؟، لا أظن ذلك فرغم أن طفولة أبناء وبنات جيلي لم تعرف الألعاب الإلكترونية ورغم أننا عشنا في بيوت لم تعرف حتى الكهرباء فقد كنا نملأ وقتنا بلعبات مبتكرة تشكل الحركة العنصر الأساسي فيها، أما عيال هذا الزمان فيتحولون إلى أكياس من البطاطا، لأنهم يقضون معظم يومهم جالسين يلعبون مع كائنات وهمية.

[email protected]

اقرأ المزيد

alsharq قطر المساندة الدائمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة

* هل وصلنا إلى نهاية حرب إبادة؟ ** رغم الخطوة الإيجابية التي اتخذتها حركة حماس بإبلاغ الوسيطين القطري... اقرأ المزيد

99

| 10 مايو 2024

alsharq حقاً طفل مختلف

طفلي مختلف، لكنه يتمتع بمواهب تختفي وراء سلوكه الذي يراه الجميع مزعج، يتحرك كثيرا لكن عقله مبدع ويفكر... اقرأ المزيد

63

| 10 مايو 2024

alsharq داء الاستحقاق !

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح تساءلت حوله كثيرا هو ارتفاع سقف الثقة عند البعض “الاستحقاق العالي» لدرجة أنهم... اقرأ المزيد

69

| 10 مايو 2024

مساحة إعلانية