رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

2732

جعفر عباس

الهاتف الجوال للاستهبال

15 ديسمبر 2020 , 01:00ص

كنت أعجب كثيراً لأن بيننا من يسيء الظن بكل منتجات ومخترعات ما يسمى بالعصر الحديث، وكان مصدر عجبي أننا صرنا ومنذ أكثر من عشرة قرون أمة مستهلكة لإنتاج وإبداع الآخرين، وأن دورنا اقتصر على الرفض وسوء الظن بكل ما يأتينا من الخارج، ولكن القفزات العلمية المتسارعة في السنوات الأخيرة جعلتني أيضا أنضم إلى من يسيئون الظن بمعظم منتجات العصر، الخضراوات والفواكه المعدلة وراثيا، وفرن المايكروويف الذي يعد خلال دقائق وجبة لا طعم لها ولا رائحة، وغيرها من المخترعات، وكنت من أوائل من رفضوا الهاتف الجوال، رغم أنني كنت ضمن أول عشرين شخصا من المقيمين في الحظيرة العربية الكبرى يتسنى لهم امتلاك ذلك الهاتف الفلتة، ولم يكن مرد ذلك فقط أنني ارستقراطي بالميلاد، بل أيضا لكوني كنت أعمل في شركة الاتصالات في قطر وهي أول من أدخل خدمة الهاتف الجوال في آسيا وأفريقيا، ولم يتم منحي ذلك الهاتف لـ"سواد عيوني"، بل كي أصبح فأر مختبرات، فقد كانت تأتيني مكالمات من الفنيين المكلفين بتركيب شبكة الهاتف الجوال ليسألوني عن موقعي ومدى وضوح المكالمة، ثم صار عيالي يستخدمون تلك الأداة الفريدة للاستعراض بين زملائهم: ألو حمودي.. تصدق أنا بكلمك من سيارة بابا؟ والله العظيم حقيقة..أبوي عنده هاتف ممكن تتكلم منه وأنت ماشي في أي مكان! ثم دخلت أم الجعافر على الخط: وين أنت؟ ووين رايح؟ شنو الصوت النسائي اللي جنبك؟ يا بنت الناس دي البي بي سي!! وهكذا أعدت الهاتف إلى الشركة، ولم استخدمه إلا بعد أن صار عيال رياض الأطفال يعايرونني بأنني لا أملك "موبايل"، وحسبت بادئ الأمر أنني قادر على حصر اتصالاتي بالهاتف الجوال، ولم أخبر إلا نحو ثلاثة أشخاص برقم هاتفي، وحذرتهم من إبلاغ أي شخص بأنني امتلك هاتفاً جوالاً، ولكن ما حدث أن كل واحد من أولئك الثلاثة أبلغ ثلاثة آخرين برقم هاتفي، وطلبوا منهم عدم إبلاغ أي شخص بالرقم و"إياك تقول لأبو الجعافر إني أعطيتك الرقم"، وهكذا وخلال شهر واحد كانت حتى السي آي إيه تعرف رقم هاتفي الجوال. وبعد الانتشار الوبائي لهذا الهاتف قال عيالي أنهم ليسوا "أقل" من سعود وصلوح وفطوم وزنوبة "ولازم يكون عندنا موبايل"، وكان لهم ما أرادوا، وصار الواحد منهم يبعث لي المسجات (الرسائل) وهو جالس في غرفة تبعد عني مترين: الضيف البايخ طلع عشان تودينا بيرجر كنج؟

والموبايل يحتاج إلى سماعة، ثم تدهورت حالته الصحية وصار محتاجا إلى كاميرا، ونغمات وصور يتم إنزالها من الانترنت أو شراؤها من جهات معينة، ولابد من مجاراة الموضة وتغيير فستان الموبايل بين الحين والآخر، فتجد عند العديدين أغلفة لهواتفهم الجوالة، وكل ذلك ترف لا طائل من ورائه، ولكن ماذا تقول في زمان اختفى فيه الخط الفاصل بين الترف والضرورة؟ ثم جاءت الهواتف الذكية التي جعلتنا أغبياء، بعد أن أوكلنا إليها مهام الدماغ البشري، ثم جاء واتساب وأصبح وكالة أنباء معظم ما تبثه كذب صراح.

كل ذلك أمره سهل ففي الطريق إضافة جديدة الى الموبايل تليق بعصر العولمة: فقد انتجت شركة سيميدا الرومانية برنامجا للهاتف الجوال يزودك بأكاذيب تجعلك تفلت من المساءلة في العمل أو البيت.. يرن الهاتف وترى على الشاشة رقم مديرك فتضغط على زر يصدر أصوات ابواق وهدير سيارات فتقول له أن هناك زحمة مرورية بسبب مرور موكب رئيس جمهورية الخيال، أو تضغط على زر يصدر صوت آلة الحفر المستخدمة في عيادات الأسنان وتقول للمدير إنك تخضع لعملية قتل عصب، وإذا كان المتصل زوجتك وأنت في مكان مريب تستطيع أن تضغط على زر يوحي بأنك في جو عمل: تلفونات ترن وأصوات طباعة على الكمبيوتر.. وهكذا فإن أداة اتصال ستصبح اداة انفصال.. عن الواقع والالتزامات والحقيقة!

[email protected]

اقرأ المزيد

alsharq الإرهاب المطلوب!

هل تجد اليوم من يتجرأ مثلاً ويتحرش بالولايات المتحدة أو الصين أو روسيا؟ بالطبع لن تجد أحداً، يحسب... اقرأ المزيد

249

| 02 مايو 2024

alsharq سفهاء العقول وتربية أجيال!

نستغرب من نوعية من البشر لا بشر! نوعية من بني آدم تنعدم وتغيب معنى المشاعر والإنسانية من أرواحهم... اقرأ المزيد

192

| 02 مايو 2024

alsharq العالم العامل الشيخ عبدالمجيد الزنداني رحمه الله

عالمنا الإسلامي على امتداد مساحته الواسعة بين يوم وآخر تنطفئ شمعة من شموع العلم والعمل والدعوة والفقه والجهاد... اقرأ المزيد

207

| 02 مايو 2024

مساحة إعلانية