رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كانت لدي بنت تدرس في جامعة أبردين في اسكتلندا، فقررنا زيارتها قبل بضعة أعوام، وغادرنا لندن بالقطار عبر مقاطعة البحيرات في إنجلترا، انطلاقا من محطة إيوستن، وهناك اكتشفنا أن جيناتنا العربية الأفريقية آتت مفعولها، وأننا فوتنا القطار الذي كنا قد حجزنا مقاعد فيه، ولكن الخواجات، وكالعادة يقدمون الحلول لكل مشكلة، فكان أن أوجدوا لنا مقاعد في قطار آخر يغادر المحطة بعد ساعة ونصف الساعة، وطلبوا منا متابعة لوحة الإعلانات لمعرفة الرصيف الذي ينطلق منه القطار، وكان ذلك يعني أن (نتلطش) في فناء المحطة قرابة 80 دقيقة، وكانت كافة المقاعد المتاحة على أرصفة المحطة محتلة، وفجأة وجدنا أمامنا أحد عمال المحطة يبادرنا بالتحية: السلام عليكم (كذا بالنص وليس هاي أو غيرها من العبارات الإنجليزية)، فرددنا على التحية بأحسن منها.
كان بريطانياً مسلماً من أصل باكستاني وسألنا عن وجهتنا فأبلغناه بها، فطلب منا ركوب عربة كهربائية معه وقال: إنه يعرف القطار الذي سيقلنا، وأوصلنا إلى مقصورة نظيفة، وأجلسنا في مقاعد متجاورة، ولأننا اعتدنا في العالم العربي على أن تكون كل خدمة مقدمة إلينا من قبل آخرين بمقابل أو بقشيش فقد مددت يدي إليه بورقة مالية ولكنه قال لي: (دونت دو ذات براذر) "أي لا تفعل ذلك يا أخ"، فأحسست بالحرج، وبينما نحن جلوس وأمتعتنا في مدخل عربة القطار جاءنا مفتش التذاكر، وقال إن أمتعتنا تسد المدخل على الآخرين، وأن علينا أن ننقلها إلى الطرف الآخر من العربة، وكعربي أفريقي فقد كنت وعائلتي نحمل أمتعة تكفي فريقاً من العلماء يعتزمون الإقامة في القطب الجنوبي طوال ستة أشهر، فقلت للرجل ما معناه إنني لو سحبت تلك الأمتعة عبر عربة القطار فإن عليه أن يستدعي الإسعاف الطائر لنقلي إلى العناية الفائقة، وكان يقف وراءه رجل لم ألتفت إليه كثيراً لأنه لم يكن "صاحب الشأن"، فإذا به يطلب مني في لكنة إنجليزية لندنية أن أحضر عربَتيْ ترولي وأتبعه، ففعلت فنقل معي الأمتعة بالترولي إلى آخر عربة في القطار وأبلغني أنها ستكون في أمان هناك، ثم طلب مني أن استدعي عائلتي من حيث كانت تجلس، وقادنا إلى مقطورة من الدرجة الأولى فنبهته إلى أن تذاكر السفر الخاصة بنا "عادية"، فهمس في أذني بأنه بالنظر إلى كثرة عدد الركاب فقد تقرر تحويل عربة من الدرجة الأولى إلى عربة شعبية، وأن الركاب لن يعلموا بالأمر ما لم تمتلئ عربات القطار الأخرى، ومرة أخرى أدخلت يدي في جيبي ومددت له البقشيش، فإذا به يقول في لسان عربي واضح: "عيب أنا أخوك فلان من الجزائر".
يا سلام.. تقضي المقادير بأن ترتبك خططك للسفر ويقيض الله لك خلال دقائق شخصين لم تلتقِ بهما من قبل فيساعدانك ويتحول تفويت الرحلة الأصلية إلى نعمة، ليس لأننا سافرنا بالدرجة الأولى (أوانطة)، بل لأن هناك شخصين أثبتا لك أن هناك روح محبة وأخوة تسري في جيناتنا فنتكافل ونتعاضد في الغربة.. الله يخلينا لبعضنا البعض.
كان ولدي عائداً الى الدوحة من نيوزيلندا، حيث كان يتلقى تعليمه، وحطت طائرته في مطار سنغافورة بعد رحلة استغرقت تسع ساعات، وكان عليه أن يقضي في المطار عشر ساعات في انتظار طائرة كويتية توصله إلى الكويت ليطير منها إلى الدوحة، فاستأجر غرفة صغيرة في المطار لست ساعات، وقال له موظف حجز غرف المطار إنهم سيوقظونه بعد انتهاء الساعات الست. المهم استيقظ الولد واكتشف أنه نام أكثر من تسع ساعات وأن الطائرة موشكة على الإقلاع، فاندفع نحو بوابة الصعود إلى الطائرة، ولكن مسؤولين أمنيين منعوه بحجة أن باب الطائرة قد أغلق، وبينما هو يجادلهم جاء شخص آخر وسأله بلسان عربي فصيح: أنت سوداني؟ نعم سوداني، واتضح أنه مندوب الخطوط الكويتية، وقاد ولدي إلى مقعد في الدرجة الأولى وهو يقول له: "يا زول لا تشيلك نومة وما تنزل من الطيارة في الكويت".
الجنس على الجنس رحمة فعلا
قبل أن نتكلم عن أهمية الدعوة إلى الله في مدارسنا، فعلينا جميعاً نحن - القادة وأهل الشأن -... اقرأ المزيد
210
| 07 مايو 2024
قصف الطيران، تشتيت اشلاء الناس، هد المباني على ساكنيها، فمنهم من طمرته الانقاض ومنهم من برزت اعضاؤهم خارج... اقرأ المزيد
222
| 07 مايو 2024
يقول القارئ الأشهر في العالم الإسلامي الشيخ «مصطفى إسماعيل» رحمه الله، «القراءة» عايزة مجاوبة «ذواقة»، السميعة هم من... اقرأ المزيد
243
| 07 مايو 2024
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من فيتنام وأمريكا تنقض غزلها، بعد حرب أمريكا على العراق اتضح أن أمريكا ناقضة الغزل، فقد بنت غزلها منذ الحرب العالمية الثانية، فنسجت منظمات الأمم المتحدة وقوانينها الليبرالية، من حقوق الإنسان والديمقراطية وحق التعبير وحق الرأي، وعدم شرعية التعذيب والوصاية على الحقوق المدنية، ومحاربة العنصرية وتجريم جرائم الحرب ووضع التشريعات لمعاقبة الإبادة الجماعية وإنشاء المحاكم الدولية والأممية، وبدا أن أمريكا تهيمن من خلال أعلى المبادئ الإنسانية وثمرة التجربة الإنسانية، فرضخ العالم لهذا القادم الجديد وذي الروح الإنسانية والسلوك الراقي، والعلم الوفير والإدارة الحكيمة والتقدم العلمي والتقني، وقدم للإنسانية المعارف والتقنيات من أجهزة التكييف إلى السيارات والطائرات والفاكس والإنترنت والشبكات الاجتماعية وكذلك الممارسات الحديثة، والمؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة، لكن في حربه على العراق بدون مبرر إلا من مطامع النفوذ والهيمنة الامبراطورية، نقضت أمريكا الغزل فكذبت على الأمم المتحدة من أجل الحصول على إذن لمهاجمة العراق، فلما تم الرفض، نقضت العهود وعزمت على مخالفة أمر الأمم المتحدة والقانون الدولي فكان بداية النقض لما تم نسجه، نقضت العهود أمام العالم ففقدت المصداقية وتتالت تجاوزاتها من قتل للمدنيين والتعذيب في أبو غريب وغوانتانامو بيي وبقرام، واستمرت سلوكيات النقض، حتى جاءت حرب أوكرانيا وتدابيرها في استفزاز روسيا من أجل إدخال الناتو في حرب معها لضمان استمرار أوروبا حليفا وداعما لأمن أمريكا، فقطعت إمدادات الطاقة عن أوروبا وحشّدتها لمواجهة روسيا، فجاء طوفان الأقصى ليقلب كل المعايير والمصفوفة الذهنية التي اعتمدت على النظام العالمي المشيّد والمقبول عالميا، بدّد طوفان الأقصى الصور الذهنية المبنية في المخيلة العالمية، من صورة أجهزة المخابرات الفذة الناجحة والجيوش التي لا تهزم إلى من هم أصحاب النفوذ والهيمنة العالمية، تهاوت الهياكل والبنى من حولنا، فتضاءلت القوى العظمى أمام باب المندب، وتساقطت أصنام الماضي من الموساد وشين بيت وأمان وسي آي أي و د آي أي ومثيلاتها أمام غزة المقاومة، وتفككت السردية الغربية الاستعمارية أمام الواقع وانتشار تقنيات الحاضر، فتهاوت المؤسسات الإعلامية الكبرى من سي إن إن إلى وول ستريت إلى الواشنطن بوست، بدا غزل أمريكا في حالة تناقض تداعت لها المؤسسات وبلغ الأمر ذروته بدخول الجامعات على خط المظاهرات حماية لأسس الغزل حق التعبير وحق التظاهر خاصة في حرم الجامعات، بدت أن أمريكا أصبحت دولة دكتاتورية، وكذلك أوروبا في منع التظاهر، وتحولت المواجهة من وقف لحرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري والحصار على القطاع، إلى موضوع يمس الذات ويمس كل ما هو أمريكي من دفع ضرائب تسرب لإسرائيل وتنعم بها إسرائيل إلى استخدام تلك الأموال في حرب الإبادة، فخرج الأمريكان للتعبير عن رأيهم فتم قمعهم كما تم قمع الشعوب الأوروبية، هنا لم يعد الأمر مجرد حرب إبادة باسم أمريكا والغرب بل هو هجوم على كل ما غزل في الثقافة الأمريكية والأوروبية والغرب والثقافة الغربية، التي كان باسمها شنت حروب وتكونت أحلاف لحماية تلك الثقافة من ديمقراطية وحرية، لقد نقضت أمريكا غزلها، واستحقت ناقضة الغزل أن تكون تلك نهاية عصر الهيمنة الأمريكية والغربية، فلم تعد هناك ثقافة يدافع عنها أو مواقف أخلاقية يمكن البناء عليها، لقد حان الوقت للعالم لإعادة بناء النظام العالمي، فلم تعد أمريكا ولا أوروبا حامية للإرث الإنساني والنظام العالمي، فلا بد من تدخل العالم وشعوب العالم كما نرى أمامنا على الشاشات والشبكات الاجتماعية، هناك قناعة من المجتمعات الغربية أنها لم تعد قادرة على حمل الأمانة ولابد من الشروع في ترتيبات إقامة نظام عالمي يحظى بدعم العالم.
14982
| 02 مايو 2024
بعد ساعات قليلة من نشر بودكاست الحوار مع الإعلامي «فيصل القاسم» وصلت المشاهدات إلى ما يفوق أربعة ملايين مشاهدة، والسبب في اعتقادي ليس لأنّه إعلامي مشهور في قناة كبيرة هيّ قناة «الجزيرة « ملأت الدنيا وشدّت أعين الناس عبر العالم ولا زالت.. وليس لأنّ برنامجه « الاتجاه المعاكس» تربع على قمّة البرامج الحوارية الجريئة والمثيرة للنقاش في العشرين سنة الماضية، وليس لأنّ الرجل كان محل جدل في حواراته وطريقة إدارته لبرنامجه أو قناعاته أو ميولاته واستفزازاته، وإنما السرّ الكبير هو ذلك الاكتشاف الجديد في شخصية الرجل وماضيه وعائلته وطفولته الفقيرة، البائسة والمعدمة، وتجاربه من الجوع والحرمان إلى العمل وفي سن مبكرة في مختلف الحرف والأعمال الصعبة والقاسية. فوراء «فيصل القاسم» الإعلامي الكبير ذلك الطفل الفقير المحروم المقموع، الطفل الضعيف الفقير في القرية المعزولة وما يحيط به من عوّز وحرمان وآفات ومعاناة ومكابدة ومن ظلم اجتماعي واحتقار وعزلة وحيف. اكتشف الجمهور في شخصية «فيصل القاسم» ذلك الطفل الصغير الذي مرّ بتجربة طفولية مؤلمة وقاسية جدا لم تخطر على بال أحد، فصنع نفسه بنفسه من العدم وخرج من حفرة القهر والفقر إلى المغامرة والهجرة وريادة الإعلام والنجاح والبروز والإبداع. لم يتوقع الكثير أن يتحلى «فيصل القاسم» بكل تلك الصراحة والمكاشفة فلم يخجل بضعفه وقلة حال أسرته، ولم يخجل من ماضيه وحجم معاناته قبل أن يصل إلى تلك المراتب والمنزلة الإعلامية الكبيرة.، ثم إلى ذلك المحاور الشرس الصعب والعنيد والمثير للاختلاف والجدل. هيّ ببساطة بعض أسرار التفاعل الكبير للجمهور مع تلك الحلقة المميزة عن مسيرة وحياة الإعلامي «فيصل القاسم».
6240
| 03 مايو 2024
اعتمد المشرع القطري معيار المضاربة كمعيار عام لبيان مدنية العمل أو تجاريته، وهو ما استهله وسلم به في القانون التجاري، وذلك في نص المادة (3) منه، والتي تنص على أن «الأعمال التجارية بصفة عامة هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر. والمضاربة هى تَوَخي الربح بطريقة تداول المعاملات». ومن أوائل من نادى بهذا المعيار الفقيه الفرنسي باردسو وتبعه الأستاذ ليون كان والأستاذ رينو، كما عوّل القضاء في بعضٍ من أحكامه على هذا المعيار للتمييز بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية. ويقصد بالمضاربة بصفة عامة السعي والقصد إلى تحقيق الربح. ووفقًا لهذا المعيار يعد العمل تجاريًا إذا كان التصرف الذي يبتغيه الشخص يهدف إلى تحقيق الربح، أما إذا كان العمل الذي يقوم به الشخص خاليًا من هذا القصد، فلا يعد عملًا تجاريًا. وأبرز مثال لمعيار المضاربة، عملية الشراء من أجل البيع بغية تحقيق الربح، كالأشخاص المضاربين في البورصة وتجار الجملة والتجزئة. ولتوضيح ذلك، فإن فكرة المضاربة تقوم على أساس السبب أو الباعث وراء العمل التجاري، والذي يتمثل في تحقيق الربح؛ وهو ما يضفي الصفة التجارية على العمل، ومعنى ذلك أنه إذا كان السبب أو الباعث هو تحقيق الربح عد العمل تجاريًا، أما إذا كان السبب أو الباعث مدنيًا خاليا منه عد العمل مدنيًا، ومثاله الجمعيات التعاونية؛ إذ تقوم بشراء البضائع لبيعها على أعضائها وغيرهم بسعر التكلفة، وهي بذلك لا تستهدف الربح، إلا إذا خرجت عن هدفها الأساسي وهو ما يحدث في بعض الدول، بأن تحيد عن هدفها وتلهث وراء تحقيق الربح. إلا أن هذا المعيار يشوبه بعض المثالب، فهو واسع من جهة وضيق من جهة أخرى؛ فهو واسع لأنه يبسط نطاقه على أعمال يسبغ عليها المشرع الصفة التجارية على الرغم من أن القانون لا يثبت لها تلك الصفة ويصنفها من الأعمال المدنية، مثل عمل المحاسبين والمحامين والمهندسين والأطباء والمهن الحرة عمومًا؛ حيث يسعون جميعهم من جراء أعمالهم إلى تحقيق الربح، أو بالأحرى الحصول على أجر أو أتعاب، كذلك المزارع الذي يقوم باستئجار الأرض الزراعية ويضارب بين أجرة الأرض وثمن بيع المحاصيل. بناء على ما سبق، إذ طبق هذا المعيار بشكل مطلق لأدخلنا في القانون التجاري أعمالًا مدنية صريحة. بينما يعد هذا المعيار ضيقًا، لأنه يقصر النظر عن أعمالٍ ومن ثم يستبعدها، ولا شك في أنها تجارية، كتحرير الأوراق التجارية، أو التاجر الذي يتعمد الخسارة وذلك من أجل القضاء على منافسيه أو من أجل الدعاية والإعلان، وكذلك التاجر الذي يبيع بضاعته بسعر التكلفة، فجميع ما سبق أعمال لا تهدف إلى تحقيق الربح، وبالتالي تخرج من نطاق الأعمال التجارية، وذلك وفقًا لمعيار المضاربة، على الرغم من أنها أعمال تجارية وفقًا لصريح نصوص القانون. إضافة إلى ما سبق يتعارض هذا المعيار مع المفهوم الحديث للقانون التجاري؛ إذ إنه لا يفسر تجارية أعمال المشروعات الاقتصادية العامة التي تقوم بها الدولة عن طريق شركات المساهمة العامة؛ لأن أغلبها تسعى وراء تحقيق المصلحة العامة، سواء كانت تقصد إلى تحقيق الربح أم لا. ولابد أن ننوه أنه لا يمكن أن نعوّل فقط على معيار المضاربة الذي يقوم على قصد تحقيق الربح؛ حيث إنه يعد أمرًا نفسيًا يصعب تبينه. ولذا؛ بدأ الاتجاه الحديث يعول على مجرد توفر النية في الربح ولو لم يتحقق فعلاً، ولكن ما زالت الإشكالية في معرفة القصد من العمل، وعليه من الممكن أن يبين ذلك من خلال الكمية المشتراة، أو مدى توفر وصف التاجر من عدمه، افتتاحه محلاً تجاريا، إلى غير ذلك مما تساعد على وضوح القصد من العمل. ختامًا، لا يمكن أن ينفرد معيار المضاربة كضابط للتفرقة بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية، وذلك لما يحتويه من مثالب. ومع ذلك يجب أن نبين أن هذا المعيار يمثل جزءًا من الحقيقة؛ لأن العمل التجاري يقوم على فكرة تحقيق الربح، «فإذا لم تكن المضاربة وحدها ضابطًا للعمل التجاري، فما من شك في أنها أحد عناصره الجوهرية».
2046
| 03 مايو 2024