رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
على مر التاريخ مرّت أمتنا بالكثير من العواصف والمحن، وتتكرر مشاهد مآسي تفرقها وتشتتها؛ بتكالب أعدائها عليها وانسياقها خلفهم؛ وتبعيتها لمن يمتهن في إهانتها وذلها غلاً وكراهية لمن كان لتاريخهم من أمجاد وعزة، سادت على الأمم وقهرت كفارها وعبدة صلبانها، ونشرت العدل والأمان والسلام في كافة الأراضي الشاسعة التي فتحوها بنور الإسلام وسماحته.
من أبرز صفحات التاريخ الإسلامي التي شهدت فرقة وتشتت المسلمين تلك التي حدثت في عهد دولة الأندلس، عندما كان يحكمها ملوك الطوائف الذين مهدوا لزوال ملكهم وطي صفحات فتوحات ظلت لقرون، ونشرت حضارة وعلماً ما زال أثره باقيا حتى وقتنا الحاضر، من ضمن من كانوا شاهدين على اضمحلال مجد الأندلس العالم الفقيه الأندلسي أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي القرطبي، أكبر علماء الإسلام تصنيفاً وتأليفاً بعد الطبري، متكلم وأديب وشاعر ونسّابة، وعالم برجال الحديث، وناقد محلل، ووصفه البعض بالفيلسوف، كما كان من أوائل من قال بكروية الأرض، وكان وزيرا سياسيا لبني أمية، سلك طريق نبذ التقليد وتحرير الأتباع، وشهد له شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "مجموع الفتاوى" بأن "له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر، ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال والمعرفة بالأحوال، والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة ما لا يجتمع مثله لغيره"، كما نعته الذهبي بأوصاف عديدة من بينها أنه "الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، الفقيه، الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير، كان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن، وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والمِلل والنّحل ن والعربية والآداب والمنطق والشعر".
يستهزئ ابن حزم بأمراء الطوائف المتصارعين على شرعية وهمية، فيتحدث – حسب الذهبي في "السِّير" - عن فضيحة وجود أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يسمون "أمير المؤمنين" في وقت واحد، فهذه أخلوقة لم يُسمع بمثلها! ثم يعلن لنا يأسه القاطع من صلاح هؤلاء الانتهازيين المتغلبين على أمور المسلمين فيقول: "والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها، فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حُرُم المسلمين وأبنائهم ورجالهم يحملونهم أسارى إلى بلادهم، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعا فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس، لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفاً من سيوفه.
وفي إحدى رسائله يخاطب ابن حزم مستمعيه قائلاً: "فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم الناصرون لهم على فسقهم"، ثم يحرضهم على مقاطعة الفريقين ومقاومتهم، مشدداً على أن المخلص لهم من هذه الفتنة الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميعهم، ويقول: "فمن عجز منا عن ذلك رجوت أن تكون التقية تسعة، وما أدري كيف هذا؟ فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غلبوا عن اصلاح الأحوال"، ويعزو ابن حزم سبب انكفائه على العلم ومجابهة السياسة بقوله عن انحلال الدولة الأموية: فهذا أمر امتحنا به نسأل الله السلامة، وهي فتنة سوء أهلكت الأديان – إلا من وقى الله تعالى – من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب، وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن - في شيء من أندلسنا- محارِبٌ لله ورسوله وساعٍ في الأرض بفساد، للذي ترونه عيانًا من شنهم الغارات على أموال المسلمين، ضاربين للمكوس والجزية على رقاب المسلمين، مسلطين لليهود على قوارع طرق المسلمين في أخذ الجزية والضريبة من أهل الإسلام!.
وكأن ابن حزم في وصفه لملوك الطوائف يصف أحوال المسلمين في عصرنا الحالي البئيس، وبالأخص عندما نرى تهافت بعض دولنا العربية والإسلامية على التطبيع المجاني مع كيان اغتصب أراضينا ومقدساتنا، وما زالت مشاريعه التوسعيه "قائمة وتتمدد"، بفضل خيانة وخنوع بعض العرب والمسلمين وموالاتهم للغرب الداعم للكيان الصهيوني.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تحظ بودكاست عربية - على ما أعتقد - في الآونة الأخيرة، بالاهتمام والثقة والمتابعة كما حصل لبودكاست فيصل القاسم. كان الكل ينتظرها منذ الإعلان عنها على منصات أثير، لكن ربما لم يعتقد كثير - كحالي - أنها ستكون بهذه المُتعة، وبهذه الصراحة، والمكاشفة والشفافية. لم يكن الزميل فيصل بحاجة إلى أن يجلس على كرسي اعتراف، فقد أدلى بكل ما لديه وعلى سجيته، وكأنه ليس فيصل القاسم الذي عرفناه، وظننا أنه بحاجة إلى محاور شرس كشراسة حواراته، ليستخرج منه ما تكنه الصدور، وتخفيه، ولكنه آثر بنفسه على أن يلقي بلآلئه في أحراج المشاهدين والمستمعين، مما زاده بذلك محبة الناس، وثقتهم به، وبما قاله، وبما يقوله، وسيقوله ربما، إن كان حديثه بهذه الصراحة والشفافية، متحدثاً عن نفسه المهزوزة أمام رفاقه، أو أمام أساتذته وأهل قريته، فكيف ستكون أحاديثه عن غيره، بالتأكيد ستكون أشد صدقاً.. لا تحقرن شخصيتك، ولا تتكلف في حياتك وعملك وقولك، كُن أنت، ولا تخجل من الصورة التي أرادها الله لك. حينها فقط سيستمتع الآخرون بما تقوله، ما دام نابعاً من قلب صادق، لا يعرف التلوّن والتصنع، ولعل في هذه البودكاست رسالة تدحض كل من يسعى إلى تقليد الآخرين أملاً في جذب الناس واستمالتهم، فشخصيتك الحقيقية هي ما يريده الآخرون، وما يريدون أن يسمعوه منك، إنهم يريدون الأصل لا النسخة. حين نزلت الحلقة ورأيت أن مدتها ثلاث ساعات، ظننت للوهلة الأولى أنها ستكون طويلة ومملة، على الرغم من زمالتي للدكتور العزيز، ومعرفتي به، فقد أتت دليلاً إضافياً على صدق النظرية النسبية وصحتها، وحين بدأت بمشاهدتها لم أتمالك أن أدعها لثانية حتى أتيت عليها كاملة في جلسة واحدة، وقد حصل هذا للكثيرين كما سمعت، وربما للغالبية، خصوصاً السوريين منهم، حيث رأى كل واحد فيهم أنه إنما يروي قصته وحكايته، ومعاناته. فينتقم لهم جميعاً، بكل حركة وسكنة وحرف ينطق به. يسرد قصة وطن ظلم أبناءه، طردهم، نبذهم من مدارسه ومصانعه ومؤسساته، ليذهبوا بعيداً إلى أوروبا وأمريكا وغيرها، ليكونوا شامة في جبين الدهر. كل ما رواه الزميل كان يحرص من خلاله - كما عبر في البودكاست غير مرة - أن يكون قصة ملهمة للشباب والأجيال، فالفقر والحاجة والفاقة، والظروف الاجتماعية الصعبة ليست حواجز أمامكم أيها الشباب، فإن جار عليكم المعلم، أو الحي، أو الساحة التي انتقم منها شباب السويداء لعيون فيصل، فإن الإصرار والمثابرة، واقتناص الفرص، كحاله في التوجه إلى بي بي سي ثم أم بي سي، وبعدهما إلى الجزيرة، هو الأهم في حياة الشباب، مع التأكيد على أهمية العلاقات العامة، يوم أخذه صديقه إلى حفلة البي بي سي، ففتحت له دنيا الإعلام أبوابها. هي نفسها العلاقات العامة التي قال عنها يوماً بيل جيتس لو كان معي عشرة دولارات، لأكلت بواحد وأنفقت تسعة منها على العلاقات العامة. الرسالة التي استوقفتني كثيراً، وأحزنتني جداً بعيداً عن الرسائل الكثيرة لحياة الفقر والمكابدة، قضية خروجه من سوريا، ولا يتقن قواعد اللغة العربية، ليتقنها على كتاب إنجليزي يُعلم اللغة العربية، وقواعدها للجمهور الإنجليزي.. فينكب صاحبنا على الكتاب لأسابيع، ثم يتمكن من اجتياز امتحان القبول في البي بي سي، وهي الجائزة الكبرى التي لطالما كان يحلم بها، كما قال، بل كان حلمه لا يتعدى أن يكون مذيعاً في نشرة جوية، ليتربع بعدها ربما على أهم برنامج توك شو عربي، إنه الإصرار، ومن هذه القصة نخلص إلى أمرين مهمين، الأول: مدى صعوبة وعدم مواءمة تعليم قواعد النحو العربي لطلبة المدارس والجامعات في بلادنا، إذ صاغوه بأسلوب ينفر منه أبناؤه، والأشد أسفاً أن يكون سهلاً حين يكتبه الأعاجم، إذن المشكلة في الأسلوب وطرق التوصيل، والله القائل: (ولقد وصلنا لهم القول)، ينكب الدكتور على كتاب القواعد باللغة الإنجليزية، ليجتاز امتحانه بعد أسابيع، وينضم إلى البي بي سي، كمنتج. هي رسالة إذن، بقدر ما إن النحو سهلٌ، حتى يمكن تعلمه عبر لغة غير عربية، بقدر ما هو صعب حين يعدُّه أساتذة النحو المعاصرون بأساليب لا تستهوي الطلبة، مما يترتب على واضعي المناهج مسؤولية كبيرة في تطوير الأسلوب، بما يسهل على الطلبة تعلمه. اللمسات الإنسانية التي أشار إليها الزميل العزيز لرفاقه وأساتذته وقريته والأماكن التي كان يرتادها، كلها عكست فيصل القاسم الشخص الآخر، الذي لطالما أحب ورغب كل من يتابعه أن يتعرف عليه، ولكن في النهاية الانتقام الحقيقي لكل شباب سوريا من هذا الواقع المرير، ليس بالانتقام من المكان الذي صنعه أشخاص، ورجال، إنما يكمن بالعلم والثقافة، ويكمن في تحدي هذه الظروف الصعبة، فنظرية التحدي عند توينبي يمكن أن تكون أصدق ما تكون في الواقع السوري. سينتقم السوريون من ساحة السويداء التي فعلت ما فعلت بالقاسم، لكن بشكل آخر، فالساحة جامدة لا ذنب لها، إنما المشكلة فيمن أوجد تلك الظروف الصعبة، فحوّلت ساحة السويداء، ومن قبلها تدمر، وحماة وغيرها إلى وطن كبير بحجم سوريا، قهر وظلم وقتل وتشريد، ولكن الله غالب كما يقول إخواننا في المغرب.
12135
| 23 أبريل 2024
الكل يشتكي من القرص؟؟ حتّى أصبح حديث المجتمع!! بل قد يعتذر البعض عن التزامات ضرورية نظرا لانتفاخات تسببت في التهابات جسيمة وأخذ مضادات حيّوية!! منذ متى والمجتمع يشتكي بهذه الصورة؟ ولماذا استشرت ظاهرة انتشار البعوض لدينا فجأة؟ وما أو من الذي نقله إلى بلاد ليست بزراعية ولا فيها أنهار ولا مستنقعات؟ قد يقول قائل إنه انتشر بعد معرض إكسبو للبستنة! أو بسبب مستنقع معيّن! ولكن انتشاره بهذه الكثافة ليس في قطر فحسب بل في معظم دول الخليج؟ قد سمعتم عن البعوض المطوّر والمعدّل جينيا.. لن ننساق وراء نظريّة المؤامرة ولكن هل يجوز للعالم المتطور الذي يجري بحوثه لتعديل البعوض وراثيا أن يعرّض البشر لمخاطر أخرى مضاعفة من نشره وقرصه ومرضه وتداعيات تطوراته وطفراته بموجب تجارب يبدو أننا بدأنا نخضع لنشرها في دولنا والدول الأفريقية دون علمنا وإرادتنا؟ يزعم من يطبق التجارب أنها طبقت أيضا في مناطقهم، ولكن ما نراه في دول الخليج في الآونة الأخيرة لا نراه في الدول التي رعت هذه التجارب، وزيارة واحدة لدول المصنّعين تكفي للحكم. ومن ثمّ لماذا تتزعم منظمة الصحة العالمية كل بلاء ووباء تحت غطاء إجراء البحوث صحّت أم لم تصحّ؟ وقد تتساءلون وما شأن منظمة الصحة؟ الإجابة أجابتها رويترز لا نحن.. فالمنظمة شجعت على الابتكار من أجل مكافحة زيكا، وهو فيروس ينتشر في الأمريكتين وينتقل من بعوض من جنس الزاعجة المصرية «إيديس إيجبتاي». نثمن للمنظمة دورها الصحي، فالابتكار وإيجاد الحلّ الوقائي أو العلاجي الناجع مهمّ جدّا، خصوصا وأن هذه الفيروسات الفتّاكة مميتة وتكافح باللقاحات المعروفة منذ سنين طويلة. ولكن في السنوات الأخيرة نصحت المنظّمة بالتفكير في أساليب مبتكرة، جاء منها إطلاق بكتيريا لوقف فقس بيض البعوض لمكافحة حمّى الضنك، وهو أهونها، ثمّ جاء الابتكار الأدهى وهو التدخل في الجينات بإطلاق بعوض معدل وراثيا وذكور عقيمة بتقنيات معالجة بالإشعاع كالأسلوب الكيميائي العلاجي الذي استخدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمكافحة الآفات الحشرية في قطاع الزراعة. نعم إشعاع!! من إنتاج الوكالة الدولية للطاقة الذرّية التابعة للأمم المتحدة.... دهى الله الأمم المتحدة ومنظماتها بداهية أكبر مما دهتنا به في حياتنا الإنسانيّة حربا وسلما! وللتدخل الجيني وإقناع العالم لا بد من حملة ضخمة فصرحت المنظمة بأن بعوض الزاعجة المصرية «خطر انتهازي شديد» لارتباطه بتزايد حالات صغر حجم رأس لدى المواليد المعروف بـ (الصعل) ومتلازمة (جيلان-باريه) العصبية وأمراض الحمّى الصفراء والضنك والتشيكونجونيا. وأضافت: «إنه إذا ثبتت هذه العلاقة فستكون العواقب الإنسانية والاجتماعية على أكثر من 30 دولة رصدت بها حالات زيكا مدمرة». انظروا إلى الجملة الشرطية والجواب الشرطي هنا هو في اللغة امتناع لامتناع... وليس امتناع لوجوب ولتسهيل الجملة لكم أي لم يحدث وإنما هو افتراض فـ (إذا ثبتت)... ستكون عواقبه.. إلخ؟؟؟؟ ولأنّه لم يثبت... لا بد من منهجيّة الدعاية الترويعيّة للبشر، حتّى يتمّ تعميم التطبيق على البعوض وهو حشرات طائرة لا يمكن احتواؤها في بيئة واحدة مغلقة أي قد تعمّ العالم كلّه بعد أن كانت محدودة في بيئاتها. فجاءت التجارب تباعا، فكانت خطوة رئيسة في مشروع مكافحة الملاريا الممول من مؤسسة بيل وميليندا غيتس. وما أدراك ما مشروعه؟ خصوصا وأننا جرّبنا مشاريعه في جائحة كورونا وغيرها مما ألجمت الأفواه عنه. كما تولّت شركة أوكسيتيك الفرع البريطاني لأنتريسكون الأمريكية للبيولوجيا التخليقية إنتاج سلالة تم تحويرها وراثيا لتهلك ذكور «أيديس إيجبتاي» قبل وقت التكاثر. ومنذ سنوات أعلنت الولايات المتحدة إطلاق أكثر من 2 مليار ذكر بعوض معدّل وراثياً في كاليفورنيا، وفي فلوريدا تم إطلاق 750 مليوناً منه بهدف تقليل اللادغ الناقل للأمراض. في هذا الصدد أيضا، إذا ثبت النجاح فسيجري إطلاق البعوض المعدّل في قرى أفريقية منكوبة بالملاريا. أعان الله أفريقيا على ناشري الأمراض فيها منذ الأزل؟ الشركات المعنية بالمشروع تقول إنه لن تكون هناك مخاطر على الإنسان أو البيئة!! كيف وتجربة مدينة تيرني في إيطاليا تفنّد أقوالهم؟ فتم فيها إطلاق بعوض لنشر طفرة جينية قاتلة لأبناء جنسه ليس عشوائيا بل في مختبر مغلق عالي الأمان بُني خصيصا لتقييمها في أقرب بيئة طبيعية لضمان عدم انتشاره والمخاطرة بالبيئة. منظّمة الصحّة أوصت بإجراء المزيد من التجارب الميدانية لهذه التقنية بعد تحقيق نتائج ناجحة. أين النتائج؟ وإذا سلّمنا أن معظم التجارب الغربية مدعومة حكوميا! فأي ثقة لدينا في الحكومات الغربية ومستثمري اللقاحات ومموليها وهي وهم شركاء في تلويث الكون لتحقيق الربحيّة؟ ولكي نحسن تحليل القضية بمنطقيّة يجب ألا نغفل أمرين: الأول: الموقف الشعبي الغربي حيث اعترضت جماعات البيئة من التعديل الوراثي للبعوض وحذّرت من عواقب غير مقصودة يمكنها تدمير البيئة والإنسان، تلك الوقفة التي أدّت إلى تعطيل المشروع وأخذه سنوات من النقاش. الثاني: ما هو معروف سياسيّا حيث تأتي النواقل المُعدّلة وراثياً أسلحة بيولوجيّة عابرة للحدود، وفيروس كورونا لا يزال أحد اتهامات الحرب البيولوجيّة بين أمريكا والصين. هذا والغرب قد استخدم هذه الأسلحة في الحروب فنشر أوبئة كالطاعون والجدري والكوليرا والجمرة الخبيثة وهي موثقة تاريخيا. وما زالت الاتهامات قائمة على أمريكا من روسيا حول معاملها البيولوجية في أوكرانيا كآلية لنشر أمراض في دول بعينها وانتشارها في العالم. الشعوب الغربية استنكرت سكوت الاتحاد الأوروبي على المستوى الرسمي عن معامل الأخيرة في أوكرانيا وصدح به النشطاء الغربيون، فهل نسكت نحن؟ ولنفكّر قليلا... أين وصل البعوض القارص؟ وما نوع المنتشر بيننا الآن وابتلينا به دون أن تؤثر فيه أكبر المبيدات ولا حتّى الأجهزة الفائقة التطور التي تمّ الترويج لها في قطر فاشتريناها بثمن باهظ ووضعناها في فناء منازلنا دون جدوى بل أثبتت فشلها.. فهل البعوض المنتشر المقاوم هو المعدّل وراثيا وجينيا؟ وكيف يدّعي المجرّبون أن التجارب على البعوض نجحت في تقليله ونحن نشهد ولأول مرّة في بلدنا انتشاره الكبير مع زيادة تداعياته على الصحّة بطفرة لم نشهدها في قطر من قبل والتي تجاوزت الحساسيّة إلى أعراض تستدعي لزوم المستشفى؟ فلم انتشرت طفرته وأمراضه التي لم تكن من قبل؟ وما ومن وراء هذا النشر وليس الانتشار في دول مدنيّة غنيّة ليست مائية أو زراعية؟ وما دور وزارة البيئة في قطر ومراكز البحوث البيئيّة؟ أين علماؤنا من هذه الظاهرة؟ وأين مراكز بحوثنا من البحوث المعمليّة البيئيّة والصحيّة على أنواع البعوض المنتشر طفرته، حجمه، لونه، مقاومته للمبيدات؟ والأعراض والأمراض الجديدة التي بدأ ينشرها؟ فهل شعوبهم واعون وباحثوهم مسخرون… وشعوبنا وباحثونا نائمون في العسل؟
10827
| 24 أبريل 2024
بالأمس القريب احتفل العالم بيوم الأرض والذي يوافق 22 أبريل من كل عام. فعن أي يوم تحتفلون به؟! وعن أي قيم تنادون بها في يوم الأرض؟!. وعن أي رسائل تريدون إيصالها للعالم في هذا اليوم؟!. والأرض كلها تشتكي منكم ومن اعتدائكم عليها وكثرة الإفساد فيها وتشويه صورتها الجميلة التي خلقها الله تعالى عليها. أو ليس من الإحسان أن يحافظ على الأرض الإنسان الذي يعيش عليها؟!. «إن الله كتب الإحسان على كلِّ شيء..». فشريعتنا الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان علّمتنا كيف نتعامل مع هذه الأرض والحفاظ على مواردها وخيراتها وبيئتها ومناخها ومباهجها وأناقتها وعمارتها فائق التعامل، بل وسبقت هذه الشريعة الجميلة من كل الوجوه القوانين والتشريعات الوضعية المتغيرة في الحفاظ على هذه الأرض، وكيف يكون تعامل الإنسان معها، ومن يقرأ فصول مباهج الأرض يأتي على كل هذه المعاني في مساحاتها ومشاهدها. فما أجمل هذا الإحسان في شريعتنا!. قال الله تعالى ((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا))، قال الإمام ابن العربي رحمه الله «قال بعض علماء الشافعية: الاستعمار طلب العمارة، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب». وما إعمار الأرض واستثمار خيراتها فيما يرضي الله تعالى وما يعود على الإنسان من نفع دنيوي وأخروي، ما هو إلا مقصد من مقاصد هذه الشريعة الكبرى!. وإنها لأمانة!. وهنا نأتي على تذكير في يوم الأرض... هناك أرض جميلة في غاية الجمال والروعة تم تشويه صورتها واغتصابها ومحاصرتها من جميع الاتجاهات، وتدمير بنيتها وتلويث بيئتها ومواردها الطبيعية، وإهلاك الحرث والنسل فيها، وتوسع سرطاني في أرض أصحابها، أهل الحق عليها، لحساب من ليس له أرض التائه الضائع المشتت في الأرض، ولا أحد يقدر أن يفك هذا الحصار والظلم الجائر الواقع- من أدعياء يوم الأرض - على هذه الأرض منذ عشرات السنين، إنها أرض غزة الصابرة الصامدة المجاهدة ضد عدو غاشم غادر متغطرس - يسانده ويدعمه أدعياء من يحتفل بيوم الأرض - على أرض غزة، بل وعلى كل أرض فلسطين المباركة. ثم يأتي القوم ويحتفلون بيوم الأرض!. مسكينة أيتها الأرض! «ومضة» «كلُّ الناس يغدو».. هناك من يغدو لإفساد وإتلاف الأرض، وهناك من يغدو لإصلاح وعمارة الأرض، وثمة فرق بين هذا وذاك!.
3039
| 25 أبريل 2024