رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

3434

جابر محمد المري

كرات الحياة

12 يناير 2021 , 01:00ص

من بديع ما قرأته في فن إدارة الحياة ذلك الخطاب الذي ألقاه رئيس تنفيذي لإحدى الشركات والذي لم يأخذ منه أكثر من دقيقتين؛ قال فيه: تخيّل الحياة لعبة من 5 كرات تتلاعب بها في الهواء محاولاً ألا تقع!. هذه الكرات جميعها زجاجية عدا إحداها فهي مطاطية، الكرات الخمس هي: العمل، العائلة، الصحة، الأصدقاء، الروح، ولن يطول بك الحال قبل أن تدرك أن (العمل) ما هو إلا كرة المطاط فكلما وقعت قفزت مرة أخرى، بينما الكرات الأربع مصنوعة من «زجاج» إذا سقطت إحداها، فلن تعود إلى سابق عهدها وستصبح إما معطوبة أو مجروحة أو مشروحة أو حتى متناثرة!.

عليك أن تعي ذلك وأن تُجاهد في سبيله، أَدِرْ عملك بكفاءة خلال ساعات العمل واخرجْ وقت الانصراف لتكون مطمئناً بإخلاصك، وأعطِ الوقت اللازم لعائلتك وأهلك وصلة رحمك وأصدقائك، وخذ قسطاً مناسباً من الراحة واهتم بصحتك، فإن ذهبت إحدى هذه الكرات فمن الصعب أن ترجع كما كانت! انتهى كلامه.

أعطى الكثير منّا جُلّ وقته لعمله وأصبح هو شغله الشاغل ظناّ منه أنه هو خارطة مستقبله وطريقه الوحيد نحو تحقيق أهدافه التي يرسم لها ويتوق للوصول إليها بأسرع من لمح البصر، وظلّ يركض خلف هذه الطموحات وكلّما حقق هدفاً وطموحاً فورا بدأ لما يليه من مراحل لتحقيق الطموحات الأخرى، ومضت السنون تلو السنين وكَبُرَ الأبناء الذين لم يعرفهم جيداً لانشغاله في ملاحقة طموحاته وآماله، ولأنه كان قد أوكل هذه المهمة الصعبة للزوجة ومن يعاونها من خدم ظناً منه أن الأهم لديه هو تأمين احتياجاتهم المعيشية والكمالية أما الروحية فهي غائبة مذ كان الأبناء صغاراً.

ولأن الساعات الطوال التي كان يمضيها في العمل منهكة فإنه أهمل أيضاً صحته من أجل مصلحة العمل في المؤسسة أو الشركة أو الوزارة، وأدرك أيضاً بعد هذه السنوات الطويلة التي أمضاها منشغلاً في عمله بأنه أهمل دوره الاجتماعي فلم يكن يتواصل مع والديه ويزورهما إلا في الشهر مرتين وأحياناً قد تصل إلى مرة إذا تطلب الأمر أن يسافر في مهمة رسمية، وكذلك الحال مع الإخوة والأعمام والأخوال والأصدقاء الذين يتحجّج لنفسه في التقليل من زيارتهم بأن من هم أحق منهم بالكاد يراهما ويطمئن عليهما يقصد والديه!.

ليتفاجأ بعد ذلك بأنه وصل إلى مرحلة التقاعد ونسته مؤسسته أو شركته أو وزارته بمجرد وصوله إلى هذا العمر المتقدّم، ويكتشف بأنه لم يكن إلا أشبه بماكينة أو روبوتاً في مصنع احتاج مالكوه أن يُجدّدوا كل ما فيه من آلات وأجهزة ومعدات، فتذكّر بأنه ضحى بصحته وعائلته وصلة رحمه وأنه فقد والديه الذين لم يكن باراً بهما لقلة زيارته لهما وكُبر الأبناء الذين أحسّ بأنه يعيش معهم كغريب لأنه لم يعش معهم كأب طبيعي يتلمس بأن التلاقي الروحي والتواصل الجسدي والنفسي هو جوهر الحياة الأسرية!.

عندها بدأ يطرح على نفسه التساؤلات؛ كل هذا من أجل ماذا؟ من أجل منصب أو مال أو جاه؟ من أجل أن يُقال لي صاحب السعادة أو سعادة السفير أو سعادة الرئيس التنفيذي، وما هي النتيجة؟.

يُجيب: النتيجة باختصار أنني أضعت عمري وأنا ألعب بالكرة المطاطة وكسرت كرات أجمل ما أملك في هذه الحياة.

فاصلة أخيرة

يقول ابن القيم: أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها، وأنفع لها في معادها.

[email protected]

اقرأ المزيد

alsharq المرأة حين تخوض الحرب

(1) في العشرين من الشهر الثاني لعام 1910، وفي قلب العاصمة المكسيكية، تعلن الانتخابات الرئاسية في بلد مثقل... اقرأ المزيد

141

| 29 أبريل 2024

alsharq المتصهينون.. ومظاهرات أمريكا !

حتى والمظاهرات تنطلق من رحاب واحدة من أرقى وأعرق جامعات العالم وجدنا من المتصهينين العرب من يشكك بها... اقرأ المزيد

201

| 29 أبريل 2024

alsharq اللعب مع الكبار.. مقومات وفنيات

لابد وأن يكون لأي طموح إستراتيجي لأي دولة من دول «الهامش» الدولي، أبعد من الارتباط بروسيا أو الولايات... اقرأ المزيد

105

| 29 أبريل 2024

مساحة إعلانية