رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

2186

جابر محمد المري

التأمين الصحي وكوبونات التعليم

26 يناير 2021 , 01:00ص

لضمان تحقيق الرفاه والعيش الكريم لمواطنيها والمقيمين على أرضها الطيبة تولي دولة قطر اهتمامها الكبير بقطاعي التعليم والصحة إلى جانب القطاعات الأساسية الأخرى، وتصرف من أجلهما الميزانيات الضخمة من أجل توفير بيئة صحية وتعليمية على قدر من الكفاءة والتميز، وللوصول إلى هدفها الرئيسي في خلق جيل صحي متعلم وواعٍ وطموح، وهذه الجهود لا يجحدها أي مواطن ومقيم مهما بلغ مبلغه من الانتقاد وعدم الرضا على تفاصيل دقيقة تتمحور حول هذه الخدمات التي تقدمها مجاناً أو شبه المجان في مؤسساتها الصحية والتعليمية الحكومية.

ولأننا نعيش في دولة الرفاه والخير فنجد الكثير من المواطنين والمقيمين يحرصون على أن يتلقّوا هم وأبنائهم خدمات صحية في المستشفيات والعيادات الخاصة لقناعتهم بأنها تقدم خدمات أفضل وأسرع، والأمر نفسه ينطبق على التعليم فنجدهم يحرصون على تعليم أبنائهم في أفضل المدارس الخاصة لقناعتهم أيضاً بأنها تقدم تعليماً محترفاً وأجود من المدارس الحكومية، وسأتطرق للمواطن الذي تخضع هذه الخدمات بحسب ظروف وطبيعة عمله، فإن كان ممن يحظون بامتيازات وظيفية كالتأمين الصحي وبدل التعليم "سقف مفتوح" فهو ممن تَرِبت أيديهم ونالوا الحظّين، أما إن كان ممن لا نصيب لهم في التأمين الصحي وبدل التعليم واعتمادهم على الله ثم كوبونات التعليم التي تصرفها وزارة التعليم والتعليم العالي بحد أقصى لا يتعدى قيمة 28 ألف ريال ويحتاج إلى مراجعة أطباء خاصين لحالات مرضية تستدعي ذهابه إلى العيادات الخاصة فكان الله في عونهم!

يحدثني أحد الأصدقاء وهو مواطن بأنه أصيب بوعكة صحية لم يستطع المستشفى الحكومي كشف علّته المرضية، ونصحه أهل الخبرة بالذهاب إلى طبيب متخصص في معالجة هذا المرض وكان يعمل في عيادة خاصة، يقول هذا الصديق: على الفور توجهت لهذه العيادة ودفعت قيمة فتح الملف وكان بجانبي مقيم يحمل معه بطاقة تأمين صحي ويبدو أنه يعمل في إحدى الشركات أو الجهات الخاصة ولم أره يدفع ريالاً واحداً، وبالصدفة كان دوره بعدي عند نفس الطبيب، دخلت على الطبيب وشكوت له علّتي فقام على الفور بوضع جهاز المسح الضوئي على منطقة البطن ومن ثم طلب مني أن أعمل عدداً من التحاليل، وبالفعل قمت بإجرائها بشكل سريع واهتمام ملحوظ من قبل الممرضين والأخصائيين، وعند الانتهاء توجهت للاستقبال لأدفع التكاليف ليخبرني بأن المبلغ 3 آلاف ريال، وبالصدفة أيضاً جاء نفس المقيم الذي لاحظت بأنه خضع لنفس الإجراءات التي مررت بها من تصوير وتحاليل ولم أره يدفع درهماً واحداً، من باب الفضول سألت موظف الاستقبال لو كان هذا المقيم لا يملك تأميناً صحياً هل سيدفع نفس المبلغ الذي دفعته؟! قال لي: نعم، كان سيدفع نفس المبلغ، ولكنه لو كان لا يملك تأميناً لما أتى إلى هنا!

يخبرني هذا المواطن قصته وينتابه حزن وتنهيدة فيها من الأسى ما فيها وهو يقول: نحن لا نعترض على أوضاع غيرنا من مواطنين أو مقيمين بل نتمنى لهم الخير والسعادة، ولكن لماذا نُحرم من هذه الامتيازات ونحن مواطنون ولنا حق على الدولة ودولتنا هي دولة الرفاه والخير؟ وهل في اختلاف الامتيازات من جهة عمل لأخرى فيه عدل ومساواة بيننا كمواطنين ومقيمين؟! ولماذا نسمع منذ سنوات بأن الدولة ستُعيد لنا التأمين الصحي ثم لا تلبث إلا أن تصبح أحلاماً في مهب الريح؟! من حقنا كمواطنين أن نشعر بمقومات دولة الرفاه من خلال حصولنا على الامتيازات التي نستحقها، لاسيما إن كانت تتعلق بأهم مقومات بناء الإنسان وهي الصحة والتعليم مع تقديرنا لمن سيقول: "فليكن سقفكم معقولاً ولتذهبوا أنتم وأبناؤكم للعلاج في المستشفيات الحكومية ولتعلموا أبناءكم في المدارس والجامعات الحكومية، ومن يتشدق بهذا الكلام هو نفسه ومن على شاكلته يملك تأميناً صحياً له ولأبنائه وبدل تعليم "سقفه مفتوح"، ولن يجرؤ على تسجيلهم في المدارس والجامعات الحكومية!

وعلى ذكر بدل التعليم؛ قُدّر للمواطن أن يقع فريسة جشع المدارس الخاصة مع فرضها كل عام زيادة لا "سقف" لها وبقاء كوبونات التعليم على وضعها منذ سنوات، وهي ألا تتجاوز قيمة الـ 28 ألف ريال، وما زاد فمن قوت وراتب المواطن المسكين الذي أنهكته المصاريف التي يصرفها على أبنائه لتزيد زيادة الرسوم الدراسة همه هماً، وطبعاً كل ذلك ووزارة التعليم والتعليم العالي الجهة المسؤولة عن هذه المدارس تقف مكتوفة الأيدي، فلا هي التي فرضت عدم قيام هذه المدارس بزيادة الرسوم، ولا هي التي زادت من قيمة كوبونات التعليم التي تمنحها للمواطن حتى تغطي تكاليف الرسوم كلها، لتجعل المواطن المسكين يواجه هذه الأزمة لوحده دون أي تدخل منها لإيقاف هذا الأمر!

فاصلة أخيرة

جهة رائدة وعملاقة في التعليم أياديها بيضاء وتوفّر المنح والدراسة بالمجان للآلاف من غير المواطنين بجامعاتها ومدارسها وتشجع على جودة التعليم ورفعته، وجهة أخرى تحمل نفس التخصص تُعيق جودة التعليم، ولا تشجع على الالتحاق بالمدارس والجامعات الخاصة والمميزة، هل هذا اختلاف توجّه أم اختلاف ثقافات وتخبّط؟!

[email protected]

مساحة إعلانية