رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أيقظ اكتساح الكابيتول يوم 6 يناير 2021 أشباحا نائمة نومة أهل الكهف: أشباح الأعراق العديدة والمتباينة التي تتشكل منها (الأمة الأمريكية) حين عنونت (الواشنطن بوست) أحد تحليلاتها بـ (من الولايات إلى القبائل) FROM .STATES TO TRIBES
هذه العبارة ليست من عندي ولا من عند الواشنطن بوست بل قرأتها في بداية التسعينات في مقال لعالم الألسنيات والحضارة الأمريكي الشهير (ناحوم شومسكي) مترجما للفرنسية في مجلة (لكسبريس) الباريسية التي أسسها في الستينات أحد أشهر المفكرين الفرنسيين (جون جاك سرفان شرايبر) صاحب الكتاب الأكثر مبيعا آنذاك بعنوان (التحدي الأمريكي (LE DEFI AMERICAIN)، وأتذكر أن هذين العالمين بالشؤون الأمريكية وهما أستاذاي في الفكر الحضاري كانا متفقين على أن الولايات المتحدة بالرغم من هيمنتها السياسية والثقافية والعسكرية والاستراتيجية على القارات الخمس، فإنها تبقى جديرة بأن تسمى (القبائل الأمريكية المتحدة)، وبصراحة أعجبت آنذاك بالمصطلح، لأني كنت أعتقد أن العقلية القبلية هي حصريا حية لدينا نحن العرب ولدى الأفارقة، لأن القارة الأمريكية منذ تأسيس الدولة الموحدة في القرن الثامن عشر الى اليوم هي مثال الدولة الفيدرالية الناجحة ذات الراية الواحدة الجامعة التي توفقت أمتها إلى صهر كل الأعراق والأديان صلبها بفضل ما كنا نسميه (MELTING POT) أي الطنجرة العملاقة التي توضع فيها الخضار المختلفة وتستوي بخلطتها جميعا الشربة الأمريكية الزكية حينما تحرك بالمغرف الخشبي الكبير! فإذا بالخبيرين الأمريكي شومسكي والفرنسي سرفان شرايبر يوقظان الضمائر المحبة للثقافة الأمريكية مثلي أنا إلى حقيقة أن القبيلة حية لم تنصهر في الطنجرة وأن التقاليد المؤسسة للأعراق المختلفة تظل حية كالنار تحت الرماد، فإنك إلى عهد الألفلين وواحد تجد قبيلة المايا لدى اللاتينوس وقبيلة الماو ماو لدى الأفارقة وقبيلة البيض البروتستانت لدى البيض وقبيلة الأباتشي لدى من يسمونهم هناك الهنود الحمر، وهم طبعا لا هنود و لا حمر!.
العجيب أيضا أن أكبر عالم أمريكي في استشراف المستقبل (المستقبليات) (ألفين توفلر) الذي تنبأ منذ كتابه الأول في الخمسينات بانفجار الاتحاد السوفييتي الى دول مستقلة هو ذاته الذي تنبأ في آخر كتبه (الجيل الثالث THIRD GENERATION) في أواسط التسعينات بأن الولايات المتحدة سوف تفقد اتحادها السياسي مع يقظة الأعراق على أجراس الحركات العنصرية والانفصالية، وها نحن إذن اليوم في يناير 2021 نجد تجسيدا حيا لنظريات شومسكي وشرايبر وتوفلر، وهو ما سيحاكم عنه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في الكونغرس، لأنه أيقظ تنين القبلية من نومه وأعطى الأوامر لقبيلته السياسية اليمينية المتعصبة بأن تقوم بغزوة تستهدف الكونغرس وتعطل عملية إعلان المشرعين لفوز بايدن!.
آخر كتاب صدر في الولايات المتحدة حول نفس الموضوع للمفكر الأمريكي (دانيال غانسان) بعنوان (القوة العالمية بدون أخلاق) على إثر صدور كتاب الأكاديمي الكندي (دونيس أركند) بعنوان (انهيار الإمبراطورية الأمريكية) كأنهما يزكيان ما جاء في كتاب شهير صدر عام 1970 للكاتب الفرنسي (كلود جوليان) بعنوان (الإمبراطورية الأمريكية) وهو يقدم البراهين على أن نظرية العلامة العربي عبدالرحمن بن خلدون القائلة بأن الدول كالبشر تنشأ وتقوى وتترعرع ثم تهرم وتشيخ إلى أن تموت!.
يقول الصحفي الأمريكي اللامع (كولن وودارد) عن هذه الفنتازيا السياسية: "لا توجد أمريكا الثقافة الواحدة وإنما أمريكا متعددة المراجع الثقافية، لأنها لم تنشأ أصلا كمؤسسة واحدة بل مجموعات منفصلة كليا عن بعضها البعض كونت عناقيد من مستعمرات منفصلة لها مثل عليا وأهداف مختلفة وأحفاد مؤسسون لهذه الأقاليم على امتداد أجيالهم لا يستوعبون ثقافة أمريكية محددة واحدة بقدر ما يستوعبون ثقافة هذه الأقاليم، وهي التي تقود روح شعبها والسمات العامة المستمرة لهذه الأمم والمميزة لها إلى اليوم!".
إن هذه الحقائق الأنتروبولوجية (الإثنية) هي التي تنام عقودا ثم تطفو على السطح من خلال أحداث صادمة مثل اقتحام حرم الكونغرس يوم 6 يناير أو انتفاضة السود بعد مقتل أحد مواطنيهم (بويلد) تحت ركبة شرطي أبيض، وفي السبعينات وقع انقطاع الكهرباء عن كل مدينة نيويورك فانطلقت أعمال سرقة ونهب واغتصاب كانت كلها مخفية بالنور وانكشفت عورة القبيلة حينما اختفى النور!.
كاتب تونسي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد ساعات قليلة من نشر بودكاست الحوار مع الإعلامي «فيصل القاسم» وصلت المشاهدات إلى ما يفوق أربعة ملايين مشاهدة، والسبب في اعتقادي ليس لأنّه إعلامي مشهور في قناة كبيرة هيّ قناة «الجزيرة « ملأت الدنيا وشدّت أعين الناس عبر العالم ولا زالت.. وليس لأنّ برنامجه « الاتجاه المعاكس» تربع على قمّة البرامج الحوارية الجريئة والمثيرة للنقاش في العشرين سنة الماضية، وليس لأنّ الرجل كان محل جدل في حواراته وطريقة إدارته لبرنامجه أو قناعاته أو ميولاته واستفزازاته، وإنما السرّ الكبير هو ذلك الاكتشاف الجديد في شخصية الرجل وماضيه وعائلته وطفولته الفقيرة، البائسة والمعدمة، وتجاربه من الجوع والحرمان إلى العمل وفي سن مبكرة في مختلف الحرف والأعمال الصعبة والقاسية. فوراء «فيصل القاسم» الإعلامي الكبير ذلك الطفل الفقير المحروم المقموع، الطفل الضعيف الفقير في القرية المعزولة وما يحيط به من عوّز وحرمان وآفات ومعاناة ومكابدة ومن ظلم اجتماعي واحتقار وعزلة وحيف. اكتشف الجمهور في شخصية «فيصل القاسم» ذلك الطفل الصغير الذي مرّ بتجربة طفولية مؤلمة وقاسية جدا لم تخطر على بال أحد، فصنع نفسه بنفسه من العدم وخرج من حفرة القهر والفقر إلى المغامرة والهجرة وريادة الإعلام والنجاح والبروز والإبداع. لم يتوقع الكثير أن يتحلى «فيصل القاسم» بكل تلك الصراحة والمكاشفة فلم يخجل بضعفه وقلة حال أسرته، ولم يخجل من ماضيه وحجم معاناته قبل أن يصل إلى تلك المراتب والمنزلة الإعلامية الكبيرة.، ثم إلى ذلك المحاور الشرس الصعب والعنيد والمثير للاختلاف والجدل. هيّ ببساطة بعض أسرار التفاعل الكبير للجمهور مع تلك الحلقة المميزة عن مسيرة وحياة الإعلامي «فيصل القاسم».
7623
| 03 مايو 2024
اعتمد المشرع القطري معيار المضاربة كمعيار عام لبيان مدنية العمل أو تجاريته، وهو ما استهله وسلم به في القانون التجاري، وذلك في نص المادة (3) منه، والتي تنص على أن «الأعمال التجارية بصفة عامة هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر. والمضاربة هى تَوَخي الربح بطريقة تداول المعاملات». ومن أوائل من نادى بهذا المعيار الفقيه الفرنسي باردسو وتبعه الأستاذ ليون كان والأستاذ رينو، كما عوّل القضاء في بعضٍ من أحكامه على هذا المعيار للتمييز بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية. ويقصد بالمضاربة بصفة عامة السعي والقصد إلى تحقيق الربح. ووفقًا لهذا المعيار يعد العمل تجاريًا إذا كان التصرف الذي يبتغيه الشخص يهدف إلى تحقيق الربح، أما إذا كان العمل الذي يقوم به الشخص خاليًا من هذا القصد، فلا يعد عملًا تجاريًا. وأبرز مثال لمعيار المضاربة، عملية الشراء من أجل البيع بغية تحقيق الربح، كالأشخاص المضاربين في البورصة وتجار الجملة والتجزئة. ولتوضيح ذلك، فإن فكرة المضاربة تقوم على أساس السبب أو الباعث وراء العمل التجاري، والذي يتمثل في تحقيق الربح؛ وهو ما يضفي الصفة التجارية على العمل، ومعنى ذلك أنه إذا كان السبب أو الباعث هو تحقيق الربح عد العمل تجاريًا، أما إذا كان السبب أو الباعث مدنيًا خاليا منه عد العمل مدنيًا، ومثاله الجمعيات التعاونية؛ إذ تقوم بشراء البضائع لبيعها على أعضائها وغيرهم بسعر التكلفة، وهي بذلك لا تستهدف الربح، إلا إذا خرجت عن هدفها الأساسي وهو ما يحدث في بعض الدول، بأن تحيد عن هدفها وتلهث وراء تحقيق الربح. إلا أن هذا المعيار يشوبه بعض المثالب، فهو واسع من جهة وضيق من جهة أخرى؛ فهو واسع لأنه يبسط نطاقه على أعمال يسبغ عليها المشرع الصفة التجارية على الرغم من أن القانون لا يثبت لها تلك الصفة ويصنفها من الأعمال المدنية، مثل عمل المحاسبين والمحامين والمهندسين والأطباء والمهن الحرة عمومًا؛ حيث يسعون جميعهم من جراء أعمالهم إلى تحقيق الربح، أو بالأحرى الحصول على أجر أو أتعاب، كذلك المزارع الذي يقوم باستئجار الأرض الزراعية ويضارب بين أجرة الأرض وثمن بيع المحاصيل. بناء على ما سبق، إذ طبق هذا المعيار بشكل مطلق لأدخلنا في القانون التجاري أعمالًا مدنية صريحة. بينما يعد هذا المعيار ضيقًا، لأنه يقصر النظر عن أعمالٍ ومن ثم يستبعدها، ولا شك في أنها تجارية، كتحرير الأوراق التجارية، أو التاجر الذي يتعمد الخسارة وذلك من أجل القضاء على منافسيه أو من أجل الدعاية والإعلان، وكذلك التاجر الذي يبيع بضاعته بسعر التكلفة، فجميع ما سبق أعمال لا تهدف إلى تحقيق الربح، وبالتالي تخرج من نطاق الأعمال التجارية، وذلك وفقًا لمعيار المضاربة، على الرغم من أنها أعمال تجارية وفقًا لصريح نصوص القانون. إضافة إلى ما سبق يتعارض هذا المعيار مع المفهوم الحديث للقانون التجاري؛ إذ إنه لا يفسر تجارية أعمال المشروعات الاقتصادية العامة التي تقوم بها الدولة عن طريق شركات المساهمة العامة؛ لأن أغلبها تسعى وراء تحقيق المصلحة العامة، سواء كانت تقصد إلى تحقيق الربح أم لا. ولابد أن ننوه أنه لا يمكن أن نعوّل فقط على معيار المضاربة الذي يقوم على قصد تحقيق الربح؛ حيث إنه يعد أمرًا نفسيًا يصعب تبينه. ولذا؛ بدأ الاتجاه الحديث يعول على مجرد توفر النية في الربح ولو لم يتحقق فعلاً، ولكن ما زالت الإشكالية في معرفة القصد من العمل، وعليه من الممكن أن يبين ذلك من خلال الكمية المشتراة، أو مدى توفر وصف التاجر من عدمه، افتتاحه محلاً تجاريا، إلى غير ذلك مما تساعد على وضوح القصد من العمل. ختامًا، لا يمكن أن ينفرد معيار المضاربة كضابط للتفرقة بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية، وذلك لما يحتويه من مثالب. ومع ذلك يجب أن نبين أن هذا المعيار يمثل جزءًا من الحقيقة؛ لأن العمل التجاري يقوم على فكرة تحقيق الربح، «فإذا لم تكن المضاربة وحدها ضابطًا للعمل التجاري، فما من شك في أنها أحد عناصره الجوهرية».
2070
| 03 مايو 2024
للأسف صرنا نسمع عن تلك القضايا التي تم القبض فيها على أشخاص خانوا الأمانة التي وُكِّلَت لهم في العمل وهو في خدمة الوطن الذي وفر لهم الراتب المناسب والمعيشة الطيبة والسكن المريح وكل أنواع الترفيه في البلاد وأهم من ذلك كله الأمن والأمان الذي نعيشه في هذا الوطن والعين الساهرة على ذلك. هؤلاء الأشخاص الذين وضعوا ضميرهم في ثلاجة الموتى وتغافلوا عن رب يراقبهم ويتابع أعمالهم ويحصيها عليهم كل ثانية من حياتهم، رب يدركون ويعلمون أنه البصير والسميع والعالِم بكل الخفايا في النفوس والصدور، وضيعوا الأمانة التي كان لابد من أدائها بكل إخلاص وصدق وإنهاء معاملات المواطن والمقيم الذي يضع أمله في أن تنتهي في أقصر وقت ولكنهم لم يصدقوا في ذلك مما أخَّرَ هذه المعاملات، بل إنهم يتناسون تلك الأعمال ويغفلون عنها لسنوات، وتضيع حقوق أناس بسبب ذلك وهم يلهون ويلعبون ويقضون أوقاتاً سعيدة خلال ساعات العمل التي يحاولون بشتى الطرق والوسائل أن يجدوا المخرج منها حتى لو كانت تلك الطرق غير سليمة وتخالف التعليمات، وهؤلاء للأسف يفعلون ذلك دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو تأنيب ضمير، وقد يكون هناك من يساعدهم على ذلك من القائمين على العمل وممن تهاونوا في أداء الواجب. ألا يشعر هؤلاء وهم يستلمون الراتب آخر الشهر أنهم لا يستحقونه لأنهم لم يؤدوا العمل الذي يتوجب أن يحصلوا على هذا الراتب بسببه؟!، ألم يسألوا أنفسهم ولو لمرة واحدة هل لديهم فكرة عن العمل الذي تم أداؤه، وكيف سيطعمون أهلهم من هذا المال الذي أخذوه من غير وجه حق؟! وغيرهم من استحلَّ المال العام وبدأ يستنزف منه ويغرف بدون أي إحساس بالذنب ولا تأنيب ضمير عندما يعلن عن مبالغ لم تستخدم فيما أُعْلن عنه من خدمات وأدوات لم تكُن موجودة ولم يتم شراؤها ألا على ورق مُلطخ بأيدٍ ملوثة بالسرقة والخيانة للوطن والاستيلاء على أموال الدولة لمصالح خاصة أثروا من ورائها بدون وجه حق، ولا نعتقد أنهم لا يعلمون أن ما يفعلون سرقة ونصب يستحقون عليه قطع اليد كما هو الحكم الشرعي للسارق قال تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). إن هذا الأمر لا شك أنه لا يحتاج إلى رقابة من الدولة ومن الهيئات المسؤولة أكثر ما يحتاج إلى رقابة ذاتية تنبع من نفس طاهرة نقية ترفض الحرام وتنوء عن اتباع طريق الخطأ والاستيلاء على حقوق العباد من أموال الدولة التي تنفقها في سبيل خدمتهم وسعادتهم وما يقومون به من عمل مخلص من أجل الوطن، وقبل كل شيء نفس تخشى الله وتخاف عقابه الذي لا شك أنه أشد وأقوى من عقاب الدنيا. إن ما يفعله هؤلاء هو وقوف في وجه التنمية والتطور ومحاولة القضاء على أمن وأمان البلاد وخيانة للوطن الذي أعطى ولم يبخل، فيجب مراعاة الله عز وجل في كل أمور حياتنا وصيانة الأمانة التي عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان الذي كان ظلوما جهولا، والأمانة الذي حملها الإنسان (هي التعفف عما يتصرف فيه الإنسان من مال وغيره، وما يوثق به من الأعراض والحرم مع القدرة عليه، ورد ما يستودع إلى مودعه). ولكن الإنسان لم يستطع صيانة الأمانة وخان القيام بها لجهله وظلمه. يجب أن توضع إستراتيجية من أجل الرقابة الدائمة على المال العام والمحاسبة أولا بأول على كل ما يخص هذا المال، والله يحفظ البلاد والعباد من كل من تُسول له نفسه الخيانة وخاصة أمن البلاد وأمانه.
1836
| 05 مايو 2024