رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

محمد جابر سلطان الجابر

مساحة إعلانية

مقالات

1611

محمد جابر سلطان الجابر

الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري ( 9 )

02 فبراير 2021 , 02:00ص

ولنقف ونتأمل هذه الآية أيضاً من قوله تعالى " ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) سورة الإنفطار إنها آية خطاب لكل المنكرين والجاحدين والمتشككين والملحدين والماديين الذين يعترفون ويقرون بقدرة الإنسن على الاختراع والوصول إلى مجال عالم الذكاء الاصطناعي وعالم الروبوتات وهذه الثورة العلمية، وينكرون ويتناسون أصل مخترع هذه الروبوتات البشرية التي هي نحن الإنسانية وبني البشر ولكل ما نراه اليوم ونسمعه ونشاهده، فما غرنا بربنا الكريم الذي خلقنا فسوانا فعدلنا في أي صورة ما شاء ركبنا. عبر هذا التركيب المتقن في الأجساد والصور.. في المدارك والأفكار في آفاق السمع والبصر وفي آفاق النفس والفؤاد، وهو أيضاً سبحانه وتعالى يوضح لنا هذه الحقيقة بقوله سبحانه وتعالى في آية أخرى ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تمنى ) الآيات 44، 45 سورة النجم.. وأكدها بحقيقة كبرى وأشار بها مخاطباً إيانا بقوله " ( أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الخالقون... ) الآية 58 سورة الواقعة.. إشارة الى ما نعرفه وتعرفه الإنسانية جميعاً منذ أن وجدت الخليقة إلى طبيعة هذا المصدر.

وعبر هذه الحقيقة بدأت الإنسانية بالانتشار والتوالد والتكاثر وهو ما أكدته الآية الكريمة من قوله سبحانه وتعالى " ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ " الآية 20 من سورة الروم. وهذه الآية العظيمة تؤكد أننا فعلاً روبوتات بشرية أبدعها الخالق سبحانه وتعالى وتشير إليها كلمة " إذا أنتم بشر تنتشرون " والانتشار هنا دلالة على كينونتنا البشرية في أصلها البشري الذي تغلب عليه صفة التكاثر والتوالد والتي أدت إلى قيام الحضارات الإنسانية والمجتمعات البشرية منذ ملايين السنين ومنذ الخليقة الأولى وهذا المد البشري بتكاثره وتوالده يتواصل في عمارة الأرض... وبناء الحضارات.. وتسخير ما فيها لخدمة الإنسان وهو أيضاً ما أكدته الآية الكريمة الأخرى من قوله سبحانه وتعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ " الآية 22 سورة الروم.

تأكيد على أننا نحن الإنسانية في أصلها واحد ولكنها في خلق الله وصناعته تخضع لمقومات الزمان والمكان والبيئة والأعراف، فهي أجناس بشرية مختلفة في الألوان والأشكال.. الأبيض منها والأسود، والأصفر منها والأحمر، وفي البيئة والأجواء المختلفة الحارة منها والباردة والشديدة الحرارة والبرودة، وعبر القارات الخمس وفي الألسن واللغات على امتداد المسيرة الإنسانية وبكل لغاتها ولهجاتها نحو آفاق الفصاحة والبلاغة والبيان والعلوم في مؤلفاتها وكتبها والتي مرت على الإنسانية عبر القرون والحضارات وإلى ما لانهاية.

وللمقال بقية الأسبوع المقبل.

آخر الكلمات:

في زيارتي الأخيرة لمركزنا الصحي التابع لمنطقتنا السكنية في موعد طبي تم ترتيبه مسبقاً لأخذ الجرعة الأولى من لقاح ( كوفيد – 19 ) ضد فيروس كورونا.. وقد تفاجأت بالأعداد الكبيرة والكثيرة من الرجال والنساء من المواطنين والمقيمين والذين ينتظرون دورهم في أخذ لقاح ( فايزر- بيونتك ) وفي الحقيقة كنت أعتقد ولم أتصور أن تكون كل هذه الجموع جاءت لتلقي جرعة اللقاح، بالرغم من الكثير من الشائعات والمخاوف التي كانت تثيرها وتنشرها وسائل التواصل الاجتماعي من هنا وهناك عن جدوى هذا اللقاح من الشكوك والمخاوف.. وكلام عن المؤامرة.. ومستقبل الاقتصاد العالمي الجديد و و وغيرها وغيرها.. لكن الجهود التي بذلتها وزارة الصحة العامة بدولتنا العزيزة منذ إعلانها حملة تطعيم وطنية ضد فيروس كورونا كوفيد - 19 في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي قد أتت كلها في وصول المواطنين والمقيمين إلى هذه المرحلة من النضج الصحي والتوعية الصحية بخصوص أخذ اللقاح ضد هذا الفيروس القاتل الذي اتعبنا قلقاً وألماً وموتاً لكثير من أحبائنا الذين فقدناهم بسببه، وأملاً في أن يتوصل العالم إلى لقاح شافٍ، يكون سبيلاً للقضاء على هذا الفيروس وتخفيف آثاره على الأفراد والجماعات..

وها هو اللقاح قد خرج من المختبرات الطبية والعلمية ودور البحث العلمي بفضل جهود الباحثين والعلماء في كافة دول العالم المتقدمة والذين بذلوا أنفسهم وعلمهم في التوصل إلى هذه اللقاحات ضد هذا الفيروس الذي دمر كل قطاعات الحياة الإنسانية المدنية، نفسياً.. واجتماعياً.. واقتصادياً.. وصحياً وأرهقنا بأزماته.. وآلامه.. وهواجسه.. لقد كانت بشائر وصول تطعيمات اللقاح إلى دولتنا وهو ما أكده الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير الصحة العامة بوزارة الصحة العامة بقوله على حساب موقع الوزارة بتويتر " الحمد لله التطعيمات بدأت إلى قطر بكميات أكبر، وسيكون هناك تطعيم موسع للجميع... " وهو أيضاً ما أوضحته الدكتورة / سهى البيات مدير قسم التطعيمات بوزارة الصحة العامة بقولها " إن هناك تجاوبا عاليا، ونتلقى اتصالات من الناس لطلب التطعيم، وأضافت أننا نطمئن الناس أنه إلى الآن لا توجد أي شكوى من مضاعفات خطيرة أو شديدة حدثت لأي أحد من الذين تلقوا اللقاح، ولكنها شددت في الوقت نفسه على أن اللقاح لا يعني القضاء على الوباء في نفس الوقت وأنه مراحل وأنه لا بد أن يتم تطعيم 75 % من الناس على الأقل في قطر وأيضاً عالمياً ولكي نصل إلى هذه النسب نتوقع انه سيكون في صيف عام 2021 ومن خلال هذه المرحلة يجب على الجميع مواصلة الالتزام بجميع الخطوات الاحترازية مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمام وعدم المصافحة واستخدام المعقمات، واضافت انه يوماً بعد يوم سوف تتوافر لدينا معلومات علمية أكثر فتتضح الرؤية أكثر.

وأريد أن أوضح هنا أنه خصوصاً بعد توارد الأنباء مؤخراً عن ظهور سلالة جديدة من فيروس كوفيد – 19 والتي أطلق عليها رئيس الوزراء البريطاني بالسلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا والتي ظهرت في المملكة المتحدة مؤخراً وقد تكون أكثر فتكاً وهو ما دعا عدد من الدول الى فرض حظر السفر ووضع سياسة مشتركة للتعامل مع الموقف الحالي وذلك بعد اكتشاف هذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا في استراليا وإيطاليا وهولندا وجنوب افريقيا والبرازيل بالإضافة الى الدنمارك.. وانه وفق ما أفادت به منظمة الصحة العالمية فإن النسخة البريطانية المتحورة من فيروس كورونا رصدت في 60 دولة ومنطقة على الأقل حتى الآن وهو ما دعا البروفيسور (( غوبتا )) الباحث العلمي لدى شركة الأدوية غلاسكو سميث كلاين بقوله إنه في هذه المرحلة يفترض أن تكون جميع اللقاحات فعالة، ولكن ما يقلقنا هو احتمال حدوث طفرات مستقبلية.. داعياً إلى التلقيح بأسرع وقت ممكن في كل مكان في العالم..

إن هذه البشائر التي نسمعها ونراها وهذه الأعداد الكبيرة من المواطنين والمقيمين الذين يبادرون يومياً لأخذ جرعات اللقاح تدل على نجاح الجهود التي بذلت والمتمثلة في قيادتنا الحكيمة، والجهود المباركة التي بذلتها وزارة الصحة العامة وكذلك لجنة إدارة الأزمات والتي بذلت جهودها الجبارة في مكافحة هذا الفيروس من بداية ظهوره وحتى وصول اللقاح.. إن المطلوب منا جميعاً الان وخلال هذه المرحلة الحالية أن نتعامل مع هذا الفيروس بمنطق السبب والأسباب.. وأن نتخذ الخطوات الصحيحة في التعامل معه بالحيطة والحذر ووفق التوجيهات والإرشادات الصحية والطبية التي تقدمها الينا وزارة الصحة العامة ولجنة إدارة الأزمات، وعلينا أن نضع الصحة على سلم أولويتنا ضماناً لوصولنا لمجتمع صحي نفخر به جميعاً على تراب هذا الوطن العزيز.. فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.. وسلامتكم.

[email protected]

مساحة إعلانية