رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

1686

د. بثينة محمد الجناحي

ثلاثية ثقافية... متأزمة !

09 فبراير 2021 , 02:00ص

إن أكثر ما يشغل بال المجتمع المحلي الغيور هذه الفترة ينحصر في ثلاثية أساسية، والتي تتضمن الاستهلاك، وثقافة الصورة، والأسرة مواجهةً للثقافة المتحولة. لا أعتقد بأننا نخرج من سياق هذه الثلاثية عندما نواجه التسطيح الفكري متناقلاً في وسائط الإعلام بأشكالها السلبية والتي غيرت من مفهوم الثقافة العميق إلى ما وصفها «حسن مدن» في كتابه (الثقافة في الخليج) بـ» تشيؤ الثقافة»، أي تحويلها إلى شيء من الأشياء، والتي تخلو من الحس الروحي، العمق الفكري بما فيها من دلالات أخلاقية. فبالتالي تتحول الثقافة إلى شيء ما، حس سلوكي على سبيل المثال، أو خطاب سطحي دون أي مدارك واسعة وتخصصية، أي تنعكس على هوية خاصة، ولربما تمثيل الثقافة كما يقره العقل الجمعي، والذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق.

فإذا بدأنا في الاستهلاك فلا شك بأن المسألة الاستهلاكية في طور الاكتساح، وبناءً على واقع يعكس بأن الوازع الاستهلاكي إذا ما قل في جانب فهو يتثاقل في جوانب أخرى، زيادة واضحة في نمط مجتمعات القهوة، وغيرها من السلوكيات الاجتماعية القائمة على أسلوب الترويج، والتي تعتبر تبعات للاستهلاك المتزايد وما يعكسه على ثقافة الفرد اليومي من عدم انضباط في مستوى الاستهلاك.

وإذا ما أتينا إلى ثقافة الصورة، فهي تلعب الدور إن لم يكن الأساسي حتى في عملية الترويج وتعزيز الحركة الاستهلاكية بشكل أكثر انتشاراً. ولا تقف ثقافة الصورة عند هذا الحد، فكما عبر ريجيس دوبريه عندما قال بأن «سيد الصورة هو سيد البلاد»، إذ أن هذه المقولة تعكس في الحقيقة إمكانيات الصورة عندما تكون الواجهة الرئيسية للتأثير السريع، على أني أختلف في حصر السيادة على الصورة، فغياب المثقف في الواجهة لا يعني بالضرورة عدم فاعليته. ولكن بالنسبة للحال الخليجي، عبر حسن مدن عن أن العزلة الطويلة التي واجهتها منطقة الخليج وانتقالها بشكل مفاجئ إلى التدفق المادي، أدى إلى انتقال الثقافة الشفوية إلى ثقافة شفوية أخرى أكثر من انتقال العلم والمعرفة بطرقها الكمية والنقدية والتشغيلية، التي تلعب الدور في عملية التمكين البشري في العملية التنموية، إنما باتت المسألة رهينة الصورة والخطاب الشعبوي الذي يتناقل بسطحية الخطاب دون التعمق فيه، مما يؤدي إلى التأثير السلبي على أفراد المجتمع والناشئين منهم من ناحية التأثير السلبي على توجهاتهم الاستهلاكية ونمط تفكيرهم الذي يعتبر حبيس الصورة، باعتبارها أسرع أداة في الوسط الإعلامي والترويجي بشكل خاص.

المشكلة ما يترتب عليه من تبعات تؤثر على الثلاثية الثقافية، وما يتم ترويجه وإجازته من محتوى سطحي، ولا يعمل على بناء صورة حضارية للفرد، إنما صورة شعبوية لنمط عيش استهلاكي وبشراهة! وهذا ما يدعمه الوسيط الإعلامي وتأثيره من خلال الوسطاء السطحيين كمؤثري تواصل اجتماعي (دون تعميم). فالمسألة لا تعتمد على التوعية ولا على نقل الرسائل العميقة، إنما تعكس الجوانب السلبية الاستهلاكية بشكلها يومي، بالإضافة إلى انعكاس وجهات نظر قد تكون محط أنظار وهجوما من أفراد المجتمع الذي يخشى على انتشار وباء الاستهلاكية والسطحية عند الأجيال القادمة وبشكل جداً سريع، يسهل عليهم الانخراط في نفس النمط الاستهلاكي والسطحي المتفق عليه العقل الجمعي، وتقليل الاهتمام في العملية التعليمية التنموية للفرد بأشكالها المختلفة، التي لربما أصبحت ثانوية لما تروج له ثقافة الصورة من أسلوب حياة شبابي رائج ومتفق عليه الأغلبية السطحية انعكاساً لـ «تشيؤ الثقافة» بلا ملامح واضحة فيه !

ليست سيئة ثقافة الصورة، إن كانت محايدة، إنما يسيء لها من لا صورة واضحة له !

[email protected]

مساحة إعلانية