رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1950

جعفر عباس

عن الاهتمام بالمظهر فقط

16 فبراير 2021 , 02:00ص

سمعت عشرات المرات أشخاصا، وفي عصر ما قبل اكتشاف العرب للسيراميك والبورسلين، يرفضون شراء سجاد/ موكيت بلون فاتح، (مع أن جماعة الديكور الداخلي يقولون إن الألوان الفاتحة في فرش الأرضية يعطي انطباعا مريحا باتساع المكان)، ويستند نفور البعض من السجاد ذي اللون الفاتح لأنه "وسِّيخ"، ويقصدون بذلك أن الوسخ يظهر عليه، في حين أن السجاد ذا الألوان الداكنة لا يكشف عن الأوساخ، وبالتالي يبقى شكله نظيفا في عين الرائي، لأن البقع الناجمة عن انسكاب المشروبات أو آثار الأحذية الملطخة بالطين أو نوع من القاذورات لا تظهر عليه. يعني من يشتري سجادا بلون غامق لسبب لا يتعلق بانسجام لونه مع لون بقية قطع الأثاث، بل لأن عدم تنظيفه جيدا لن "يفرِق" لأن البقع التي عليه ستبقى غير بادية للعيان؛ من يفعل ذلك معني فقط بالمظهر الموحي بالنظافة، وليس بالنظافة في حد ذاتها. وهو كالشخص الذي لا يستحم إلا مرة كل ثلاثة أيام، ويستخدم العطور القوية وملابسه الخارجية وهندامه في منتهى القيافة، بل ربما كمن يكتفي بوضع لصقة طبية على ورم سرطاني، (لصقة وليس "لزقة" لأنها من لصق يلصق فهو ملتصق)، وهذا الشخص وذلك النوع من السجاد ينتميان إلى فصيلة من بره هلا هلا ومن جوه يعلم الله.

وهناك الـ "إير فريشنر" ذلك العطر البخاخ او الرذاذ المضغوط الذي يعطي البيوت رائحة المسك أو الياسمين أو غيرهما، ويستخدمه الناس وهم يعرفون أنه لن يستأصل مصدر الرائحة الكريهة، بل "يغطي" على تلك الرائحة، ونلجأ إلى العطر البخاخ/ البخور أحيانا لأنه يريحنا من عناء فتح النوافذ والأبواب لتهوية البيوت وتجديد الهواء الذي بداخلها، وإذا كان المؤكد ان المسافر بالطائرة يستنشق كميات هائلة من الهواء الملوث والفاسد، لأن مكيفات الهواء تقوم بتدوير الهواء الموجود داخل الطائرة ولا تشفط الهواء الخارجي (لأن ذلك يؤدي إلى شفط الركاب إلى الخارج بسبب عدم توازن ضغط الهواء داخل وخارج الطائرة)، فمن المؤكد ان إبقاء البعض لنوافذ بيوتهم محكمة الإغلاق لنحو ستة أشهر خلال الصيف، يعني ان المقيمين في البيت يستنشقون هواء غير متجدد طوال تلك الأشهر، وهكذا ما ان يصاب أحد أفراد العائلة بمرض كالانفلونرا او نزلة البرد حتى يتهاوى بقية أفراد العائلة مرضى في غضون أيام. وما هو أدهى من ذلك هو ان مواد تعطير الهواء سواء كانت مضغوطة في علب بخاخة أو على هيئة جسم صلب، تحوي مواد كيميائية ضارة مثل الزايلين والبنزين والفورمالديهايد والنفثالين وكثير منها تحتوي على المسك الاصطناعي الذي يحبه البعض كمزيل لرائحة العرق رغم ثبوت أنه يسبب خللا في الهرمونات وسرطانات الثدي والبروستات والخصية، كما أن المواد آنفة الذكر تسبب تشكيلة من أمراض العيون والكلى والكبد والجهاز التنفسي!!

وما يثير عجبي هو أنني اقرأ كثيرا عن الآثار الضارة للسجائر ومواد تعطير الهواء ولكنني لا أسمع تحذيرات تقول للناس إن استنشاق البخور لا يختلف في أضراره عن استنشاق أي نوع من الهواء الملوث الضار جدا بالصحة. ولكنني أعرف أن تأثير أضرار البخور "وقتي" بينما المواد الكيميائية العطرية تبقى معلقة في الهواء والأثاث لمدد طويلة وتتغلغل في الجسم وقد لا تظهر أضرارها إلا على "الأحفاد"، والذي يستخدم تلك المعطرات دون بذل جهد للتخلص من مصادر الرائحة الكريهة كمن يستعيض عن الاستحمام بالعطور الباريسية، تبقى رائحته مريحة لبعض الوقت ولكن إذا جالسته طويلا حسبت إنك تجلس قرب تيس بالِغ ومفرط في التياسة.

[email protected]

مساحة إعلانية