رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. أحمد القديدي

د. أحمد القديدي

مساحة إعلانية

مقالات

2074

د. أحمد القديدي

إسرائيل في أخطر مأزق دولي 

05 مارس 2021 , 07:00ص

اقترع يوم الإثنين 1 مارس 442 نائبا في البرلمان الأوروبي في مدينة سترازبورغ ينتمون الى 20 دولة أوروبية، على بيان تشريعي نشرته وكالة (فرانس بريس)، وتم ارساله الى كل وزارات الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد، يدعو حكوماتها الى اعلان تنديدها بالاستيطان الإسرائيلي، ويحثها على دعوة إسرائيل إلى الجلاء عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الخامس منذ يونية 1967 ووقف عمليات الاستيطان التي أدانها بحوالي 27 قرارا، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، كما ندد بها البرلمان الأوروبي بسبب تجاوزها للقانون الدولي وخرقها للمبادئ التي ضمنها البرلمان الأوروبي في ميثاقه التأسيسي، وأيضا بسبب تهديدها المستمر للأمن والسلام الدوليين في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم.

ونشرت مجلة (لونوفيل أبسرفاتور) الباريسية نص البيان وجاء فيه "بالخصوص أنه بالرغم من جائحة الكورونا فإن عام 2020 شهد تفاقما كبيرا لعمليات هدم منازل الفلسطينيين ومرافقهم الحيوية وحتى بعض قراهم مع قتل المدنيين وهو ما يخالف جميع المواثيق الدولية والأخلاق الإنسانية ويعرض حياة المواطنين الفلسطينيين للخطر بوباء الكورونا ويشرد المزيد من اللاجئين تحت خيام جديدة لم تعد وكالة الغوث الأممية قادرة بسبب تقليص موازناتها على تلبية هذه الحاجيات".

وجاء في هذا البيان الأكثر جرأة منذ تأسيس البرلمان الأوروبي أن الضفة الغربية تضم اليوم 3 ملايين و100 ألف مواطن فلسطيني و675 ألف مستوطن إسرائيلي عوضت مستوطناتهم قرى لم تكن على ملكهم بل كان يسكنها أبناء الشعب الفلسطيني، وتباغتهم قرارات هدم من السلطات الإسرائيلية بدعوى أنها بناءات فوضوية وغير مرخص لها!.

الجديد في لغة البيان هو أن المشرعين الأوروبيين الـ 442 أكدوا على حكوماتهم ضرورة وحتمية اغتنام الفرصة التاريخية المتمثلة في فوز الرئيس جو بايدن بالبيت الأبيض، بعد ما سموه مرحلة عصيبة تميزت بالشعبوية والانحياز الأعمى لأطروحات إسرائيل أثناء حكم ترامب، حيث قال أعضاء البرلمان بأن اللحظة التاريخية مناسبة اليوم للتنسيق بين جناحي الغرب (أمريكا وأوروبا) حتى يجنب الغرب العالم وأمن العالم مخاطر حرب مدمرة بسبب تعنت اليمين الإسرائيلي وإصراره على تحدي المجتمع الدولي، ولفتوا أنظار حكوماتهم إلى التلاعب بمصطلح "الإرهاب" واستخدامه من قبل حكومة نتنياهو لتبرير العدوان المتواصل على حقوق الشعب الفلسطيني، وذكروا أن هذا المصطلح تم تمييعه وإعادة تدويره منذ الحادي عشر من سبتمبر الرهيب في دبلوماسية الرئيس بوش الابن، حين دشن عهد بطش الدولة العظمى بدعوى الحرب ضد الإرهاب وبكارثية التداعيات التي نعرفها، لأن منظري المحافظين الجدد وفي غضون ستة أسابيع فقط بعد 11 سبتمبر دفعوا الكونغرس الى سن القانون الذي نعرفه باسم "باتريوت أكت Patriot Act"، وهو القانون الذي عرّف الإرهاب بشكل فضفاض، وأطلق أيدي السلط التنفيذية بلا محاسبة وانتهك الدستور الأمريكي ولم يخضع لمراجعة من الكونغرس، لكنه هو الذي اعتمدته إسرائيل لتجاوز القانون الدولي الى اليوم.

أما المأزق الدولي الثاني لإسرائيل فهو كما تعلمون القرار التاريخي الذي اتخذه قضاة المحكمة الجنائية الدولية بقبولها النظر في القضايا التي تقدمت بها اليها دولة فلسطين، حتى تنظر العدالة الدولية في جرائم إسرائيل حكومة وجيشا ومستوطنين ضد الأبرياء العزل من أبناء الشعب الفلسطيني، بهدم منازلهم واغتيال قادتهم وقتل مواطنيهم خارج إطار القانون وسجن 18000 فلسطيني لسنوات دون محاكمة أو محاكمات صورية بلا حجج، وانتزاع أراضي الفلسطينيين وحرق محاصيلهم.

وهذا القرار الجريء من المحكمة يمهد لصدور أحكام جنائية ضد الدولة الاسرائيلية، لأنها هي التي تأذن بارتكاب الجرائم أو التستر عليها أو إصدار قوانين جائرة تبررها وتحرض عليها وهو في الأخير ما يسمح بتصنيف إسرائيل دولة عنصرية سنت التمييز العرقي والديني قاعدة لممارساتها، وقالت وزارة خارجية فلسطين: إن "الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلي هي جرائم مستمرة وممنهجة وواسعة النطاق، وهذا ما يجعل الإنجاز السريع لتحقيق المحكمة ضرورة ملحة وواجبة".

ودعا البيان إلى "عدم تسييس مجريات هذا التحقيق المستقل، أما المأزق الثالث فهو إسراع الشعب الفلسطيني الى انتخاباته القادمة للم شمله وتضميد جراحه وربما ترشيح مروان البرغوثي لرئاسة دولته وهو في سجنه، وهو المناضل المستقل عن أي انتماء وسبق أن شكلت شخصيا لنصرته وإطلاق سراحه لجنة دولية نشيطة أيام سجنه الأولى تركبت من شخصيات عربية وفرنسية وأمريكية في أعلى مستوى، لأن مروان كان مسالما وواقعيا.

ويبدو أن المأزق الأخطر هو مفاجأة فوز الرئيس بايدن وعزمه على التعامل مع ملفات الشرق الأوسط بالحكمة والقيم وهو الذي لم يرد على مكالمات نتنياهو إلا بعد ستة أسابيع من يوم تتويجه، ويأتي المأزق الأخير وهو اعلان الإدارة الأمريكية الجديدة تنسيق جهودها حول سوريا مع حليفتها تركيا عوض الانحياز الى مخططات إسرائيل كما فعل ترامب.

كل هذه الخيبات في انتظار عناية أكبر بمفاعل ديمونة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأن الوكالة أصبحت محرجة أمام رأي عام دولي لم يعد يفهم التمييز والكيل بمكيالين في هذا المجال الحساس، وهو ما أشارت اليه وكالة (وورلد نيوز) وهي أمريكية بما يشبه الغمزة الإعلامية الذكية.

كاتب تونسي

[email protected]

مساحة إعلانية