رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. أحمد القديدي

د. أحمد القديدي

مساحة إعلانية

مقالات

1442

د. أحمد القديدي

قطر على الساحة الدولية: الأسباب والآفاق

15 مارس 2021 , 02:00ص

يسجل الراصدون لمجال العلاقات الدولية هذه الأيام ظاهرة تربع دولة قطر لمنزلتها الجديرة بها في العالم بدءا من منزلتها في إقليمها الخليجي وانتمائها العربي الاسلامي، ولهذه الظاهرة أسس موضوعية لم يغفل عنها جل المراقبين، وأهم هذه الأسباب ثبات قطر على جملة من المبادئ الأخلاقية والقيم القانونية الدولية في سن خياراتها الدبلوماسية منذ نشأة الدولة إلى اليوم لم تحد عنها أبدا ولعل تلخيصها كالتالي: إيمان عميق بوحدة دول مجلس التعاون الخليجي واعتبارها أسرة متماسكة ومصيرها واحد ثم تمسك بسيادة خياراتها وقراراتها دون أن تتدخل هي في الشؤون الداخلية لأية دولة أخرى ثم تفهم صادق لمعضلات الأشقاء والأصدقاء، حيث تسعى قطر إلى تقديم وساطات الخير والسلام بين الدول أو بين فرقاء مختلفين من نفس الدولة وهو ما قامت به دولة قطر بنجاح في اللقاء التوفيقي الذي جمع في الدوحة على مدى أسابيع زعماء حركة طالبان مع مبعوثين عن الولايات المتحدة بعد حروب مستمرة وعنف متبادل دام ثلث قرن، وللتاريخ فإن قطر كانت الراعية الوحيدة لعودة الوفاق بين الفرقاء اللبنانيين بتنظيم لقائهم في الدوحة واصدار بيان بينهم يوم 21 مايو 2008 تم على اثره انتخاب وتنصيب الرئيس ميشال سليمان وكنت شخصيا مدعوا لحضور هذا الحدث المهم في الحياة السياسية اللبنانية وسمي بيان الاخوة اللبنانيين ببيان الدوحة. وللنادرة فإن أحد أعضاء الوفد اللبناني وهو صديقي أسر لي ضاحكاً في اليوم الثاني للقاء ونحن نتناول فطور الصباح في الفندق بأن أحد كبار المسؤولين القطريين هدد الوفد اللبناني مازحاً بغلق أبواب الفندق حتى يتم الاتفاق بينهم. أضف إلى هذه المبادئ السامية سعي قطري موفق أنجزه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بالإذن للحكومة لكي تحقق وتجسد التعاون الوثيق مع منظمة الأمم المتحدة بإعانة مؤسساتها المختصة على القيام بواجباتها الإنسانية وهو ما جعل الأمين العام للمنظمة ينعت دولة قطر بالدولة الأممية بحق وإيمان، فكانت وما تزال قطر حاضرة بدبلوماسيتها وتمويلاتها وكوادرها في وكالة غوث اللاجئين الأممية (الأونروا) لتعوض فقدان المعونات الأمريكية التي قرر الرئيس ترامب قطعها عن غوث اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك في الهيئة الأممية لمقاومة الارهاب ثم إن قطر ثابرت على اعادة اعمار قطاع غزة المنكوبة بالاعتداءات الاسرائيلية وبالحصارات من قبل جيرانه للقطاع مما تسبب في كوارث انسانية تصدت لها دولة قطر بالعلاج الناجع فأنشأت قطر المشافي والمحطات الكهربائية والمدارس وساعدت على الايفاء بتعهدات تسديد الرواتب للموظفين والعمال.

وهذا الأسبوع نرى من خلال الاجتماع الثلاثي في الدوحة بين وزراء خارجية قطر سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وروسيا السيد سيرغي لافروف وتركيا السيد جاوويش أوغلو لتنسيق مواقف حكوماتهم حول المعضلة السورية والبحث المشترك عن حلول تساعد الأشقاء السوريين على الخروج من محنتهم التي بلغت عامها العاشر ولا تزال تتفاقم دون بصيص أمل في الأمن والسلام وعودة هذه الدولة العربية إلى سالف موقعها. كل من يقرأ بيان الوزراء الثلاثة يدرك جدية المواقف وحياد دولهم عن الصراعات والمناكفات والمزايدات التي عانى منها الشعب السوري ذو التاريخ الحافل بالبطولات والحضور متعدد الأبعاد في السياسة والثقافة وصناعة التاريخ. وكل من يقرأ البيان الصادر عن الوزراء الثلاثة يتبين أن غاية هذه الدول واحدة وهي انقاذ وحدة الدولة السورية من التصدع والانقسام وتجنيب الشعب السوري تداعيات الحرب بالتخفيف من معاناته، حيث إن احصاءات منظمة الأمم المتحدة تؤكد أن أربعة ملايين ونصف المليون مواطن سوري مشردون تحت الخيام في البلدان المجاورة تحت الأمطار والثلوج، وأن المعونات الانسانية تعترضها وتعطلها صعوبات جمة للوصول إليهم كما أن 13 مليون سوري معرضون للمجاعة ووباء كورونا المتفشي هناك وفي العالم. وبهذا اللقاء الثلاثي تكون قطر حققت في حفظ أمن الشرق الأوسط وسلامة الشعب السوري خطوات دبلوماسية جبارة تبوؤ هذه الدولة لدخول نادي الفاعلين الأساسيين في مجال العلاقات الدولية، وتعزز جهودا قطرية حرص حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى على إنجازها في عالم يتغير يوميا، وتتحول فيه الولاءات والتحالفات بما يخدم مصالح الأمم.

كاتب تونسي

[email protected]

مساحة إعلانية