رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحديث عن الكبار صُنَّاع الحياة غراسي الخير ذو شجون ومدهش، وتأتيك الدهشة إذا كان عن العلماء العاملين الربانيين، فهذه الأمة لا ترحل ولا تموت برحيل وموت علمائها ودعاتها ومصلحيها ومفكريها العاملين القدوات وأصحاب رايات العزة والنصح والعلم والعمل والفهم الصحيح، بل رحيلهم حياة، والمسيرة تمضي بحول الله وقوته بمن يأتي بعدهم.
ففي يوم الجمعة السادس من شعبان 1442 الموافق التاسع عشر من شهر مارس 2021 ومن مدينة يلوا التركية نزل الفارس عن فرسه الشامخ الأصيل الشيخ العلامة محمد علي الصابوني رحمه الله العالم الرباني المفسر العابد "الوقور خادم الكتاب والسنة، العف اللسان المُهاب، المتواضع الذي كان يرى نفسه طالب علم، رغم مكانته العلمية، العامل في صمت، الصابر على الأذى، صاحب كلمة الحق، المجاهد، جميل الوجه، مهاب الطلعة، زادته لحيته البيضاء الجميلة جمالاً ووقاراً، عظيم الخشية من الله تعالى". ذكر الشيخ عبدالله الأنصاري خادم العلم عن الشيخ الصابوني رحمهما الله أنه عندما تمت طباعة كتابه (صفوة التفاسير)، "ومما يدل على طموح أخينا الفاضل ورغبته السامية في نيل الأجر والثواب أن عرضنا عليه المكافأة فكان جوابه أريد المكافأة من الله تعالى، فبارك الله فيه ونفع بعلمه، وأكثر من أمثاله".
عمل الحافظ الفقيه الصابوني رحمه الله مدرساً لمادة التربية الإسلامية في عدد من ثانويات حلب، ودور المعلمين فيها، وظل على عمله في التعليم إلى عام 1962م، وانتدب بعدها الشيخ رحمه الله إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة فعمل بها ثلاثة عقود، ثم عينته الجامعة باحثاً علمياً في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ومستشاراً في رابطة العالم الإسلامي بهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ودرس رحمه الله في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وفي مساجد جدة.
وانتقل بعد ذلك للعيش في أرض الخلافة والحضارة تركيا للتفرغ للتأليف والعبادة والدعوة والنصح والإرشاد والوقوف مع الحق وأهله، وهكذا الدولة الكبيرة ذات التاريخ والحضارة والعلم والسيادة لا تحتضن إلا الكبار من علماء الأمة، فسلمتِ يا تركيا يوم أن احتضنتِ الكبار بعد أن قلاهم من لا يعرف قيمة وقدر ومكانة الكبار.
والشيخ الصابوني رحمه الله له مواقف قوية عادلة وصريحة وصادعة بالحق ضد الظالم وأذنابه، وقف مع الحق وأهله في وجه الطغيان والاستبداد الواقع على شعبه السوري الأصيل الحر الأبي، فهو ابنها وتلميذها وأحد أساتذتها وشيوخها وعلمائها العاملين الكبار، وله رحمه الله إرث علمي واسع بمؤلفاته والتي تقرب من الخمسين مؤلفاً، ولعل أبرزها وأظهرها كتاب "صفوة التفاسير" الذي لاقى قبولاً وانتشاراً في الأمة، فهذه كلمات عن كتاب (صفوة التفاسير):-
* قال عنه الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله "وجدته تفسيراً يكتفى به في مجال معرفة أحكام كتاب الله ومعاني أحكام آيات الله" 1981.
* شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود رحمه الله "وإذا كان اختيار المرء قطعة من عقله، فإنه لا شك أن المؤلف وفق توفيقاً كبيراً في الاختيار من أمهات كتب التفاسير التي رجع إليها على علم وبصيرة"1976.
* الشيخ عبدالله بن حميد رئيس القضاء الأعلى رحمه الله "فقد أجاد المؤلف وأفاد فيما سمعته من كتابه جزاه الله خيراً، كما اجتهد في جمعه واختار أصح الأقوال وأرجحها في تفسير كتاب الله وجمع في هذا التفسير بين المأثور والمعقول، بأسلوب واضح، وطريقة حديثة سهلة" 1977.
* الشيخ العلامة أبو الحسن الندوي رحمه الله "لا يقدر على ذلك إلا من توسعت دراسته وسلم ذوقه وحسنت ممارسته لفن التدريس، فاستحق بذلك شكر طلبة العلم والمشتغلين بفن التفسير جزاه الله خيراً وأثابه وتقبل عمله" 1976.
* الدكتور عبدالله عمر نصيف "لهو توفيق من الله سبحانه وتعالى للمؤلف، فقد مكّنه جل وعلا من تقديم هذه الكنوز العظيمة، في سفر واحد هو (صفوة التفاسير) ليسهل على الباحثين مهمة الاطلاع والفهم لكتاب الله عز وجل" 1980.
* الدكتور راشد بن راجح عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية "فهو بذلك كتاب جيد يستحق الطبع والنشر لتعم الفائدة، جزا الله مؤلفه خير الجزاء ونفع به الإسلام والمسلمين" 1976.
* الشيخ عبدالله خياط رحمه الله إمام وخطيب المسجد الحرام "كنتُ أجد في نفسي رغبة ملحة لتفسير القرآن الكريم في متناول طالب العلم، يجمل ما تفرق في كتب التفسير المعتبرة، ويغنيه عن المراجع المطولة، ويعطيه فكرة واضحة عن لغة القرآن، وسبب النزول، وييسر له المعاني فيكون زاده وعدته، فكان كتاب (صفوت التفاسير) هو الضالة المنشودة والحلقة المفقودة" 1975.
* الشيخ محمد الغزالي رحمه الله "فإن الثقافة القرآنية تحتاج إلى قلم سهل العبارة، فياض الأداء، بعيد عن المصطلحات الفنية، والمناقشات الفلسفية، همه الأكبر إبراز السياق السماوي، والوصول به إلى نفوس الجماهير دون تكلف أو التواء، وقد نجح فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني في تحقيق هذه الغاية"1976.
وهكذا الكبار يرحلون وتبقى آثارهم وأعمالهم ومساحات الخير أمام الناس، فحياتهم عطاء ومورد حتى بعد رحيلهم لمن أراد أن يستسقي من مائهم العذب الزلال.
فرحمك الله أيها الشيخ العالم الرباني وما الجموع التي أتت لتصلي عليك صلاة الجنازة بجامع الفاتح بإسطنبول أرض الفاتح القائد محمد رحمه الله، لدليل على هذه المحبة التي زرعها الله تعالى في هؤلاء للشيخ محمد علي الصابوني رحمه الله، وما أتت هكذا عبثاً وغصباً وكرهاً ونفاقاً. فرحمك الله تعالى أيها العالم الرباني وجزاك الله عن الأمة كل خير وبر بما قدمته من خدمة لدينك وأمتك وجعل ذلك كله في ميزان حسناتك، وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
"ومضة"
قولوا لأهل الطغيان والظلم والاستبداد وقاهري وناهبي ثروات الشعوب والرويبضة "بيننا وبينكم يومُ الجنائز"!. كم في حياة آثار صُنّاع الحياة من دروس ومساحات!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شهدت أوروبا في عصر التنوير حركة فكرية وثقافية كبيرة قادها مثقفون مثل فولتير، وديدرو، وروسو، والعديد من الفلاسفة والكتاب والمفكرين. هؤلاء المثقفون التنويريون شككوا في السلطات التقليدية، ودافعوا عن العقلانية والحرية الفكرية، ودعوا إلى إصلاح المجتمع وتحريره من قيود الجهل والخرافات. في الوقت نفسه، شهد العالم العربي في القرن التاسع عشر حركة نهضة فكرية وثقافية مماثلة، قادها رواد مثل: (رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وقاسم أمين)، وغيرهم. هؤلاء الرواد دعوا إلى التحرر من التقاليد الجامدة، واعتماد العقلانية والعلم، وتحديث المجتمعات العربية، واستلهام المنجزات الغربية في مجالات المعرفة والتقدم. يمكن تعريف المثقفين التنويريين الغربيين بأنهم: (مجموعة من المفكرين، والفلاسفة الذين اتخذوا دورًا مهمًا في نهضة أوروبا. وكانوا يدافعون عن التغيير والتحديث والإصلاح من خلال الكتابة والنقد والتدوين. وقدموا آراءهم حول العلوم، والفلسفة، والسياسة، والاجتماع). في حين يعرف رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر بأنهم: (مجموعة من المفكرين والشعراء، والقادة العرب الذين اتخذوا دورًا مهمًا في النهضة العربية في القرن التاسع عشر. وقدموا أفكارهم، وآراءهم حول الثقافة، والسياسة، والاجتماع، والعلم. وقاموا بتشكيل مؤسسات للتنمية والتطوير والتعميق في الثقافة العربية). على الرغم من أن هناك العديد من أوجه التشابه بين دور المثقفين التنويريين الغربيين ورواد النهضة العربية. فكلاهما سعى إلى تحرير العقول من القيود التقليدية، ونشر أفكار التنوير والتقدم، وإحداث تغيير جذري في المجتمعات التي عاشوا فيها. كما حملوا مشعل العقلانية والعلم في مواجهة الجهل والخرافات السائدة. إلا أن هناك اختلافات في السياق التاريخي والثقافي الذي عمل فيه كل منهما. فالمثقفون التنويريون الغربيون كانوا جزءًا من حركة فكرية أوسع في أوروبا، مدعومين بالتطورات العلمية والفلسفية والسياسية في ذلك الوقت. أما رواد النهضة العربية، فقد كانوا أصواتًا منفردة في بيئة محافظة، وواجهوا معارضة شديدة من السلطات الدينية والسياسية القائمة. في الوقت الحاضر، هناك حاجة ماسة لدور مماثل للمثقفين العرب في قيادة نهضة فكرية وثقافية جديدة في العالم العربي. فالمنطقة تواجه تحديات كبيرة مثل الصراعات، والتطرف، والتخلف العلمي والتقني، وضعف الحريات والديمقراطية. ويُنتظر من المثقفين العرب أن يكونوا صوتًا للتنوير والإصلاح، وأن يدفعوا بمجتمعاتهم نحو الأمام باعتماد العقلانية والعلم والانفتاح على الآخر. وعليه يجب على المثقفين العرب أن يدركوا السياق المعقد للعالم العربي الحديث، وأن يستلهموا الدروس من تجارب رواد النهضة السابقين. عليهم أن يكونوا حذرين من الوقوع في فخ النزعة الاستعلائية الغربية، وأن يحافظوا على الهوية الثقافية العربية مع الانفتاح على الآخر. كما يجب عليهم أن يكونوا واقعيين في توقعاتهم، ويدركوا أن التغيير الحقيقي يتطلب الصبر والمثابرة على المدى الطويل. في النهاية، إن دور المثقفين في قيادة النهضة هو دور حيوي ومصيري للمجتمعات. وعلى المثقفين العرب أن يستلهموا من تجارب الماضي، ويواجهوا تحديات الحاضر بشجاعة وعزم، لصياغة مستقبل أفضل لشعوبهم والإنسانية جمعاء.
1893
| 07 مايو 2024
في عالم الثقافة ما زلت أحتفظ بعقلي. أقرأ كتبا مهمة بقدر ما تتيح لي الظروف، ولا أتأخر عن الإشارة إليها أو الكتابة عنها، وأشعر أحيانا بالتقصير لأني لا أستطيع، وهذا طبيعي جدا، أن أقرأ كل ما يصدر من كتب عظيمة. أنشر ما أكتبه على صفحتي في الفيسبوك أو تويتر من باب الحفظ لها، فأغلب العابرين على السوشيال ميديا ليس لديهم الوقت الكافي، بينما يقفون كثيرا عند التغريدات قليلة الكلمات. هذا طبيعي فالسوشيال ميديا بنت عصر السرعة، وتظل المقالات وقراءتها للذين لديهم الوقت، ولمن ينشغلون بالقضايا الحقيقية، قد يبدون فيها رأيا يثريها حتى ولو بالاختلاف. لكن في السوشيال ميديا ظاهرة هي «الترند». وهو ما يأخذ القارئ أو المشاهد إذا كان الأمر يتعلق ببعض الصور، إلى اتجاه يزدحم بالحاضرين أو المحتفلين، فيسعد صاحب الترند بالكم الكبير وغير العادي ممن يعلقون على كلامه، ويصدق أن ما يراه اهتمام حقيقي، وليس زفة مثل زفة المولد، لا يبقى منها لدى المحتفلين ما يصنع ثقافة حقيقية. الترند قد يشهد انتقادات كثيرة جدا أيضا، ولا يعلم من ينتقد أن صاحب الترند يريد ذلك، فلقد صار في مركز الحدث. مركزا للتفاهة ستدخل في النسيان بعد دقائق. كنت دائما بعيدا عن هذه الظاهرة وما أسهلها. لم أفكر أن أفعلها، ولم أساهم حتى بالتعليق على إحداها، فهي بالونة طائرة تنفجر ولا يخرج منها غير الهواء لدقائق، بينما الهواء الحقيقي حولنا في القضايا الكبرى. لا ألوم من يساهم في الترند، فليس كل الناس ولا كل الأعمار على طريقة واحدة في الحياة، فالذين يقرأون القصص البوليسية مثلا أضعاف من يقرأون الأدب الحقيقي. في الأيام الأخيرة انفجرت السوشيال ميديا بترند سببه سؤال ليوسف زيدان للمفكر السوري فراس السواح، وهو صاحب أعمال عظيمة في تاريخ الأديان والميثولوجيا. كان السؤال في ندوة أقامتها مؤسسة جديدة تسمي نفسها «تكوين» مهمتها تجديد الفكر الديني كما يقولون. بدأوا ندواتهم بلقاء مع مفكر يستحق القراءة والاحتفاء، لكن تبدد اللقاء بسبب «الترند» التافه. ما شاع على الميديا سؤال من يوسف زيدان لفراس السواح هل أنت أفضل أم طه حسين، وإجابة الرجل أنه هو ويوسف زيدان أفضل. انفجرت الميديا بالانتقاد وبصفة خاصة ليوسف زيدان وأعماله مقارنة بطه حسين. المئات دافعوا عن طه حسين وهو يستحق كل ذلك عملا وفكرا، والحديث عنه يحتاج الى مقالات وكتب. اعتذر الاثنان عما حدث وكيف كان الأمر دعابة، وقال السواح إن زيدان ورطه بالسؤال. لكن صار الأمر « ترند» بدا لي مقصودا من صاحب السؤال، فأضاع الندوة وأضاع ما قدمه فراس السواح من أفكار. صار التجديد الديني على الهامش وشاعت الكوميديا والمسخرة. ومن ثم أقول لكم إن هذه بداية منذرة - لا أقول مبشرة من فضلك- بقيمة ما ستقدمه هذه المؤسسة التي لا أتوقع لها دور في التجديد بل لها دور في الترند! ولا أعتقد سيخيب ظني. بعيدا عن ذلك كله أحب أن أضحك مع تعليق واحدة من أجمل من يعلقون على الأحوال الثقافية، هي نجوان ماهر عامر التى تعمل في صفحة « مكتبة وهبان» وهي من أجمل الصفحات الثقافية، والتي لم يعجبها طبعا ما فعله زيدان، قائلة بعد إعلان لشخص آخر تكوين مؤسسة مقابلة لدحض مؤسسة تكوين. قالت نجوان ماهر مع صورة للرئيس السادات «تم تدشين مؤسسات ثقافية في ست ساعات» ولن أزيد من تعليقاتها التي تستحق مقالا ربما أكتبه يوما من فرط الفهم والجمال.
1854
| 09 مايو 2024
كلمة مشهورة لدى أهل الخليج تقال للوجيه (من كلمة وجاهة أي ذي جاه، أو سلطة، أو كبير قوم، أو ذي منصب، أو مركز اجتماعي مرموق يتوجه له الناس لقضاء حاجاتهم)، ومعنى تكفى «أي أنا طالبك تفزع لي على إنهاء أمر معين». وهؤلاء الوجهاء يأتيهم عامة الناس من كل مكان أملاً في أن يساعدوهم في أمور عجزوا عن إنهائها بأنفسهم، بل إن بعض الناس يقطع مسافة طويله لهذا الوجيه لعله يساعده في قضاء حاجته. في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، رواه مسلم. وهذا فضل من الله على عباده بأنه سبحانه يكافئ من أعان أخاه المسلم على حاجة بالعون يوم القيامة. فالدين أمرنا أن نقوم بمساعدة الناس وقضاء حاجاتهم واحتساب الأجر عند الله. فكلنا في حاجة بعضنا البعض مهما كانت مناصبنا أو مراكزنا الاجتماعية. فالطبيب بحاجة للفراش لتنظيف عيادته، والتاجر بحاجة للمحاسب، والغني بحاجة للحلاق، والوزير بحاجة لمن يحضر له اجتماعاته، وهكذا، وهو مصداق قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾. فالذي أكرمه الله بأن يكون وجيها فعليه أن يساعد كل من يأتيه ويقوم بحاجته حتى تنقضي ويحتسب الأجر، فليس له الحق في اختيار من يساعد من الناس. واعلم أن هذا الشخص الذي قصدك واختارك من بين عباده لتقضي حاجته، قد أرسله الله لك لتقضيها له وتكسب الأجر، فإنه قد جاءك وهو متوكل على الله ومتفائل بأنك ستقضي حاجته فلا تخيب رجاءه. ولتعلم انه قد يأتي يوم تحتاج له ولغيره، فلا تحقرن من المعروف شيئا. فلا تتردد أو تقول (على خير) وأنت لن تفعل شيئا. فإن الرجل ذا المنصب أو المركز أو الجاه يكون مثل الرأس في الجسد، ولهذا يذكر عن رجل أوصى ابنه فقال: يا بني، لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الآفات أو الأوجاع، فعليك أن تتحمل ما يحمله هذا المنصب من تكلف أو تعب فلذة خدمة الناس لا تعادلها لذة. وكلمة جزاك الله خيرا عندما تنهي حاجته، هي أبلغ الثناء. فإذا قال شخص لآخر (تكفى يا فلان أبيك تخلص لي موضوعي) قال له (ابشر بسعدك) ومشى معه حتى يقضى حاجته، وهذه من مكارم الأخلاق، لان كلمة تكفى عند اللي يعرفون معناها تهز الرجال. قال الشاعر: جيتك بكلمة كنها صقعة الويل وإن قلت تكفى لا تـهـاون بـتـكـفـى تكفى تراها كلـمـة تـقـطـم الـحـيـل لا بالله إلا تنسف الـحـيـل نـسـفـا تكفى ترا تكفى لـهـا هـدرة الـسـيـل في صدر حرٍ ينتف الطيـب نـتـفـا تكفى ترا تكفى لها تـسـرج الـخـيـل إن كان لك في مجمع الخيل عسفا تكفى ترى تكفى تهز الرجاجيل ولولا صروف الوقت ما قلت تكفى نسال الله أن يكتب الأجر لمن قام مع أخيه المسلم في حاجته حتي يقضيها له.
1821
| 10 مايو 2024