رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

مساحة إعلانية

مقالات

10023

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

العلامة محمد الصابوني رحمه الله

22 مارس 2021 , 02:00ص

الحديث عن الكبار صُنَّاع الحياة غراسي الخير ذو شجون ومدهش، وتأتيك الدهشة إذا كان عن العلماء العاملين الربانيين، فهذه الأمة لا ترحل ولا تموت برحيل وموت علمائها ودعاتها ومصلحيها ومفكريها العاملين القدوات وأصحاب رايات العزة والنصح والعلم والعمل والفهم الصحيح، بل رحيلهم حياة، والمسيرة تمضي بحول الله وقوته بمن يأتي بعدهم.

ففي يوم الجمعة السادس من شعبان 1442 الموافق التاسع عشر من شهر مارس 2021 ومن مدينة يلوا التركية نزل الفارس عن فرسه الشامخ الأصيل الشيخ العلامة محمد علي الصابوني رحمه الله العالم الرباني المفسر العابد "الوقور خادم الكتاب والسنة، العف اللسان المُهاب، المتواضع الذي كان يرى نفسه طالب علم، رغم مكانته العلمية، العامل في صمت، الصابر على الأذى، صاحب كلمة الحق، المجاهد، جميل الوجه، مهاب الطلعة، زادته لحيته البيضاء الجميلة جمالاً ووقاراً، عظيم الخشية من الله تعالى". ذكر الشيخ عبدالله الأنصاري خادم العلم عن الشيخ الصابوني رحمهما الله أنه عندما تمت طباعة كتابه (صفوة التفاسير)، "ومما يدل على طموح أخينا الفاضل ورغبته السامية في نيل الأجر والثواب أن عرضنا عليه المكافأة فكان جوابه أريد المكافأة من الله تعالى، فبارك الله فيه ونفع بعلمه، وأكثر من أمثاله".

عمل الحافظ الفقيه الصابوني رحمه الله مدرساً لمادة التربية الإسلامية في عدد من ثانويات حلب، ودور المعلمين فيها، وظل على عمله في التعليم إلى عام 1962م، وانتدب بعدها الشيخ رحمه الله إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة فعمل بها ثلاثة عقود، ثم عينته الجامعة باحثاً علمياً في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ومستشاراً في رابطة العالم الإسلامي بهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ودرس رحمه الله في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وفي مساجد جدة.

وانتقل بعد ذلك للعيش في أرض الخلافة والحضارة تركيا للتفرغ للتأليف والعبادة والدعوة والنصح والإرشاد والوقوف مع الحق وأهله، وهكذا الدولة الكبيرة ذات التاريخ والحضارة والعلم والسيادة لا تحتضن إلا الكبار من علماء الأمة، فسلمتِ يا تركيا يوم أن احتضنتِ الكبار بعد أن قلاهم من لا يعرف قيمة وقدر ومكانة الكبار.

والشيخ الصابوني رحمه الله له مواقف قوية عادلة وصريحة وصادعة بالحق ضد الظالم وأذنابه، وقف مع الحق وأهله في وجه الطغيان والاستبداد الواقع على شعبه السوري الأصيل الحر الأبي، فهو ابنها وتلميذها وأحد أساتذتها وشيوخها وعلمائها العاملين الكبار، وله رحمه الله إرث علمي واسع بمؤلفاته والتي تقرب من الخمسين مؤلفاً، ولعل أبرزها وأظهرها كتاب "صفوة التفاسير" الذي لاقى قبولاً وانتشاراً في الأمة، فهذه كلمات عن كتاب (صفوة التفاسير):-

* قال عنه الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله "وجدته تفسيراً يكتفى به في مجال معرفة أحكام كتاب الله ومعاني أحكام آيات الله" 1981.

* شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود رحمه الله "وإذا كان اختيار المرء قطعة من عقله، فإنه لا شك أن المؤلف وفق توفيقاً كبيراً في الاختيار من أمهات كتب التفاسير التي رجع إليها على علم وبصيرة"1976.

* الشيخ عبدالله بن حميد رئيس القضاء الأعلى رحمه الله "فقد أجاد المؤلف وأفاد فيما سمعته من كتابه جزاه الله خيراً، كما اجتهد في جمعه واختار أصح الأقوال وأرجحها في تفسير كتاب الله وجمع في هذا التفسير بين المأثور والمعقول، بأسلوب واضح، وطريقة حديثة سهلة" 1977.

* الشيخ العلامة أبو الحسن الندوي رحمه الله "لا يقدر على ذلك إلا من توسعت دراسته وسلم ذوقه وحسنت ممارسته لفن التدريس، فاستحق بذلك شكر طلبة العلم والمشتغلين بفن التفسير جزاه الله خيراً وأثابه وتقبل عمله" 1976.

* الدكتور عبدالله عمر نصيف "لهو توفيق من الله سبحانه وتعالى للمؤلف، فقد مكّنه جل وعلا من تقديم هذه الكنوز العظيمة، في سفر واحد هو (صفوة التفاسير) ليسهل على الباحثين مهمة الاطلاع والفهم لكتاب الله عز وجل" 1980.

* الدكتور راشد بن راجح عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية "فهو بذلك كتاب جيد يستحق الطبع والنشر لتعم الفائدة، جزا الله مؤلفه خير الجزاء ونفع به الإسلام والمسلمين" 1976.

* الشيخ عبدالله خياط رحمه الله إمام وخطيب المسجد الحرام "كنتُ أجد في نفسي رغبة ملحة لتفسير القرآن الكريم في متناول طالب العلم، يجمل ما تفرق في كتب التفسير المعتبرة، ويغنيه عن المراجع المطولة، ويعطيه فكرة واضحة عن لغة القرآن، وسبب النزول، وييسر له المعاني فيكون زاده وعدته، فكان كتاب (صفوت التفاسير) هو الضالة المنشودة والحلقة المفقودة" 1975.

* الشيخ محمد الغزالي رحمه الله "فإن الثقافة القرآنية تحتاج إلى قلم سهل العبارة، فياض الأداء، بعيد عن المصطلحات الفنية، والمناقشات الفلسفية، همه الأكبر إبراز السياق السماوي، والوصول به إلى نفوس الجماهير دون تكلف أو التواء، وقد نجح فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني في تحقيق هذه الغاية"1976.

وهكذا الكبار يرحلون وتبقى آثارهم وأعمالهم ومساحات الخير أمام الناس، فحياتهم عطاء ومورد حتى بعد رحيلهم لمن أراد أن يستسقي من مائهم العذب الزلال.

فرحمك الله أيها الشيخ العالم الرباني وما الجموع التي أتت لتصلي عليك صلاة الجنازة بجامع الفاتح بإسطنبول أرض الفاتح القائد محمد رحمه الله، لدليل على هذه المحبة التي زرعها الله تعالى في هؤلاء للشيخ محمد علي الصابوني رحمه الله، وما أتت هكذا عبثاً وغصباً وكرهاً ونفاقاً. فرحمك الله تعالى أيها العالم الرباني وجزاك الله عن الأمة كل خير وبر بما قدمته من خدمة لدينك وأمتك وجعل ذلك كله في ميزان حسناتك، وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

"ومضة"

قولوا لأهل الطغيان والظلم والاستبداد وقاهري وناهبي ثروات الشعوب والرويبضة "بيننا وبينكم يومُ الجنائز"!. كم في حياة آثار صُنّاع الحياة من دروس ومساحات!.

[email protected]

مساحة إعلانية