رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

1667

د. بثينة محمد الجناحي

العمل المؤسسي وانعكاساته الاجتماعية الثقافية

23 مارس 2021 , 02:00ص

أجد من الظلم حصر الثقافة، حتى ولو كان لبعض من تصنيفاتها أعداء يترصدون الخطأ لإقصائه، أو حتى لمجرد كونه خطأ يدرج تحت كل حجة ظلت حبيسة عصرها، وسجينة عقلياتها المحدودة. فمن الظلم فرض التجرد على مفهوم واسع دون منحه صفة التعبير التجريدي والحسي والأدائي الذي يهيم تحت مظلة الثقافة، كما أجد أن من الظلم أيضاً تحديد الأولويات لتصنيفات ثقافية على أخرى، فمن الصعب أن تبقى التصنيفات فردية أو حتى منتقاة، إنما تتسم الصفات الثقافية على قدرتها التجانسية والإمكانيات الإبداعية للتركيب وإنتاج ثقافة جوهرية حسية متكاملة.

وتظل الحجج والمفاهيم للثقافة مستمرة، لن تقف في زمن محدود ولن تكون ثابتة بين أجيال سابقة ولاحقة، إنما هذه هي التوقعات الفعلية لمفهوم قادر على أن يتجدد ويتبنى الأدوات التي تعزز باستمرار الحراك الثقافي المبدع.

نحن من المفترض أن نشكل الثقافة بناء على تكوين مجتمعي، وهذا فعلياً ما يكون به التكوين الاجتماعي تاريخياً، إنما ينقص ذلك التكوين الإمكانيات على تقبل الصفات الثقافية كاملة، عوضاً عن حصرها ووضعها في إطار محدود، فلا تتوجه الثقافة على سبيل المثال للأدب وتحكر فيه، ولا تتنفس بين بيوت شعر وتهتم بأوزانه، إنما يظل التكوين الاجتماعي انعكاساً لكل قيمة استطاع الإنسان أن يخصصها لمحيطه، وكل تعبير تمكن الإنسان من أن يكون له تمثيلا لماهيته. بالتالي، لم تقف الثقافة حكراً على خصخصة الصفات الثقافية المتبعة، ناهيك عن عدم قدرة محدودية تلك الصفات أن تمثل شريحة مجتمعية – متنوعة بأكملها، إذ إن الثقافة هي القصة، الكلمة، الكتاب، الشعر، الشعائر، المأكل والمشرب والموسيقى والأداء، وفنون أخرى لا نهائية تدخل في سياق التركيب والتجانس المتجدد.

وهنا نثبت بأن الثقافة بها من العلو والرفعة التي تعطي القدر الكافي والقيمة الحقة للإنسان في بيئته وظروفه المحلية والتي تعكس انطباعاته وإبداعه الخاص، وهذا على صعيد الثقافة المجتمعية، وإمكانية الإنسان في تعريف ماهيته وأدواته الثقافية بين أفراد مجتمعه، فالمسألة بها صعوبة نوعية من ناحية صراع المجتمع بين بعضه البعض، ما بين التخلي عن القديم ومعاصرة الحديث، وتقبل التجديد بشرط التمسك بالقديم، وقد تكون بها من الصعوبة من حيث التعبير على الصعيد المؤسسي، إذا شعر الإنسان ببروز صفات ثقافية على أخرى تباعاً لإطار مؤسسي حصر التنوع بين صفات ثقافية محدودية وعممها على المشاريع التي تؤثر بشكل مباشر على الثقافة المجتمعية التي تتكئ على النظام المؤسسي في مسألة التعبير وانعكاس انطباعاته المحلية والخاصة بحسب توجهات إطار العمل المؤسسي.

هنا نقف وقفة جادة، محاولين أن نفهم مكانة التجانس وأريحية التركيب الثقافي وإمكانية التعبير المجتمعي بشكل مبدع مواكبة مع إطار عمل مؤسسي يعكس ثقافة ما، ولكن لا يعكس بالضرورة ثقافة مجتمع بصورته العامة.

كي تتمكن المؤسسة من تفعيل الحراك الثقافي في المجتمع، عليها أولاً أن تبدأ بإطار عمل يعرف الثقافة دون حكر ولا تخصيص لصفاتها، ومن ثم تبني عليها مقاييس التنوع في أدوات التعبير المتنوعة التي تتيح للمجتمع الانخراط والتمكين في الرؤية المؤسسية بشكل أكثر إبداعا وأقل محدودية، فالمؤسسة يجب أن تعكس المجتمع، أما العكس فهو غير وارد، وقد يصعب أن يعكس المجتمع المؤسسة بحسب الأنظمة المتبعة.

[email protected]

مساحة إعلانية