رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

محمد جابر سلطان الجابر

مساحة إعلانية

مقالات

1609

محمد جابر سلطان الجابر

الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري (14)

20 أبريل 2021 , 03:00ص

نجد الحق الله سبحانه وتعالى موجهاً كلامه للذين عايشوا هذه الفكرة من أن الموت نهاية هذه الحياة، وأنه لا بعث ولا قيامة ولا يوم اخر كما يزعمون، فعندما يبعثهم الله ويوجه اليهم هذا السؤال بقوله سبحانه وتعالى وكما اشارت الآية الكريمة إلى ذلك "قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ. قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ. قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُون" الآية 112 – 115 سورة المؤمنون، ان كلمة عبثاً تؤكد على ان الاصل من خلق الانسان ووجوده فوق هذه الارض وكل ما سخره الله سبحانه وتعالى في هذا الكون من آيات ونعم لا يمكن ان تكون عبثاً، لأنه كما هو معروف ان الاصل في خلق الاشياء ووجودها وصناعتها الديمومة والاستمرار، وهذا ما نراه واضحاً وجلياً عبر كل هذه الاختراعات والصناعات التي توصل اليها الانسان بذكائه الفطري لتستمر المسيرة الانسانية فوق هذه الارض في خدمة اهدافها وتطورها وابداعها وغاياتها إلى ما لا نهاية جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن فهذه مصانع السيارات، وهذه مصانع الطائرات، وهذه مصانع الآلات، وهذه مصانع السلاح، وهذه مصانع الادوية والعلاجات، وهذه مصانع التكنولوجيات بأنواعها وأشكالها وغيرها وغيرها كلها صنعت من أجل الديمومة والاستمرارية وتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، وشعوباً بعد شعوب، وأمماً بعد أمم.

وحتى الانسان نفسه تراه في مسيرة حياته يبحث عن ديمومته واستمراريته وخلود اسمه الى ما لا نهاية والى الابد عبر ما يرزق به في هذه الدنيا من أبناء وأحفاد يحملون ويتوارثون اسمه واسم اجداده وآبائه جيلا بعد جيل، وهذا من صميم الفطرة البشرية الإنسانية التي فطر الله الناس عليها في حب البقاء والحفاظ على السلالة والانساب، لذا فإنه بالأولى من خلق الله لهذا الانسان ان يجد له عند الله موعدا للديمومة والاستمرار، فالموت ليس نهاية هذه الديمومة وليس نهاية هذا الموعد فهناك لابد من الحضور وهناك لا بد من اللقاء وكما أكده سبحانه وتعالى بقوله "وإن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ" الآية 32 سورة يس، وفي آية اخرى يقول الله سبحانه وتعالى "إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ" الآيات 30-31 سورة الزمر.

اذا فالإتقان الإلهي يؤكد لنا ان الديمومة والاستمرارية هما مصيرنا النهائي، لأن من حتميات ذكائنا الفطري أنه لا يمكن أن نعيش في ظل هذه الحياة من أعمارنا أربعون سنة، أو ستين سنة، أو تسعين سنة، أقل او أكثر ثم نواجه مصيرنا بالموت لتطوى أجسادنا في ظلمات القبور والأجداث ثم نصير تراباً فهذه عبثية لا قيمة لها أبداً ما دام هذا الموت هو مصيرنا النهائي، وهذا يتنافى مع الهدف الذي خلقنا الله لأجله، فهذه الصراعات، وهذه المظالم، وهذه الحقوق، وكل أعمالنا من خير وشر، وتصرفاتنا من حق وظلم، خلال سنوات اعمارنا، هل يتصور أن تمضي هكذا عبثاً بدون أن تصل إلى الديمومة عند من خلقنا وأوجدنا من العدم؟.

وهل يتصور أن تمضي سنوات أعمارنا بكل ما فيها من كبد وكدح ومعاناة وسعادة وشقاء ومظالم وحقوق، بدون لقاء الله، لنجد عنده ديمومتنا الأبدية في تأكيد الحق سبحانه وتعالى، وكما اشرت اليها في الآيات التي ذكرتها من أهمية لقاء الله والحضور عنده للفصل في كل تلك المواطن التي قضيناها في كبدنا ومعاناتنا وصراعاتنا وخيرنا وشرنا مع بعضنا وبمختلف عقائدنا وأدياننا لنواجه الحق والعدل والموازين والثواب والعقاب والجنات والنيران.

وكما هي في معتقدنا الإيماني نحن المسلمين انه يوم الرجوع ويوم الحضور ويوم اللقاء والذي أكد عليه الله سبحانه وتعالى بقوله "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" الآية 281 سورة البقرة، وكما قال تعالى وفي آية أخرى أيضاً "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ" الآية 30 سورة آل عمران.

وللمقال بقية الأسبوع المقبل

[email protected]

اقرأ المزيد

alsharq الإرهاب المطلوب!

هل تجد اليوم من يتجرأ مثلاً ويتحرش بالولايات المتحدة أو الصين أو روسيا؟ بالطبع لن تجد أحداً، يحسب... اقرأ المزيد

135

| 02 مايو 2024

alsharq سفهاء العقول وتربية أجيال!

نستغرب من نوعية من البشر لا بشر! نوعية من بني آدم تنعدم وتغيب معنى المشاعر والإنسانية من أرواحهم... اقرأ المزيد

129

| 02 مايو 2024

alsharq العالم العامل الشيخ عبدالمجيد الزنداني رحمه الله

عالمنا الإسلامي على امتداد مساحته الواسعة بين يوم وآخر تنطفئ شمعة من شموع العلم والعمل والدعوة والفقه والجهاد... اقرأ المزيد

135

| 02 مايو 2024

مساحة إعلانية