رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

محمد جابر سلطان الجابر

مساحة إعلانية

مقالات

1413

محمد جابر سلطان الجابر

الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري (15)

27 أبريل 2021 , 04:00ص

وكذلك أشار إليها الحق سبحانه وتعالى في قصة أصحاب الكهف، الذين أماتهم الله ثلاثمائة وتسع سنين، وعندما استيقظوا وبعثوا من مرقدهم ونومهم أو قل موتهم بعد هذه المدة من تلك السنوات التي أشار إليها الحق سبحانه وتعالى، والتي تساءل عنها أصحاب الكهف فيما بينهم، كان الجواب كما قال سبحانه وتعالى "قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ " الآية (19) سورة الكهف.

إذاً فالمسألة الزمنية والقياسات الزمنية في الحسابات الإلهية عند مسألة الموت والفناء وعبر عالمها ومهما مرت عليها من سنوات وقرون وأزمان ودهور أو قل ملايين السنين تعادل في حالة البعث والنشور والإعادة من جديد، ذلك الذي وضحه سبحانه وتعالى بيوم أو بعض يوم، أي بصورة أوضح من يموت منا اليوم سوف يجد نفسه بعد يوم أو يومين أو بعض يوم إلا وهو مبعوث من مرقده الذي كان فيه وهو عالم القبور والأجداث ليجد نفسه يجيب عن هذا السؤال، وهو السؤال الذي طالما كنا نتساءل عنه، ونتساءل عن ماهيته وعندها نجد الحقيقة واضحة جلية وهذا هو مصداق قوله الحق سبحانه وتعالى "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ الآية (51 – 52) سورة يس، فكلمة هؤلاء المنكرين من قولهم يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا دليل على أنهم لم يشعروا أبداً بمرور الدهور والقرون، ويوضحه قولهم من مرقدنا كأنهم في رقاد وعادة ما تذكر كلمة رقاد إلا لإنسان نائم له يوم أو يومان أو أقل من ذلك، ولهذا أشار الله سبحانه وتعالى على لسان أولئك الكافرين من الجاحدين والمنكرين لقدرة الله الخالق العظيم على بعث وخلق الأجساد من جديد في يوم قيام الواحد من هؤلاء وبعثه من جديد ليقول كما أشارت الآية "وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابا" الآية (40) سورة النبأ، لماذا لأنه كان آخر عهده بالدنيا أنه مات وقبر في التراب وأصبح تراباً، ومضت عليه السنين والدهور والقرون وهو نائم في مرقده حتى يجد نفسه وقد بعث من جديد ليجد نفسه أمام الحقيقة، ويقول مخاطباً خالقه "وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابا"، وهنا قد فات الأوان ولات ساعة مندم، لأنه في حالة هذا الموت قد خرج من نطاق الزمن ومن تقلبات السنين والدهور والقرون وهو ما وضحه الله سبحانه وتعالى بقوله "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا" الآية (98) سورة مريم وعندما يذكر الحق سبحانه وتعالى كلمة (قرون) و(قرن) كما هو متعارف عليه في حساباتنا البشرية هي مائة سنة ومائة سنة تعني هلاك جيل كامل وبداية جيل جديد.

ولو تصورنا الآن أن سكان كوكبنا الأرضي حالياً وكما تشير التوقعات والإحصائيات الرسمية تزيد على 7.700 مليار إنسان في الوقت الراهن أي أن بعد مرور مائة سنة أو قرن من اليوم أي في عام 2100 سوف يكون كل من ولد من هذا اليوم وحتى عام 2100 في عداد الأموات ممن ذكرهم الله سبحانه وتعالى "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"، فلك أن تتصور كل هذه المليارات من البشر في قرن واحد ومائة سنة من الآن قد رحلوا إلى عالم الأموات والقبور والأجداث، بحيث لا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا وليبدأ جيل جديد بعد قرن، وهكذا هي عظمة الإتقان الإلهي في المسيرة الإنسانية وإلى أن يشاء الله.

فهذه الأمراض والأوبئة من الأنفلونزا الإسبانية وآخرها فيروس كورونا (كوفيد – 19) وهذه الكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير والبراكين ما زالت وما تزال تحصد الآلاف من البشر ومثلها الحروب أيضاً وآخرها الحرب العالمية الأولى والثانية (1) وهذه كلها تدفع بالبشرية نحو مستقر الأموات، ومستقر القبور ألا وهي هذه الأرض وهي مرحلة ما قبل البعث والنشور مصداقاً لقوله الحق سبحانه وتعالى "مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ" الآية (55) سورة طه.

هامش ( 1 )

خسائر الحرب العالمية الأولى والتي بدأت عام 1914 وحتى عام 1918 من القرن الماضي وبلغت ما يزيد على 37 مليون إنسان ما بين مدنيين وعسكريين من قتلى وجرحى ومفقودين.

خسائر الحرب العالمية الثانية والتي بدأت عام 1939 وحتى عام 1945 من القرن الماضي بلغت حوالي 61820 مليون إنسان قتيل ما بين مدني وعسكري.

جائحة الأنفلونزا الإسبانية، والتي انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى حيث خلفت وراءها أكثر من 50 مليون ضحية إنسانية.

زلزال شانسي في مقاطعة شانسي الصينية، والذي وقع في عام 1556 م والذي خلف وراءه أكثر من 830000 قتيل في لمح البصر.

زلزال التسونامي زلزال تايلاند، والذي وقع في وسط المحيط الهندي عام 2004 م وتسبب في توليد موجة تسونامي، التي راح ضحيتها ما يقارب من 300000 قتيل، وحيث تعد هذه الموجة من أكبر الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث.

إنها قوانين المنظومة الإلهية وسننه في المسيرة الإنسانية قرناً بعد قرن وجيلاً بعد جيل.. ومن هنا فلن تجد لسنة الله تبديلا.. ولن تجد لسنة الله تحويلا.. وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وللمقال بقية الأسبوع المقبل.

[email protected]

مساحة إعلانية