رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

محمد جابر سلطان الجابر

مساحة إعلانية

مقالات

2611

محمد جابر سلطان الجابر

الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري ( 17 )

01 يونيو 2021 , 04:00ص

هناك مسألة مهمة جداً في عملية الذكاء الفطري الذي وهبنا الله إياه عبر كينونتنا البشرية، وهي مسألة (الغيب) أو العالم الغيبي الذي مهما أردنا أن نصل اليه بكل ما لدينا من قدرات وأفكار وتطور وتقدم واختراع وتكنولوجيا وذكاء اصطناعي وروبوتات لا يمكننا أن نعلم أسراره وكنهه، صحيح اننا وصلنا الآن إلى هذا التقدم الهائل في مجال العلوم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وعلوم الطب والتشريح، وهذا التقدم الهائل في توفير وسائل الراحة والرفاهية عبر كل هذه المخترعات التي نراها وهي تتطور يوماً بعد يوم، ولكن هناك أموراً غيبية تصطدم بذكائنا الفطري ولا يمكن أن نجد لها جواباً، فمهما اعتصرنا عقولنا ومهما تساءلنا بأفكارنا ومهما افتخرنا باختراعاتنا وتقدمنا التكنولوجي والعلمي ونبوغ ذكائنا الاصطناعي، فسيظل هذا العالم هو شأن من شؤون خالقنا الله سبحانه وتعالى، الذي خلق هذا الكون وخلق السماوات والأرض، وخلق كينونتنا البشرية، واستوى على العرش، وعندما نتأمل مثلاً في كلمة (العرش) لا يمكن ان نجد جواباً لماهية وحقيقة هذا العرش، أين هو؟ وأين موقعه ومكانه وحجمه واتساعه؟ لماذا لأن هذا العرش هو أمر غيبي لا يستطيع ذكاؤنا الفطري أن يصل إليه، ولكنه سبحانه وتعالى أشار إليه بآياته القرآنية التي تشير إلى بعض الحقائق والصفات لحقيقة عرشه، منها مسألة الاستواء من قوله تعالى "ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ" الآية 54 سورة الأعراف، وقوله تعالى في آية اخرى "ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ“ الآية 3 سورة يونس، وقوله تعالى أيضا "ثم اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ" الآية 2 سورة الرعد، وقوله تعالى "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" الآية 5 سورة طه، وقوله أيضا "ثمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا" الاية 4 سورة الحديد. حيث ترى مسألة هذا الاستواء لله جل علاه في هذه الآيات مرتبطة بحركة هذه الحياة وهذا الكون الكبير الشاسع من حركة الليل والنهار، وحركة الشمس والقمر، وتدبير وتصريف الشؤون والأحوال وعوالم الأقدار وحتميات القضاء لكل ما خلقه الله في هذا الكون العظيم عبر كل ما يعتري هذه الأرض التي نعيش فوقها، وهذا الكون الشاسع الذي يحيط بها وفق ما ارتبط به هذا الاستواء وعبر هذه الآيات القرآنية التي أشرت إليها في هذه المنظومة الإلهية المتقنة، والتي أكدتها الآية الأخرى من قوله تعالى "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" الآية 255 سورة البقرة، هذا الكرسي المرتبط بعظمة هذا العرش وهو ما وضحته هذه الآية التي تسمى عندنا نحن المسلمين بآية الكرسي.

وهناك أيضاً إشارة أخرى تتعلق بحقيقة عرش الله، وهي أن ملائكة الله وهم أيضاً عالم غيبي لا نعلمه نحن البشر وبعيد عن كل مداركنا الفطرية والعقلية هم وحدهم من يعرفون حقيقة عرش الله، وهو ما أشار اليه سبحانه وتعالى بقوله "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" الآية 7 سورة غافر. وفي آية أخرى قوله سبحانه وتعالى "وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ" الاية 75 سورة الزمر، وقوله تعالى في الآية الأخرى أيضاً "وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ" الآية 17 سورة الحاقة، إشارة الى الملائكة هم وحدهم من تشير اليهم هذه الآيات العارفون بحقيقة عرش الله. والمسألة الأخيرة في حقيقة هذا العرش هو أن عرش الله موجود على الماء، قال سبحانه وتعالى موضحاً هذه الحقيقة "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" الآية 7 سورة هود، وهذا الماء الموجود فوقه عرش الله لا نعلم نحن الإنسانية حقيقة كونه وماهيته، لأننا نحن البشرية نعرف كوكبنا الأرضي بمياهه نعرفه بأنهاره الموجودة عندنا، أما الماء الذي نعرفه عند الله فهي الأنهار التي تجري تحت جنات الله عنده سبحانه وتعالى في الملأ الأعلى، كما قال سبحانه وتعالى موضحاً لنا ذلك "مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى" الآية 15 سورة محمد. نعم فعرش الله موجود على الماء لكنه أي ماء؟ وأي نهر؟ يكون عليه هذا العرش العظيم وهذا العرش الكريم وهذا ما لا يمكننا أن نعرفه لأنه سبحانه وتعالى ذكر فقط في الآية "وكان عرشه على الماء" وكما ذكرته سابقاً.

وللمقال بقية الأسبوع المقبل

[email protected]

مساحة إعلانية