رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

7735

جعفر عباس

النجاح بدون شهادات وارد

16 نوفمبر 2021 , 03:00ص

قلت في مقالي هنا يوم الثلاثاء الماضي إن درجة البكالوريوس الجامعية- في تقديري- "مستحبة" ولكنها ليست فرض عين، بمعنى أنها تفتح الطريق الى سوق العمل وقد تفتح العقل لاستيعاب تجارب وخبرات جديدة، ولهذا صار التعليم، بل والتعليم العالي تحديدا ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة، فالعالم الغربي لم يسبقنا في مجالات الاكتشافات والاختراعات والصناعة، وبالتالي في مستوى المعيشة، إلا بالاستثمار في التعليم والبحث العلمي، والتقييم العالمي للجامعات يستند ضمن اعتبارات كثيرة على كم وكيف البحث العلمي لكل جامعة، ولكنني أعود وأقول إن التعليم لا يعني بالضرورة "الشهادات" ذات الأسماء الطنانة، فرئيس وزراء بريطانيا الأسبق جون ميجر لم يدخل جامعة قط، بينما كان ديفيد كاميرون (رئيس وزراء بريطانيا من 2010 الى 2016) من خريجي جامعة أكسفورد المرموقة عالميا بمرتبة الشرف الأولى، ولكنه جرّ حزب المحافظين الذي ينتمي إليه كلاهما إلى أسفل سافلين، فتعرض الى هزات قوية جعلته يفقد الكثير من أغلبيته البرلمانية لأنه كان يتخذ قرارا اليوم ليلحسه في اليوم التالي.

وكتبت كثيرا وسأظل أكتب عن بيل غيتس وكيف كان طالبا متفوقا ودخل أشهر جامعة في العالم (هارفارد)، ولكن ما أن بدأ يفهم بعض أمور الكمبيوتر حتى قال: بلا هارفارد بلا بطيخ، وترك الجامعة ودخل مجال برامج الكمبيوتر التطبيقية (سوفتوير) وأنشأ شركة مايكروسوفت التي جعلته ثاني أغنى أغنياء العالم وصاحب أعلى تبرع مالي في تاريخ العمل الخيري على الإطلاق، (رأسمال المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمه واسم زوجته مليندا نحو 56 مليار دولار مكرسة لمكافحة المرض والأمية في الدول الفقيرة، وها هم أصحاب نظريات المؤامرة يروجون الى انه مبتكر فيروس الكورونا ثم قالوا انه يقف وراء انتاج لقاح الكورونا كي يقتل مليارين من الناس، ثم قالوا ان اللقاح الذي موّل غيتس انتاجه يؤدي الى زرع شريحة في جسم الانسان تجعل غيتس قادرا على رصد تحركات البشر- ولم يشرحوا ما العائد على غيتس من ذلك؛ وبالمناسبة فإن غيتس وحرمه على وشك الطلاق وستحصل مليندا عندها على اكثر من ستين مليار دولار من ثروة زوجها كـ "بدل" طلاق).

وفي الجهة المقابلة لمايكروسوفت تقف شركة "أبل" ولديها في هذه اللحظة ودائع نقدية سائلة تقدر بـ 245 مليار دولار، وبزوغ ونجاح هذه الشركة يعزى للراحل ستيف جوبس الذي أمضى ستة أشهر فقط في كلية ريد في بورتلاند، وتركها بعد أن أدرك أنها لن تقدم له العلم الذي ينشده.. ومنتجات ونجاحات مايكروسوفت وأبل دليل على عبقريات فذة وبالتأكيد فإن غيتس وجوبس لم يخترعا البرمجيات والأجهزة التي جعلت الشركتين في صدارة عالم التكنولوجيا الحديثة، وبالتأكيد أيضا فلولا عبقرية الرجلين في إدراك الطفرات الكامنة في جينات التكنولوجيا الرقمية وقدراتهما القيادية العالية التي اكتسباها بدون بكالوريوس لما شهد العالم ونعِم بالقفزات العالية في دنيا الكمبيوتر والاتصالات، بدرجة أن قرويا اسمه جعفر عباس ما زال غير قادر على استيعاب كيف تجعل الكهرباء وهي مصدر حرارة الاشياء باردة ولا كيف يعرف الاسانسير فتح وغلق الأبواب حسب الأسبقية في الضغط على أزراره، بل وكيف يلتقط بيت في أفغانستان ما يقوله أمريكي في قناة تلفزيونية في امريكا أولا بأول، ورغم أنني قضيت معظم سنوات حياتي العملية في مجال التلفزيون إلا أن الرغبة في النظر داخل جهاز التلفزيون على أمل أن أجد شخصا جالسا بداخله ما زال يداعب خيالي، لأنني مش فاهم كيف يلتقط صندوق صغير او مسطح صورا حقيقية لأناس وكائنات وأشياء حقيقية مصدرها مكان يبعد عني آلاف الأميال!!

وفي العالم العربي نردد كثيرا أن عباس العقاد كان أديبا وناقدا وشاعرا وزاده من التعليم الشهادة الابتدائية، ولكنه يكاد أن يكون "نكرة" لغير الناطقين بالعربية أو دارسيها، بينما طه حسين نال أعلى الدرجات الأكاديمية ونحت اسمه على صخرة المجد وهو كفيف- مما يعني ان هناك من يجعل من التحصيل الأكاديمي مفتاحا للنجاح بينما هناك من ينجح مسنودا فقط بعصاميته وتحصيله الشخصي.

[email protected]

 

مساحة إعلانية