رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

8432

جعفر عباس

هؤلاء نجحوا بدون بكالوريوس

23 نوفمبر 2021 , 03:00ص

للأسبوع الثالث على التوالي أبقى مع موضوع التعليم وأهمية التعليم، وعطفا على آخر مقالين لي هنا أقول مجددا إنني لا أعني بالتعليم فقط ذاك الذي يؤهل الانسان للحصول على شهادة ذات مسمى طنان ورنان، ومعلوم في عالمنا المعاصر أنه ما من شخص استخدم الكمبيوتر على مدى ربع القرن المنصرم إلا واستفاد من برمجيات مايكروسوفت التي يقف وراءها بيل غيتس الذي صار أشهر شخصية في عالم التكنولوجيا في القرنين العشرين والحادي والعشرين بتأسيسه شركة مايكروسوفت العملاقة بعد أن ترك الدراسة في جامعة هارفارد العريقة، ثم جاء ستيف جوبس مسلحا بالشهادة الثانوية وقاد شركة أبل إلى نجاحات مذهلة بمخترعات أشهرها الآيبود وكمبيوترات ماك والآيباد والآيفون، وأبل apple تعني التفاحة وكما يلاحظ كل من رأى شعار الشركة فإن تفاحتها مشرومة ومقرومة، وتخيل أي نجاح كانت الشركة ستحققه لو كانت تفاحتها كاملة لم ينهش جزءا منها فاعل مستتر (الطرفة الرائجة ان تفاحة سقطت من شجرة فألهمت آيزاك نيوتن (اسمه هكذا وليس اسحق) نظرية الجاذبية وتفاحة بعض منها مأكول جعلت من ستيف جوبس فارس الهواتف الذكية ثم أخذ بعض العرب تفاحة وصنعوا منها معسل شيشة يجنن).

والشاهد كما في الموال الذي ظللت أنشده طوال الأسبوعين الماضيين عبر هذه الزاوية هو أن الشهادة الجامعية ليست بالضرورة باسبورت النجاح في الحياة العملية، بدليل أن هناك كثيرين من ذوي السجلات التي ستبقى في ذاكرة البشرية على مر القرون صنعوا وحققوا إنجازات ستبقى في ذاكرة التاريخ البشري على مر العصور، ومن منا لا يذكر ونستون تشيرتشل أشهر رؤساء الحكومات في بريطانيا وأبرز قادة الحلفاء الذين هزموا ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثالثة، فرغم أنه كان سليل أسرة أرستقراطية أرادت له الالتحاق بكلية إيتون (الثانوية) إلا أن تشيرتشل انتقل بين أربع مدارس ثانوية على أمل أن يجد مدرسة تغرس فيه حب الدراسة والتعلم، ولما لم يجد المدرسة التي ينشدها التحق بالمدرسة العسكرية فقد نشأ عاشقا للجندية، وشارك في حروب كثيرة كمقاتل وكمراسل حربي، وسيبقى تشيرتشل في ذاكرة التاريخ ليس بوصفه قائدا سياسيا وعسكريا فذا بل لكونه كاتبا وخطيبا جهوريا يرتجل الخطبة فتأتي أفضل من تلك التي يعكف بعض القادة على صياغتها شهرا كاملا مستعينين بخيرة الكتاب، وبالتالي ليس مستغربا أن يكون تشيرتشل رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ العالم الذي يفوز بجائزة نوبل في الأدب، وهذه الجزئية مهمة جدا لأن تشيرتشل كان يتأتئ (تمتام) يجد صعوبة في نطق الكلمات لسنوات طويلة وتغلب على تلك الإعاقة بالمران وقوة الإرادة، وكان هناك في تاريخ بريطانيا رئيس وزراء آخر هو آرثر ويلسلي الشهير بدوق ويلينغتون Duke of Wellington، وكان أيضا سليل أسرة عريقة، ولكنه خيب آمالها برفضه الاستمرار في مقاعد الدراسة وتفضيله الحياة العسكرية على الحياة والمؤهلات الأكاديمية

وليس معنى كلامي هذا أن كل من يرفض الدراسة سينجح بالضرورة في مجال من مجالات الحياة، بل معناه أن عدم حيازة الشهادات المدرسية أو الجامعية لا يقف عائقا أمام النجاح في الحياة لذوي العزم والعزيمة في اكتساب مهارات بالممارسة أو لكونهم ذوي استعداد فطري للتفوق في ميادين معينة في غياب البكلرسة والمسجترة والدكترة.. خذ مثلا ايرنست هيمنغواي أشهر روائيي القرن العشرين والحائز على جائزة نوبل للأدب، فقد درس المراحل حتى الثانوية في مسقط رأسه بولاية إلينوي الأمريكية، ولكنه دخل في كلاش / صدام مع أمه لأنه كان يفضل الموسيقى على المدرسة، وحتى في المدرسة لم يكن متفوقا في أي مادة سوى اللغة الانجليزية، والملاكمة، وسرعان ما هجر المدرسة الثانوية ليصبح مراسلا لجريدة كنساس ستار المحلية وما ان اشتعلت الحرب العالمية الأولى حتى عمل فيها سائق سيارة اسعاف متنقلا عبر الجبهات الأوروبية ثم غطى الحرب الأهلية في إسبانيا كصحفي وكتب رائعته "وداعا للسلاح"، وبدون "حتى شهادة إكمال الثانوية" كتب ست روايات تعتبر من كلاسيكيات الأدب الأمريكي، وما زلت أجد متعة عجيبة في قراءة روايته "العجوز والبحر The Old Man and the Sea" المرة تلو الأخرى، متذكرا أن الشهادات لا تصنع العباقرة.

[email protected]

مساحة إعلانية