رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

8623

جعفر عباس

تعولموا وتمسخروا

30 نوفمبر 2021 , 03:00ص

أرى أنني شديد الميل للتوثيق للأحداث، ليس بمعنى أنني باحث ونشط في مجال التوثيق، ولكن بمعنى أنني أعشق جمع الوثائق، وأقر بأنني تأثرت في هذا المجال بالأستاذ العميد ناصر العثمان المولع بتجميع القصاصات ذات القيمة التوثيقية، وساعدني على ذلك العمل في مجال الصحافة، وتجد عندي اليوم مثلا نصوص خطب لصدام حسين عام 1982 وجمال عبد الناصر عام 1969، وما زلت أحتفظ ببعض شهاداتي المدرسية ومن بينها واحدة قمت فيها بتزوير درجاتي في مادة الرياضيات، وأحتفظ بكل ما يتعلق بمسيرة عيالي الأكاديمية حتى وقد فارقوا بحمد الله مقاعد الدراسة، وعندي صور فوتوغرافية لشخصي لا أسمح لأحد برؤيتها لأنني أبدو فيها كأحد ضحايا الجفاف والتصحر.

وقبل أيام قليلة، كنت أقلب أوراقا قديمة، وما أكثرها لديَّ، لأنني أهوى جمع القصاصات الصحفية، وكل ما هو مصنوع من الورق، بما في ذلك العملات الورقية، ولديَّ عملات من نحو ستين دولة، تساوي ثروة لا بأس بها، ولا أظن أن قيمتها مجتمعة تقل عن عشرة دولارات أمريكية!! المهم أنني عثرت على وثيقة زواجي، وكانت تحمل تاريخ نفس ذلك اليوم الذي كنت أقلب فيه الأوراق، فوقفت أمام المرآة، ولم أعرف الشخص البائس الذي كان يقف قبالتي وهتفت: حسرة على شبابك يا أبو الجعافر. مرت كل تلك السنوات عليك وأنت متزوج بواحدة فقط فعلت بك كل هذا!! وتذكرت ذلك اليوم عندما اجتمع أهلنا وأصدقاؤنا وقضوا على مدخراتي خلال سويعات حشوا فيها بطونهم، وكأن تلك الوجبة كانت آخر زادهم في الدنيا!! ثم ألقيت نظرة حانقة على المرآة، وغادرت البيت وذهبت إلى متجر من النوع الذي يعكس بلاطه صورتك، واشتريت لزوجتي هدية محترمة وغلفتها، وعدت إلى البيت وقدمتها لها، فحسبت الأمر مقلباً، ورفضت فتح الهدية، فقلت لها: اليوم يصادف ذكرى فوزك بعريس لقطة وقد قررت أن أهديك شيئا، لأن المهر الذي قدمته لك ربما لم يكن يليق بمقام حضرتك، (مهرها بسعر صرف الجنيه السوداني اليوم لا يساوي واحد على المائة من الدولار، ولم يكن ذلك بعد معركة القادسية بل في العقد الثامن من القرن الماضي)، المهم.. أعجبتها الهدية، ولكنها صارت تشك في قواي العقلية: أنت تتذكر يوم زواجنا وكمان تديني هدية؟ أكيد أنت مش طبيعي!! شارب شيء؟ وحمدت الله الذي وهبني زوجة متخلفة، فغيرها يضرب البعل بالشبشب لأنه لم يأت بالكعكة المسماة تورتة، ولم يدع الأهل والعشيرة للمناسبة الميمونة!! وجلسنا نتذكر أيامنا الأولى، وكيف أن راتبي الذي كان في حدود ثمانين جنيهاً سودانياً كان يغطي احتياجاتنا بل ونتصدق منه، ثم كيف تضاعف الراتب ألف مرة بعد أن منحتني الدول الخليجية مشكورة حصتي من عائداتها النفطية، فما زادنا ذلك إلا شكوى من شح الموارد المالية!!

واصلت التنقيب في القصاصات ووجدت في إحداها ما يفيد بأن العرب صاروا متحضرين ومتعولمين، ففي إحدى العواصم العربية صارت الموضة أن يقدم الأغنياء لبعضهم البعض هدايا مبتكرة: يتسلم الوجيه فلان في "عيد ميلاده" مغلفا ضخما ويفضه فإذا بداخله حسناء من شحم ولحم في منتهى الجمال والروعة... أي والله فالموضة هي أن يهدي زيد لعبيد سكرتيرة حسناء، ويتحمل مقدم الهدية راتب السكرتيرة الهدية لسنة كاملة أحيانا. وتروي الصحيفة التي أوردت تلك الحكاية كيف أن صاحب شركة مواد تجميل كان مدينا لصاحب محل أثاث، ورأى الدائن سكرتيرة المدين فأعجب بها فما كان من الأخير إلا أن أهداها إياه، وبكل شهامة تنازل تاجر الأثاث عن الدين. وتقول إحدى الفتيات اللواتي تم تقديمهن كهدية لصاحب شركة إن المسألة "ما فيها شيء"، وأنها تلقى معاملة خاصة في الموقع الجديد من حيث الراتب والمزايا!! ولا شك أن هذا يمثل طفرة في العلاقات الاجتماعية بين الطبقة المخملية، ولكن تلك الطفرة تسمى في القاموس الصحيح "*".. فمقدم الهدية ***، والبنت التي ترضى أن يتم تغليفها وتقديمها كهدية "رخيصة" مهما ارتفع راتبها!.

من عادات الزواج الدخيلة في السودان ما يسمى بفطور العريس وفيه يقدم أهل الفتاة كمية من الطعام الفاخر لأهل العريس، وفي رمضان الفائت قامت عائلة فتاة متعولمة بإرسال شاحنتين محملتين بصنوف الطعام وثلاجة ومايكروويف وغسالة و.... خادمة فلبينية فل أوشن مدفوعة الراتب بالدولار لسنة كاملة.

[email protected]

 

اقرأ المزيد

alsharq افهم عقلية عدوك تهزمه

من تعلم لغة قوم أمن مكرهم. وعلى رغم أن العبارة تعارف الناس عليها أنها حديث نبوي، إلا أنها... اقرأ المزيد

78

| 09 مايو 2024

alsharq ماذا بعد التخرج يا خريج؟

أصدق وأجمل فرحة تلك التي تتوج سنوات تعب وسهر وقهر للظروف، ومواجهة الصعاب وسنوات صبر…للوصول ليوم التخرج وجني... اقرأ المزيد

72

| 09 مايو 2024

alsharq حل الأزمة السودانية يبدأ من دارفور

يقول علماء الإدارة إذا استعصت عليك مشكلة فاعمل على تجزئتها حتى يمكنك حلها. شهد عام الحرب الذي تعيش... اقرأ المزيد

63

| 09 مايو 2024

مساحة إعلانية