رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

جعفر عباس

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

9467

جعفر عباس

هل هؤلاء بشر؟

28 ديسمبر 2021 , 03:06ص

أفهم أن يعتدي عليّ مجرم لسرقة شيء يخصني، وأن يضربني شخص لمجرد اختلافنا حول نتيجة مباراة في كرة القدم، وأن يطعنني صبي من عيال أوروبا أو أمريكا أو روسيا، لأن لون بشرتي لا يعجبه، وأفهم ان يضرب الناس عيالهم إذا أخطأوا ضربا خفيفا أو عنيفا، بل أعرف أن كثيرين يضربون عيالهم دون أن يكونوا قد ارتكبوا خطأ يستوجب أي قدر من العقاب، فهناك آباء تركبهم العفاريت بمجرد دخولهم إلى بيوتهم، لا يريدون سماع صوت أحد، ولا حتى إذا كان هذا “الأحد” طفلا يشكو من ألم بسبب علة ما، وهناك الأم التي تفش غلها في العيال فتلجأ إلى العنف اللفظي أو الجسماني بحقهم.

نعم هناك أناس مجبولون على القسوة ويستخدمون أيديهم ونعالهم وكل ما يقع في أيديهم لإيذاء الآخرين. بعض الناس يتمتع بحصانة ضد الكلمة الطيبة وخلع الضرس “أبرد” على قلبه من أن يقول “شكرا” لشخص أسدى اليه معروفاً. ما قولك في ذلك الزلمي الذي حبس ولدا وبنتا يعانيان من إعاقات ذهنية في حظيرة الأغنام طوال أكثر من 40 سنة بعيدا عن أعين الناس وتجاوز احدهما الخمسين ولما عثروا عليهما كانا عريانين تماما ويمشيان على أربع مثل البهائم وبداهة لم يتسن لأي منهما حتى غسل يديه طوال تلك السنوات، وكانا عاجزين عن الكلام فهما ونطقا بسبب الحرمان من التواصل مع الناس. وكان الأب يؤم أهل الحي في الصلوات في المسجد. وبرر فعلته بأنه أراد حمايتهما!!! حمايتهما من ماذا وهو مصدر الأذى الذي يلحق بهما؟

لنذهب الى باكستان حيث عثرت السلطات على رجل في الستين ظل مقيدا بالسلاسل طوال 52 سنة، ومن قيده هو أبوه. كان الضحية طفلا عندما قرر أبوه ربطه بالقيود الحديدية حتى لا يعرف الجيران أن لديه ابنا يعاني من إعاقة وأبلغ الجيران قبل عقود أن الولد توفي. وهكذا قتل ولده معنويا ثم عامله واقعيا وكأنما هو حيوان غير أليف لابد من تكتيفه!! في 23 سبتمبر المنصرم أمر القاضي بسجن السيدة جوان هيل مدى الحياة بعد إدانتها بقتل بنتها الوحيدة. بأي ذنب قتلت؟ كانت تعاني من نوع خفيف من الشلل الدماغي جعلها عاجزة عن المشي إلا مستندة إلى عصي معدنية. كانت الصغيرة نيومي مرحة وتحرص على الذهاب الى المدرسة رغم معاناتها. أمها جوان هيل تعمل مديرة تنفيذية في شركة إعلانات ورأت ان بنتها نيومي عبء على مركزها ومكانتها الاجتماعية فدعتها ذات يوم الى الاستحمام، وملأت الحوض بالماء، وما ان دخلت فيه نيومي حتى أمسكت برقبتها وظلت تضغط عليها حتى تبقي رأسها تحت الماء لعشرين دقيقة، ثم قامت بتجفيف جسم الطفلة القتيلة ووضعتها في المقعد الخاص بها في السيارة ثم ظلت تتجول بالسيارة لعشر ساعات توقفت خلالها في عشرين حانة لتناول بضع كؤوس من النبيذ وتبادل الضحكات مع رواد الحانات. يعني من الناحية الفعلية كانت تحتفل بموت بنتها ولا تحس بأي وخز ضمير لأنها أزهقت روحا- دعك من أن تلك الروح جزء من لحمها ودمها

الإنسان السوي يستنكر اللجوء الى أي قدر من العنف لحسم الخلاف حول أي أمر، ويتعجب عندما يسمع ان شخصا قتل آخر بسبب خلاف حول أمر مالي، وتجار المخدرات مثلا ولأنهم مجبولون على الشر لا يترددون في قتل زبون يتقاعس عن سداد ما عليه من ديون وبهذا الفعل العنيف الغبي تضيع عليهم الديون لأن الموتى لا يتصرفون في المال، فما بالك بآباء وأمهات يمارسون قسوة مفرطة تجاه أولادهم وبناتهم خاصة إذا كان هؤلاء الأولاد والبنات بحاجة الى جرعات فوق العادة من الحنين والرعاية. لم تكن تسمية المعاق بأنه “ذو احتياجات خاصة” جزافية ومن باب تفادي استخدام كلمة معاق ذات الدلالات المحبطة بل لأنه بشر يحس ويفرح ويتألم ولكن ينقصه شيء معين كي يمارس حياته العادية وعبء توفير ذلك الشيء المعين يقع على الوالدين وليس على دور الرعاية والتأهيل وهذا ما لم يدركه الثلاثة المجرمون الذين أوردت حكاياتهم مع عيالهم أعلاه.

 

[email protected]

مساحة إعلانية