رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في ضاحية يسكنها الأغنياء في مدينة عربية، تم العثور على جثة امرأة.. كانت الجثة للسيدة م. م. ر. وهي سيدة أعمال معروفة. وبما أنها كانت متزوجة فقد كان الزوج أول من استجوبتهم الشرطة ليدلها على تعاملاتها وإذا ما كان لها أعداء أو خصوم يحملون لها ضغائن جعلتهم يقتلونها، وخلال دقائق معدودة كان الزوج منير م. ز. قد اعترف بأنه القاتل.. طيب ليه؟ سمعتها وحشة؟ عملت عملة مهببة لطخت بها شرفها وشرفك؟ هل كان القتل دفاعا عن النفس؟ أجاب الزوج: رفعت علي قضية خلع في المحكمة لنيل الطلاق بحجة أنها هي من تقوم بالإنفاق على البيت وأنا عالة عليها. الزوج مهندس كمبيوتر. يعني حالته المادية وسط أو فوق الوسط.. والزوجة كما أسلفنا سيدة أعمال (يعني شبعانة وجيبها مليان). معلومة إضافية: الزوج عمره 35 سنة والزوجة عمرها 55 سنة أي أنها أكبر من الزوج بعشرين سنة أي ولدت قبله بنحو 7300 يوم.
دعك من الغباء الذي يجعل رجلا يخسر حياته (بالإعدام) لأنه لا يريد أن يخسر زوجته، ولنناقش من الناحية النظرية لماذا كان حريصا على التمسك بزوجته: الزوجة كانت تعايره بفقره وبكونه «سي السيد» على الفاضي، يأكل ويشرب ويلبس من كد وعرق الزوجة. طيب نسأل مثل هذه الزوجة (والمؤسف أن مثيلاتها كثيرات): ما الذي حملك على الزواج برجل كنت تعرفين أنه غلبان وطفران وحاله يغني عن السؤال وفوق هذا يصغرك بعشرين سنة؟ يعني لا تكافؤ من حيث الوضع الاجتماعي أو المالي أو من حيث العمر!!
والشاهد يا جماعة هو أن مجتمعنا يقسو على المرأة التي تبقى بلا زوج، وإذا تجاوزت الأربعين وهي «آنسة» تصبح مادة للتندر والمسخرة وينظر إليها الكثيرون وكأنها «مقصرة ومذنبة». ونبهت مرارا إلى أن البنت التي تبقى دون زواج حتى سن الأربعين تفقد لقب «آنسة» وتصبح عانس، بل ويقال إن قطار الزواج فاتها، ولم يحدث ولن يحدث ان تسمع ان ذلك القطار فات رجلا، لأن الرجل يستطيع ان يركب ذلك القطار وهو في العشرين او السبعين
وفي ظروف نفسية واجتماعية ضاغطة كهذه تشتري بعض العائلات «العريس»: تعال بالهدوم اللي عليك ونحن نتكفل بالولائم، وسنشتري لبنتنا مجوهرات ونعطيها لك كي تقدمها باسمك. وحتى ملابسك التي سترتديها في «الفرح» سنشتريها لك كي لا «تفشلنا»، وتفضحنا، طبعا ما فيها شيء ان تخطب لبنتك من ترى أنه سيكون زوجا يملأ هدومه حتى لو كان قليل الحيلة ماليا.. ولكن البأس كل البأس يكمن في اصطياد أي عريس (من طرف) لإخراس الألسن، والانعتاق من لقب «عانس»، وفي أن يتعمد بعض ضعاف النفوس من الرجال عديمي الكرامة الزواج بنساء ثريات للعيش عالة عليهن. يعني زواج يتم بطريقة الصفقات التجارية: أنا عندي فلوس وأريد منك أن تحمل لقب «زوج» دون التبعات المترتبة عليه.. أو: لا مانع عندي في الزواج بك بس عليك أنتِ يا ست النساء أن تتحملي نفقات البيت ونفقاتي الخاصة!.. هذا بيع وشراء ولا يقود دائما إلى «المودة والرحمة» بل غالبا إلى التلاسن والشتائم والفضائح وأحيانا القتل.
وأستعيد اليوم حكاية سبق لي الكتابة عنها كثيرا ربما، وهي عن ذلك الرجل الحائز على الدكتوراه في الرياضيات، ثم الكلام جاب الكلام وقال لزوجته كلاما عن فيثاغورس، فسألته زوجته: ومن يكون هذا ال «فسافورس»؟ فأصيب الرجل بصدمة عصبية: معقولة؟ تزوجت بامرأة لا تعرف فيثاغورس؟ وباختصار تسبب هذا الفيثاغورس في الطلاق بينهما، وعندما أوردت هذه الحكاية في ذات مقال قلت ربما سيأتي يوم يتم فيه إخضاع كل مرشحة للزواج ل»إنترفيو» ليتم تقييم ثقافتها ومعرفتها مثلا بقانون الطفو وزكاة الإبل ومعاهدة منع انتشار السلاح النووي
يبقى الشاهد في الحكايتين أعلاه هو ان التكافؤ بين الزوجين لا يكون فقط من حيث العمر بل أيضا من حيث الثقافة والتعليم والوضع الاجتماعي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من فيتنام وأمريكا تنقض غزلها، بعد حرب أمريكا على العراق اتضح أن أمريكا ناقضة الغزل، فقد بنت غزلها منذ الحرب العالمية الثانية، فنسجت منظمات الأمم المتحدة وقوانينها الليبرالية، من حقوق الإنسان والديمقراطية وحق التعبير وحق الرأي، وعدم شرعية التعذيب والوصاية على الحقوق المدنية، ومحاربة العنصرية وتجريم جرائم الحرب ووضع التشريعات لمعاقبة الإبادة الجماعية وإنشاء المحاكم الدولية والأممية، وبدا أن أمريكا تهيمن من خلال أعلى المبادئ الإنسانية وثمرة التجربة الإنسانية، فرضخ العالم لهذا القادم الجديد وذي الروح الإنسانية والسلوك الراقي، والعلم الوفير والإدارة الحكيمة والتقدم العلمي والتقني، وقدم للإنسانية المعارف والتقنيات من أجهزة التكييف إلى السيارات والطائرات والفاكس والإنترنت والشبكات الاجتماعية وكذلك الممارسات الحديثة، والمؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة، لكن في حربه على العراق بدون مبرر إلا من مطامع النفوذ والهيمنة الامبراطورية، نقضت أمريكا الغزل فكذبت على الأمم المتحدة من أجل الحصول على إذن لمهاجمة العراق، فلما تم الرفض، نقضت العهود وعزمت على مخالفة أمر الأمم المتحدة والقانون الدولي فكان بداية النقض لما تم نسجه، نقضت العهود أمام العالم ففقدت المصداقية وتتالت تجاوزاتها من قتل للمدنيين والتعذيب في أبو غريب وغوانتانامو بيي وبقرام، واستمرت سلوكيات النقض، حتى جاءت حرب أوكرانيا وتدابيرها في استفزاز روسيا من أجل إدخال الناتو في حرب معها لضمان استمرار أوروبا حليفا وداعما لأمن أمريكا، فقطعت إمدادات الطاقة عن أوروبا وحشّدتها لمواجهة روسيا، فجاء طوفان الأقصى ليقلب كل المعايير والمصفوفة الذهنية التي اعتمدت على النظام العالمي المشيّد والمقبول عالميا، بدّد طوفان الأقصى الصور الذهنية المبنية في المخيلة العالمية، من صورة أجهزة المخابرات الفذة الناجحة والجيوش التي لا تهزم إلى من هم أصحاب النفوذ والهيمنة العالمية، تهاوت الهياكل والبنى من حولنا، فتضاءلت القوى العظمى أمام باب المندب، وتساقطت أصنام الماضي من الموساد وشين بيت وأمان وسي آي أي و د آي أي ومثيلاتها أمام غزة المقاومة، وتفككت السردية الغربية الاستعمارية أمام الواقع وانتشار تقنيات الحاضر، فتهاوت المؤسسات الإعلامية الكبرى من سي إن إن إلى وول ستريت إلى الواشنطن بوست، بدا غزل أمريكا في حالة تناقض تداعت لها المؤسسات وبلغ الأمر ذروته بدخول الجامعات على خط المظاهرات حماية لأسس الغزل حق التعبير وحق التظاهر خاصة في حرم الجامعات، بدت أن أمريكا أصبحت دولة دكتاتورية، وكذلك أوروبا في منع التظاهر، وتحولت المواجهة من وقف لحرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري والحصار على القطاع، إلى موضوع يمس الذات ويمس كل ما هو أمريكي من دفع ضرائب تسرب لإسرائيل وتنعم بها إسرائيل إلى استخدام تلك الأموال في حرب الإبادة، فخرج الأمريكان للتعبير عن رأيهم فتم قمعهم كما تم قمع الشعوب الأوروبية، هنا لم يعد الأمر مجرد حرب إبادة باسم أمريكا والغرب بل هو هجوم على كل ما غزل في الثقافة الأمريكية والأوروبية والغرب والثقافة الغربية، التي كان باسمها شنت حروب وتكونت أحلاف لحماية تلك الثقافة من ديمقراطية وحرية، لقد نقضت أمريكا غزلها، واستحقت ناقضة الغزل أن تكون تلك نهاية عصر الهيمنة الأمريكية والغربية، فلم تعد هناك ثقافة يدافع عنها أو مواقف أخلاقية يمكن البناء عليها، لقد حان الوقت للعالم لإعادة بناء النظام العالمي، فلم تعد أمريكا ولا أوروبا حامية للإرث الإنساني والنظام العالمي، فلا بد من تدخل العالم وشعوب العالم كما نرى أمامنا على الشاشات والشبكات الاجتماعية، هناك قناعة من المجتمعات الغربية أنها لم تعد قادرة على حمل الأمانة ولابد من الشروع في ترتيبات إقامة نظام عالمي يحظى بدعم العالم.
17886
| 02 مايو 2024
بعد ساعات قليلة من نشر بودكاست الحوار مع الإعلامي «فيصل القاسم» وصلت المشاهدات إلى ما يفوق أربعة ملايين مشاهدة، والسبب في اعتقادي ليس لأنّه إعلامي مشهور في قناة كبيرة هيّ قناة «الجزيرة « ملأت الدنيا وشدّت أعين الناس عبر العالم ولا زالت.. وليس لأنّ برنامجه « الاتجاه المعاكس» تربع على قمّة البرامج الحوارية الجريئة والمثيرة للنقاش في العشرين سنة الماضية، وليس لأنّ الرجل كان محل جدل في حواراته وطريقة إدارته لبرنامجه أو قناعاته أو ميولاته واستفزازاته، وإنما السرّ الكبير هو ذلك الاكتشاف الجديد في شخصية الرجل وماضيه وعائلته وطفولته الفقيرة، البائسة والمعدمة، وتجاربه من الجوع والحرمان إلى العمل وفي سن مبكرة في مختلف الحرف والأعمال الصعبة والقاسية. فوراء «فيصل القاسم» الإعلامي الكبير ذلك الطفل الفقير المحروم المقموع، الطفل الضعيف الفقير في القرية المعزولة وما يحيط به من عوّز وحرمان وآفات ومعاناة ومكابدة ومن ظلم اجتماعي واحتقار وعزلة وحيف. اكتشف الجمهور في شخصية «فيصل القاسم» ذلك الطفل الصغير الذي مرّ بتجربة طفولية مؤلمة وقاسية جدا لم تخطر على بال أحد، فصنع نفسه بنفسه من العدم وخرج من حفرة القهر والفقر إلى المغامرة والهجرة وريادة الإعلام والنجاح والبروز والإبداع. لم يتوقع الكثير أن يتحلى «فيصل القاسم» بكل تلك الصراحة والمكاشفة فلم يخجل بضعفه وقلة حال أسرته، ولم يخجل من ماضيه وحجم معاناته قبل أن يصل إلى تلك المراتب والمنزلة الإعلامية الكبيرة.، ثم إلى ذلك المحاور الشرس الصعب والعنيد والمثير للاختلاف والجدل. هيّ ببساطة بعض أسرار التفاعل الكبير للجمهور مع تلك الحلقة المميزة عن مسيرة وحياة الإعلامي «فيصل القاسم».
7434
| 03 مايو 2024
اعتمد المشرع القطري معيار المضاربة كمعيار عام لبيان مدنية العمل أو تجاريته، وهو ما استهله وسلم به في القانون التجاري، وذلك في نص المادة (3) منه، والتي تنص على أن «الأعمال التجارية بصفة عامة هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر. والمضاربة هى تَوَخي الربح بطريقة تداول المعاملات». ومن أوائل من نادى بهذا المعيار الفقيه الفرنسي باردسو وتبعه الأستاذ ليون كان والأستاذ رينو، كما عوّل القضاء في بعضٍ من أحكامه على هذا المعيار للتمييز بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية. ويقصد بالمضاربة بصفة عامة السعي والقصد إلى تحقيق الربح. ووفقًا لهذا المعيار يعد العمل تجاريًا إذا كان التصرف الذي يبتغيه الشخص يهدف إلى تحقيق الربح، أما إذا كان العمل الذي يقوم به الشخص خاليًا من هذا القصد، فلا يعد عملًا تجاريًا. وأبرز مثال لمعيار المضاربة، عملية الشراء من أجل البيع بغية تحقيق الربح، كالأشخاص المضاربين في البورصة وتجار الجملة والتجزئة. ولتوضيح ذلك، فإن فكرة المضاربة تقوم على أساس السبب أو الباعث وراء العمل التجاري، والذي يتمثل في تحقيق الربح؛ وهو ما يضفي الصفة التجارية على العمل، ومعنى ذلك أنه إذا كان السبب أو الباعث هو تحقيق الربح عد العمل تجاريًا، أما إذا كان السبب أو الباعث مدنيًا خاليا منه عد العمل مدنيًا، ومثاله الجمعيات التعاونية؛ إذ تقوم بشراء البضائع لبيعها على أعضائها وغيرهم بسعر التكلفة، وهي بذلك لا تستهدف الربح، إلا إذا خرجت عن هدفها الأساسي وهو ما يحدث في بعض الدول، بأن تحيد عن هدفها وتلهث وراء تحقيق الربح. إلا أن هذا المعيار يشوبه بعض المثالب، فهو واسع من جهة وضيق من جهة أخرى؛ فهو واسع لأنه يبسط نطاقه على أعمال يسبغ عليها المشرع الصفة التجارية على الرغم من أن القانون لا يثبت لها تلك الصفة ويصنفها من الأعمال المدنية، مثل عمل المحاسبين والمحامين والمهندسين والأطباء والمهن الحرة عمومًا؛ حيث يسعون جميعهم من جراء أعمالهم إلى تحقيق الربح، أو بالأحرى الحصول على أجر أو أتعاب، كذلك المزارع الذي يقوم باستئجار الأرض الزراعية ويضارب بين أجرة الأرض وثمن بيع المحاصيل. بناء على ما سبق، إذ طبق هذا المعيار بشكل مطلق لأدخلنا في القانون التجاري أعمالًا مدنية صريحة. بينما يعد هذا المعيار ضيقًا، لأنه يقصر النظر عن أعمالٍ ومن ثم يستبعدها، ولا شك في أنها تجارية، كتحرير الأوراق التجارية، أو التاجر الذي يتعمد الخسارة وذلك من أجل القضاء على منافسيه أو من أجل الدعاية والإعلان، وكذلك التاجر الذي يبيع بضاعته بسعر التكلفة، فجميع ما سبق أعمال لا تهدف إلى تحقيق الربح، وبالتالي تخرج من نطاق الأعمال التجارية، وذلك وفقًا لمعيار المضاربة، على الرغم من أنها أعمال تجارية وفقًا لصريح نصوص القانون. إضافة إلى ما سبق يتعارض هذا المعيار مع المفهوم الحديث للقانون التجاري؛ إذ إنه لا يفسر تجارية أعمال المشروعات الاقتصادية العامة التي تقوم بها الدولة عن طريق شركات المساهمة العامة؛ لأن أغلبها تسعى وراء تحقيق المصلحة العامة، سواء كانت تقصد إلى تحقيق الربح أم لا. ولابد أن ننوه أنه لا يمكن أن نعوّل فقط على معيار المضاربة الذي يقوم على قصد تحقيق الربح؛ حيث إنه يعد أمرًا نفسيًا يصعب تبينه. ولذا؛ بدأ الاتجاه الحديث يعول على مجرد توفر النية في الربح ولو لم يتحقق فعلاً، ولكن ما زالت الإشكالية في معرفة القصد من العمل، وعليه من الممكن أن يبين ذلك من خلال الكمية المشتراة، أو مدى توفر وصف التاجر من عدمه، افتتاحه محلاً تجاريا، إلى غير ذلك مما تساعد على وضوح القصد من العمل. ختامًا، لا يمكن أن ينفرد معيار المضاربة كضابط للتفرقة بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية، وذلك لما يحتويه من مثالب. ومع ذلك يجب أن نبين أن هذا المعيار يمثل جزءًا من الحقيقة؛ لأن العمل التجاري يقوم على فكرة تحقيق الربح، «فإذا لم تكن المضاربة وحدها ضابطًا للعمل التجاري، فما من شك في أنها أحد عناصره الجوهرية».
2067
| 03 مايو 2024