رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
دخل العالم العربي منذ يناير 2010 في دوامة التحول الجذري مع ميلاد السياسة بمعناها الحقيقي، أي عودة الوعي للإنسان العربي بأنه مواطن وله كما عليه من حقوق للوطن، فأصبح لأول مرة في تاريخه الحديث وبعد أكثر من نصف قرن من الغبن والقمع وبقايا الاستعمار الثقافي إنسانا يفكر ويعبر. هذا هو المكسب الثمين للحرية أما انعكاساتها الجانبية والسلبية وربما الطبيعية، فهي فقدان البوصلة الحضارية بعد سقوط منظومة القائد المستبد، حيث لم تولد بعد الدولة الجديدة العادلة الشفافة القوية من رحم صناديق الاقتراع بل انفتحت أبواب العنف بين المتنافسين على السلطة ودخل الساكتون على ظلم الأمس مطهرة الاغتسال للاستحمام في “طهارة كبرى” تبرئهم من لوثة الماضي وتؤهلهم للعب أدوار أخرى في عهد جديد وغير مسبوق لم يتوقعوا قدومه بتلك السرعة. فإذا بأغلب العرب يقولون “تحيا ثورتنا!” وكأن الملايين منهم كانوا في عهود ما قبل الربيع العربي يحملون السلاح في الجبال ويقاومون الظلم، بينما انكفأ البعض القليل من المقاومين الحقيقيين للطاغوت أيام الجمر والصبر ينظرون من بعيد لهذه التزويرات التاريخية بعيون المتعفف القنوع قائلين: “لا حول ولا قوة إلا بالله” و”اللهم سترك على هذه الأوطان”. وفي تونس التي تملك براءة اختراع الربيع العربي نكتشف أن الانطلاق في الإصلاح منذ الـ14 من يناير 2011 كان خطأ لأنه ثبت اليوم أن الشعب لم ينتخب إلا مجلسا تأسيسيا لتحرير الدستور فإذا به يجد أمامه حكومة بل حكومات متعاقبة ورئاسة جمهورية مؤقتة لا تعمل عمل الرئاسة وبرلمانا تفاجأ أعضاؤه أنفسهم بثقل المسؤولية حين طلب منهم أن يراقبوا عمل الحكومة وأن يكتبوا دستورا جديدا، وأن يشرعوا القوانين فإذا بهم يتحولون بشكل طبيعي إلى كتل حزبية تتصارع بدل أن تتحاور، وكما كان متوقعا تعطل مسار هذا المجلس ليهدد بفراغ دستوري من 2011 إلى اليوم.
وجاء الحدث المصري بإقالة الرئيس حسني مبارك فشعر الباقون من المصريين من حداثيين ومن أقباط أنهم مهددون بالإقصاء والتهجير لو نفذ الإخوان مشاريع إقصائهم، بينما هم نخبة مصرية فاعلة ووطنية منذ زمن سحيق! وفي تونس أطل شبح الإرهاب على شعب لم يعرف تلك الظاهرة، إلا من خلال شاشات الفضائيات في أفغانستان والعراق وسوريا مع ظهور داعش التي فاجأت الجميع ونجت تونس نسبيا من فوضى عارمة بسبب التجانس الطائفي والعرقي والثقافي للشعب التونسي؛ فإذا بنا نستفيق على جثث شهدائنا الأبرار مذبوحين وممثلا بها ثم على حركات فوضوية متطرفة تنادي باستنساخ التجارب الكارثية على الشعب التونسي، فظللنا قلة من الناس ننادي بفضيلة الانتخاب وبمخاطر الإرهاب والانقلاب حتى لو كانت المسالك المؤدية للديمقراطية والتوافق مسالك عسيرة مليئة بالأشواك والمؤامرات. فالحلول الجذرية هي دائما في التعايش السلمي مع مواطنك المختلف عنك في الرأي أو في العقيدة أو في المصلحة، ولا يتم ذلك إلا بإعلاء الوطن فوق الأحزاب ورفع المصالح العليا المشتركة على المصالح الشخصية والفئوية الضيقة.
وفي ليبيا نشهد استفحال الشقاق القبلي ببلوغه درجة الانفصال عن دولة تحاول أن تكون مركزية وأن تجمع فصائل المجتمع الليبي في وحدة وطنية، كما نشهد عدم عودة المقاتلين إلى مواقعهم وعدم تسليم أسلحتهم، بل نرى اليوم تصدير الكلاشنكوف وحامليه للدول المجاورة أمام عجز السلطات عن ردع الإرهاب ومحاصرة الإرهابيين فتحول القطر الليبي إلى حالة اللادولة بعد أن كانت ليبيا في عهد العقيد أيضا لا دولة.
هكذا كتب على المواطن العربي أن يختار اليوم بين السيء والأسوأ وبين المأساة والكارثة وبين الطوفان والزلزال باقتناعه التدريجي أن العرب ليسوا أهلا للحرية والديمقراطية، وبأن العرب شعوب تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا وبأن نخبهم الحاكمة والمعارضة على السواء لا تمثل سوى رؤوس أينعت وحان قطافها، وبأن العرب كتبت عليهم الأقدار أن يظلوا على هامش التاريخ الحديث لا يصنعون حضارة ولا يرتفعون عن بدائية أحقادهم ولا يدركون الفرق بين المهم والأهم ولا بين الصالح والطالح ولا بين الاستعجالي من القرارات وبين المؤجل من الاستحقاقات. فالانقلاب على الشرعية مهما كانت الشرعية هشة هو فتح لباب المجهول والحلقة الأولى في مسلسل الانقلابات كما كانت الحال في سوريا عام 1949 على أيدي حسني الزعيم ثم في مصر عام 52 على أيدي محمد نجيب وعبد الناصر ثم العراق عام 58 ضد الملك الهاشمي فيصل، وهكذا دواليك، ما بين الخمسينيات والتسعينيات والألفين: عسكري (أو مدني معسكر) يأتي بالبيان رقم واحد فيقتل ويسحل "الخونة السابقين" ويعلن أن فلسطين ستحرر، وأن الشعب سيأكل البسكويت، وأن البلاد تحررت من الطاغوت ثم يليه زعيم ملهم أو ركن مهيب، فيقتل القاتل ويعلن الحداد على ضحاياه، معلنا الانتقام لهم من السفاح، وهكذا دواليك، والشعب العربي يصفق لهذا وذاك حائرا كالشرق الحائر أمام مهزلة التاريخ. إننا في تونس وفي العالم العربي قلة من الناس البعيدين عن التحزب والتطرف ندعو للتوافق مهما كان صعبا، حتى نأمن شرور اللادولة، حين بلغ الأمر ببعض السياسيين إلى الدعوة إلى عصيان فوضوي بالامتناع عن دفع الضرائب وفواتير الكهرباء والماء والهاتف ووسائل النقل! اللهم عفوك وسترك.
تتميز العلاقات القطرية العمانية التي تمتد جذورها في عمق التاريخ، بالرسوخ مسنودة بالدعم الشعبي والتداخل القبلي والمصاهرة والأخوة،... اقرأ المزيد
123
| 10 مايو 2024
«رمتْني بدائها وانسلّت»، مثل عربي سائر، يُشهَر في كل من يرمي الآخرين بعيبٍ هو فيه، وإنه في إطار... اقرأ المزيد
744
| 10 مايو 2024
* هل وصلنا إلى نهاية حرب إبادة؟ ** رغم الخطوة الإيجابية التي اتخذتها حركة حماس بإبلاغ الوسيطين القطري... اقرأ المزيد
216
| 10 مايو 2024
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
للأسف صرنا نسمع عن تلك القضايا التي تم القبض فيها على أشخاص خانوا الأمانة التي وُكِّلَت لهم في العمل وهو في خدمة الوطن الذي وفر لهم الراتب المناسب والمعيشة الطيبة والسكن المريح وكل أنواع الترفيه في البلاد وأهم من ذلك كله الأمن والأمان الذي نعيشه في هذا الوطن والعين الساهرة على ذلك. هؤلاء الأشخاص الذين وضعوا ضميرهم في ثلاجة الموتى وتغافلوا عن رب يراقبهم ويتابع أعمالهم ويحصيها عليهم كل ثانية من حياتهم، رب يدركون ويعلمون أنه البصير والسميع والعالِم بكل الخفايا في النفوس والصدور، وضيعوا الأمانة التي كان لابد من أدائها بكل إخلاص وصدق وإنهاء معاملات المواطن والمقيم الذي يضع أمله في أن تنتهي في أقصر وقت ولكنهم لم يصدقوا في ذلك مما أخَّرَ هذه المعاملات، بل إنهم يتناسون تلك الأعمال ويغفلون عنها لسنوات، وتضيع حقوق أناس بسبب ذلك وهم يلهون ويلعبون ويقضون أوقاتاً سعيدة خلال ساعات العمل التي يحاولون بشتى الطرق والوسائل أن يجدوا المخرج منها حتى لو كانت تلك الطرق غير سليمة وتخالف التعليمات، وهؤلاء للأسف يفعلون ذلك دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو تأنيب ضمير، وقد يكون هناك من يساعدهم على ذلك من القائمين على العمل وممن تهاونوا في أداء الواجب. ألا يشعر هؤلاء وهم يستلمون الراتب آخر الشهر أنهم لا يستحقونه لأنهم لم يؤدوا العمل الذي يتوجب أن يحصلوا على هذا الراتب بسببه؟!، ألم يسألوا أنفسهم ولو لمرة واحدة هل لديهم فكرة عن العمل الذي تم أداؤه، وكيف سيطعمون أهلهم من هذا المال الذي أخذوه من غير وجه حق؟! وغيرهم من استحلَّ المال العام وبدأ يستنزف منه ويغرف بدون أي إحساس بالذنب ولا تأنيب ضمير عندما يعلن عن مبالغ لم تستخدم فيما أُعْلن عنه من خدمات وأدوات لم تكُن موجودة ولم يتم شراؤها ألا على ورق مُلطخ بأيدٍ ملوثة بالسرقة والخيانة للوطن والاستيلاء على أموال الدولة لمصالح خاصة أثروا من ورائها بدون وجه حق، ولا نعتقد أنهم لا يعلمون أن ما يفعلون سرقة ونصب يستحقون عليه قطع اليد كما هو الحكم الشرعي للسارق قال تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). إن هذا الأمر لا شك أنه لا يحتاج إلى رقابة من الدولة ومن الهيئات المسؤولة أكثر ما يحتاج إلى رقابة ذاتية تنبع من نفس طاهرة نقية ترفض الحرام وتنوء عن اتباع طريق الخطأ والاستيلاء على حقوق العباد من أموال الدولة التي تنفقها في سبيل خدمتهم وسعادتهم وما يقومون به من عمل مخلص من أجل الوطن، وقبل كل شيء نفس تخشى الله وتخاف عقابه الذي لا شك أنه أشد وأقوى من عقاب الدنيا. إن ما يفعله هؤلاء هو وقوف في وجه التنمية والتطور ومحاولة القضاء على أمن وأمان البلاد وخيانة للوطن الذي أعطى ولم يبخل، فيجب مراعاة الله عز وجل في كل أمور حياتنا وصيانة الأمانة التي عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان الذي كان ظلوما جهولا، والأمانة الذي حملها الإنسان (هي التعفف عما يتصرف فيه الإنسان من مال وغيره، وما يوثق به من الأعراض والحرم مع القدرة عليه، ورد ما يستودع إلى مودعه). ولكن الإنسان لم يستطع صيانة الأمانة وخان القيام بها لجهله وظلمه. يجب أن توضع إستراتيجية من أجل الرقابة الدائمة على المال العام والمحاسبة أولا بأول على كل ما يخص هذا المال، والله يحفظ البلاد والعباد من كل من تُسول له نفسه الخيانة وخاصة أمن البلاد وأمانه.
1863
| 05 مايو 2024
شهدت أوروبا في عصر التنوير حركة فكرية وثقافية كبيرة قادها مثقفون مثل فولتير، وديدرو، وروسو، والعديد من الفلاسفة والكتاب والمفكرين. هؤلاء المثقفون التنويريون شككوا في السلطات التقليدية، ودافعوا عن العقلانية والحرية الفكرية، ودعوا إلى إصلاح المجتمع وتحريره من قيود الجهل والخرافات. في الوقت نفسه، شهد العالم العربي في القرن التاسع عشر حركة نهضة فكرية وثقافية مماثلة، قادها رواد مثل: (رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وقاسم أمين)، وغيرهم. هؤلاء الرواد دعوا إلى التحرر من التقاليد الجامدة، واعتماد العقلانية والعلم، وتحديث المجتمعات العربية، واستلهام المنجزات الغربية في مجالات المعرفة والتقدم. يمكن تعريف المثقفين التنويريين الغربيين بأنهم: (مجموعة من المفكرين، والفلاسفة الذين اتخذوا دورًا مهمًا في نهضة أوروبا. وكانوا يدافعون عن التغيير والتحديث والإصلاح من خلال الكتابة والنقد والتدوين. وقدموا آراءهم حول العلوم، والفلسفة، والسياسة، والاجتماع). في حين يعرف رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر بأنهم: (مجموعة من المفكرين والشعراء، والقادة العرب الذين اتخذوا دورًا مهمًا في النهضة العربية في القرن التاسع عشر. وقدموا أفكارهم، وآراءهم حول الثقافة، والسياسة، والاجتماع، والعلم. وقاموا بتشكيل مؤسسات للتنمية والتطوير والتعميق في الثقافة العربية). على الرغم من أن هناك العديد من أوجه التشابه بين دور المثقفين التنويريين الغربيين ورواد النهضة العربية. فكلاهما سعى إلى تحرير العقول من القيود التقليدية، ونشر أفكار التنوير والتقدم، وإحداث تغيير جذري في المجتمعات التي عاشوا فيها. كما حملوا مشعل العقلانية والعلم في مواجهة الجهل والخرافات السائدة. إلا أن هناك اختلافات في السياق التاريخي والثقافي الذي عمل فيه كل منهما. فالمثقفون التنويريون الغربيون كانوا جزءًا من حركة فكرية أوسع في أوروبا، مدعومين بالتطورات العلمية والفلسفية والسياسية في ذلك الوقت. أما رواد النهضة العربية، فقد كانوا أصواتًا منفردة في بيئة محافظة، وواجهوا معارضة شديدة من السلطات الدينية والسياسية القائمة. في الوقت الحاضر، هناك حاجة ماسة لدور مماثل للمثقفين العرب في قيادة نهضة فكرية وثقافية جديدة في العالم العربي. فالمنطقة تواجه تحديات كبيرة مثل الصراعات، والتطرف، والتخلف العلمي والتقني، وضعف الحريات والديمقراطية. ويُنتظر من المثقفين العرب أن يكونوا صوتًا للتنوير والإصلاح، وأن يدفعوا بمجتمعاتهم نحو الأمام باعتماد العقلانية والعلم والانفتاح على الآخر. وعليه يجب على المثقفين العرب أن يدركوا السياق المعقد للعالم العربي الحديث، وأن يستلهموا الدروس من تجارب رواد النهضة السابقين. عليهم أن يكونوا حذرين من الوقوع في فخ النزعة الاستعلائية الغربية، وأن يحافظوا على الهوية الثقافية العربية مع الانفتاح على الآخر. كما يجب عليهم أن يكونوا واقعيين في توقعاتهم، ويدركوا أن التغيير الحقيقي يتطلب الصبر والمثابرة على المدى الطويل. في النهاية، إن دور المثقفين في قيادة النهضة هو دور حيوي ومصيري للمجتمعات. وعلى المثقفين العرب أن يستلهموا من تجارب الماضي، ويواجهوا تحديات الحاضر بشجاعة وعزم، لصياغة مستقبل أفضل لشعوبهم والإنسانية جمعاء.
1806
| 07 مايو 2024
كلمة مشهورة لدى أهل الخليج تقال للوجيه (من كلمة وجاهة أي ذي جاه، أو سلطة، أو كبير قوم، أو ذي منصب، أو مركز اجتماعي مرموق يتوجه له الناس لقضاء حاجاتهم)، ومعنى تكفى «أي أنا طالبك تفزع لي على إنهاء أمر معين». وهؤلاء الوجهاء يأتيهم عامة الناس من كل مكان أملاً في أن يساعدوهم في أمور عجزوا عن إنهائها بأنفسهم، بل إن بعض الناس يقطع مسافة طويله لهذا الوجيه لعله يساعده في قضاء حاجته. في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، رواه مسلم. وهذا فضل من الله على عباده بأنه سبحانه يكافئ من أعان أخاه المسلم على حاجة بالعون يوم القيامة. فالدين أمرنا أن نقوم بمساعدة الناس وقضاء حاجاتهم واحتساب الأجر عند الله. فكلنا في حاجة بعضنا البعض مهما كانت مناصبنا أو مراكزنا الاجتماعية. فالطبيب بحاجة للفراش لتنظيف عيادته، والتاجر بحاجة للمحاسب، والغني بحاجة للحلاق، والوزير بحاجة لمن يحضر له اجتماعاته، وهكذا، وهو مصداق قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾. فالذي أكرمه الله بأن يكون وجيها فعليه أن يساعد كل من يأتيه ويقوم بحاجته حتى تنقضي ويحتسب الأجر، فليس له الحق في اختيار من يساعد من الناس. واعلم أن هذا الشخص الذي قصدك واختارك من بين عباده لتقضي حاجته، قد أرسله الله لك لتقضيها له وتكسب الأجر، فإنه قد جاءك وهو متوكل على الله ومتفائل بأنك ستقضي حاجته فلا تخيب رجاءه. ولتعلم انه قد يأتي يوم تحتاج له ولغيره، فلا تحقرن من المعروف شيئا. فلا تتردد أو تقول (على خير) وأنت لن تفعل شيئا. فإن الرجل ذا المنصب أو المركز أو الجاه يكون مثل الرأس في الجسد، ولهذا يذكر عن رجل أوصى ابنه فقال: يا بني، لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الآفات أو الأوجاع، فعليك أن تتحمل ما يحمله هذا المنصب من تكلف أو تعب فلذة خدمة الناس لا تعادلها لذة. وكلمة جزاك الله خيرا عندما تنهي حاجته، هي أبلغ الثناء. فإذا قال شخص لآخر (تكفى يا فلان أبيك تخلص لي موضوعي) قال له (ابشر بسعدك) ومشى معه حتى يقضى حاجته، وهذه من مكارم الأخلاق، لان كلمة تكفى عند اللي يعرفون معناها تهز الرجال. قال الشاعر: جيتك بكلمة كنها صقعة الويل وإن قلت تكفى لا تـهـاون بـتـكـفـى تكفى تراها كلـمـة تـقـطـم الـحـيـل لا بالله إلا تنسف الـحـيـل نـسـفـا تكفى ترا تكفى لـهـا هـدرة الـسـيـل في صدر حرٍ ينتف الطيـب نـتـفـا تكفى ترا تكفى لها تـسـرج الـخـيـل إن كان لك في مجمع الخيل عسفا تكفى ترى تكفى تهز الرجاجيل ولولا صروف الوقت ما قلت تكفى نسال الله أن يكتب الأجر لمن قام مع أخيه المسلم في حاجته حتي يقضيها له.
1770
| 10 مايو 2024