رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هل لاحظتم الحيص بيص القانوني (بمعنى القانون الدولي) في كل محطات الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا؟ وما تبعها من "حيرة منظمة الأمم المتحدة" أمام هول المفاجأة وسرعة خطى الغزو وأمام ردود أفعال كل من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وحكومة كييف والإدارة الأمريكية: ردود الفعل المتتالية والمترددة والمرتعشة؟ نعم لأنه ليس من اليسير على الأمانة العامة للمنظمة الأممية ولا على مؤسساتها (مجلس الأمن والجمعية العامة والمنظمة الأممية لحقوق الإنسان والمفوضية الأممية لقضايا اللاجئين) أن يقع البت في تحديد مدى احترام هذا الطرف أو ذاك للقانون الدولي وميثاق المنظمة أو حتى أعراف الدبلوماسية التي جاءت بها معاهدة فيينا لسنة 1961 أو مجرد تذكير الأطراف المتحاربة بميثاق أممي قديم (من سنة 1947) يتعلق بما سمي آنذاك بقوانين الحرب وعدم الاعتداء على المدنييين والمنشآت المدنية! كل ما صيغ من قوانين وما صدر من قرارات عن الأمم المتحدة تحول إلى إمبراطورية ورق لم تعد تعني شيئا أمام بوتين والرئيس الأوكراني والأطراف الأخرى على كثرتها المورطة بإرادتها أو رغما عنها في هذه الحرب التي بلغت الشهر أمثال حكومة بيلاروسيا وحكومات منطقة (الدمباس) وقادة دول حلف الناتو ورؤساء ال27 دولة أعضاء الاتحاد الأوروبي.
ولعل الرأي العام العالمي هو الوحيد المناشد للأمم المتحدة بأن تحدد من المعتدي ومن المعتدى عليه في نظر القانون الدولي طبعا خشية أن تتسع الحرب لا قدر الله ويمس القصف مفاعلات نووية بما يصدر عنها من إشعاعات خطيرة جدا وطويلة التأثير الصحي على الإنسان والإنتاج الزراعي كما وقع في تشيرنوبل!.
وفي هذا الصدد سوف نحاول فك طلاسم المواقف الأممية منذ أن اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية أن العالم يواجه "لحظة خطر" بسبب الأزمة الراهنة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا التي طالبت خلال الاجتماع بانسحاب القوات الروسية من أراضيها.
وحذرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة (ليندا توماس-غرينفيلد) من أن النزاع بين روسيا وأوكرانيا قد يؤدي إلى "أزمة لاجئين جديدة" مع ما يصل إلى خمسة ملايين شخص إضافي.
ورأى غوتيريش أن "قرار روسيا الاعتراف بما يسمى (استقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك - وما تبعه) - هو انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها ويتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. واعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهته باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا وأمر بإرسال قوات روسية إليهما.
ويتهم الغرب موسكو بحشد 150 ألف جندي إضافي عند حدود اوكرانيا استعدادا لشن هجوم آخر محتمل ونهائي على جارتها بقصد تحويل الغزو إلى احتلال كامل ونهائي وشامل وتخشى الدول الغربية من أن يشكل تصاعد حدة المعارك على خط الجبهة ذريعة لروسيا لإنهاء الحرب باحتلال دائم!
من جانبه، أكد وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا الذي ألقى كلمة أيضا أن أوكرانيا لا تشكل تهديدا لروسيا. وقال إن "اوكرانيا لم تخطط ولا تخطط لأي عملية عسكرية في دونباس"، الإقليم الواقع في شرق أوكرانيا وحذر كوليبا من أن "بداية حرب واسعة النطاق في أوكرانيا ستشكل نهاية النظام العالمي كما نعرفه"، مطالبا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم الاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الواقعتين في دونباس.
وأضاف "ينبغي على روسيا أن تعود إلى مسار الدبلوماسية" وأن "تسحب قواتها وتكف عن زعزعة استقرار المنطقة".
وقال الوزير في نهاية خطابه الذي قوبل بتصفيق حار، "نريد السلام وانتقد معظم المتحدثين الذين يمثلون دولًا في القارات كافة بشكل علني أو شبه علني قرارات موسكو وخطواتها الأخيرة
وحذرت توماس-غرينفيلد من أنه "إذا استمرت روسيا في هذا الطريق فقد تتسبب، وفقاً لتقديراتها بأزمة لاجئين جديدة، ستكون من بين الأكبر التي يواجهها العالم اليوم، مع ما يصل إلى خمسة ملايين شخص إضافي مهجر بسبب الحرب التي اختارتها روسيا والضغط الذي تمارسه على جيران أوكرانيا وأضافت الدبلوماسية الأمريكية "لأن أوكرانيا هي من أكبر مصدري القمح في العالم، وخصوصا للعالم النامي، فإن روسيا يمكن أن تتسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية وبجوع أكثر شدة في أماكن مثل شمال افريقيا واليمن ولبنان وبعد يومين من الاجتماع الطارئ الذي عقده مجلس الأمن الدولي، دعت توماس-غرينفيلد مرة جديدة روسيا إلى التراجع عن قراراتها و نعلم أن روسيا هي عضو دائم في مجلس الأمن وتتمتع بحق النقض ما يتيح لها إحباط أي محاولة من جانب المجلس لإدانة أعمالها.
وقالت توماس-غرينفيلد "نحن في العام 2022" و"لن نعود إلى حقبة الامبراطوريات والمستعمرات أو إلى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية أو الاتحاد السوفيتي". وتابعت "لقد تقدمنا وعلينا الحرص كما قالت مندوبة كينيا في مجلس الأمن الإثنين الماضي على ألا يُشعل لهيب الإمبراطوريات الميتة أشكالاً جديدة من القمع والعنف ويوقد تحت رماد السنين وقبل السفيرة الأمريكية، تحدث نظيرها الروسي (فاسيلي نيبينزيا) أمام الجمعية العامة، فأكد أن الوضع اليوم هو نتيجة "انقلاب 2014" أدى إلى تغيير الحكم في أوكرانيا. واعتبر أنه مذاك التاريخ تمارس كييف "قمعاً" حيال الأقلية الناطقة باللغة الروسية في أوكرانيا وذهب إلى حد التحدث عن "إبادة جماعية"، في سابقة في الأمم المتحدة، وهو مصطلح استخدمه مؤخرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورأى نيبينزيا أن عدم تحرك كييف لإنهاء النزاع في شرق أوكرانيا دفع "عشرات آلاف الأشخاص" للفرار إلى روسيا.
من جانبه رفض غوتيريش بشكل قاطع استخدام كلمة "إبادة جماعية" لوصف ما يحصل في دونباس. والخلاصة أننا إزاء وضع عسكري وسياسي ودبلوماسي لا يخضع للمقاييس المعتادة المعتمدة في تحديد موقف منظمة الأمم المتحدة وبيان الحق والباطل قانونيا! أما اعتقادي أنا فهو أن الهيئة الأممية التي ستحدد القانون الدولي ستكون فقط محكمة العدل الدولية.. بعد سنوات!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شهدت أوروبا في عصر التنوير حركة فكرية وثقافية كبيرة قادها مثقفون مثل فولتير، وديدرو، وروسو، والعديد من الفلاسفة والكتاب والمفكرين. هؤلاء المثقفون التنويريون شككوا في السلطات التقليدية، ودافعوا عن العقلانية والحرية الفكرية، ودعوا إلى إصلاح المجتمع وتحريره من قيود الجهل والخرافات. في الوقت نفسه، شهد العالم العربي في القرن التاسع عشر حركة نهضة فكرية وثقافية مماثلة، قادها رواد مثل: (رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وقاسم أمين)، وغيرهم. هؤلاء الرواد دعوا إلى التحرر من التقاليد الجامدة، واعتماد العقلانية والعلم، وتحديث المجتمعات العربية، واستلهام المنجزات الغربية في مجالات المعرفة والتقدم. يمكن تعريف المثقفين التنويريين الغربيين بأنهم: (مجموعة من المفكرين، والفلاسفة الذين اتخذوا دورًا مهمًا في نهضة أوروبا. وكانوا يدافعون عن التغيير والتحديث والإصلاح من خلال الكتابة والنقد والتدوين. وقدموا آراءهم حول العلوم، والفلسفة، والسياسة، والاجتماع). في حين يعرف رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر بأنهم: (مجموعة من المفكرين والشعراء، والقادة العرب الذين اتخذوا دورًا مهمًا في النهضة العربية في القرن التاسع عشر. وقدموا أفكارهم، وآراءهم حول الثقافة، والسياسة، والاجتماع، والعلم. وقاموا بتشكيل مؤسسات للتنمية والتطوير والتعميق في الثقافة العربية). على الرغم من أن هناك العديد من أوجه التشابه بين دور المثقفين التنويريين الغربيين ورواد النهضة العربية. فكلاهما سعى إلى تحرير العقول من القيود التقليدية، ونشر أفكار التنوير والتقدم، وإحداث تغيير جذري في المجتمعات التي عاشوا فيها. كما حملوا مشعل العقلانية والعلم في مواجهة الجهل والخرافات السائدة. إلا أن هناك اختلافات في السياق التاريخي والثقافي الذي عمل فيه كل منهما. فالمثقفون التنويريون الغربيون كانوا جزءًا من حركة فكرية أوسع في أوروبا، مدعومين بالتطورات العلمية والفلسفية والسياسية في ذلك الوقت. أما رواد النهضة العربية، فقد كانوا أصواتًا منفردة في بيئة محافظة، وواجهوا معارضة شديدة من السلطات الدينية والسياسية القائمة. في الوقت الحاضر، هناك حاجة ماسة لدور مماثل للمثقفين العرب في قيادة نهضة فكرية وثقافية جديدة في العالم العربي. فالمنطقة تواجه تحديات كبيرة مثل الصراعات، والتطرف، والتخلف العلمي والتقني، وضعف الحريات والديمقراطية. ويُنتظر من المثقفين العرب أن يكونوا صوتًا للتنوير والإصلاح، وأن يدفعوا بمجتمعاتهم نحو الأمام باعتماد العقلانية والعلم والانفتاح على الآخر. وعليه يجب على المثقفين العرب أن يدركوا السياق المعقد للعالم العربي الحديث، وأن يستلهموا الدروس من تجارب رواد النهضة السابقين. عليهم أن يكونوا حذرين من الوقوع في فخ النزعة الاستعلائية الغربية، وأن يحافظوا على الهوية الثقافية العربية مع الانفتاح على الآخر. كما يجب عليهم أن يكونوا واقعيين في توقعاتهم، ويدركوا أن التغيير الحقيقي يتطلب الصبر والمثابرة على المدى الطويل. في النهاية، إن دور المثقفين في قيادة النهضة هو دور حيوي ومصيري للمجتمعات. وعلى المثقفين العرب أن يستلهموا من تجارب الماضي، ويواجهوا تحديات الحاضر بشجاعة وعزم، لصياغة مستقبل أفضل لشعوبهم والإنسانية جمعاء.
1893
| 07 مايو 2024
في عالم الثقافة ما زلت أحتفظ بعقلي. أقرأ كتبا مهمة بقدر ما تتيح لي الظروف، ولا أتأخر عن الإشارة إليها أو الكتابة عنها، وأشعر أحيانا بالتقصير لأني لا أستطيع، وهذا طبيعي جدا، أن أقرأ كل ما يصدر من كتب عظيمة. أنشر ما أكتبه على صفحتي في الفيسبوك أو تويتر من باب الحفظ لها، فأغلب العابرين على السوشيال ميديا ليس لديهم الوقت الكافي، بينما يقفون كثيرا عند التغريدات قليلة الكلمات. هذا طبيعي فالسوشيال ميديا بنت عصر السرعة، وتظل المقالات وقراءتها للذين لديهم الوقت، ولمن ينشغلون بالقضايا الحقيقية، قد يبدون فيها رأيا يثريها حتى ولو بالاختلاف. لكن في السوشيال ميديا ظاهرة هي «الترند». وهو ما يأخذ القارئ أو المشاهد إذا كان الأمر يتعلق ببعض الصور، إلى اتجاه يزدحم بالحاضرين أو المحتفلين، فيسعد صاحب الترند بالكم الكبير وغير العادي ممن يعلقون على كلامه، ويصدق أن ما يراه اهتمام حقيقي، وليس زفة مثل زفة المولد، لا يبقى منها لدى المحتفلين ما يصنع ثقافة حقيقية. الترند قد يشهد انتقادات كثيرة جدا أيضا، ولا يعلم من ينتقد أن صاحب الترند يريد ذلك، فلقد صار في مركز الحدث. مركزا للتفاهة ستدخل في النسيان بعد دقائق. كنت دائما بعيدا عن هذه الظاهرة وما أسهلها. لم أفكر أن أفعلها، ولم أساهم حتى بالتعليق على إحداها، فهي بالونة طائرة تنفجر ولا يخرج منها غير الهواء لدقائق، بينما الهواء الحقيقي حولنا في القضايا الكبرى. لا ألوم من يساهم في الترند، فليس كل الناس ولا كل الأعمار على طريقة واحدة في الحياة، فالذين يقرأون القصص البوليسية مثلا أضعاف من يقرأون الأدب الحقيقي. في الأيام الأخيرة انفجرت السوشيال ميديا بترند سببه سؤال ليوسف زيدان للمفكر السوري فراس السواح، وهو صاحب أعمال عظيمة في تاريخ الأديان والميثولوجيا. كان السؤال في ندوة أقامتها مؤسسة جديدة تسمي نفسها «تكوين» مهمتها تجديد الفكر الديني كما يقولون. بدأوا ندواتهم بلقاء مع مفكر يستحق القراءة والاحتفاء، لكن تبدد اللقاء بسبب «الترند» التافه. ما شاع على الميديا سؤال من يوسف زيدان لفراس السواح هل أنت أفضل أم طه حسين، وإجابة الرجل أنه هو ويوسف زيدان أفضل. انفجرت الميديا بالانتقاد وبصفة خاصة ليوسف زيدان وأعماله مقارنة بطه حسين. المئات دافعوا عن طه حسين وهو يستحق كل ذلك عملا وفكرا، والحديث عنه يحتاج الى مقالات وكتب. اعتذر الاثنان عما حدث وكيف كان الأمر دعابة، وقال السواح إن زيدان ورطه بالسؤال. لكن صار الأمر « ترند» بدا لي مقصودا من صاحب السؤال، فأضاع الندوة وأضاع ما قدمه فراس السواح من أفكار. صار التجديد الديني على الهامش وشاعت الكوميديا والمسخرة. ومن ثم أقول لكم إن هذه بداية منذرة - لا أقول مبشرة من فضلك- بقيمة ما ستقدمه هذه المؤسسة التي لا أتوقع لها دور في التجديد بل لها دور في الترند! ولا أعتقد سيخيب ظني. بعيدا عن ذلك كله أحب أن أضحك مع تعليق واحدة من أجمل من يعلقون على الأحوال الثقافية، هي نجوان ماهر عامر التى تعمل في صفحة « مكتبة وهبان» وهي من أجمل الصفحات الثقافية، والتي لم يعجبها طبعا ما فعله زيدان، قائلة بعد إعلان لشخص آخر تكوين مؤسسة مقابلة لدحض مؤسسة تكوين. قالت نجوان ماهر مع صورة للرئيس السادات «تم تدشين مؤسسات ثقافية في ست ساعات» ولن أزيد من تعليقاتها التي تستحق مقالا ربما أكتبه يوما من فرط الفهم والجمال.
1854
| 09 مايو 2024
كلمة مشهورة لدى أهل الخليج تقال للوجيه (من كلمة وجاهة أي ذي جاه، أو سلطة، أو كبير قوم، أو ذي منصب، أو مركز اجتماعي مرموق يتوجه له الناس لقضاء حاجاتهم)، ومعنى تكفى «أي أنا طالبك تفزع لي على إنهاء أمر معين». وهؤلاء الوجهاء يأتيهم عامة الناس من كل مكان أملاً في أن يساعدوهم في أمور عجزوا عن إنهائها بأنفسهم، بل إن بعض الناس يقطع مسافة طويله لهذا الوجيه لعله يساعده في قضاء حاجته. في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، رواه مسلم. وهذا فضل من الله على عباده بأنه سبحانه يكافئ من أعان أخاه المسلم على حاجة بالعون يوم القيامة. فالدين أمرنا أن نقوم بمساعدة الناس وقضاء حاجاتهم واحتساب الأجر عند الله. فكلنا في حاجة بعضنا البعض مهما كانت مناصبنا أو مراكزنا الاجتماعية. فالطبيب بحاجة للفراش لتنظيف عيادته، والتاجر بحاجة للمحاسب، والغني بحاجة للحلاق، والوزير بحاجة لمن يحضر له اجتماعاته، وهكذا، وهو مصداق قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾. فالذي أكرمه الله بأن يكون وجيها فعليه أن يساعد كل من يأتيه ويقوم بحاجته حتى تنقضي ويحتسب الأجر، فليس له الحق في اختيار من يساعد من الناس. واعلم أن هذا الشخص الذي قصدك واختارك من بين عباده لتقضي حاجته، قد أرسله الله لك لتقضيها له وتكسب الأجر، فإنه قد جاءك وهو متوكل على الله ومتفائل بأنك ستقضي حاجته فلا تخيب رجاءه. ولتعلم انه قد يأتي يوم تحتاج له ولغيره، فلا تحقرن من المعروف شيئا. فلا تتردد أو تقول (على خير) وأنت لن تفعل شيئا. فإن الرجل ذا المنصب أو المركز أو الجاه يكون مثل الرأس في الجسد، ولهذا يذكر عن رجل أوصى ابنه فقال: يا بني، لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الآفات أو الأوجاع، فعليك أن تتحمل ما يحمله هذا المنصب من تكلف أو تعب فلذة خدمة الناس لا تعادلها لذة. وكلمة جزاك الله خيرا عندما تنهي حاجته، هي أبلغ الثناء. فإذا قال شخص لآخر (تكفى يا فلان أبيك تخلص لي موضوعي) قال له (ابشر بسعدك) ومشى معه حتى يقضى حاجته، وهذه من مكارم الأخلاق، لان كلمة تكفى عند اللي يعرفون معناها تهز الرجال. قال الشاعر: جيتك بكلمة كنها صقعة الويل وإن قلت تكفى لا تـهـاون بـتـكـفـى تكفى تراها كلـمـة تـقـطـم الـحـيـل لا بالله إلا تنسف الـحـيـل نـسـفـا تكفى ترا تكفى لـهـا هـدرة الـسـيـل في صدر حرٍ ينتف الطيـب نـتـفـا تكفى ترا تكفى لها تـسـرج الـخـيـل إن كان لك في مجمع الخيل عسفا تكفى ترى تكفى تهز الرجاجيل ولولا صروف الوقت ما قلت تكفى نسال الله أن يكتب الأجر لمن قام مع أخيه المسلم في حاجته حتي يقضيها له.
1821
| 10 مايو 2024