رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أخط لكم مقالي وأنا معكم في دوامة أخبار الحرب الأوروبية الروسية في قلب أوكرانيا بعد أن كانت أخبارنا نحن العرب تملأ الشاشات وتنفرد بالمصائب، ولكن هل انتهت مصائبنا نحن لتنتقل إلى أوروبا الآمنة؟ لا طبعا لأن حالة العالم العربي تستمر في الانقسامات وتصارع الشعوب داخليا من أجل السلطة أوالثروة أوالاثنين معا. أفتح جهاز التلفزيون على أخبار أوطان العرب فأسمع بأن الجمهورية المصرية تتعافى بعسر من محطات صعبة، وفي العراق تفجير في بعقوبة بمحافظة ديالي يخلف من بين الضحايا خمسة أفراد من عائلة واحدة، وهجومات مسلحة على مواقع حكومية ومصرع من تسميهم الحكومة بالإرهابيين، وفي سوريا يسقط قتلى وجرحى كل يوم جراء قصف بـ “براميل متفجرة” على أحياء الصالحين ومساكن هنانو والميسر والشيخ نجار بحلب في وقت دارت اشتباكات في حي القدم والعسالي بدمشق، كما طال قصف مدينة داريا بريفها، وفي جنوب السودان تسقط معاقل جديدة في أيدي ميليشيات غير حكومية ويتواصل القتال غير معترف بقرار وقف إطلاق النار رغم أن مفاوضات أديس أبابا بمباركة أممية وجهد أمريكي اعتقدت أنها حسمت الأمور! وتتواصل أزمات الشد والجذب بين المعارضين لحكم العسكر وبين عبدالفتاح البرهان المتمسك ببقاء الدولة غير مجزأة!
وفي ليبيا نسمع أنباء غير مطمئنة تقول بأن ثلاثة أرباع الأرض الليبية تخضع لجيوش قبلية وميليشيات مرتزقة غير منضبطة وبأن ربعها تحت سيطرة ميليشيات قذافية وأن الدولة لم تلم شتاتها لتفرض القانون وتجبر المسلحين على تسليم السلاح، وفي تونس منطلق شرارة الربيع يسود هدوء مدني وتعلو أصوات النخب السياسية على أصوات تفاسير مختلف لبنود الدستور، فنشعرأحيانا ببعض صلاح البال وسكينة الروح ونتلوالفاتحة كدعاء منبثق من القلوب، قبل الحناجر بأن يحمي الله سبحانه هذا البلد الأمين من هزات الجيران والأشقاء، بعد أن تم في تونس تحرير نص الدستور التونسي للجمهورية الثانية ليتضمن المبادئ والقيم التي فقدناها على مدى خمسين عاما من شخصنة النظام وإذلال الشعب. ورغم ما جاء في بنود الدستور من تضاربات ونتائج تنازلات وصفقات حزبية، فالأهم هوأن يصدر وعلى الأجيال التونسية القادمة أن تعدل أو تحور حسب تغير أوضاع البلاد. ونحن نتوسل إليه تعالى بأن يهدي المتقاتلين العرب خارج حدود تونس سواء السبيل حقنا للدماء وبحثا عن أقوم المسالك.
استعرضت في هذه المقدمة بعض أحداث وأحوال العرب والباب مشرع على مصراعيه هنا وهناك لتفاقم العنف في حروب أهلية محدودة، لكنها قاتلة وفي صراعات مسلحة تبدأ من السلاح الشخصي الخفيف إلى السلاح الميداني الثقيل وتتسع رقعتها الجغرافية رويدا رويدا لتبلغ الأبرياء والعزل والأطفال والنساء والشيوخ وحتى المرضى في المشافي، كما وقع في العراق وسوريا واليمن. إننا بإزاء منعرج خطير بسبب إلغاء الحوار السلمي بين أصحاب قضية ليتحول إلى حرب مفتوحة بين القبائل والطوائف والأحزاب في غفلة من رشاد المفكرين ووساطة العقلاء وبعيدا عن طاولات المفاوضات. ونحن إذ نعرض لأشد المحطات العربية حرارة وتهديدا للأمن القومي وللسلام العالمي، يجب ألا ننسى بؤرا خطيرة تشكل مخاطر مستقبلية تنذر بالعنف وتوسع الحروب الأهلية، كأنها قنابل موقوتة مبرمجة للانفجار بعد حين أو أحيان من ذلك وضع اليمن بين داعين للانقسام ومنادين بالوحدة، ومن ذلك الخلاف القائم بين الشقيقتين المغاربيتين: الجزائر والمملكة المغربية حول مصير ومفهوم الصحراء ومنظمة البوليزاريو، وكذلك طموح الأكراد لإعادة تأسيس دولة كردستان ولانزال نحن في بلدان المغرب الإسلامي نعاني من مصائب جنوب الصحراء في مالي وإفريقيا الوسطى وجنوب الصحراء، وفي هاتين الدولتين انسحبت القوات الفرنسية بترخيص أممي كانت تقاتل تحت غطاء “مقاومة الإرهاب” وإنقاذ المدنيين. ويجب الاعتراف بأن العالم العربي يمر بمحنة تاريخية لعلها أصعب امتحان في الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين، ومن أيسر التفاسير وأكثرها سذاجة أن نرمي الأمم الأخرى بإرادة تخريب البيت العربي وتقويض دار الإسلام، لكن الأسباب أعمق وهي تديننا نحن قبل أن تقنعنا بنظرية المؤامرات ضدنا فنحن أخطأنا اختيار طريق الاستقلال واستبد بنا من صلبنا طغاة غيبوا الدولة القوية العادلة رغم الأنظمة الجمهورية وحكمونا كرعايا لا كمواطنين، وأشاعوا بيننا منطق فرعون (لا أريكم إلا ما أرى)، ثم إننا اعتبرنا أن منظومة الفيدرالية منظومة تقسم الشعب بينما هي منظومة حق وتعايش. فانظر إلى سويسرا وإلى بلجيكا تجد أنهما نظامان كونفيدراليان تضمان مقاطعات مستقلة آمنة تتكلم لغات مختلفة وتنتمي لأصول ثقافية متباينة، لكن تجمع بينهم جميعا راية سويسرية أو بلجيكية واحدة فهل تعلم أيها القارئ الكريم أن برلمانات هذين الشعبين تحتاج إلى طواقم من المترجمين لنقل أفكار النواب من اللغة الفرنسية الى الالمانية إلى الفالونية إلى الهولندية أوالإيطالية، لكن الجامع بين الناس هناك هو مبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون. هل اخترنا نحن العرب لأنفسنا الأوهام والشعارات والظاهرة الصوتية لنحقق عقيدة المحافظين الجدد في عهد بوش الابن القائلة بضرورة انتشار الفوضى الخلاقة؟ (وهومصطلح كانت كوندليزا رايس أول من استعمله). الأكيد أننا دخلنا منطقة الزوابع والمخاطر أي انخرطنا في الفوضى، ولكننا أردناها لا خلاقة ولا واعدة بل مدمرة، وآخر دعوانا: ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. ولا ننسى أن هذه الآية الكريمة من قول الله تعالى على لسان أهل الكهف إذ أوى الفتية إلى الكهف. ونحن أشبه بأهل الكهف في سباتهم العميق والطويل لكن دون تقواهم!
* هل وصلنا إلى نهاية حرب إبادة؟ ** رغم الخطوة الإيجابية التي اتخذتها حركة حماس بإبلاغ الوسيطين القطري... اقرأ المزيد
198
| 10 مايو 2024
طفلي مختلف، لكنه يتمتع بمواهب تختفي وراء سلوكه الذي يراه الجميع مزعج، يتحرك كثيرا لكن عقله مبدع ويفكر... اقرأ المزيد
120
| 10 مايو 2024
انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح تساءلت حوله كثيرا هو ارتفاع سقف الثقة عند البعض “الاستحقاق العالي» لدرجة أنهم... اقرأ المزيد
141
| 10 مايو 2024
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
للأسف صرنا نسمع عن تلك القضايا التي تم القبض فيها على أشخاص خانوا الأمانة التي وُكِّلَت لهم في العمل وهو في خدمة الوطن الذي وفر لهم الراتب المناسب والمعيشة الطيبة والسكن المريح وكل أنواع الترفيه في البلاد وأهم من ذلك كله الأمن والأمان الذي نعيشه في هذا الوطن والعين الساهرة على ذلك. هؤلاء الأشخاص الذين وضعوا ضميرهم في ثلاجة الموتى وتغافلوا عن رب يراقبهم ويتابع أعمالهم ويحصيها عليهم كل ثانية من حياتهم، رب يدركون ويعلمون أنه البصير والسميع والعالِم بكل الخفايا في النفوس والصدور، وضيعوا الأمانة التي كان لابد من أدائها بكل إخلاص وصدق وإنهاء معاملات المواطن والمقيم الذي يضع أمله في أن تنتهي في أقصر وقت ولكنهم لم يصدقوا في ذلك مما أخَّرَ هذه المعاملات، بل إنهم يتناسون تلك الأعمال ويغفلون عنها لسنوات، وتضيع حقوق أناس بسبب ذلك وهم يلهون ويلعبون ويقضون أوقاتاً سعيدة خلال ساعات العمل التي يحاولون بشتى الطرق والوسائل أن يجدوا المخرج منها حتى لو كانت تلك الطرق غير سليمة وتخالف التعليمات، وهؤلاء للأسف يفعلون ذلك دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو تأنيب ضمير، وقد يكون هناك من يساعدهم على ذلك من القائمين على العمل وممن تهاونوا في أداء الواجب. ألا يشعر هؤلاء وهم يستلمون الراتب آخر الشهر أنهم لا يستحقونه لأنهم لم يؤدوا العمل الذي يتوجب أن يحصلوا على هذا الراتب بسببه؟!، ألم يسألوا أنفسهم ولو لمرة واحدة هل لديهم فكرة عن العمل الذي تم أداؤه، وكيف سيطعمون أهلهم من هذا المال الذي أخذوه من غير وجه حق؟! وغيرهم من استحلَّ المال العام وبدأ يستنزف منه ويغرف بدون أي إحساس بالذنب ولا تأنيب ضمير عندما يعلن عن مبالغ لم تستخدم فيما أُعْلن عنه من خدمات وأدوات لم تكُن موجودة ولم يتم شراؤها ألا على ورق مُلطخ بأيدٍ ملوثة بالسرقة والخيانة للوطن والاستيلاء على أموال الدولة لمصالح خاصة أثروا من ورائها بدون وجه حق، ولا نعتقد أنهم لا يعلمون أن ما يفعلون سرقة ونصب يستحقون عليه قطع اليد كما هو الحكم الشرعي للسارق قال تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). إن هذا الأمر لا شك أنه لا يحتاج إلى رقابة من الدولة ومن الهيئات المسؤولة أكثر ما يحتاج إلى رقابة ذاتية تنبع من نفس طاهرة نقية ترفض الحرام وتنوء عن اتباع طريق الخطأ والاستيلاء على حقوق العباد من أموال الدولة التي تنفقها في سبيل خدمتهم وسعادتهم وما يقومون به من عمل مخلص من أجل الوطن، وقبل كل شيء نفس تخشى الله وتخاف عقابه الذي لا شك أنه أشد وأقوى من عقاب الدنيا. إن ما يفعله هؤلاء هو وقوف في وجه التنمية والتطور ومحاولة القضاء على أمن وأمان البلاد وخيانة للوطن الذي أعطى ولم يبخل، فيجب مراعاة الله عز وجل في كل أمور حياتنا وصيانة الأمانة التي عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان الذي كان ظلوما جهولا، والأمانة الذي حملها الإنسان (هي التعفف عما يتصرف فيه الإنسان من مال وغيره، وما يوثق به من الأعراض والحرم مع القدرة عليه، ورد ما يستودع إلى مودعه). ولكن الإنسان لم يستطع صيانة الأمانة وخان القيام بها لجهله وظلمه. يجب أن توضع إستراتيجية من أجل الرقابة الدائمة على المال العام والمحاسبة أولا بأول على كل ما يخص هذا المال، والله يحفظ البلاد والعباد من كل من تُسول له نفسه الخيانة وخاصة أمن البلاد وأمانه.
1860
| 05 مايو 2024
شهدت أوروبا في عصر التنوير حركة فكرية وثقافية كبيرة قادها مثقفون مثل فولتير، وديدرو، وروسو، والعديد من الفلاسفة والكتاب والمفكرين. هؤلاء المثقفون التنويريون شككوا في السلطات التقليدية، ودافعوا عن العقلانية والحرية الفكرية، ودعوا إلى إصلاح المجتمع وتحريره من قيود الجهل والخرافات. في الوقت نفسه، شهد العالم العربي في القرن التاسع عشر حركة نهضة فكرية وثقافية مماثلة، قادها رواد مثل: (رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وقاسم أمين)، وغيرهم. هؤلاء الرواد دعوا إلى التحرر من التقاليد الجامدة، واعتماد العقلانية والعلم، وتحديث المجتمعات العربية، واستلهام المنجزات الغربية في مجالات المعرفة والتقدم. يمكن تعريف المثقفين التنويريين الغربيين بأنهم: (مجموعة من المفكرين، والفلاسفة الذين اتخذوا دورًا مهمًا في نهضة أوروبا. وكانوا يدافعون عن التغيير والتحديث والإصلاح من خلال الكتابة والنقد والتدوين. وقدموا آراءهم حول العلوم، والفلسفة، والسياسة، والاجتماع). في حين يعرف رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر بأنهم: (مجموعة من المفكرين والشعراء، والقادة العرب الذين اتخذوا دورًا مهمًا في النهضة العربية في القرن التاسع عشر. وقدموا أفكارهم، وآراءهم حول الثقافة، والسياسة، والاجتماع، والعلم. وقاموا بتشكيل مؤسسات للتنمية والتطوير والتعميق في الثقافة العربية). على الرغم من أن هناك العديد من أوجه التشابه بين دور المثقفين التنويريين الغربيين ورواد النهضة العربية. فكلاهما سعى إلى تحرير العقول من القيود التقليدية، ونشر أفكار التنوير والتقدم، وإحداث تغيير جذري في المجتمعات التي عاشوا فيها. كما حملوا مشعل العقلانية والعلم في مواجهة الجهل والخرافات السائدة. إلا أن هناك اختلافات في السياق التاريخي والثقافي الذي عمل فيه كل منهما. فالمثقفون التنويريون الغربيون كانوا جزءًا من حركة فكرية أوسع في أوروبا، مدعومين بالتطورات العلمية والفلسفية والسياسية في ذلك الوقت. أما رواد النهضة العربية، فقد كانوا أصواتًا منفردة في بيئة محافظة، وواجهوا معارضة شديدة من السلطات الدينية والسياسية القائمة. في الوقت الحاضر، هناك حاجة ماسة لدور مماثل للمثقفين العرب في قيادة نهضة فكرية وثقافية جديدة في العالم العربي. فالمنطقة تواجه تحديات كبيرة مثل الصراعات، والتطرف، والتخلف العلمي والتقني، وضعف الحريات والديمقراطية. ويُنتظر من المثقفين العرب أن يكونوا صوتًا للتنوير والإصلاح، وأن يدفعوا بمجتمعاتهم نحو الأمام باعتماد العقلانية والعلم والانفتاح على الآخر. وعليه يجب على المثقفين العرب أن يدركوا السياق المعقد للعالم العربي الحديث، وأن يستلهموا الدروس من تجارب رواد النهضة السابقين. عليهم أن يكونوا حذرين من الوقوع في فخ النزعة الاستعلائية الغربية، وأن يحافظوا على الهوية الثقافية العربية مع الانفتاح على الآخر. كما يجب عليهم أن يكونوا واقعيين في توقعاتهم، ويدركوا أن التغيير الحقيقي يتطلب الصبر والمثابرة على المدى الطويل. في النهاية، إن دور المثقفين في قيادة النهضة هو دور حيوي ومصيري للمجتمعات. وعلى المثقفين العرب أن يستلهموا من تجارب الماضي، ويواجهوا تحديات الحاضر بشجاعة وعزم، لصياغة مستقبل أفضل لشعوبهم والإنسانية جمعاء.
1806
| 07 مايو 2024
لماذا يضطر الموظفون في محيط الوزارات أو المؤسسات إلى طرق أبواب مديري مكاتب الوزراء ومن ينوب عنهم ممن يتعاملون مع طلبات المتضررين أو المتظلمين في تلك المؤسسات بطريقة تشعرهم أن مجرد إبلاغهم بالموافقة على طلبهم مقابلة سعادته يعد مكرمة وطنية كبرى؟! وقبل ذلك لماذا يصل الحال بأحد منسوبي الوزارات الموظفين على اختلاف مهامهم ودرجاتهم الوظيفية إلى التردد على مكتب الوزير أو وكيل الوزارة مرارا وتكرارا، كي يحظى بمجرد رد السلام عليه من مديري مكاتبهم أو سؤالهم عما أتى بهم إلى تلك المكاتب الوثيرة والتماس النظر في مطلبه، دون الحصول على إجابات شافية تكفيهم عناء المراجعات وضياع الأوقات في انتظار تلقي رد مقنع، وإعادة شرح الموضوع محل النظر، علما بأن أغلب الموظفين الذين يلجؤون إلى مكاتب الوزراء وكبار المسؤولين هم من قدامى الموظفين المواطنين ذوي الخبرة والخدمة الطويلة وممن أفنوا جل أعمارهم في أداء رسالتهم الوظيفية الوطنية بجد ومثابرة، وقد سبق كثير منهم أولئك الوزراء في عملهم في الوزارات والمؤسسات بسنوات عديدة مما يشعرهم بالغبن ونقص التقدير، إلى أن يتلقى أحدهم خطابا رسميا من جهة عمله تفيده ببلوغ السن القانونية والإحالة إلى التقاعد؟!. ألم يكن ممكنا أن يقوم رؤساء الأقسام والمديرون والوكلاء المساعدون بتيسير أمور الموظفين المتضررين وكل من يقدم إليهم مقترحا أو يصرح بتحفظه على بعض القرارات أو الإجراءات من واقع خبراته وحرصه على أداء واجبه، أو يلتمس تصحيح أوضاعه المادية أو الوظيفية وما يتصل بها من حقوق أدبية ومالية. وكان في مقدورهم أن يتجاوبوا مع مطالب وحالات موظفيهم بكل أريحية قبل إلجائهم إلى طلب مقابلة الوزير، ثم ينقم هذا المسؤول أو المسؤولة على ذلك الموظف الذي اضطر الى رفع أمره لمكتب الوزير، وقد يتخذون بحقه إجراءات تأديبية! ولابد هنا من توضيح مفهوم نصحح به أسلوبا شائعا لدى مديري مكاتب الوزراء ومن يقوم مقامهم بأن مجرد موافقة أصحاب السعادة هؤلاء على مقابلة من يطلب مقابلتهم ليس هدفا في حد ذاته، وليس مكسبا أو فوزا ثمينا يستحق أن يتوسل الموظف أو صاحب الحاجة ويستجدي بعض موظفي مكاتب الوزراء ليسمحوا له بتقديم طلب مقابلة الوزير، إن لم تكن نتيجة المقابلة مع سعادته محققة لما انتظره طالب المقابلة لأسابيع أو أشهر بل سنوات كي يبت هذا الوزير أو ذاك في أمره برفع الظلم عنه ومنحه كافة حقوقه أو رد اعتباره بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى، وإلا فما جدوى تحديد يوم وساعة وجلسة يستمع فيها الوزير لشكاوى ومطالب موظفي وزارته، ناهيكم عن مطالبات ومناشدات الجمهور المستهدف من خدماتها؟!. نعم لست أعمم الحكم في ذلك على كافة الوزارات والوزراء، لكن هذه الحالة المثيرة للامتعاض والرفض تشيع وتتكرر في وزارات عدة تضيع معها أوقات وجهود يتردد خلالها موظفون وآخرون غيرهم على مكتب مدير الوزير ومساعديه. وإلى كل وزير أو رئيس تنفيذي في كل وزارة ومؤسسة نقول: من حقك علينا أن نلقي عليك السلام حينما نراك في أي مناسبة أو مكان، وأن نوصيك بتقوى الله وأداء الأمانة الموكلة إليك، أما إذا أتيحت لنا فرصة مقابلتك بعد استنفاد كافة الحلول والمحاولات فلن تكون غاية آمالنا ومنتهى مطالبنا أن ترد علينا السلام متبسما أو تستمع إلينا بينما يشير لنا مدير مكتبك بإنهاء المقابلة والتحجج بالتزامات سعادتك وازدحام جدولك، دون أن نحصل منك على إجابة شافية كافية وتوجيها عمليا يثبت لنا حقوقنا الوظيفية والمادية التي حرمنا منها أو تم انتقاصها، ولولاها لما طرقنا أبواب سعادتك، وهل يرضيك أن يرفع الموظفون القضايا ضد الوزارات في المحاكم الإدارية كي تنصفهم وترد مظالمهم؟. لذلك فلا أستبعد أن ينقلب الحال ليكون الموظف المتضرر هو من يقدم اعتذاره عن مقابلة سعادة الوزير. قبل أن يستلم الموظف المتظلم رسالة اعتذار عن مقابلته من مكتب سعادته فلا يجد لشكواه بعد الله إلا اللجوء للمحاكم ليصبح الموظف خصما للجهة التي يعمل لديها. اللهم بلغت اللهم فاشهد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
1662
| 07 مايو 2024