رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. أحمد جاسم الساعي

 [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1115

د. أحمد جاسم الساعي

اللغة العربية.. ومكانتها المجتمعية

05 أبريل 2022 , 01:00ص

اختتمت فعاليات الموسم الثقافي لندوات وزارة الثقافة القطرية في الفترة من 17- 31 مارس 2022، والذي تضمن مجموعة من الندوات تعلقت باللغة العربية ومكانتها المجتمعية، والعلاقة بين العربية الفصحى والعامية المحلية، ونحن والغرب، والشعر العربي والأغاني، والنخب الثقافية القطرية والدور التفاعلي المأمول، وغيرها من الندوات التي انتهت بندوة "ملتقى قطر للتواصل الاجتماعي" حيث أخذت كل ندوة مكانها في جدول الندوات من حيث الزمان والمكان، فقد أقيمت هذه الندوات في جامعة قطر، ومعهد الدوحة للدراسات العليا. وقد نشطت الساحة الثقافية في هذه الفترة، وتوفرت أجواء تفاعلية بين المحاضرين والجمهور ومثقفي المجتمع، وتلاقحت الأفكار وتبُودلت الآراء في قضايا المجتمع الثقافية التي تناولتها الندوات، ليأتي دور الإعلام المحلي ووسائله المرئية والمقروءة والمسموعة لتغطية الحدث بشكل موضوعي وشامل حيث طالعتنا جريدة الشرق بتقارير صحفية ووصف كامل لما دار من عرض وحوار ومداخلات حول كل هذه الندوات.

ونظرا لتعدد اهتمامات الجمهور، وفيما يخص ندوة اللغة العربية ومكانتها في مجتمعها، فقد طالعتنا جريدة الشرق القطرية في عدد الثلاثاء 22 مارس 2022 بتقرير حول ندوة "هل تراجعت مكانة اللغة العربية في مجتمعاتها؟" التي تحدث فيها كل من د. على أحمد الكبيسي، والشاعر القطري عبدالرحمن الدليمي، والإعلامية الجزائرية أمل عراب. وتولى تقرير جريدة الشرق تغطية شاملة لما ورد في الندوة من أفكار وتفاعلات ومداخلات بالرأي في توافقه وتعارضه مع ما تم طرحه في الندوة. ووفقا للتقرير، فقد أشار د. الكبيسي إلى تعذر الحكم على تراجع اللغة العربية في مجتمعها في ظل غياب ما يسند هذا الرأي من دلائل ومؤشرات ناتجة عن دراسات وبحوث علمية في هذا الشأن. وتوصيفا لما أورده المتحدث، ورغم تريثه في الحكم على تراجع مكانة اللغة العربية، إلا أنه صنف الآراء في هذا التراجع إلى ثلاثة تصنيفات أو آراء شخصية أولها يفيد بأن هذا التراجع كان عارضاً وله أسباب وحيثيات، وسرعان ما يزول بزوال هذه الأسباب. أما الرأي الثاني، فيشير إلى أن هناك تراجعاً واضحاً في مكانة اللغة العربية في مجتمعها، مما يثير القلق، ويرفع درجة الحذر منه ومن تداعياته على الفرد أولا، وعلى المجتمع والأمة بأكملها ثانيا. أما الفريق الثالث الذي أشار إليه المحاضر، فيرى أنه لا تراجع لمكانة اللغة العربية في المجتمعات العربية استنادا إلى حفظها بنص القرآن الكريم وحكم الدستور.

وبالنظر إلى مجتمع الندوة وجمهورها باختلاف تياراتهم الفكرية وتخصصاتهم العلمية بين اللغة والإعلام وعلم الاجتماع وباقي التخصصات العلمية والأكاديمية بجامعة قطر وغيرها من التيارات الفكرية، وتعقيباً على ما ورد في الطرح بشأن صحة تراجع مكانة اللغة العربية من عدمه، فمن المنطق والموضوعية وفقا لرأي الكاتب ترجيح كفة الرأي المؤيد للتراجع في مكانة اللغة على الآراء الأخرى المعارضة، والشواهد على ذلك كثيرة. ولذا، فماذا يُسمى الدفاع عن اللغة الإنجليزية وليست العربية في كل الأحوال والمناسبات من قبل الكثير من طلبة الجامعات، وبعض مثقفي المجتمعات العربية وخريجي الجامعات الأجنبية، والغربية على وجه الخصوص، وتبرير التحدث باللغة الإنجليزية بمناسبة وبغير مناسبة. وليس هذا فحسب، ولا يُكتفى بالهوس بالتحدث بلغة الغير، بل يقابله التشدد وعدم التواني بالطعن في اللغة العربية، ونقدها في كيانها وطبيعتها وخصوصيتها وأحكامها وقواعدها ونحوها، ونعتها بالتأخر والتخلف عن الركب الحضاري، وعدم مسايرة التطور، وعدم صلاحيتها للاستخدام في عصر التكنولوجيا. كما تُنعت العربية في الكثير من الأحيان بأنها ليست لغة العلم والتقدم، وغيرها من الطعون والانتقادات من قبل متحضري العصر، ورافعي راية التحضر والتقدم غير المبني على أساس علمي ومنطقي.

ومن ناحية أخرى، فبم تُبرر الرغبة في إدخال مصطلحات ومرادفات إنجليزية في سياق الحديث باللغة العربية للتفسير والتوضيح بحجة وبدون حجة كنوع من التباهي والتفاخر بلغة الغير وليست لغة الذات والهوية والقومية. وكيف يُفسر تهافت اولياء أمور الطلبة وسعيهم الحثيث إلى إدخال أبنائهم وبناتهم في مدارس أجنبية، مع يقينهم التام بعدم اهتمام هذه المؤسسات التعليمية بلغة المجتمع والأمة، وإن وجد بعض الاهتمام باللغة العربية في هذه المدارس، فهو اهتمام ضيق وصغير جدا لا يكاد يذكر، وذلك من باب الاستحياء والتغني بوجود بعض الاهتمام باللغة العربية لطمأنة الجمهور، ذر الرماد في العيون. وبم يُفسر إصرار بعض مؤسسات الدولة بالتحدث بلغة الغير وإهمال اللغة العربية في التخاطب والمراسلات بين أقسامها وإداراتها، واعتبار اللغة الإنجليزية لغة التخاطب والتفاهم بين منتسبي هذه المؤسسات؟ وماذا عن الجيل الناشئ من أطفالنا الذين لا يتخاطبون ولا يتفاهمون إلا باللغة الإنجليزية، فهل يُنتظر من هذا الجيل أن يعتز ويتفاخر بلغته الأم.. اللغة العربية التي لم يتحدث بها ولم يمارسها في حياته حتى في بيته ومع والديه؟ والسؤال الختامي هنا هو: أليس في كل هذه الأمثلة والنماذج والمواقف الواقعية الحية تراجعاً لمكانة اللغة العربية في مجتمعها؟ ولذا، فيرجى التفكر والتأمل في وضع اللغة العربية بعد 10 سنوات من الآن.

كلية التربية – جامعة قطر

[email protected]

                    

مساحة إعلانية