رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

1986

د. بثينة محمد الجناحي

دور النخب الفكرية القطرية في الحراك الثقافي المحلي

17 يناير 2023 , 01:30ص

ظل سؤال العموم "من هو المثقف" بالنسبة لي يسبب ازعاجا، لأنه يقدم التعريف العام من دون التوصل إلى الخصخصة عبر البحث عن أبعاد المفهوم المحلية وامتداداتها التاريخية التي تشرح أكثر ماهية المثقف من المنظور المحلي وليست من باب التعميم بحسب النظرة السائدة لها. إذ تظل المسألة في هذه الحال عائمة ما بين الإشكالية والماهية، بين من هو المثقف وما يحمل معه من هموم. وتقف هنا الدوامة من دون أن يكون لها جذور تستطيع من خلالها أن تفسر المفهوم وتتعرف على أجزائه ومن ثم تبدأ بعمل المقارنات ما بين المفاهيم الأخرى. فلا لسؤال "ما الفرق بين المثقف والنخبة؟" أية جدوى إذا ما وجدنا لها أساسا بإمكاننا الاستناد عليه لفهم الحالة الراهنة وقياسها على المشهد الثقافي المتجدد، في دولة قطر بالتحديد.

وعلى هذا الأساس، خضت تجربة أعتبرها شمولية من حيث بناء المفهوم الثقافي والحرص على تطبيقه عبر التحليل المنهجي، والتطبيقي من خلال المشاريع الصغيرة. ولطالما ظلت الثقافة مهمة بالنسبة لي على المستوى الأدبي والتطبيقي عموماً. إلا انني وجدت نفسي أتدرج في بناء المفهوم من خلال البحث عن أبعاد جديدة للثقافة لا تنحصر على محور الأدب والكتابة والكتب فقط، إنما التوسع في النطاق لتشمل عناصر البناء بحسب طبيعة الأنظمة الخليجية عموماً وقطر خاصة وعلاقتها بالأدوار النخبوية في المشهد الثقافي. وهذا الجزء بالتحديد يعتبر الأكثر تشويقاً بالنسبة لي، لأنه تطرق للنظر في البناء النخبوي من محور صناعة الاعلام المحلي، دور البنية التعليمية وأثرها في تخريج طبقة وسطى بتزايد، الأنظمة التشريعية والأدوار التنفيذية في صناعة القرارات، الأحداث الطارئة. بالإضافة إلى الأدوات الافتراضية الجديدة التي عملت على نقل المفهوم ليصل إلى مرحلة الشعبوية وانقلاب المفاهيم.

لذلك، يأتي سبب بحثي الرئيسي خلال فترة دراسة الدكتوراه في علوم الاجتماع لإضافة دراسة أعتبرها جداً مهمة للتاريخ القطري من حيث توثيق المسار التاريخي والمنهج التحليلي الذي على أساسه نستطيع أن نجاوب على سؤال "من هو المثقف؟" من دون أن نشعر بدوامة الانزعاج مرة أخرى.

من خلال هذه السلسلة لموضوع أطروحة الدكتوراه والذي يختص بدور النخب الفكرية القطرية في الحراك الثقافي المحلي، سأقوم بتسليط الضوء على أبرز المحاور التي من شأنها أن تساهم في بناء المفهوم للنخبة الفكرية في المشهد الثقافي المحلي وبشكل خاص يوثق من خلالها أبرز النقلات المؤسسية والاجتماعية التي كان لها الدور الرئيسي والأثر في صقل المفهوم النخبوي القطري. ولكن قبل البدء في الجزئيات الرئيسية لهذا الموضوع الهام، لابد من التأكيد على عدة نقاط رئيسية يجب ألا يغفل عنها القارئ خلال قراءته لهذا الموضوع:

أولاً: الثقافة مفهوم متجدد بحسب الزمان والمكان، فلا تستطيع أن تستند على مفهوم كلاسيكي لا يواكب أدوات اليوم، لذلك وجب التنويه على ان الثقافة اختلفت وامتدت في مفاهيمها بين الأجيال. أما بالنسبة للنقطة الثانية وهي الأهم، حيث تكمن في مسألة الخصوصية القطرية: فلا يمكن أن تحصر مسألة التعميم الثقافي على كافة الأنظمة السياسية وقياسها بحسب توقعاتك لدور المثقف. فمن المستحيل أن تصل لأية نتيجة معتمدة وخط تاريخي متسلسل من دون أن تنظر بشكل داخلي للنمو والتحولات الاجتماعية في دولة قطر خاصة.

بناء على تاريخنا المتنوع، والطفرات الكبيرة التي غيرت من مجريات الحياة في المنطقة، لا بد وأن تكون لك نظرة مغايرة تماماً عندما تطرح سؤالك الموسمي حول ماهية المثقف وأدواره. لذلك، وجب النظر إلى الحالة القطرية بشكل خاص وضرورة النظر إلى التاريخ الخليجي عموماً باعتباره تاريخاً تراكمياً وليس قطائعيا، إذ لا يمكن اختزاله في التقابل كأمثلة ما قبل/وما بعد، وقس هذا الأمر أيضاً على سؤال المثقف: توجد نخب ولا توجد نخب.

ونظراً لشح المصادر لهذا الموضوع على الرغم من أهميته، أتمنى أن تكون هذه الدراسة بداية لدراسات تفصيلية أخرى، قادرة على التركيز في الجزئيات المفقودة. كما أتمنى أن تكون إضافة قيمة لأرشيف قطر التاريخي العريق.

وأخيراً: لنتفق ألا نستمر في دوامة الإجابة العامة عن سؤال من هو المثقف بعد اليوم!.

مساحة إعلانية