رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

3420

د. بثينة محمد الجناحي

المثقف الجديد والثقافة الافتراضية: معضلة الألقاب!

07 فبراير 2023 , 02:00ص

أخشى أن نعول دائماً على أساس لا نستيقن أعمدته، وهذا الملحوظ عند الحديث عما هو متجدد اليوم في محيط الثقافة عموماً، خاصة وعندما نستند على النخب غير الحاكمة ومكانتهم في مسألة التأثير بين اليوم والأمس. ولربما نضيع في مسألة الألقاب خاصة، التمييز ما بين هذا وذاك كي نحدد صفة هذا على الآخر أو اختصاصه وخلفيته مقارنة في آخرين. أنا أراها مسألة تعود دائماً للأساس، ولكن بلا عمود. لأننا باختصار لا نستطيع العبور من خطاب كلاسيكي لخطاب آخر متجدد إلا ويأتينا شعور الحاجة للعودة للأصل من دون مشاركة البناء من الداخل، بل قد تستمر في الغرق تركيزاً على إشكالية ما من دون استيعاب إمكانية أدوات اليوم مقارنة بأدوات الأمس في إعادة البناء.

النخب غير الحاكمة لها سماتها الخاصة بحسب حضورها الفاعل في الحراك الاجتماعي، لذلك لابد من قياس مدى فاعلية هذه النخب اليوم بالتحديد من خلال التمكين من الأدوات الحديثة، وهل فعلاً نحن نتحدث عن إمكانية النخب وقدرتها على مواكبة الأداء. هل لحضور المثقف النقدي على سبيل المثال الأثر، وهل يجد المتلقي المناسب في وسائل التواصل الاجتماعي؟ لأن في هذه الحال قد نكتشف بأننا نقف عند حد معين لإمكانيات نخبوية، لم تتمكن من التحكم في الأداء، بل انتقلت بشكل سريع وأصبحت في يد الشعبوية التي قلبت الموازين في نهاية الأمر.

الأدوات وحدها من ترمم الأعمدة وتقف على الأساس، ولكن علينا استيعاب الإمكانيات وليس خلق الإشكالية لمجرد ابتعادها من الأساس. أدوات الخطاب الجديدة لها ميزة السرعة وصناعة الحدث الذي يجمع الحشود بقوة المؤثرات وصفات المفاجأة التي لم يستطع الخطاب الكلاسيكي أن يواكبها بأدواته السابقة من دون أن يتمرس في الأدوات الجديدة، بل تجد هناك محاولات مستمرة من المثقف الكلاسيكي الذي لم يتقبل أن يكون جزء من الخطاب الجديد، ولكنه يحاول المواكبة بأسلوب التضييق.

أنا لا أعتقد أننا نعاني من مسألة الألقاب، ولكن نخشى عليها من الفقد لمجرد مرورها لوسيط آخر وحامل للقب لا يتوافق مع معايير وضعها النخبوي لنفسه في السابق وبسمات ترضيه أكثر مما يراه في غيره اليوم وفي زمن أسرع مما كان عليه.

المنصات الافتراضية اليوم لا تلعب فقط الدور الترويجي والحضور المؤثر بالقبول أو الرفض لدى شريحة كبيرة من المجتمع، إنما هي أصبحت المنصة التي تنقل تفاصيل اللحظة، وتكوين المشاعر تجاه نفسك، تجاه الآخر، أو مع الآخر وضده في نفس الوقت، ولن أدخل في مسألة التناقضات اللحظوية في هذا المقال. ولكن عموماً، المنصة الافتراضية اليوم لم تترك المجال من الأساس أن يكون لها معيار ثابت تبنى عليه أخلاقيات التواصل أو مبادئ قيمية أو مواثيق ثابتة. ومن الصعب أساساً أن تخلق مثل هذا المعيار أو الميثاق التي يتحكم في سير الحرية المطاطة في منصات التواصل الاجتماعي والتي ابتعدت عن السياق النخبوي وميولها وانقلابها نحو الجمهور بصفته حامل الرسائل والمتلقي في نفس الوقت.

خلاصة في حدود الثقافة الافتراضية:

القانون لم يردع خطاب الكراهية ولا العنصرية بكافة أطيافها، ولكنه حد من بعضها.

الجانب النفسي لم يقض على التنمر ولا سطحية المحتوى، ولكنه يستمر في مهمة التوعية.

والإعلام لم يقف على أساسه إنما لم يقاوم المنصات الجديدة.. بل وأصبح جزءاً منها وممتد عنها في مجالات أخرى!

بالتالي، المثقف الجديد يجب أن يبحث عن الأعمدة وإعادة بنائها بحسب البناء الداخلي للمجتمع، أفضل من الشعور بالمعضلة تجاه التغييرات المعاصرة ظناً منه بأنها ابتعدت من الأساس!

مساحة إعلانية