رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

1575

د. بثينة محمد الجناحي

حتى الإحساس جزء من المنطق!

14 مارس 2023 , 02:00ص

البعد الذي نرتكز عليه لفهم موضوع معين لابد وأن يكون أضيق من ناحية فهم التفاصيل، وأبعد من حيث التصور الكلي له. ونقف هنا عند النواحي التفصيلية في فهم المواضيع الاجتماعية خاصة، وكيف نستطيع أن نقترب من المجتمع في فهم حاجاته بينما يشعر المجتمع في المقابل بأنه بعيد عن فهم الأولوية لاحتياجاته، هذه ليست جدلية، ولكنها محاولة لفهم الأمور الاجتماعية ومقتضياتها في كافة المجالات وبحسب الحاجة المطلوبة.

ومن هنا، حاولت أن أستقرئ أكثر في نظرية ابن خلدون والتشعب في أنواع المنطق الذي استند إليها، وما شوقني من بين أنواع المنطق المعتمدة هو المنطق الحسي، لأنه أقرب ومحسوس أكثر ومستمد من المعرفة الاجتماعية بشكل أعمق من الصور الخارجية غير المكتفية بالتصور الذهني المثالي.

وقد أكون مقصرة في تفاصيل هذا المنطق، ولكن سأحاول أن أعكس هذه الفرضية على الأمور الاجتماعية التي قد نضعها أحياناً في العقلانية التي تغفل عن استحضار الجانب الحسي في الموضوع أيضاً. وبناء على هذا التصور أظل أتساءل في مسألة الحس، متى يحين الموعد المناسب كي نستطيع أن نقول إن الجانب الحسي لابد وأن يكون جزءاً من بناء الفرضية لطرح موضوع اجتماعي معين، وهل الحس يحتاج لقياس من الأساس لطرح الموضوع عموماً؟.

ابن خلدون حاول أن يقسم أنواع المنطق بطريقة لا تتعارض مع الأمور الحياتية كافة، فجعل للقياس منطقاً، وللروحانية والإلهية منطقاً، وكذلك طرح مدرسة الحس كي تكون جانباً للاستقراء غير الملموس وفهم أولويات الطرح في الأمور الاجتماعية خاصة.

وهنا أتساءل بقياس أولوية الطرح للقضايا الاجتماعية، هل الحس يحدد تلك الأولوية، هل الحس يحدد أولوية طرح قضية الطلاق على سبيل المثال على قضية الإنجاب؟، هل يحدد التفكير ودراسة زيادة إنتاجية المجتمع قبل الحد من الاستهلاك؟، والأمثلة لا تقف هنا.

عموماً، لا أعتقد أن المسألة الحسية تقف عند هذا التحديد واستباق الأولويات، على قدر ما يساهم الحس في بناء الدراسة والولاء لها من حيث بناء الفرضيات ودراستها إلى حد الوصول للنتائج التي تساهم في طرح التوصيات وبناء الخطة المرغوبة.

لزم القول إن الحس في البحث لا يستهان به، خاصة في الجانب الاجتماعي، لأن مواضيع المجتمع المتعددة والمتفاوتة لا تقف عند قضية واحدة ولا تنتظر نتائج دراسة قبل البدء في دراسات أخرى، إنما الحس يساهم في بناء المادة التي تجسد التفاصيل المرغوبة في التركيز عليها، وتهتم بشكل كبير بعدم التقيد بالأمور الكلية فقط، فهذا الجانب المنطقي بالتحديد يهتم بالمادة على الصورة.

ولربما في حياتنا الواقعية، لابد أن ننظر للجوانب التفصيلية أكثر من الاهتمام بالشكل، لابد وأن يكون للمضمون جزء مهم في بناء المواضيع التي تعبر عن واقعية المدارك المحيطة وقياس التصور غير المألوف أيضاً في نطاق المادة التي تساهم في البعد عن النظرة الصورية التجريدية، فالأفكار غير مستقلة في كيانها، إنما المضمون أساس فهم شبكة الحياة.

وحتى المواضيع عموماً من المفترض ألا تطرح بصورها المثالية المطلقة، لأنها حضور المادة ونقيضها في نفس الوقت.

مساحة إعلانية