محليات

2907

الوالد عبدالله بن محمد سالم الجابر : كنت شاهداً على تصدير أول شحنة نفط قطرية للخارج

 

الملك سعود نزل في مطار إمسعيد وصورته بكاميرتي

للتاريخ قهوة معرفيه حل محلها الآن فندق بسم الله

 

 

نستضيف في هذا الجزء من مجلس الشرق أحد السواعد السمر من الرعيل الأول من القطريين الذين كافحوا وساهموا في العمل في مجال النفط وتحملوا معاناة كبيرة ومشقة، ضيفنا الوالد عبدالله بن محمد سالم الجابر أحد العاملين بقطاع النفط، الذي كافح من أجل الحصول على لقمة العيش في البداية كان عاملا في قهوة شعبية، ثم عيّن عاملا في مجال النفط قبل تصدير أول شحنة نفط برية قطرية حيث بدأ العمل في مارس 1949 م واستمر حتى 1993 م، الشرق زارته في مجلسه العامر وكان هذا اللقاء الذي أبحرنا في ذاكرته ونبشنا جزءا من تاريخ النفط وذكرياته وكيف كانت الحياة في تلك الفترة.

◄ فتحت عيني في الجسرة

ولدت في الجسرة في عام 1934 م، ذلك الفريج الحيوي بالدوحة لأن سوق واقف قريب منه ويمتاز بالحركة والنشاط والحيوية منذ الصباح حتى المساء وكانت كل المهن والحرف قريبة منا، وكان أغلب أهل الدوحة يسكنون في هذه المنطقة التي يقع فيها بيت المستشار الإنجليزي ومكتب شركة النفط، وكانت أغلب الشركات والدوائر الحكومية في هذا الفريج، لم أدرس عند الكتاتيب ( المطاوعة ) ولم تكن في تلك الفترة مدارس نظامية، وكنت ألعب مع أقراني في فريج الجسرة، وكنا نذهب للبحر القريب منا للسباحة وكذلك لصيد السمك بالحداق.

◄رحلتنا من دخان للدوحة تستغرق 3 أيام

أذكر عندما كنت صغيراً كنت أذهب مع أخي أحمد محمد سالم الذي كان يشتغل في شركة تطوير نفط قطر في دخان البئر رقم (1) وذلك في عام 1939 أثناء وقوع الحرب العالمية الثانية، ومعه (8) أشخاص أذكر منهم عبدالله معرفيه وعبدالله عيسى عبدالجبار وعبدالله رستم ومحمد الحوطي ودرويش كربون ويوسف مشقاب الباكر، وكانوا يشتغلون نواطير (حراس) مسئولين عن حراسة معسكر الشركة وبيوتهم ومعداتهم، وكان المسئول عليهم منصور بن خليل الهاجري الذي يقع بيته تحت جبل دخان في (الخطية) التي كانت بيوتهم عبارة عن برستيّه من الشولان والدعون وغيرها وليس فيها كهرباء، وأذكر كانوا الحراس منخشين ( مختبئين ) داخل خنادق خوفاً من ضربهم بالطائرات الألمانية التي هددت بضرب المصالح الإنجليزية في منطقة الخليج وبخاصة المناطق التي يستخرج منها البترول.

وأذكر كنا عندما نريد الذهاب الى الدوحة أو العودة لدخان لشراء الأغراض والمواد الغذائية التي نحتاجها كانا نقطع المسافة وتستغرق رحلتنا ( 3) أيام على ظهر الجمال وكانت الشركة قد أوقفت أعمالها بسبب الحرب العالمية الثانية، واستغرق العمل كحراس في الشركة لمدة سبع سنوات حتى وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، ورجعت الشركة للعمل في التنقيب عن البترول في عام 1946 م.

◄ فشلت في الالتحاق بالعمل في الشركة عام 1949

كنت مشتاقا للعمل في الشركة، وقد تعبت في البحث عن وظيفة وعندما بدأت الشركة في العودة الى استئناف عملياتها في عام 1946، أخذني أخي الى المدير العام مستر (ديكسون) وكان رده قاسياً عليّ وهبط من معنوياتي وذلك عندما قال لي أنت صغير السن ولا تصلح للعمل في الشركة ورجعت للدوحة وأنا حزين لكنني لم أيأس، وكان عمري يومها (14) سنة.

◄اشتغلت في قهوة عبدالله غانم

وبعد عودتي للدوحة لم يدخل اليأس لنفسي بل زادني عزيمة وإصرارا وتحديا، وذهبت للبحث عن عمل واشتغلت في قهوة عبدالله غانم وهي من المقاهي الشعبية القديمة وهي عبارة عن عرشان وكانت تقدم الشاي والقدو لمحبي التدخين ويرتاده البعض لقضاء الوقت والتسلية والحديث عن ما يدور في الشارع في تلك الأيام، وكان يجلس المرتادون على الكراسي الخشبية الطويلة، وكنا نعطي البعض منهم بالدين ويدفعها في نهاية الشهر، وكنت أتقاضى (15) روبية شهريا، وقد كانت في تلك الفترة عدة مقاهي شعبية أذكر منها قهوة غلوم وكذلك قهوة عبدالنبي وقهوة عبدالله معرفيه.

◄ للتاريخ مطعم بسم الله كانت قهوة معرفيه

انتقلت إلى قهوة عبدالله معرفيه وكان موقعها مكان مطعم وهوتيل بسم الله وكانت مبنية، حيث استأجرها معرفيه من الشيخ أحمد بن علي الأحمد آل ثاني قبل أن يبدأ مطعم بسم الله، وكانت تقدم الشاي وتدخين القدو وهي مشهورة ويرتادها الكثير من الناس، وعندما توفي الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني في 27 مايو 1948 م، كنت أشتغل في قهوة معرفيه، وقضيت في عملي مدة سنتين.

◄ ذهبت لبيت الشركة وجاء الفرج أخيراً

ولم أيأس بل واصلت البحث عن عمل وذهبت للسيد صالح سليمان المانع الذي أرسلني مع السيد علي بن علي إلى مكتب الممثل العام للشركة في الدوحة مستر كريستي الذي قال نفس الكلام إنني صغير السن ويمكن بعد فترة قصيرة يتم إرساله للشركة، وجاء الفرج وتباشير الخير بتاريخ 10/3/1949 م حيث تمت الموافقة وفرحت كثيراً وكانت سعادتي لا توصف، وقد دفعت (20) ريالا للشركة عند التعيين وقام أخي بدفعها بالنيابة عني وذهبت الى دخان للفحص الطبي ولله الحمد نجحت، وقد التحقت بالعمل في البداية بمركز الشركة في الدوحة لمدة شهرين كمراسل وكنت أذهب لبيت الدرويش والمانع لإعطائهم البرقيات التي ترد للشركة بصفتهم ممثلين لها تحت حراسة مشددة وكان راتبي الشهري (75) روبيه، ثم انتقلت للعمل في أمسيعيد في قياس الزيت الخام في الخزانات.

◄ كان العمل صعباً وشاقاً تحت درجة حرارة عالية

لقد كان العمل شاقاً وصعباً في تلك الفترة، ولا يوجد مكيفات ولا مياه باردة، وكنا نعمل تحت درجة حرارة عالية جداً، وكان سكننا واقامتنا في الخيام التي أشبهها كأنها فرن حار، كنت آخذ قياس الزيت في الخزانات وقياس الدفع في البواخر (كيجر)، وكنت أصعد درج الخزان المكون من (60) درجة لقياس مستويات الزيت بأدوات عادية، كما أنني أنزل الخزان وهو فارغ والحرارة عالية لا تطاق ويتم تسجيل القياسات وأخذ عينات من النفط الخام.

◄ كنت شاهداً على تصدير أول شحنة من النفط

كنت أحد الشاهدين على تصدير أول شحنة قطرية للنفط من مصب امسيعيد، أتذكر بدأ تحميل الباخرة في 31/12/ 1949 م واستمر حتى 1/1/1950 وسبب طول فترة التحميل أن دفع النفط كان بمعدل (700) طن في الساعة، اليوم المعدل أكثر من ذلك، وقد أقيمت حفلة كبيرة بهذه المناسبة وتم تجهيز بيت شعر وخيام وزينه وأعلام، وحضرها الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني حاكم قطر السابق في ذلك الوقت وعدد من الشيوخ والضيوف من داخل قطر وخارجها، وقد ألقيت الكلمات بهذه المناسبة والقى صالح المانع كلمة خاصة بهذه المناسبة، كما كانت هناك عرضة شعبية، وقام حاكم قطر السابق بتدوير مفتاح دفع النفط للباخرة.

◄ درست في مركز التدريب بأمسيعيد

بعد فترة قمت بدراسة اللغة الإنجليزية والعربية وتعلمت في مركز بالتدريب بأمسيعيد وذلك تحت إشراف مدرسين متخصصين عرب من الجنسية الفلسطينية واستفدنا منهم ونشكرهم على ذلك، ولدينا كتب معينة وأدرس في اليوم 5 ساعات تقريباً وأكثر في اليوم، وقد أنهيت بوك 4 في عام 1957 م وقد حصلت على عدة شهادات، وقد أجدت اللغة الإنجليزية وكذلك العربية، وقد استفدت من الدراسة التي أقبلت عليها بهمة ونشاط وأفادتني في حياتي العملية.

◄كنا نأكل في الميز المخصص لنا

كنا نأكل في الميز وهو المطعم المخصص لنا كعمال، وكان الأكل منوّعا حسب منيو المطعم، وكان أكثر شيء نأكله هو ( الدال) العدس مع الرز الأبيض، وكنا مقتنعين منه، وبعد ترقيتنا أصبحنا نأكل في مطعم الموظفين وهو يختلف اختلافاً كلياً عن مطعم العمال والأكل فيه لذيذ وكميته أكثر وطعمه أفضل.

◄مطار أمسيعيد نزل فيه الملك سعود 1953

أتذكر مطار امسيعيد وهو مخصص لنقل الموظفين من الخارج ومن دخان، وقد نزل فيه سنة 1953 الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية اثناء زيارته لقطر، وحظي باستقبال كبير، وقد قمت بتصوير الملك سعود بكاميرتي الخاصة.