رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1260

أطباء مصر.. يواجهون السيسي وكورونا

27 يونيو 2020 , 07:00ص
alsharq
اطباء في مواجهة كورونا - ارشيفية
الدوحة ـ الشرق

بينما يتفشى فيروس كورونا في مصر، التي سجلت اكثر من 61 الف اصابة مؤكدة، يقدم الاطباء تضحيات كبيرة في مواجهة الوباء، في ظل امكانيات لا تتوفر فيها ابسط مستلزمات الوقاية لـ"الجيش الابيض" الذي يمثل خط المواجهة الاول، مات منهم 100 طبيب بجانب 3 آلاف اصابة وهم يؤدون واجبهم في مستشفيات تنعدم فيها الامكانيات والمستلزمات الطبية، ورغم كل ذلك ظل اطباء مصر يواجهون قمع النظام واعتقل بعضهم بسبب كشفهم عن قصور في تعامل السلطة مع هذه الجائحة.

واستبد الغضب بالجيش الابيض إثر تصريحات رئيس الحكومة مصطفى مدبولي حول ما وصفه بـ"تقاعس الأطباء" في مواجهة فيروس كورونا، وطالبوه باعتذار وتشكيل لجنة علمية لكشف أسباب زيادة أعداد الوفيات بين الأطباء مقارنة بدول العالم. ورغم كل ذلك رد الشعب المصري الجميل للاطباء بتدشين حملة بعنوان "شكرا أطباء مصر أنتم في القلب" للتعبير عن التقدير للأطباء وجهودهم في مكافحة كورونا. اطباء مصر يقدمون تضحيات كبيرة وحان الوقت ان يعرفها الشعب المصري ويرفع لهم يد التحية، وهم في أمسّ الحاجة إلى التقدير المعنوي، في وقت غاب فيه أي تقدير، وغابت إلى حد كبير بيئة العمل المناسبة.

تضحيات كبيرة

يعمل اطباء مصر في ظل امكانيات شحيحة، ولا تتوفر لهم ابسط مستلزمات الوقاية الشخصية، من قفازات وكمامات، ولا يوجد اهتمام كافٍ بسلامة الكوادر الطبية وتقول نقابة الأطباء في أحدث بياناتها إن عدد الوفيات في صفوف كوادرها منذ بداية أزمة كورونا وصل إلى نحو 100 حالة وفاة، بينما تجاوزت الإصابات 3 آلاف حالة، "أمينة علي أحد أعضاء الأطقم الطبية في مستشفى صدر إمبابة، تعافت قبل أيام من الفيروس، والذي نقلته إلى زوجها، تقول لـ"بي بي سي" إنها كانت تنتظر من الحكومة ورئيسها تقديرا للجهود والتضحيات التي مروا بها خلال الفترة الماضية بدلا من تحميلهم المسؤولية عن ارتفاع أعداد الوفيات، أو التغيب والتقصير في أداء عملهم.

 

وتؤكد أمينة أن نقص الإمكانيات ووسائل الحماية والتعقيم هو ما أدى إلى إصابتها بالفيروس، وأنها كانت ترسل ملابسها إلى زوجها كي يقوم بغسلها في المنزل وإعادتها لها أثناء إقامتها في المستشفى بسبب إجراءات العزل والعلاج. أمينة واحدة من مئات الحالات للأطباء والأطقم الطبية في أكثر من 340 مستشفى خصصتها الحكومة المصرية لعلاج مصابي كورونا، إلى جانب بعض مقدمي الخدمة في المستشفيات الخاصة يقول الأطباء إنهم يعملون في بيئة عمل صعبة جدا، حيث يعملون لساعات طويلة من دون إجازات أو أوقات كافية للراحة، كما اشتكى قطاع كبير منهم من عدم توفر وسائل الوقاية من كمامات ومطهرات ومواد تعقيم، وأن بعضهم كان يشتريها على حسابه الخاص، وبعضهم لا يجدها متاحة في الصيدليات، كما يشتكي بعض الأطباء من عدم توفر مسحات طبية للكشف عن إصابتهم أو إصابة مخالطيهم بعد انتهاء نوبات عملهم داخل مستشفيات العزل، والتكتم هو أس البلاء هكذا تقول عايدة، الطبيبة بمستشفى الزهراء الجامعي بالقاهرة، الذي أُغلق قبل أيام وأُعلن منطقة موبوءة بعد ظهور أكثر من 120 إصابة بفيروس كورونا المستجد بين كوادره الطبية.

 

لم يقتصر عمل الأطباء على اداء واجبهم بل قام بعضهم بالتبرع بالدم والبلازما لمرضى كورونا، وفي مواجهة اتهامهم بالتقاعس في المقابل، دُشنت حملة بعنوان "شكرا أطباء مصر أنتم في القلب" للتعبير عن التقدير للأطباء وجهودهم في مكافحة انتشار فيروس كورونا، لتلقى انتشارا كبيرا وتفاعلا من عدد كبير من المشاهير والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

قمع النظام

بات اطباء مصر يواجهون قمع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتصاعد الغضب بعد اتهام رئيس الوزراء للاطباء بالتقاعس، وبحسب "الجزيرة نت" تحول الأطباء إلى هدف لحملة قمع في مصر". حيث تم القبض على أكثر من 500 شخص لانتقادهم طريقة تعامل الحكومة المصرية مع وباء كورونا وفي مقال بقلم هيلين سالون، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن "أحمد" - وهو طبيب مصري يعمل في المستشفى المخصص لعلاج ضحايا كورونا بإحدى ضواحي القاهرة - وصف حالة العاملين الطبيين بأنها "مروعة"، حيث "يفتقر الأطباء إلى معدات الوقاية، ولا توجد لديهم اختبارات فحص، ولا أماكن للحجر الصحي.

وخلصت الصحيفة إلى أن النظام الصحي المصري الذي أضعفته عقود من نقص التمويل، أصبح قريبا من نقطة الانهيار، حيث لم يخصص له في ميزانية 2019-2020 سوى 1.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، أو 4.3 مليارات يورو. وأعادت أزمة فيروس كورونا طرح قضية بدل العدوى للأطباء في مصر، الذي يبلغ 19 جنيها فقط (الدولار أقل من 16 جنيها)، باعتبارهم "الجيش ذا المعطف الأبيض" في مواجهة الخطر، خاصة داخل مقرات الحجر الصحي والمستشفيات. وتخوض نقابة الأطباء منذ سنوات احدى أهم معاركها مع الحكومة، للمطالبة بزيادة بدل قيمة العدوى، التي لم تطرأ عليها أي زيادة منذ ربع قرن.

حيث إن فئات أخرى ليست معرضة للعدوى - كالقضاة - تحصل على بدل قدره ثلاثة آلاف جنيه. والمثير أن فئة الأطباء تواجه الفيروس بشجاعة، رغم 19 جنيها، في حين أن القضاة علقوا العمل بالمحاكم لمدة أسبوعين، في إطار الاحتراز من انتشار الفيروس.

عجز الحكومة

يبدو ان عجز الحكومة في مواجهة وباء كورونا دفع رئيس الوزراء لاتهام الاطباء بالتقاعس، لتحميلهم مسؤولية التفاقم المتوقع للإصابات والوفيات، بينما تواجه المنظومة الصحية، عواقب خيمة، في ظل سوء إدارة ملف الوباء، وعدم الاجابة عن الاسئلة عن القصور في تنفيذ برامج مكافحة العدوى وعدم توافر الواقيات الشخصية وعدم مطابقتها للمواصفات القياسية ودم وجود تدريب كاف على مكافحة العدوى، وكل ذلك هل مسؤولية عمل الأطباء ام الحكومة؟ ومن يتحمل سوء إدارة ملف ازمة كورونا من دون أي رؤية واضحة أو تخطيط كاف. ومنذ تفشي فيروس كورونا في مصر ومعظم دول العالم ومواقع التواصل تشكك في الأرقام التي تعلنها السلطات المصرية عن عدد الإصابات، في ظل عدم عدم توفر العدد الكافي من الأطباء للمشاركة في علاج كورونا (1 لكل 1000 نسمة).

 

وفي استدعاء المسنات والحوامل والشابات للعمل في عيادات الحجر الصحي، وهو أمر خطير بالنسبة لهم، تتستر السلطات المصرية على تفشي فيروس كورونا المستجد، بينما كشفت أبحاث أن تفشي المرض أوسع انتشاراً مما تعترف به الحكومة ومما هي مستعدة للتعامل معه أو فتح المجال لمعرفة مستوى انتشاره. المفارقة أن مصر التي تواجه جائحة كورونا، أبدت تضامنا مع دول مثل الصين وإيطاليا وإرسال مساعدات ومستلزمات طبية، وسبق ان زارت هالة زايد وزيرة الصحة بكين، في مارس الماضي، ووقتها واجهت انتقادات ساخرة على موقع تويتر لعل أبرزها: "اتأكدت مفيش فيروس ورايحة تجيبه بنفسها".

مساحة إعلانية