رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

3491

د. عبدالله فرج المرزوقي لـ الشرق: دور بارز لـ"القطرية للإعلام" في صقل مواهب المذيعين

11 يوليو 2021 , 07:00ص
alsharq
حوار- طه عبدالرحمن

الإعلامي والأكاديمي والكاتب الدكتور عبدالله فرج المرزوقي، واحد من المنشغلين بالهم الثقافي، واللغة العربية، والتي يوليها اهتماماً كبيراً، فضلاً عن مسيرته الإعلامية والأكاديمية الطويلة، وجهوده في العمل الإعلامي والثقافي والتعليمي.

ولأهمية اللغة العربية في المجتمع، وما يطرأ على المشهد الثقافي من تطورات، والوقوف على حالته الراهنة، قياساً بما كان في السابق. التقت الشرق د.عبدالله فرج المرزوقي، الذي تحدث بقلب مفتوح، وعقل مستنير، وبلغة فصيحة، عن واقع اللغة العربية، وحال الثقافة القطرية.

ولم يغفل اللقاء التوقف عند الحراك الثقافي، بكل ما يواجهه من تحديات، حفاظاً على بريقه منذ أن حفر لنفسه بنية ثقافية تمتد إلى سنوات مضت، تجعله يشار إليه البنان، فضلاً عن تناول محاور أخرى، طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:

*في ظل اهتمامكم باللغة العربية، كيف يمكن تعزيزها في المجتمع، في ظل ما تواجهه من تحديات؟

** من ينشغل باللغة العربية يجد نفسه يسبح في بحر لجي، فمن لا يجيد السباحة في بحر اللغة العربية، غرق في الفهم، فهناك فرق في كلمة مثلاً إن كُتبت ككلمة حلم، فهى تحمل معاني مختلفة، لما تحمله من علامات، ولذلك إذا لم يكن المتحدث مُلماً بالنحو والصرف، وقع في شرك لغوي جسيم، لاختلاف المعنى باختلاف التشكيل، وكذلك كلمة وسط، يختلف معناها باختلاف تشكيلها، فهى بالتسكين ظرف، وبالتحريك اسم. ومن هنا، فإن اللغة العربية مهمة، وهامة من حيث الهم والأهمية.

*قبل مرحلة "كورونا"، كانت تبدو هناك ظاهرة حول عزوف المتلقين عن حضور الفعاليات الثقافية والفنية، فإلامَ ترجع أسبابها، وكيفية استعادة هذا الجمهور، مع الاستئناف المرتقب لزخم النشاط الثقافي؟

**يرجع ذلك لأسباب منها، غياب التنسيق بين الجهات المعنية بإقامة هذه الفعاليات، كما أن هناك فرقا بين من يحضر للمعرفة، وبين من يحضر من أجل الحضور. وأذكر هنا ما طلب به أحد الخلفاء العباسيين من أحد الفقهاء، طالبًا العظة منه. فقال له:"أعظك بما رأيت أم بما سمعت؟!"، ولذلك فليس من رأى كمن سمع، وبالمثل، لايتساوى كل من حضر، بمن لم يحضر.

وهنا آمل العودة إلى مجلس الأدباء والكتاب، كما كان إبان مهرجان الدوحة الثقافي، وأدعو وزارة الثقافة والرياضة للقيام بهذا الدور. وأسستحضر هنا، الندوات والمؤتمرات والمهرجانات التي كانت تشهدها الدوحة في قديم الزمن، والتي كان يقيمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، ونادي الجسرة، ووزارة التعليم، كما لا ننسى الدور العريق لجامعة قطر، وهى صرح شيده كبار العلماء المشهود لهم بالكفاءة العلمية في مختلف المجالات. وآمل أن يكون بها حقل للدراسات العليا.

كما آمل أيضاً أن يكون هناك مجمع للغة العربية، بما يليق بعراقة الثقافة القطرية، خاصة وأن لدينا جيلاً من عمالقة اللغة العربية. ودولة قطر جديرة بكل ذلك، فهى يُشار إليها بالبنان، وأياديها بيضاء، تمتد بالخيرات إلى أصقاع الأرض، والكل يشهد على ذلك، وهى ثقافة مجتمع، ورثها أفراده أبًا عن جد.

* وهل ترون أنه أمام هذه العراقة، أن المشهد الثقافي يعاني من غياب النقد، والذي يسهم في إثراء الإنتاج الثقافي والفكري للمبدعين؟

**للأسف، أتفق مع ذلك، فهناك خلط بين النقد والانتقاد، وكالعقد والاعتقاد. ولقد صلينا صلاة الغائب على النقد العربي. أما الانتقاد فهو موجود، ونسمعه لدى البعض في الحديث عن العيوب والمساوئ. وعندما أستمع إلى الإذاعات العربية، أرى المستمعين من الشكائين البكائين، كأنهم من أصحاب المراخي، فهذا ينفر، وذاك يخلق الشحناء والعداوة، وكأن البعض لديه ثقافة تخويف الناس.

وعلينا اليقين بأنه بالشكر تدوم النعم، وعلينا أن ننزع البغضاء من نفوسنا، وكما أن للدنانير بريقها، فإن للدراهم رنينها، كما علينا أن نتذكر قوله تعالى " وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ". وقوله سبحانه: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".

"ثقافة الفجاءة"

*لكم مصطلح شهير، هو "ثقافة الفجاءة"، فماذا تقصدون به؟

**في خضم ثقافة الفوضى العربية، والتي ظهرت على الساحة حالياً، كانت هناك "ثقافة الفجاءة"، والتي يريدها البعض بأن تكون "ثقافة الفوضى"، داعين الله بأن يديمها، ويحفظها من النظام!! ولذلك علينا أن نهيئ أنفسنا لظروف قد تحدث فجأة، ورحم الله من قال:

سأبذل جهدي في تعلم رقصة.. لأرقصها إن الحوادث تطرب وحقيقة نتألم لما يحدث في الأمة العربية، كما سبق أن تألمنا في قطر مما جرى أثناء الأزمة الخليجية، والتي كانت ثقافة دخيلة علينا، لأننا نحترم جميع الشعوب العربية، فهم في أنفسنا، ولديهم مكانة كبيرة في قلوبنا، لأننا تعلمنا من قيادتنا الحكيمة الحصافة، وأدب التعامل مع غيرنا، بما تمليه علينا ضمائرنا وأخلاقنا.

وأنا على يقين بأن الشعوب العربية تبادل الشعب القطري نفس الشعور، لذلك فلا داعي للخوض مع الخائضين، واستغلال الفرص السيئة.

*وهل يمكن يمكن توصيف انعكاسات "كورونا" على المشهد الثقافي، بأنها أحد مظاهر هذه الثقافة الفجائية؟

**هى ثقافة فجائية مؤلمة ومكبلة ومنفرة، فقد قطعت أرزاق وآجال الناس، وعجلت برحيلهم، ولم نملك أمام كل ذلك سوى القول "لا حول ولا قوة إلا بالله"، لأن الأمور تجري بمقادير الله سبحانه، وعلينا أن نقول:

إنّ الأمور إذا اِلتوَت وتعقّدت.. نَزَل القَضاء من السماء فحلّها

فَاصبر لَها فلعلّها أنْ تَنجلي.. ولعلّ من عَقد الأمور يحلّها

ثقافة الوعي

*وهل ترى أن ثقافة الوعي، ساهمت في التصدي لهذه الثقافة الفجائية؟

**بالفعل، فالمجتمع القطري يتمتع بدرجة عالية من ثقافة الوعي، وربما تكون الجائحة قد رسخت لثقافة مجتمعية بين جميع أفراد المجتمع.

*في ظل اقتران الثقافة بالصفات السابقة، ما تعريفكم للثقافة، في ظل تعدد معانيها؟

**الثقافة، كلمة فضفاضة، وهى كالطائر يحلق، كما أنها أرضية خصبة، وأنه مع تعدد معانيها، إلا أن هناك قواسم مشتركة فيما بينها. وعلينا احترام الثقافات كلها، سواء اختلفنا أو اتفقنا معها.

ويجب أن تكون لغتنا، هى لغة الحوار، ولغة السمو بأخلاقنا، وعلينا بثقافة التناصر، وليس بثقافة التنافر، وأن نكون دعاة للتقريب. وأتمنى ألا يخلط البعض بين الزيت والخردل، حتى لا تصبح اللغة حاجزاً، على نحو ما قال القائل:"إن الزناعم والبلاعم والرباطم"، وحينما سُئل عن معناها، قال لا أدري، ما يعني أن اللغة أصبحت حاجزاً لدى هؤلاء، وهذا أمر يؤلم للغاية.

*وأين ترى دور المثقف تجاه هذه الحواجز اللغوية، وكذلك "ثقافة الفجاءة"؟

** على المثقف أن يثقف نفسه أولاً، فنحن نأخذ المفاتيح من العلماء والأساتذة، وعلينا التدقيق، لأنه ربما يأخذ البعض مفاتيح من حديد أو ذهب، أو ربما يأخذون أقفالاً فقط.

ومن يدعي أنه يعيش في برج عاجي، فهذا قول مردود على صاحبه، فالعلم يُزار، ولا يَزور، وإذا أراد الله بأمة خيراً، نشر العلم بينها، وعلينا أن نُعلّم الناس، وأستشهد بقول القائل:

من علَّم الناس كان خير أبٍ … ذاك أبو الروح لا أبو النطف

مدارس ثقافية

*يُلاحظ انحسار الإبداع القطري عن بساط الجوائز الأدبية العربية، فما تفسيركم لهذا الغياب؟

**هناك سببان يقفان حائلين وراء ذلك، هما السياسة والمحاباة، أو عدم الإنصاف. وهنا أتذكر قول القائل:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة.. ولكن عين السخط تبدي المساوئا

وأؤكد أن الإنتاج الثقافي القطري غزير للغاية، فدولة قطر لها مجهودات ريادية ومؤسسات ثقافية عريقة في مختلف المجالات، غير أن الحقد يعمي العين، وعلى الجميع أن يَدَعوا السياسة والحقد وشأنهما، كما يجب أن نجنب الإنتاج الثقافي السياسة والمحاباة. فكما ذكرت، فإن الشعوب العربية والإسلامية هم أنفسنا، وكلنا إخوة وفي سفينة واحدة.

وبنظرة تاريخية، يجب ألا ننسى الدور البارز لمجلات "الدوحة، والأمة، والصقر"، فقد كانت مدارس ثقافية وفكرية، إذ كانت مجلة "الدوحة" نبراسًا، تضاهي مجلة "العربي" في الكويت، و"روزا اليوسف" في مصر، وكنا نلهث لقراءة هذه المجلات القطرية، وكثير من الأجيال تخرجوا في مدارسها الصحفية والثقافية والفكرية والرياضية. ومعنى هذا أن قطر كانت قبلة للعلم والعلماء إلى الآن، والكل يلمس هذا التطور.

*أمام هذا التوهج الثقافي، هل تراه محافظاً على تألقه؟

**ربما نكون في السنة الأخيرة، قد كبلتنا تداعيات جائحة كورونا، وعندما نتتبع حجم ما تضخه مؤسساتنا، سواء وزارة الثقافة والرياضة، أو مؤسسة قطر، أو متاحف قطر، أو (كتارا)، فإننا نجد فعلاً ثقافياً لافتاً.

وأرى أن الحاجز الذي حال بين تنشيط العمل الثقافي، "ثقافة الفجاءة"، كما سبق وأشرت، والمتمثلة في الجائحة، والتي هى في انحسار، وستنكسر على صخرة الصبر والحيطة.

وهنا يحضرني مهرجان الدوحة الثقافي، والذي كان بمثابة القنبلة النووية الثقافية، كما كان ملتقى للثقافات والحضارات، ويصدق فيه قول الشاعر:

نكون كروح بين جسمين قسمت فالجسم جسمان والقلب واحد

أصابع كف المرء في العد خمسة ولكنها في مقبض السيف واحد

دور بارز للمؤسسة القطرية للإعلام

خلال الحوار، ثمن د. عبدالله فرج المرزوقي، دور المؤسسة القطرية للإعلام في دعم جميع الإعلاميين، وخاصة المذيعين، "الذين آمل فيهم خيراً، فهم خامة نضرة، وكلي ثقة بأن المؤسسة تقف خلف هؤلاء الشباب، لصقلهم، ليكونوا مدارس إعلامية. وحقيقة أعتز بأبنائي الإعلاميين وأفتخر بهم، وفي لقائي في تلفزيون قطر مؤخراً، انبهرت بمستوى المذيعين اللذين أجريا الحوار معي، فقد كانت لديهما ملكة الحضور، والجرأة، وعلينا أن نشد من أزرهم جميعاً، ونحييهم، لأنهم الجيل القادم".

استقطاب المواهب

* ما هو الدور المأمول من المؤسسات الثقافية المعنية لاستقطاب أصحاب المواهب الإبداعية، إلى ناصية الفنون الأدبية المختلفة؟

**على هذه المؤسسات أن تأخذ بيد هذا الجيل، فهم الدرع القويمة والحصينة لهذه الثقافة، فلديهم الإمكانات المتوافرة، وليست المتوفرة- لاختلاف المعنى- كما علينا أن نشد على أيديهم.

مساحة إعلانية